نورا رحال نفضت عنها غبار المرض وعادت بقوة
مشاكسة تتأرجح بين الهدوء والجرأة، نفضت عنها غبار المرض وعادت بقوة إلى شاشة الدراما السورية في مسلسل «بيت جدّي» الذي عرض خلال رمضان الماضي، وقرّرت تصوير آخر أغنيتين من ألبومها «ملكة زماني»، «والآه» و«عذّب قلبي». غارقة بين السطور السينمائية، تقرأ سيناريو دورها الجديد في فيلم «مجنون أميرة» الذي ستجسّد فيه شخصية أميرة ويلز الراحلة ديانا سبنسر. إنها نورا رحال، «أميرة القلوب الإنكليزية» و«الزوجة المسجونة» التي كسرت قيودها في هذه المقابلة.
- أولاً الحمد لله على سلامتك.
شكراً، مرضي كان إختباراً صغيراً من الله.
- متى إكتشفت المرض؟
منذ 10 أشهر، إكتشفت الورم في مراحله الأولى ولقد تعافيت منه كلياً، وأنا أعتبر الأمر قصة عابرة.
- هل وجدت المحبّين بقربك؟
أثناء مرضي كنت أنا المعين الذي يهدّىء من حولي، في هذه الظروف يمنحنا الله القوة. لقد كنت جد عقلانية ولم أتعاطَ مع الأمر بشكل عاطفي ودرامي. أنا اليوم بألف خير وأنشط من الأمس.
- هل طرأ أي تغيير في حياتك جراء ما مررت به؟
أصبحت أرى جوهر الأشياء وأستغل اللحظات أكثر وأشعر بها وأعيشها بعمق، كما أنني أصبحت لا أكفّ عن التفكير بمستقبل ولديّ لأن الحياة بكل بساطة قد تنتهي في أي لحظة.
- هل من تغيير على الصعيد الفني؟
أصبحت حرّة في الأداء فنياً وإجتماعياً، حرة في التعبير. لطالما غنّيت مع جوقة كورال ، وتمرّن صوتي على الأداء السليم النظيف والثابت. في المنزل أتجرأ على التعريب وأغني بحرية، لكن ما إن أعتلي المسرح حتى أعود فوراً «إبنة الجوقة» التي يجب أن تلتزم بالأداء. أما اليوم فبتُّ أتعامل مع الفن بنضج ومحبة وتقرّب ومتعة، فإذا كنت أحب مقطعاً معيناً فلا أتردّد في تكراره ولو 10 مرات لإعطاء الجمهور جزءاً من روحي وإحساسي. مثلاً في مهرجان «المحبة» الأخير في اللآذقية شعرت برغبة شديدة في غناء «مدلّل» و«بعد عيوني يا علي».
- هل كان صيفك حافلاً هذه السنة؟
«كان حرّاق»، عانيت من الحر كثيراً فشهر آب/أغسطس بكامله أمضيته في تصوير مسلسل «بيت جدّي» في دمشق القديمة.
- ماذا عن دورك في هذا المسلسل؟
الدور ليس جديداً على الدراما السورية، لكني لأول مرّة أخرج من ذاتي وأجسد شخصية لا تشبهني مقارنة بمسلسل «سفر» الذي جسدت فيه دور بدوية و«هوى بحري» الذي جنيت فيه على نفسي حين لعبت دور المريضة.
وأكثر ما جذبني إلى أداء الدور هو فرحي ب «كوم الحجر» السنة الماضية، كما أن العمل يشارك فيه الممثلان نفسهما، بسام كوسا ووائل شرف، فتحمّست أكثر.
أؤدي دور «عطور» الزوجة المظلومة، إبنة العائلة التي تضج أنوثة لكنها تعاني من عدم الإنجاب.
لقد غيّرت ملامحي فوضعت العدسات اللاصقة الخضراء وصبغت شعري باللون البني الداكن، وهذه الخطوة من إقتراح الممثل وائل شرف (معتز) لبناء شخصية شفافة وبريئة، وأنا أعتبره أستاذي في الأداء، فدراستي الجامعية هي الأدب الفرنسي إضافة إلى الموسيقى وأصول الغناء ولم أكن أملك أدواتي كممثلة. وبالمناسبة أنا تابعت بشغف مسلسل «باب الحارة3».
- كيف تصفين تجربتك في التمثيل أمام الممثل السوري بسام كوسا؟
أترقب شائعة تطالني والممثل بسام كوسا بعد تكرار التعاون بيننا في أعمالي الثلاثة الأخيرة، «أهل الغرام»، «كوم الحجر» و«بيت جدّي». هو إنسان راقٍ للغاية ومسؤول، رغم الحَر كان يقف خلف الكاميرا ليشاهد لقطاتي. أجده فناناً مهماً ولديه خلفية ثقافية ثرية.
- عرضت عليك المخرجة المصرية إيناس الدغيدي دوراً في فيلمها الجديد، ما هي التفاصيل؟
تربطني بالمخرجة إيناس الدغيدي علاقة إجتماعية لا فنية عمرها سنوات ولدينا أصدقاء مشتركون.
كانت لديّ رغبة شديدة في العمل معها، فأنا أحب أفكارها وآراءها كما أنها شخصية لطيفة.
عندما قرّرت تصوير فيلم «مجنون أميرة» الذي يروي تفاصيل عن حياة الأميرة ديانا، أينما حلّت وسألت عن الوجه المناسب لتجسيد الشخصية كان الأصدقاء يشيرون نحوي، فاتصلت بي لكنني وقتها لم ألمس فيها إقتناع الواثقة من خيارها، فقد طلبت مني صوراً وأنا شعري قصير، وحين تمعّنت فيها جيّداً لمحت في عينيها نظرة وفرحة حسن الإختيار، وقد وافقت على الفور دون تردّد أو تفكير. سنبدأ التصوير فور انتهاء شهر رمضان.
- هل يمكنك البوح ببعض الأحداث؟
لا. أستطيع فقط القول أن الفيلم يحمل رسالة قوية والعمل مشترك بين كل العرب.
- علمنا أن الفيلم سيتمحور حول زيارة الأميرة لمصر برفقة عماد الفايد، صحّحي معلوماتنا؟
هذه معلومات معروفة؟
- نعم.
سيقتصر التصوير على مصر، هذا ما يمكنني الإعلان عنه حالياً.
- ستتكلّمين الإنكليزية؟
لا، المصرية.
- ما الذي حمّسك لخوض هذه التجربة الجديدة ومع مخرجة جريئة؟
الرسالة أولاً، المخرجة إيناس الدغيدي معروفة بجرأتها ويلفتني إنفتاحها و المواضيع التي تعالجها، البعض يعتبرها قمة الجرأة، أما أنا فأجدها قمة الصراحة والواقعية، وهذا بالتحديد مسؤولية الدراما.
- ألا تخشين ردة فعل سلبية؟
ردة الفعل مضمونة، هناك شخصية أبذل مجهوداً كبيراً لإتقانها، لا يمكنني الإبتكار أو الإرتجال، فالأميرة ديانا شخصية مرسومة ومعروفة تحتّم عليّ أن أتحول إلى تلميذة خاضعة للتوجيه الدقيق، كما أنني أطّلع وأقرأ الكثير عن حياة الأميرة. من جهة أخرى، يحمل الفيلم رسالة قوية جداً وواضحة لكنها ليست مباشرة.
- أنت معجبة بشخصية الأميرة ديانا؟
أحب إلتزامها وهدوءها وتوازنها، أناقتها وبسمتها اللطيفة، وأقدرها لصراحتها مع نفسها. لم تبعْ نفسها للعرش، سمعت قلبها.
- هل كان ذلك سبب موتها؟
طبعاً.
- ألا تخافين إنتقاد المصريين الذي سبق أن طال وجوهاً سورية ولبنانية؟
«يصطفلوا»، هذا موضوع متعلّق بكاتب النص أو المخرج، هو من يختار من سيقدّم أدواره.
- هل أعجبك أداء غير المصريين في مصر؟
نعم، وهذه تجربة ليست بجديدة، فالفنانة الكبيرة صباح ونور الهدى والموسيقار فريد الأطرش صنعوا نجومية أسمائهم في مصر. أما اليوم، فقد أعجبني الممثل السوري تيم حسن الذي أبدع في «الملك فاروق»، البعض لم يظنه سورياً، كذلك الممثل جمال سليمان فهو مبدع في كل الأحوال.
- مثّلتِ دراما سورية والآن ستخوضين تجربة السينما المصرية، ألم تُعرض عليك أعمالٌ لبنانية؟
بلى، منذ عشر سنوات قدّمت عملاً مسرحياً عبارة عن مغنّاة شعرية للشاعر اللبناني جورج جرداق مع الملحّن وجدي شيّا. لكن درامياً وكعمل تلفزيوني لم أشعر بأن الدراما اللبنانية بالنضج الكافي مقارنة مع سورية ومصر وقلّة نضجي الفني الدرامي، إذا كان الفنان متمكناً قد يدعم العمل ويساعد في بناء الدراما، لكني بعيدة عن هذا الموضوع، فأنا بحاجة لمن يحتضنّي.
- ما هو سر الدراما السورية وعصرها الذهبي؟
ثقافة من يعملون فيها. الفرق بين الفنان السوري وفنان آخر هو كيفية تمضية وقته وحديثه الذي يتمحور حول الفن والشعر والرسم والسياسة.
- البعض يقول أن نورا بدأت مشوارها بالشعر البني والإطلالة الهادئة لكنها غيّرت مسارها الفني واتجهت فجأة نحو الجرأة الفنية، ما تعليقك؟
منذ أغنيتي الأولى «حلم العيد» التي كتبتها بنفسي كنت جريئة، ففكرة أغنية عيد الميلاد وبابا نويل في العالم الإسلامي كانت جديدة.
- لكني أقصد الفرق الشاسع بين كليبي «سلال الورد» و«عادي»؟
لا يمكنك المقارنة بينهما، فهناك مرحلتان مختلفتان وفرق في التصوير والإضاءة والأزياء. حتى أنا شخص آخر الآن. بالنسبة إلى تغيير الشكل، فمن الطبيعي وككل أنثى أن أغيّر لون شعري إلى الأشقر الفاتح أو أن أقصه بناء على طلب زوجي. فأنا لم أكن جريئة فقط في ألبومي الأخير، ففي ألبوم «مين هيي» لم أكن بالكلاسيكية التي ظهرت بها، فمطلع أغنية الشاعر الراحل إيليا أبو ماضي «كيف عم بتنام بهالأيام» يحمل الكثير من الجرأة. بالنسبة إليّ لا حياء في الفن.
- ألديك مانع أن نضع جملتك الأخيرة عنواناً؟
لا أبداً، لدي حياء كإنسانة فقط. بينما الفن يحتاج إلى أن يؤثّر في المتلقّي، أن يكون مُفاجئاً وغريباً وفيه نقلة ما وتغيير.
لقد أديت في كامل ألبوماتي أغانيٍ إيقاعية، ما الخطأ في أن أُظهر قسماً من كتفي أو ظهري؟ في كليب «سلملي قلبك» الذي صورته على البحر، طلب مني زوجي إرتداء لباس البحر لكنني رفضت لأن ذلك لم يكُن مبرراً، فأنا كنت أقفر وأتمايل على الشاطىء دون السباحة. لكن فيلم «مجنون أميرة» إذا ما تتطلّب مني إرتداء لباس البحر فلن أُمانع.
في كليب أغنية «عادي» كان الكلام يبرّر الشخصية الرياضية التي تشعر بثقة كبيرة بنفسها، وهي قد تكون أي فتاة. فأنا واقعية في كليباتي، وعلى سبيل المثال كليب «على فكرة» الذي شاركتني فيه التمثيل المغنية السابقة وصديقتي دانيال التي تزوجت وأصبحت أمّاً، فكنا نريد إظهار الشكوى بين الأصدقاء، فنقلنا الصديقة من المنزل إلى الكاميرا.
- ماذا عن تحضيرات ألبومك الجديد؟
دعينا نتكلّم عن ألبومي الأخير الذي لم أنتهِ من تصوير أغانيه.
- لكنك سبق وأن صوّرت خمس أغانٍ منه؟
أنوي تصويره كاملاً لإعطاء كل أغنية حقّها، يجب أن أُظهر جهد الكاتب والملحن والموزع، الآن سأصور الأغنية السادسة «والآه» والسابعة أي الأخيرة «عذّب قلبي»، هذا هو «الفن السابع».
- لم يسبقك أحد إلى هذه الفكرة. هل إخترتِ المخرج أو المخرجين اللذين ستتعاملين معهما؟
سأصور الأغنيتين مع المخرج اللبناني إيلي سمعان، كنا قد قررنا التصوير في سورية لكنا عاودنا فكرة التصوير في بيروت خلال شهر رمضان. أغنية «والآه» إيقاعها غربي، وقد نعمد إلى خلق نوع من الإزدواجية في المشهد كالتصوير مع فرقة دبكة لبنانية، أما «عذّب قلبي» فستكون لوحة درامية.
- نعود إلى ألبومك الجديد؟
بالنسبة إلى الأغاني، سأختار من أعمال الأصدقاء الملحّنين نقولا سعادة نخلة وسمير صفير، كنا على الدوام نطلق الوعود بالتعاون لكن هذه المرة الكلام جدّي.
- أنت لبنانية لكنك تتكلّمين اللجهة السورية؟
لقد وُلدت وكبرت في الشام، أنا أقيم في لبنان منذ 12سنة فقط، كامل أعمالي هي في الدراما السورية.
أمي الشام وأبي لبنان.
- يُحكى أنك إنفصلت عن زوجك، هل هذه شائعة؟
لا تعليق، في كل علاقة زوجية هناك صعود وهبوط، هناك مسألتان تُعلنان: الزواج والطلاق. أنا من النوع الإيجابي، لا أحب أن أطرح أي مشكلة موجودة في حياتي.
- حياتك الزوجية مستقرة؟
نعم.
- إذن شائعة؟
لا تعليق.
- هل هو مقيم في لبنان؟
لا، يتردّد إليه.
- في الألبومين السابقين أهديتِ أغنيتين لولديك، كليب الأغنية المقبل لمن؟
نعم «سيد العالم» و«ملكة زماني» حتى «دنيتي أحلى». سأهدي الكليب المقبل لقرية والدتي «مُقعبرة» في وادي النصارى في سورية، المنطقة التي إعتدت تمضية الصيف فيها، وهي بقية سلسلة جبال لبنان، وتشبه طبيعة الجبال في الشمال كثيراً، حتى اللهجة.
- بأي لغة تتحاورين مع ولديك؟
اللغة الأساسية في المنزل هي الإنكليزية، لكنهما يفهمان العربية واليونانية.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024