تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

سعود الدوسري

غائب منذ سنتين تقريباً عن الشاشة، ويعود ليطلّ على المشاهدين في برنامج جديد على محطة «ام بي سي» حاملاً عنوان «نقطة تحوّل». ليس من محبّذي الظهور المتكرر في وسائل الإعلام، ويعتقد أن الناس ملّت من مشاهدة البرامج الحوارية الطويلة. لهذا، يكسر في برنامجه الجديد عقدة الحوارات التي تمتد إلى ساعتين لأنه يفضّل استخلاص الأبرز على مناقشة كل التفاصيل. لا يتابع البرامج الفنية لأنها لا تعنيه ولا صداقات كثيرة له. إنه الإعلامي سعود الدوسري في هذا الحوار الخاص لمجلة «لها»...

- نسألك بداية عن غيابك عن الشاشة منذ حوالي سنتين؟
صحيح إني غائب منذ سنتين تقريباً، لكني طوال الفترة الماضية كنت أدرس البرنامج المفترض أن أطلّ من خلاله على الناس على محطة «ام بي سي». تباحثت أنا والمسؤولون فيها لفترات طويلة كي نصل إلى صيغة برنامج يناسب الطرفين. وها نحن اليوم قد اتفقنا والحمدلله وباشرت تصوير حلقات برنامجي.

- غبت عن المشاهدين منذ أن أبرمت العقد مع «إم بي سي». هل صحيح أن الأزمة المالية أثّرت في مجموعة «ام بي سي» وبالتالي لم تكن قادرة على إنتاج برنامج خاص بك بموازنة ضخمة ولهذا حصل التأخير؟
لا يمكن أن ننكر أن الأزمة المالية في العالم أثرت في كلّ الناس وكلّ المؤسسات والشركات الضخمة قبل الصغيرة منها، لكني لست مخولاّ الرد والقول إن كانت «ام بي سي» عانت ولم تعد قادرة على الإنتاج، أو لم تعاني. لكن في كلّ الأحوال يهمني التوضيح أني لا أؤمن في ضرورة وجود موازنة ضخمة وديكورات مبهرة وبهرجة والخ... كي يكون البرنامج ناجحاً. هذه العناصر ليست أساسية للنجاح حسب اعتقادي، لكن دون شك هناك شروط عديدة للنجاح وهي لم تكن متوافرة، لهذا فضّلت التريّث في مسألة ظهوري على الشاشة. عرضت عليّ المؤسسة عدة أفكار لكني لم أشعر بأنها تناسبني وقد أكون مخطئاً، لا أدري. وأتمنى أن أوفّق في برنامجي الجديد لأني مقتنع به.

- لكن هذه الشائعة انتشرت كثيراً في الوسط الإعلامي؟
لا علاقة لي بهذه التفاصيل وقد ذكرت قبل قليل أني لا أشترط موزانة خيالية وإلاّ لا أقدّم برنامجاً، أو أطلب ديكوراً بتكلفة باهظة فقط كي أجلس في الاستوديو وأقول إني موجود.

- لكن سمعت أن برنامجك الجديد يتضمّن رحلات وأسفاراً إلى بلدان عديدة لمحاورة بعض الضيوف وتصوير ريبورتاجات، بالتالي هو مكلف أيضاً؟!
بصراحة شديدة، أنا لم أدخل مع «ام بي سي» في هذه التفاصيل، لأن لا علاقة لي بالإنتاج، بل الإدارة هي التي تحدّد. كلّ ما يعنيني هو المحتوى والمضمون، أما تفاصيل الإنتاج فإني أساساً لا أفقه فيها شيئاً. ما يهمني هو المضمون والشكل المرتب فقط.

- بعيداً عن الأسباب والتفاصيل، إلى أي مدى تشعر بأن الغياب أثّر فيك سلباً كإعلامي في ظلّ فورة المذيعين الجدد وانتشار الفضائيات؟
لا أعتقد ذلك. وحسب نظرتي الخاصة، لا أرى أن الوجود المستمرّ دون معنى مفيد، ولا يمكن أن يكون في صالح أي شخص يتعاطى الشأن العام. حتى في مسألة الظهور في الحوارات الصحافية والإطلالة كلّ يوم في جريدة أو مجلة، تجدينني حريصاً جداً في هذه الناحية ولا أطلّ إلاّ نادراً. من الطبيعي أن يسألني الزملاء الصحافيون عن أخباري الجديدة، فماذا سأقول ولا جديد لي... بينما يفترض بالإعلامي التحدّث عن أعماله وليس عن نفسه. إستغلّيت الفترة الماضية في شكل إيجابي ولم أضيّع فرصة للبحث عن أفكار جديدة ومواكبة كلّ التطورات.

- لكن مسألة الظهور في لقاء صحافي تختلف عن الإطلالة ضمن برنامج خاص، وما تقوله ينطبق أكثر على الفنانين ربما؟
كلا أنا لست مع هذا القول، وأعتقد أنه في كلّ الحالات لا يجب على من يتعاطى الشأن العام أن يطلّ كلّ يوم على الناس. لدى البعض حب الظهور كثيراً لأنهم يعشقون ذاتهم. وإن اختفوا مرة عن صفحة في مجلة أو عن الشاشة، يشعرون بأن هناك ما ينقصهم أو أنهم يخسرون الكثير. أنا أفضّل أن نصيب الناس بالدهشة إعجاباً بما نقدمه كل سنة، على أن نصيبهم بالغثيان من كثرة ظهورنا كل يوم.

- لكن الإعلامي يستطيع أن يطلّ كل يوم في برنامج دون أن يطلّ في حوارات صحافية؟
صحيح، لكن الأهم ما هو نوع البرنامج الذي نقدّمه. هل هو لمجرد الظهور أو لتقديم شيء مفيد للناس؟ الرضى عن الذات وعن العمل الذي نقدمه في غاية الأهمية. لذا أعود وأقول إنه بين كلّ الأفكار التي عُرضت عليّ لبرنامج معين لم يرضني شيء، وأتمنى ألاّ أكون مخطئاً بعد أن تبعت إحساسي الذي ذهب في اتجاه معين.

- هل شعرت بالإحباط يوماً من كثرة الإنتظار وقلت «اوف ملّيت أريد أن أطلّ على الناس»؟
أبداً، ويمكن أن تسألي إدارة «إم بي سي» عن ذلك. لست لجوجاً في طبعي أو متطلباً، ليس فقط مع «ام بي سي»، بل مع نفسي أيضاً. لهذا لم أشعر مرة بأني ضعيف أمام المحطة التي أنتمي إليها، خصوصاً أني أنا من كان يتريّث. إضافة إلى ذلك، طلبوا مني المشاركة كضيف في برامج أخرى لكني اعتذرت، لأنه لم يكن هناك جديد أتحدث عنه. ولو كان لديّ عشق الظهور في التلفزيون، لشاركت في كل برامج مجموعة «ام بي سي» و«العربية» أيضاً.

- ماذا تخبرنا عن برنامجك الجديد؟
كي اكون صادقاً مع نفسي قبل كلّ شي، أريد القول إنه لم يعد هناك أفكار جديدة مئة في المئة، بل أحياناً نبتكر فكرة بعد أن نستوحيها من تفصيل بسيط في حياتنا اليومية. طوال الفترة الماضية، مررنا بفترة شهدت تحوّلات كثيرة وكانت بمثابة حدّ فاصل إنطلق منه العالم إلى مرحلة جديدة. فأحببت أن أستغلّ هذه التحولات وأوظّفها في برنامج.

- كيف؟ وما هي هذه التحولات؟
هي تحولات حصلت على مختلف الأصعدة، إجتماعياً وفكرياً وسياسياً واقتصادياً وإلخ... إمارة دبي مثلاً، تعتبر نقطة تحوّل بارزة في دول الخليج. أو أحداث 11 أيلول/ سبتمبر وتأثيراتها في السعودية والعالم، أو في لبنان مثلاً تجدين حادثة إستشهاد الرئيس رفيق الحريري رحمه الله، وهي نقطة تحوّل بارزة في السياسة اللبنانية. وأيضاً على المستوى الإنساني، نسلط الضوء على أشخاص هم بدورهم كانوا نقطة تحول في مكان ما، أو هناك أحداث أثّرت فيهم. كل هذه الأمور موجودة في برنامجي.

- أي هو برنامج منوّع وليس محدداً ضمن إطار واحد كالفن مثلاً أو السياسة أو الإجتماع؟
صحيح، هو برنامج شامل ضمن إطار عريض هو «التحولات». وقد تجدين فيه المتطرّف دينياً والمعتدل فنياً... هو كالمصعد الذي يمرّ على كل الطوابق ولا يستثني أحداً. يفترض ان نقدم منه 14 حلقة إبتداءُ من نهاية 30 أيلول/ سبتمبر.

- سمعت أنك صوّرت حلقة مع الشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن. ما كانت نقطة التحوّل في حياته؟
هو شخصياَ مرّ في تحولات كثيرة في حياته، كما أن كثراً يعتبرون شعره نقطة تحوّل بارزة في عالم الأغنية الخليجية. إستضفت أيضاً السيد بطرس غالي الذي كان أميناً عاماً لهيئة الأمم المتحدة في فترة شهدت تحولات كثيرة على مستوى العالم. كما استضفت الأمير تركي الفيصل نجل الملك فيصل الذي شهدت حياته محطات كثيرة أثرت فيه أبرزها استشهاد والده الملك. هناك أيضاً فقرات أخرى في البرنامج تحكي عن حالات معينة على مستوى المجتمع، مثل ما يحصل في بعض المناطق الخليجية خاصة في موضوع التعامل مع المرأة، وهذه نقطة تحوّل. إضافة إلى كلّ ما سلف، هناك أشخاص هم في حاجة إلى نقطة تحوّل في حياتهم، وسيهتم البرنامج بمساعدتهم قدر الإمكان، كطالب عبقري مثلاً ومتفوّق في دراسته لكنه عاجز عن دفع الأقساط، فيأتي البرنامج ليلعب دوراً بارزاً في حياته. درسنا حالات كثيرة على مدى ثلاثة أشهر كي نختار من بينها، وهي من مختلف الدول العربية.

- هل يمكن أن تستضيف شخصيات من عالمي الغناء والتمثيل؟
صوّرت بالفعل حلقات مع كلّ من فنان العرب محمد عبده، والممثلين دريد لحام وجمال سليمان.

- هل يمكن تمديد عدد الحلقات؟
أنا شخصياً أكتفي بتقديمه على مدى دورة برامجية كاملة، على أن أستمرّ فيه ويصبح ركيكاً بعد كلّ الزخم والشخصيات البارزة في الدورة الأولى. دون شك، من المبكر الحديث عن ذلك لأن البرنامج لم يُعرض بعد ولا نعرف أي صدىًً قد يحقق.

- لماذا اخترتم السفر من بلد إلى آخر لتصوير الحلقات بدلاً من تصويره داخل الاستوديو؟
موضوع السفر يأتي ضمن الفقرة التي نستضيف فيها شخصيات ونعرضها على المشاهدين. أما الجزء الآخر فسيكون داخل استوديو. فقرة الإستضافة لا تزيد على العشرين دقيقة، بينما اعتدنا في العالم العربي أن الشخصيات المهمة أو النجوم الكبار لا يطلّون إلاّ في برامج حوارية طويلة. أردنا كسر هذه القاعدة، حيث نصوّر مع الضيف ثلاثة أيام أحياناً، لكننا نستخلص أبرز ما ورد ونعرضه في عشرين دقيقة.

- الأمير بدر بن عبد المحسن شخصية بارزة. أيُعقل أنك تكتفي بعشرين دقيقة معه؟
دون شك هو شخص مهم، لكن لو نظرنا إلى الغرب نجد أنهم سبقونا كثيراً في هذا المجال. أي مذيع يطلب محاورة نجم معين، يسأله هذا النجم «كم سأتكلّم»، معتقداً انه كلما طال الحوار كلما كان هو مهماً. بينما في الغرب، لو تحدث النجم أكثر من عشرين دقيقة، يسأل المذيع «كم ستدفع لي»، وهذا هو الطبيعي. أنا شخصياً أعتقد أن الناس تشبّعت وملّت من كثرة الكلام، وأتمنى أن تلاقي هذه الفكرة النجاح وأن يقتنع الناس أنه ليس شرطاً أن يطلّ الفنان أو الشخصية البارزة فقط في حوارات على مدى ساعتين، لأن خير الكلام ما قلّ ودلّ. شخصيات مثل الأمير بدر بن عبد المحسن أو السيد بطرس غالي وغيرهما من الذين استضفتهم وأعتزّ بهم، قد تحتاج إلى أيام ربما لاستخلاص تجاربها. لكننا نقدّمهم ضمن برنامج تلفزيوني، والتلفزيون ليس كتاباً ولا مجلداً. لهذا نلقي الضوء على أبرز التفاصيل وأهمها.

- ما رأيك إذاً في البرامج الحوارية الطويلة التي تدخل في عمق وتفاصيل حياة نجم معين يتحدث عن نفسه ساعتين؟
إن كنت تقصدين البرامج الفنية، فأنا شخصياً لا أتابعها. وها أنت ترين بنفسك أني أشاهد محطة الجزيرة الوثائقية. أشاهد أيضاً البرامج الإجتماعية والسياسية التي تحتمل الإطالة، لأن هناك دائماً أحداث جديدة وترتبط مباشرة بالشأن العام. أما البرامج الفنية فإني حقيقة لا أتابعها لأنها لا تعنيني كثيراً. لست أقلل من شأن أي برنامج ولا أي محاور، ولا أريد أن أُفهَم في شكل خاطئ، لكني لا أعتقد أني قادر على متابعة برنامج أدرك مسبقاً أنه لن يفاجئني في أي جديد، بينما لدي خيارات أخرى أفضل وسط مئات الفضائيات.

- بالحديث عن البرامج الطويلة لا بدّ ان نذكر نيشان الذي كان زميلاً لك في «ام بي سي»؟
صحيح، لكننا لم نكن نلتقي إلاّ نادراً وعلاقتي به سطحية جداً، أي «مرحبا - مرحبا» كما يقولون باللهجة اللبنانية. لكن في كلّ الحالات، لا أعتقد أنه يوجد رابط بيننا على صعيد العمل لأننا مختلفان في الأسلوب والمضمون. وأنا بالمناسبة أفضّل أن أعمل في محطة تضمّ أهم الإعلاميين بدلاً من العمل وحيداً في محطة ضعيفة. كالجندي الذي يفضلّ أن يكون ضمن كتيبة قوية، على أن يكون قائداً على كتيبة ضعيفة.

- هل ترى أن وهج نيشان إعلامياً خفّ بعد خروجه من «ام بي سي»؟
لو تحدثت عن نفسي أقول إني عملت سابقاً مع «ام بي سي» منذ سنة 1993 ثم انتقلت إلى «أوربيت» التي كانت مشفّرة، وأعود اليوم إلى «ام بي سي». لهذا أشعر شخصياً بأن الوهج خفّ عندما تركت «ام بي سي» لأنها محطة قوية جداً وعلى رأس الهرم بين المحطات الأخرى. لست أقلّل طبعاً من قيمة عملي في «أوربيت» بل على العكس، إستفدت منها كثيراً وكانت مرحلة رائعة ومهمة جداً في حياتي وتعلمت منها الكثير، وفيها صقلت موهبتي وخبرتي ودراستي. لكن مما لا شكّ فيه، إن من يبتعد عن «ام بي سي» سيشعر بفارق معين لأنها محطة تؤمّن نسبة مشاهدة عالية ليست متوافرة في كل المحطات. ولا يجب أن ننسى أنه وراء ما نراه على الشاشة من نجاح وريادة، قدرات بشرية مبدعة ومحترفة إلى أبعد الحدود، وإلاّ لما استمرّت المحطة بكل هذا النجاح على مدى سنوات طوال.

- ماذا عن رزان مغربي التي تركت أيضاً «ام بي سي»؟
بصراحة لم أتابعها ولا أعرف أين أصبحت، لكني أحترمها كثيراً وأعتزّ بها كزميلة وأتمنى لها كل التوفيق أينما ذهبت.

- هل لك أن تستعرض لنا بعض الشخصيات التي يستضيفها البرنامج عدا تلك التي ذكرتها؟
هناك وزير الإعلام السعودي الدكتور عبد العزيز الخوجة، الشاعر أحمد فؤاد نجم، الأمير سلطان بن سلمان أول رائد فضاء عربي مسلم، الدكتور عبدالله الربيعة وزير الصحة السعودي، وهو الطبيب الذي نجح كثيراً في عمليات فصل التوائم، إضافة إلى الأمير تركي الفيصل ومحمد عبده والأمير بدر بن عبد المحسن ودريد لحام وبطرس غالي وشخصيات أخرى.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078