جردة حساب الدراما السورية ٢٠٠٩
بعد الحديث المتكرر عن قلة إنتاج الدراما السورية بمعدل النصف، إضافة إلى الإنتاجات المشتركة ومشاركة العديد من الفنانين العرب في بعض الأعمال السورية المحلية، فإنه وبعد عرض هذه الأعمال ظهرت الكثير من التساؤلات حولها وما حملته من مضامين وتأثيرات قد تطال المتابعين والمجتمع المحلي...
فقد بات ملاحظاً أن معظم الأعمال الاجتماعية جاءت متشابهة من حيث الفكرة العامة، فمحور تلك القصص كان العلاقات المشبوهة والخيانة الزوجية وغيرها من تلك الأفكار، وتعدت ذلك إلى أفكار جريئة كان مجرد طرحها إعلامياً خرقاً للقواعد وللخطوط الحمراء، لكننا تابعناها بكثافة في أعمال هذا العام، ومنها الشذوذ الجنسي واغتصاب الأطفال وأثره السلبي على هؤلاء الأطفال في المستقبل، والتحرش الجنسي بالنساء...
ومع أن أفكار تلك الأعمال بدت متشابهة مضموناً، فإن جودتها تفاوتت من عمل إلى آخر من حيث النص المقدم، وطريقة الإخراج، وأداء الممثلين. ومن تلك الأعمال الاجتماعية والتي كانت أكثر متابعة، «زمن العار»، «قاع المدينة»، «سحابة صيف»، «شتاء ساخن»، «تحت المداس».
أعمال اجتماعية خارج السرب
خرجت بعض الأعمال الاجتماعية عن تلك المعادلة في الطرح والمضمون لتأخذ منحى آخر، ومن أهم هذه الأعمال مسلسل «عن الخوف والعزلة» الذي حصد متابعة جيدة هذا العام بسبب اختلافه بالمضمون عن الأعمال الاجتماعية الأخرى، فقد ركز على عائلة واختلاف أفكار أفرادها بما يتماشى مع مشكلات العصر. وهناك أيضاً مسلسل «طريق النحل» الذي ابتعد عما هو سائد من الأعمال الاجتماعية، وطرح فكرة قديمة-جديدة في الدراما وهي قصة الأم التي تبحث عن أبنائها الذين تاهت عنهم لسنوات، وهو عمل أشبه بنمط الأعمال التركية مما شد الناس أيضاً إلى متابعته.
وهناك بعض الأعمال التي تناولت الشأن العام والقضايا الملحة في المنطقة العربية ومنها مسلسل «هدوء نسبي» الذي تناول حرب العراق من خلال مراسلين صحافيين، وهو الأضخم إنتاجياً من بين المسلسلات التي قدمت هذا العام. ومسلسل «الدوامة» الذي تحدث عن الحياة السياسية في سورية في الخمسينات من القرن الماضي، ومسلسل «رجال الحسم» الذي تناول بنية الكيان الصهيوني وهشاشته، ومسلسل «سفر الحجارة» الذي تناول القضية الفلسطينية.
أما في خانة الأعمال الرومانسية فكان مسلسل «آخر أيام الحب»، ومسلسل «قلبي معكم».
ورغم كثرة الأعمال، حظي مسلسل «زمن العار» بالمتابعة الأكبر خلال شهر رمضان من بين الأعمال الاجتماعية، وهناك من أرجع السبب إلى كون العمل شبه متكامل من الناحية الفنية، فيما رأى آخرون أن وجود نجوم في العمل ساهم في ارتفاع نسبة متابعيه، وأهمهم تيم حسن وبسام كوسا، والبعض قال أن عرض العمل عبر أكثر من محطة وفي الفترة الذهبية كان سبباً مهماً في تلك المتابعة المكثفة للعمل.
والملاحظ هذا العام هو الغياب شبه التام للكوميديا السورية، بعد أن كانت الأعمال الكوميدية سمة الدراما السورية في موسم رمضان. ومن أهم الأعمال الغائبة مسلسل «بقعة ضوء» الذي كان بمثابة فاكهة رمضان، ومع ذلك تم تقديم ما يسمى أهم ما قدم في «بقعة ضوء»، وهي الفقرات المميزة من تلك السلسلة. ومع أن العمل ليس جديداً فقد حظي بحيز كبير من المتابعة أيضاً.
العمل الشامي مازال حاضراً
أما بالنسبة الى الأعمال البيئية ورغم التوقعات المكثفة عن أن تلك الأعمال لن تلقى النجاح هذا العام وأن وميضها سيخف، فقد حظيت هذا الموسم أيضاً بمتابعة جيدة مع أنها اقتصرت على عملين: «باب الحارة» في جزئه الرابع ومسلسل «الشام العدية» وهو الجزء الثاني من «بيت جدي»، ومع وجود الانتقادات المكثفة التي طالت تلك الأعمال، فإن «باب الحارة» احتل الصدارة في الاستفتاء الجماهيري المحلي في سورية، مما يؤكد شعبية تلك الأعمال وقربها من الجمهور.
نجوم برزوا ونجوم غابوا
المتابع لأعمال هذا العام من الدراما السورية يستطيع أن يلاحظ غياب بعض الفنانين عن الأعمال، والحضور المكثف لآخرين في أكثر من عمل، فيما حل بعض النجوم في عمل واحد لا غير.
ومن أهم الفنانين الذين حضروا على ساحة الدراما السورية لهذا العام، الفنان تيم حسن الذي اقتصر حضوره على بطولة مسلسل «زمن العار»، أما الفنان بسام كوسا فشارك في ثلاثة أعمال، «سحابة صيف»، و«زمن العار»، و«الشام العدية»، لكن بأدوار مختلفة ومتميزة عن بعضها البعض ولعل أجملها وأميزها دوره في مسلسل «سحابة صيف».
وكذلك حضر الفنان أيمن زيدان من خلال «قاع المدينة»، «الدوامة»، و«صدق وعده». أما الفنان سلوم حداد فشارك في «سحابة صيف»، «قلوب صغيرة»، «الدوامة»، وكان ضيف شرف في مسلسل «طريق النحل». وكذلك الفنان عباس النوري الذي شارك في عملين هما «شتاء ساخن» و«قلبي معكم» بدورين مختلفين. أما الفنان وائل شرف فاقتصر عمله على مسلسل «باب الحارة»، ومسلسل «قلبي معكم».
ومن النجمات في الساحة الدرامية هذا العام، الفنانة سلافة معمار في مسلسل «زمن العار»، والفنانة كاريس بشار من خلال مسلسلات «عن الخوف والعزلة» و«سحابة صيف» و«تحت المداس»، وسلاف فواخرجي في مسلسل «آخر أيام الحب»، وكان هناك ظهور مكثف للفنانة ميسون أبو أسعد في أكثر من دور، والفنانة ريم علي، والفنانة قمر خلف.
نجوم في دور واحد
فضل بعض نجوم الدراما السورية أن يطلوا على جمهورهم من خلال عمل واحد كي لا يصاب المشاهد بالتشتت ما بين أدوار وأعمال متشابهة في المضمون وفي الممثلين أيضاً.
ومن هؤلاء الفنان جمال سليمان الذي شارك في مسلسل مصري واحد لهذا العام هو «أفراح إبليس»، والفنان تيم حسن في «زمن العار»، والفنان عابد فهد في «هدوء نسبي»، والفنانة سلاف فواخرجي في آخر «أيام الحب»، الفنانة سلافة معمار في «زمن العار»، والفنان سامر المصري في مسلسل «الشام العدية»، الفنانة يارا صبري في مسلسل «قلوب صغيرة».
وفي ظل هذه التظاهرة الفنية، نشهد غياباً لبعض الفنانين عن الأعمال الدرامية لهذا العام. ومن أهم هؤلاء أمل عرفة التي شاركت بدور ضيفة في مسلسل «قلوب صغيرة»، مع غياب تام لسوزان نجم الدين وفراس إبراهيم ورشيد عساف، بالإضافة الى فنانين لم يكن لهم ظهور مكثف ومميز هذا العام منهم سلمى المصري ومها المصري، ومن الفنانين الشباب لورا أبو أسعد وليليا الأطرش وروعة ياسين وجيهان عبد العظيم.
جمهور الدراما السورية يطالبها بالكوميديا وبالأعمال الرومانسية
رغم تجاوز الدراما السورية لأزماتها الإنتاجية والفنية في كل عام، تبقى هناك مطالب أساسية يبحث عنها المشاهد، وأهمها ضرورة حضور الكوميديا بحيز كبير وبأفكار مهمة، إضافة الى الخروج عن السائد في الأعمال الاجتماعية وخاصة في ما يتعلق بالأعمال التي سلطت الضوء على مناطق السكن العشوائية، والعلاقات الاجتماعية الجادة والسيئة بين شخوص العمل. وبات الطلب على الأعمال الرومانسية ملحاً، بالإضافة إلى اقتراحات للخروج من دائرة العرض الرمضاني لتصبح الدراما السورية موجودة خلال العام كله وليس كمهرجان يمتد شهراً يُبرز أعمالاً على حساب أعمال أخرى تبقى بعيدة عن المشاهدة...
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024