تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

بيري كوشان

كثر ربما سمعوا عنها وبعضهم لم يحفظ إسمها. لكن الغالبية دون شك تعرف الأثر الواضح للبرامج التي نفّذتها وتنفّذها منذ ثلاث سنوات على مختلف الشاشات والمحطات العربية. من «تاراتاتا» إلى «شاكو ماكو» و«سوالفنا حلوة» و«معجب عجيب» وغيرها الكثير من أنجح البرامج التي حققت دون شك نقلة نوعية في عالم التلفزيون العربي الذي كان معتاداً قبل عشرين سنة على نمط واحد ممنوع الحياد عنه حسب ما تقول.... بعدما فازت بالدعوى على محطة «ال بي سي» بسبب برنامج «شرّفتوني» لطوني بارود، وقبل أن تباشر بإطلاق برامجها الخاصة وتصوير الجزء السادس من «تاراتاتا»، خصّت المنتجة الفرنسية بيري كوشان مجلة «لها» بهذا الحوار الذي تكشف فيه أموراً كثيرة، منها كيفية انتقالها من الهندسة المعمارية إلى صناعة السكاكر و«البون بون» ومن ثم تحوّلها إلى عالم التلفزيون....

- يسمع الناس كثيراً إسمك، لكن ربما لا يعرفون طبيعة عملك بشكل محدد!
سأضيف أمراً أيضاً، إن كلّ من يتعرّف إليّ يفاجأ بأني أتحدث العربية بطلاقة. قبل أن أبدأ العمل في مجال الإنتاج التلفزيوني في العالم العربي، كان الفن متوقفاً عندي لدى فيروز وصباح وأم كلثوم... ثم تعرّفت إلى باقي الفنانين وصرت أعرف الغالبية منهم، إن لم أقل جميعهم.

- هل أحببتهم؟
طبعاً، وبعضهم أحببته كثيراً، لكني بصراحة لم أحب قسماً منهم.

- لماذا؟
«عِندن حركات» وأطباعهم قاسية إلى درجة قلّة التهذيب للأسف، ولا تسأليني عن الأسماء لأني لن أذكر أي أسماء. كما أن البعض منهم «شايفين حالُن وما مصدّقين»، ويعتقدون أنهم سبقوا الصاروخ في نجوميتهم.

- لماذا تحكمين عليهم بهذا الشكل؟ لا يمكن أن ننكر أن البعض حقق فعلاً نجومية كبيرة ويحق له المفاخرة بنفسه؟
صحيح، لكني تعرّفت مثلاً على الفنانة وردة الجزائرية عن طريق الصدفة، وصوّرنا معها حلقتين لصالح برنامج «تاراتاتا»، بعد أن كانت غائبة عن الشاشة لسنوات. وكانت إطلالتها سبقاً حققناه في البرنامج. ورغم كلّ الهالة التي تحيط بها، وتاريخها الفني العريق، إلاّ أني بصراحة لم أتعرّف إلى فنان متواضع مثلها. أذهلتني شخصيتها، ورأيتها كيف سلّمت على الجميع في الاستوديو من الكبير إلى الصغير، ولا يمكن أن أنسى ذلك اليوم الذي كان فعلاً فوق الوصف.

 لا يمكن ألاّ نحترم هذه السيدة التي تؤكّد من خلال تعاطيها مع الناس أنه كلما كبرت قيمة الفنان كبر حجم تواضعه. ليس من شروط النجومية أن يكون الفنان مغروراً ومحاطاً بعشرات المرافقين... وبصراحة أقول، إن أغلب من تعرّفت إليهم من النجوم الكبار، وجدتهم ملتزمين ومحترفين رغم أن ليسوا جميعهم متواضعين. وبالمناسبة، هذا موجود في الغرب أيضاً وليس فقط لدى العرب...

- مما لا شكّ فيه أن البرامج التي قدّمتها أحدثت نقلة نوعية في التلفزيون العربي. وأذكر أنك في بداية عملك مع المحطات، وجدت صعوبات كثيرة والكلّ قال لك إن برامجك لا يمكن أن تنجح عربياً؟
صحيح. عندما عرضت فكرة «شاكو ماكو» («حديث البلد» حالياً)، كانوا يقولون لي: «إنتو مجانين»، وإنه لا يمكن أن ننجح... وذلك اعتقاداً منهم أنه من الصعب جمع اكثر من فنان وأكثر من ضيف في حلقة واحدة، بينما كانوا معتادين على استضافة نجم واحد وتكون كل الحلقة له. الأمر ذاته حصل مع برنامج «تاراتاتا»، إذ كانوا يقولون: «يستحيل أن يوافق الفنانون على أن يغنّوا معاً، وستحصل مشاكل إن وافقوا».

- كيف تفسّرين إصرارك إذاً على المضيّ في تنفيذ هذه البرامج رغم المعارضة؟ هل هي ثقة زائدة بالنفس أم ماذا؟
دون شك أثق بنفسي كثيراً، لكن في الوقت ذاته «عندي شرش جنون»، ودائماً أقول إنه لا يوجد أمر يستحيل تنفيذه. أعتقد أنه إن امتلك الشخص أسلوباً مقنعاً لشرح وجهة نظره وفكرة البرنامج والهدف منه، سيصل إلى نتيجة هذا مؤكّد. عرضت فكرة برنامج «شاكو ماكو» على أغلب المحطات ولا أريد أن أسمّي، وجميعهم قالوا No Way (أي مستحيل)، لكنهم ندموا بعد ذلك صراحة. أنا لا ألومهم لأنهم كانوا معتادين على تركيبة معينة لأكثر من عشرين عاماً، ولم يأتِ شخص ليخاطر ويجرّب أفكاراً جدية مماثلة، تستضيف أحياناً عشرة ضيوف في حلقة واحدة.

 لم أكن أعرف أن الوضع صعب لهذه الدرجة، لأنني عشت في الخارج ربما وآتي من خلفية تلفزيونية مختلفة. خاطرت وقلت: «لنجرّب»، وأنا اليوم أشكر ربي وأقول «الحمد لله». الجمهور استوعب أفكار برامجنا، فأحبّها وأقبل عليها ولهذا نجحنا. هذا إضافة إلى أننا نفّذنا البرامج بكثير من الإحتراف وعاملنا الفنانين والضيوف برقيّ. ولا أنفي أن هناك فنانين رفضوا المشاركة في برامجنا، لأنهم لا يزالون يصرّون على فكرة الضيف أو النجم الواحد.

- قلتِ إن إصرارك كان نابعاً من أنك أتيت من خلفية تلفزيونية مختلفة، أي في الغرب الموضوع أسهل. ألا يتناقض هذا مع ما قلته عن أن الغرور والتعالي موجودان أيضاً لدى نجوم الغرب؟
كلا أبداً. هذه الحكاية موجودة فعلاً أينما كان. أضحك عندما أسمعهم في لبنان يقولون «كبرت الخسّة براسو» عن الفنان المغرور. لكني أتفهّم الفنانين عندما يضعون شروطاً معينة، وربما هم في ذلك يحاولون المحافظة على صورتهم أمام الناس سواء كانوا نجوماً أو لم يكونوا. ربما يدرسون إطلالاتهم كي لا تحترق صورتهم بعد رؤيتهم كل يوم على الشاشة فيملّ منهم الجمهور... أنا لا أحكم عليهم وأتفهّم موقف بعضهم بصراحة، إذ لكلّ فنان ظروفه بعيداً عن الغرور.

 البعض يترددون مثلاً إزاء الحوارات مخافة أن يخطئوا في أمر ما بسبب صراحتهم، لكن التحفّظ إلى هذه الدرجة يمنع أيضاً من التقدّم، أنا أؤمن بالمخاطرة في كلّ شيء. أصالة نصري مثلاً، إلى جانب موهبتها الكبيرة، خاطرت في أمور عديدة وانتقلت من مكان إلى آخر، فتطوّرت وتقدمت حتى وصلت إلى مكانتها اليوم. هذا مع الإشارة إلى أن طباعها ليست سهلة وأنها حريصة جداً وتدقق في كلّ التفاصيل.

 لكن عندما توافق على ما هو معروض، تنسى نفسها وتعطي كلّ ما عندها دون تحفّظ فتبدو بأحلى صورة، وهذا بصراحة أجمل ما فيها. أصالة كانت ضيفة في أول حلقة من «تاراتاتا»، ونصحتها حينها بارتداء الجينز. ترددت بداية ثم وافقت وارتدته وبدت رائعة، واليوم تجدين أن «الجينز» أصبح موضة لدى الفنانات سواء في حواراتهنّ أو حتى على المسرح.

- حققتم سبقاً في استضافة وردة، وأيضاً مع محمد عبده وفضل شاكر اللذين لا يطلاّن في الإعلام إلاّ في ما ندر؟
صحيح، وفضل شاكر وعدنا بالمشاركة مرة جديدة لأنه احبّ البرنامج. ربما أسعفنا الحظ في استضافة هؤلاء، لا أعرف. بالتأكيد الحظ هو الذي جعلني ألتقي صدفة بالفنانة وردة في أحد المطاعم في بيروت، إقتربت منها وتحدثت إليها بكل بساطة. وهي تعرفني من خلال البرامج الفرنسية أساساً. نحن طبعاً كنا قد اتصلنا بها قبل ذلك لكنها كانت مترددة، ربما لأنها لا تعرف من ينفّذ البرنامج عربياً.

وعندما التقينا، رحّبت وشعرت بأنها ستعمل مع أناس محترفين ويقدّرونها. وطبعاً حضّرنا الحلقة معاً وناقشنا كل التفاصيل التقنية الخاصة بكل ما يخصّ التصوير، وهكذا وافقت وصوّرنا معها حلقتين. أحببت شخصيتها كثيراً وهي مرحة وظريفة. أما فنان العرب محمد عبده فهو كان الأكثر تردداً إن لم نقل غير مهتم بالأساس. لأن طبيعة البرنامج ربما تبدو شبابية أكثر، وبعيدة عن صورته التي يعرفها عنه الناس منذ بداية تاريخه الفني.

 لكن بعد اتصالات عديدة ومناقشات، بدّل رأيه واقتنع بعدما لمس أن البرنامج محترم وله نسبة حضور مرتفعة جداً. وأيضاً لأنه ربما أراد من خلال «تاراتاتا» أن يصل إلى فئة جديدة من الجمهور، هي فئة الشباب. كان يعنيه كثيراً أن تصل صورته إلى فئة مختلفة من الناس، وفي الوقت ذاته ألاّ تهتزّ صورته الأساسية التي يحترمها الكلّ، أي «فنان العرب». لن أُخفي القول إنه كان خائفاً، لكنه أثبت أنه ورغم كل عظمته، قادر على المشاركة في برنامج فنّي منوّع بهذا الشكل وأن يصل بصورة شبابية. وبالفعل نجحت الحلقة في شكل يفوق الوصف والتوقعات، وهو كان سعيداً بها.

 أما فضل شاكر فهو أيضاً أحبّ البرنامج وكانت حلقته واحدة من أبرز الحلقات. وعدناه أننا لن نطيل الأسئلة، لأنه معروف أنه لا يحب كثرة الكلام خصوصاً في الإعلام. وأمّنا له كل الأجواء المريحة وهو كان متجاوباً مع الجديد الذي يقدّمه البرنامج. وصدقاً إنه أحبّ أجواء التصوير والبرنامج إلى درجة أنه وعدني بحلقة أخرى.

- قبل أن يعتزل؟
(تضحك) ربما جمهور فضل شاكر صار يكره البرنامج لأنه أعلن نيّته الإعتزال فيه.... طبعاً أنا أمزح، لكن حسب ما فهمت أنه لن يعتزل قريباً، وأتمنّى ألاّ يفعل.

- ستعاودون تصوير «تاراتاتا»؟
نحن نعرضه منذ ثلاث سنوات، ووصلنا إلى الجزء الخامس، وسنعاود التصوير قريباً إن شاء الله.

- ما الجديد الذي قد يقدّمه البرنامج بعد أن شارك فيه أكثر من ٩٠٪ من الفنانين العرب، ومعروف أنكم لا تستطيعون تغيير أي شيء فيه كونكم تنفّذونه نقلاً عن نسخته الأساسية؟
صحيح، ونحن لا نريد أن نغيّر فيه شيئاً لأنه رائع بتركيبته. ولا ننسى أن البرنامج يُعرض منذ عشر سنوات في فرنسا ولا يزال ناجحاً. الجمهور لا يملّ منه حتى لو تكرر الضيوف، والأسباب كثيرة. منها أن كلّ الفنانين يصدرون ألبومات وكليبات جديدة، بالتالي عندما يطلّون مرة أخرى، هناك جديد نتحدث عنه وأغنيات مختلفة نغنّيها.

 ومن جهة ثانية، هناك باستمرار مواهب وفنانون جدد يظهرون في ساحة الغناء، ونحن ندعوهم للمشاركة. وهذه نقطة تُحسب لصالح البرنامج كونه ساهم في إلقاء الضوء على مواهب تستحق الدعم. وكثر شاركوا في البرنامج عندما كانوا في بداياتهم وأصبحوا نجوماً اليوم، ومنهم أحمد الشريف على سبيل المثال. يمكننا كلّ يوم تبديل تركيبة الفنانين ولهذا لا يملّ الناس، «ومنقدر نضلّ هيك عشرين سنة».

- دون شك تواجهون صعوبات لجهة جمع فلان مع علاّن، وهذا الفنان يريد فرض أسماء معينة بدلاً من أخرى....
هذا يحصل بسبب مشاكل الفنانين مع بعضهم البعض. نحن نحترم كلّ الضيوف سواء كانوا كباراً أو صغار. لكني لن أكذب وأقول إنه لا يهمني مثلاً مسايرة الفنان محمد عبده أو وردة أو فلان من النجوم، وجميعهم يهمنّي أن أستضيفهم. لنفرض مثلاً أن محمد عبده قال إنه لا يريد فلاناً في حلقته، بالتأكيد سأضحّي بهذا الفلان وألبّي طلب محمد عبده، مع احترامي للكلّ. ولا ننسى أيضاً أن مسألة تناغم الأصوات والطبقات ونوعية الأغاني تلعب دوراً بارزاً في اختياراتنا.

- بالحديث عن مشاكل الفنانين، كيف أقنعتم الفنانتين ميادة وأصالة بالظهور معاً في البرنامج عندما كانتا على خلاف؟
(تضحك) «شفتي، هون الشطارة». عملنا كثيراً كي نصل إلى تنفيذ هذه الحلقة، وبالفعل أخذت منا مجهوداً جباراً. ولا تسأليني كيف أقنعناهما، لأنني شخصياً لا أعرف. لكن في النهاية هما تعرفان أنهما تطلاّن في برنامج محترم بعيد عن الفضائح، ولن يقدمهما إلاّ بصورة تليق بحجم كلّ واحدة منهما، والبرنامج كان سبب الصلح بينهما.

- كثر ينتقدونكم في مسألة أن البرامج التي تنفّذونها لا تحمل أي جديد كونها منسوخة كما هي عن برامج أجنبية إشتريتم حقوقها، فيقولون «أين الإبداع في ذلك»؟
ليست مسألة سهلة أن نشتري حقوق برامج وننفّذها كما هي، فأولاً كل هذه البرامج لها شهرة عالمية ولا أعتقد أن أصحابها يوافقون على بيعها لأي كان ولا بدّ أن يكونوا متأكدين أن من يشتريها قادر على تنفيذها بشكل محترف. ولا ننسى أيضاً أن هناك برامج فقدت قيمتها لأن الشركات فشلت في تنفيذها.

 وإن نجاح البرنامج في الخارج، لا يعني نجاحه بالضرورة عربياً، هذا مؤكّد. «سوبر ستار» على سبيل المثال، برنامج ناجح جداً، لكنه لم ينجح في كلّ البلدان بالقدر ذاته، وأنا لا أقصد طبعاً لبنان لأن نجاحه كان مدوياً. هناك عدة أمور تلعب دوراً وليس فقط الفكرة، هناك أيضاً اختيار المذيع المناسب، المخرج وفريق الإعداد، إضافة إلى الأمور التقنية.

عندما بدأنا تحضير «تاراتاتا»، لم نجد مذيعاً مناسباً يتولى تقديم البرنامج، فكانت فكرة أن يقدّم كل حلقة مذيع مختلف، وهذا الأمر ليس موجوداً في النسخة الفرنسية. والحمدلله نجحت الفكرة ونحن مستمرون فيها.

- كان يفترض أن يقوم نيشان بتقديم «تاراتاتا»، لكن الخلاف الذي حصل بينه وبين إدارة دبي هو الذي حال دون ذلك ودفعكم إلى اتخاذ القرار بالتعاون مع أكثر من مذيع...؟
صحيح، عُرض البرنامج على نيشان بدايةً وصوّر منه الحلقة الأولى أيضاً، لكن لم يحصل اتفاق بينه وبين إدارة تلفزيون دبي. عندها قررنا أن يقدم كل حلقة مذيع، وأُشير إلى أننا خاطرنا في هذا الموضوع إذ ربما ما كانت الفكرة لتنجح، لكننا نجحنا والحمدلله. ما أُريد قوله إن مجرد نسخ فكرة معينة لا يكفي لنجاحها، بل هناك المجهود الكبير لمن ينفّذها. وحالياً نحن في صدد تحضير برامج جديدة من ابتكارنا نحن.

- نيشان كان من أوائل الذين عملوا معك في «حديث البلد» («شاكو ماكو» سابقاُ)، والكلّ اعتبر أنه حقق نقلة نوعية في ذلك بعد الأجزاء الثلاثة من «مايسترو». كيف ترين عودته إلى البرامج الحوارية الطويلة كـ «العراب» و«إيل مايسترو»؟
سأتحدث بصراحة مطلقة وأقول بداية إن نيشان يمتلك كاريزما مهمة جداً، ورغم أنه «عِمِل معي أكتر من ضرب ولازم إزعل منّو»، لكن هذا لا ينفي إعجابي به كمذيع، إضافة إلى وجود عنصر المحبة بيننا. ولا أعرف حقيقة لماذا لا أزعل منه رغم ما فعله معي من أخطاء.

- أخطاء مثل ماذا؟
«آه هي كثيرة». لكن بعضها كان كبيراً جداً بصراحة ويفترض أن أكون غاضبة جداً منه. لكن بطبعي أنسى ولا أحمل ضغينة لأحد. أفرح عندما ألتقي نيشان وكأن لا شيء بيننا.

- أخطاء مثل أن يعتذر في آخر لحظة مثلاً عن تعاون ما؟
(تضحك) بالفعل، حصل هذا الأمر أكثر من مرة.

- كان يفترض أن يقدّم هو برنامج «حديث البلد» عبر «ام تي في»؟
صحيح. تحدثنا معه بداية وهذا طبيعي كونه هو من قدّم الجزء الأول منه أو «شاكو ماكو»، لكن لم يحصل اتفاق، وجيد أنه لم يحصل لأني سُعدت كثيراً بالتعرّف إلى منى بو حمزة التي قدمت «حديث البلد». هي إنسانة رائعة مع أنها تخوض معنا تجربتها الأولى في التقديم. (تضحك) أريد أن أوصل رسالة إلى نيشان أن العمل معها مريح أكثر من العمل معه بكثير....

- لم تقولي رأيك في عودة نيشان إلى البرامج الحوارية الطويلة؟
رأيت أنه لا يزال يذكر ما تعلّمه من «شاكو ماكو»، وهذا أمرٌ يسعدني ومصدر فخر بالنسبة إليّ.

- ماذا تقصدين بالأمور التي تعلّمها؟ مثل ماذا؟
أسلوب المخاطبة مباشرة بدلاً من المخاطبة بلغة الغائب. لا أحب أن يتحدث إلى هيفاء مثلاً ويسألها: «ماذا تقول هيفاء عن كذا...؟، بل الأفضل أن يقول لها مباشرة: «ماذا تقولين عن كذا...؟».

أغلب المذيعين العرب يعتمدون صيغة الغائب ولا أدري لماذا، وأنا أكره هذا الأسلوب. وحقيقة تمسّكت كثيراً بهذه النقطة وفي النهاية إمتثل نيشان. كما صار يعتمد مبدأ تقصير الأسئلة، وهذا لم يكن إقناعه به سهلاً. كما أن أكثر ما يستفزّني هو لغة تعظيم الضيف على مدى ثلاث ساعات.

 برأيي إن استضافة الشخص هي بحدّ ذاتها تكريم، فما الداعي للغة المديح المتواصل وإلقاء التحيات هنا وهناك؟! وأنا لا أنتقص مما قدّمه نيشان سابقاً، لكني أردت التوضيح أن طريقة الطرح اختلفت معنا.

- كثر يقولون إن الناس ملّت ولم تعد تتحمل سماع نجم يتحدث عن نفسه ثلاث ساعات في برامج طويلة؟
هذا صحيح، ولطالما كان هذا رأيي من الأساس. بالفعل ملّ الناس ولهذا نقول إن «شاكو ماكو» و«تاراتاتا» حققا نقلة نوعية. لكن طبعاً هناك فئة من الجمهور تحب البرامج الطويلة مثل «العراب» و«مايسترو»، وإلاّ لما كان نفّذها نيشان واستمرّ فيها، هذا أسلوبه. لكن في الغرب لم يعد هناك برامج طويلة لا تعرض سوى الكلام.

- ذكرتِ أنك تحضرين برامج جديدة من ابتكار شركتك. هل لنا أن نعرف بعض تفاصيلها؟
بدأت التحضير لتصوير برنامج يحمل إسم «زهرة الخليج» لصالح تلفزيون «أبو ظبي»، وطبعاً بالإتفاق مع مجلة «زهرة الخليج». كما هناك محطة جديدة ستنطلق تحمل إسم «بينونة» في الإمارات، وسنتعاون معها أيضاً على صعيد أكثر من برنامج. إضافة إلى برامج جديدة لتلفزيون دبي، وبرنامج لتلفزيون المستقبل هو عبارة عن عشاء في منزل المذيعة، لكن هذا البرنامج ينفّذ في فرنسا مع المذيع ارديسون الذي يقدّم «حديث البلد» أيضاً وقد اشترينا حقوقه.

- ماذا عن الدعوى التي أقمتها على محطة «ال بي سي»؟
كان ذلك بسبب برنامج «شرّفتوني». أنا بدأت بتحضير برنامج قبل سنتين يحمل عنوان «شرّفتونا»، وصوّرنا الحلقة الأولى منه مع الإعلامي ريكاردو كرم واستضفنا فيها الممثل عمر الشريف، كما أن أكثر من صحيفة ومجلة كتبت عنه. عرضنا البرنامج على إدارة «ال بي سي» لتنفيذه لكنها لم تحبّذ الفكرة، وذلك عن طريق ريكاردو.

والكلّ يعلم أني اشتريت حقوق هذا البرنامج ولا أريد التخلّي عنه، وحالياً هناك مفاوضات مع محطة خليجية لتعرضه إن شاء الله، لكن هذه المفاوضات تتطلب وقتاً لأنه برنامج ضخم ويحتاج إلى موازنة كبيرة. المهم، كان من حقي أن أقاضي «ال بي سي»... وفي الوقت ذاته، كنت قد اشتريت أيضاً حقوق برنامج آخر عنوانه Le Plus Grand Cabaret du Monde وهو يذاع على قناة France 2، وأيضاً عرضته على «ال بي سي» ولم يحصل اتفاق... بعد ذلك، فوجئت بإعلان على «ال بي سي» عن برنامج جديد إسمه «شرّفتوني» مصوّر على الديكور ذاته لبرنامج Le Plus Grand Cabaret du Monde .

إتصلت بطوني بارود وهو صديقي بالأساس، وسألته عن الموضوع، فأنكر أن يكون الأمر مقصوداً وقال إنه لا يعرف شيئاً عنه. بداية لم أكن أنوي مقاضاتهم، لكن في النهاية هذه حقوقي ويجب أن أحافظ عليها. لهذا أقمت الدعوى، وفزت بها، وصدر قرار بإيقاف البرنامج ومنع إعادة عرض حلقاته أو بيعها لمحطة أخرى، هذا كلّ ما في الأمر.

- من النادر أن تُقام في الوطن العربي دعاوى مماثلة، وغالباً ما نرى كل الأفكار متشابهة؟
صحيح، لكن هذا لا يجوز. بالمناسبة، أقمت سابقاً دعوى على «ام بي سي» وفزت بها أيضاً، لأنهم نفّذوا برنامجاً بعنوان «أحمد إتجوّز منى» المستنسخ من برنامج «آدم وحوا» الذي أنفّذه على شاشة «المستقبل». كنت قد عرضت البرنامج على «ام بي سي» لكنهم أرادوا تنفيذه باللهجة المصرية، وأنا لم أكن حاضرة لذلك، فعرضته على «المستقبل».

 وعندما نفّذوه دون وجه حق أقمت الدعوى وربحتها، لكني عقدت معهم اتفاقاً يسمح لهم بمتابعة العرض حينها لأنهم كانوا قد صدورا أكثر من تسعين حلقة، ولم أقبل بأن أتسبب لهم بكل هذه الأضرار. وأريد التوضيح أن لا خلاف مع «ال بي سي» ولا مع «ام بي سي» وهناك إمكان للتعاون معهما مجدداً، لا مانع من ذلك.

- هل تفكرين في إنشاء محطة تلفزيونية خاصة بك؟
كلا، لا أحبّذ هذه الفكرة، وقد عرض عليّ أكثر من مرة الإهتمام بتأسيس محطات تلفزيونية... قد أوافق في المستقبل لا أعرف. فلو سألتني من سبع سنوات إن كنت أفكر في إنتاج برامج للتلفزيون، لما فهمت السؤال ربما ولقلت: «عن شو عم تحكي»... لأني بالأساس مهندسة معمارية وكنت أعمل في تجارة السكاكر «بون بون»... وتخيّلي كم أن مجالي الحالي بعيد عن ذلك.

- هل عملت في مجال الهندسة أم درستها فقط؟
عملت فيها طبعاً، كما أني كنت أمتلك شركة لتصنيع «السكاكر» (بون بون) وكانت توزّع المنتجات على أكثر من ١٢ دولة، أما التلفزيون فقد وصلت إليه بالصدفة عن طريق الإعلامي لوران لوكييه الذي عرض عليّ العمل معه بعد أن عرّفني عليه أصدقاء مشتركون. وهكذا تحوّلت إلى التلفزيون كمذيعة ومن ثم إلى الإنتاج... وربما تجدينني بعد عشر سنوات أصطاد السمك لا أعرف، لأني أؤمن بمتغيرات الحياة وبأن أحداً لا يعرف ماذا يخبئ له المستقبل.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079