تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

سعد الفرج: المنتجون سيتوقفون كثيراً أمام عملي المقبل

النجم سعد الفرج أبرز رواد الحركة الفنية في الخليج، عمل رئيساً لقسم الدراما في تلفزيون الكويت منذ العام 1962 ثم مستشاراً للدراما في الجهاز الحكومي نفسه. كتب وألف العديد من المسرحيات وقدّم الكثير من الأعمال الدرامية في الإذاعة والتلفزيون، كما شارك في كتابة وتمثيل عدد من الأفلام. حصل على العديد من الجوائز والدروع والأوسمة التقديرية أهمها جائزة سلطان عويس في دولة الإمارات، وجائزة مهرجان الرواد العرب الأول، كما منح جائزة الدولة التقديرية في العام 2006.
يشارك حالياً في عمل درامي ضخم بعنوان «تورا بورا» صُوّرت غالبية مشاهده في المغرب وسيستكمل بعد رمضان في الكويت والمانيا. وهو يقول ان هذا العمل سيكون بمثابة قدوة حسنة للمنتجين المقبلين على أعمال أخرى، ويقدم عبره رسالة توجيهية الى كل بيت عربي مفادها: «انتبهوا الى تربية أبنائكم بالطريقة السليمه حتى لا يتحولوا إلى متطرفين أو ارهابيين»... كل ذلك وأكثر في هذا الحوار.

- ماذا تقول عن مسلسل «تورا بورا»؟
هو عمل تضافرت فيه كل الجهود ليكون ذا مستوى متميز ومختلف عما قدم من أعمال في الخليج بشكل خاص والعالم العربي بشكل عام. وقد أُنفقت على هذا المسلسل مبالغ طائلة وأعد له إعداد جيد حتى يخرج بالشكل الذي يجعله يتصدر قمة الأعمال الدرامية... «تورا بورا» سيتوقف أمامه  المنتجون كثيراً و يفكرون ألف مرة قبل الإقدام على انتاج أي مسلسل بعد ذلك... اعتقد انه سيكون عملاً مثالياً يقتدى به.

- كيف تم الإستعداد لهذا العمل؟
بداية أمضى مخرج العمل ومنتجه وليد العوضي عاما كاملا في مرحلة اعداد النص، ثم عكفنا على اختيار فريق عمل محترف ومتخصص في الحياة الأفغانية ليساعدنا في الاقتراب من التفاصيل اليومية لحياة الافغان ومن ثم  تصوير المسلسل. ومعظم أفراد الفريق  كان لهم مشاركات في أفلام أجنبية وعالمية. ثم صرفنا ثلاثة أشهر لاختيار مواقع التصوير في المغرب في منطقة تعتبر هوليوود المغرب وتم فيها تصوير أغلب الأعمال التي تحكي عن افغانستان، وهي منطقة صحراوية مناسبة ومطابقة تماماً لجغرافيا افغانستان ولموضوع العمل، انجزنا فيها تصوير المسلسل بنسبة 70% ويتبقى لنا 30% سيتم تصويرها ما بين الكويت والمانيا بعد رمضان، والحمد لله النتيجة مرضية حتى الآن، لكن الأهم بالطبع رأي الجمهور.

- هل كانت هناك فرصة ليعرض العمل في سباق رمضان هذا العام؟
هذا الامر يعود الى  الجهة المنتجة، ولكن أنا لا أشجع على عرض العمل في رمضان ولا أحبذ ذلك لأنه كلف كثيرا ولو عرض في رمضان أكيد  كان سيضيع في زحمة الأعمال والكم الهائل من الدراما، لهذا  فالأفضل ان يعرض بعد انتهاء الشهر الكريم، وفي توقيت مناسب وعلى قنوات مشاهدَة.

- أخذ المسلسل تغطية على القنوات الاوروبية وحظي باحتفاء الاعلام قبل عرضه. هل يستحق  بالفعل كل هذه الضجة؟
هذه المسألة سيحكم عليها الجمهور بعد عرض العمل، لكن من حق منتجي المسلسل أن  يسوّقوا عملهم المتعوب عليه ويعلنوا عنه بالطريقة التي ترضيهم لثقتهم  الكبيرة بمستواه وللميزانية الضخمة التي صرفت عليه، ناهيك بالجهد الفني الذي بذل فيه أيضاً.

- ماذا يطرح العمل؟ وما دور سعد الفرج فيه؟
«تورا بورا» سيطرح موضوعاً قد لا يكون جديداً في فكرته لكنه سيتناول بطريقة جديدة تماماً طريقة تنشئة الطفل من جانب الأسرة، والعواقب التي ستواجهها الأسرة اذا اغفلت وأهملت تغذية أفكار اطفالها. فنحن دائماً نلوم الشباب المستهترين والمتطرفين والذين دخلوا في دائرة  الارهاب الذي تحوّل إجراما حقيقيا دون الشعور بالمسؤولية الاجتماعية تجاه ابناء مجتمعهم ووطنهم ، كما نحمّل الحكومات والسلطات مسؤولية وجودهم  وتجمعهم في خلايا، لكن الحقيقة التى نغفلها أو نتعمد التغاضي والتعامي عنها هي  ان المسؤولية الحقيقية تقع على كواهل الآباء والأمهات الذين ساهموا بقصد أو دون قصد في افراز هذه النوعية من الشباب المتطرف. هذا هو محور العمل الرئيسي، فالمسلسل يدور حول أسرة مكوّنة من أب وأم وشاب خضع لعمليات غسل الدماغ حتى أصبح متطرفا نتيجة إهمال الأسرة في تربيته وتوجيهه. وأجسد بالطبع دور الأب، أما  الابن الشاب فيؤدي دوره خالد أمين.

- هل تعتقد ان هذا الدور سيشكل اضافة  الى تاريخ سعد الفرج الفني؟
الأمر الذي  يشغل بالي وفكري هو أن اشارك في عمل فني أكون مقتنعاً به بعد هذه التجربة الطويلة في الفن ، بصرف النظر عن رأي النقاد والجمهور مع احترامي لهم، وأعتقد اني أجيد تماماً اختيار أدواري بحكم سني وتمرسي الطويل فنياً، ولا أستطيع اطلاقاً القيام بعمل  لا يقنعني من أجل شهرة أو فلوس. ففي الفترة الأخيرة قررت أن أعمل ما يروق لي وحدي وان أحاول اشباع غروري وأن  أقدم الدور الذي أحب أن أقوم به، وأكون مقتنعاً به تماماً. واقتناعي بهذا الدور «تورا بورا» كبير جداً لأني قرأت عن حالات كثيرة لأسر مقصرة وشباب تائهين عانوا هذه المشكلة وتعاطفت معهم.

- هل اعتبر هذا الكلام ردا على الهجوم الذي طالك في الفترة الأخيرة بسبب بعض الأدوار التي شاركت فيها؟
(يضحك) «مثل ما أنتم حابيين». إنما القضية أن بعض الناس يهاجمون اعمالي لأغراض شخصية لا فنية، فهؤلاء الناس لا يهمونني نهائيا لأني أراجع نفسي عشرات المرات قبل الإقدام على أي عمل. وصدقوني أرحب كثيراً بالنقد البناء الذي يتناول الجوانب الفنية في العمل الذي أشارك فيه ويدرس دوري أيضاً، انما المؤامرات التي تحاك في الوسط الفني فلا تهمني وانا بعيد عنها تماماً.

- لماذا لا ينتج الفرج أعماله مثل عبد الحسين عبد الرضا وسعادعبدالله وحياة الفهد وغيرهم من نجوم الخليج؟
أولا اشتغلت كثيراً كمنتج منفذ لصالح تلفزيون الكويت لكني توقفت بسبب مشاكلي معهم، وقطعت عهدا على نفسي بأن لا أكون منتجاً منفذاً لهم إذا لم تحل مشاكلي معهم. ثانياً لا يعجبني وضع المنتج المنفذ في القنوات الخاصة بسبب عمليات التوزيع، فلم يعد العمل الجيد هو الذي يفرض نفسه في توقيت عرضه انما أصبحت العملية بالواسطة وباللعب من تحت الطاولة. وأنا لست من النوعية التي تجيد هذه الممارسات لذلك توقفت عن الإنتاج حتى يكتب لي الله غير ذلك.

- وما هي مشكلتك تحديدا مع  تلفزيون الكويت؟
أنا لا أحبذ نشر خلافاتي معهم عبر الصحافة أو مجلس الأمة، إنما عندي أمل دائماً بأن يأتي اليوم الذي تعي فيه وزارة الإعلام همومي معها ويأتي من يعمل  لحل هذه المشكلات.

- كيف تقوّم الدراما الخليجية الحالية بشكل عام؟
لقد اختلط الحابل بالنابل، وضاعت الأعمال المميزة وسط زحمة العروض الكثيرة، وبات من الصعب علينا الحكم على العمل الجيد. حتى أعمال النجوم الكبار فقدت رونقها، وتدخلت الواسطة في الدراما واستطاعت أن تجعل ساعات الذروة  من نصيب المسلسلات الرديئة التي اصنفها بأنها دون المستوى.

- لماذا لم تتكاتف مع عبد الحسين وسعاد وحياة في عمل يعيدكم الى زمن الأعمال المميزة؟
(بحسرة) صعب جداً! وصعوبة الأمر تعود الى سببين أولهما التكلفة المادية لإنتاج المسلسل الذي سيتمكن من جمع هذه النخبة من النجوم ويدفع لهم  اجورهم. وثانيا سنجد صعوبة بالغة  في ايجاد النص الذي سيعطي كلا منا حقه الأدبي في البطولة. لذلك نجد ان الأعمال الحالية باتت مقتصرة على النجم الأوحد. وأنا طبعا ليس لديّ اي مانع من المشاركة معهم.

- درست الإخراج ولم تعمل  مخرجا حتى لأعمالك الدرامية؟
ميولي وتوجهاتي ليست في مجال الاخراج مع اني مؤهل فنيا وأكاديميا  لكن متعتي في أن أقف أمام الكاميرا  وليس خلفها، وتجربتي الدراسية خدمتني كثيراً  خصوصاً مع المخرجين الحاليين الذين أوجههم. و دائماً أشبع حاجتي الإخراجية في الإقتراحات التي أتناقش فيها مع مخرجي المسلسلات التي أشارك فيها. وسبق أن أخرجت عملاً تلفزيونياً واحداً وهو مشروع  تخرجي في العام 1969 من معهد «بي بي سي» لأوصل رسالة معينة  لمن كانوا يعملون معي في تلفزيون الكويت آنذاك بأني أفهم جيداً اللعبة ولست دخيلا عليكم. لكني توقفت عن الإخراج من يومها.

- ما رأيك في استعانة  المسلسلات الخليجية بمخرجين عرب رغم وجود الكويتيين والخليجيين الأقرب الى البيئة المحلية وتفاصيلها؟
يرجع هذا الأمر الى شركات الانتاج ومحطات التلفزيون الخليجية التي تنتج الاعمال الدرامية وتسند اخراجها الى من تشاء. ومن المفترض ان يكون لهؤلاء دور في تشجيع الفريق الفني والطاقم  الخليجي، ويجب اعطاء الفرصة للمخرجين الكويتيين والخليجيين بأن تكون الاستعانة بهم من شروط التعاقد على انتاج أي مسلسل خليجي، وإن بنسبة معينة، حتى نستطيع بناء جيل من المخرجين الشباب للمستقبل.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079