تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

من داخل السجن

رغم حالة السرية الشديدة المفروضة على تفاصيل حياة كل من محسن السكري وهشام طلعت المتهمين بقتل سوزان تميم داخل السجن وكيف يقضيان أيامهما فيه، استطاعت «لها» اختراق هذه السرية والحصار المفروض حولهما لتكشف الكثير من أسرارهما ويومياتهما خلف الأسوار،  كما تحيط شائعات كثيرة بحياة هشام طلعت داخل سجن مزرعة طرة، والتفاصيل المثيرة تكشفها السطور الآتية.

قبل ساعات من ثاني جلسات محاكمة المتهمين بقتل سوزان تميم تحوّل سجن مزرعة طره إلى غرفة عمليات استعداداً لهذه الجلسة. ظهر التوتر الشديد على هشام طلعت مصطفى وهو يستقبل محاميه فريد الديب ليطلعه على آخر تطورات القضية، كما ظهر عليه الهزال الشديد وهو يشكو للمقربين إليه من إصابته بأعراض أزمة صحية.

بينما كان محسن السكري يقضي في سجن طره أسوأ أيام حياته، لا يتقبل أي زوار سوى شقيقه الأكبر، ووالده اللواء السابق في الشرطة منير السكري، ومحاميه أنيس المناوي، يحرص على قراءة الصحف رغم محاولات فريق الدفاع إخفاءها عنه، وبدا أن الجلسة الثانية للمحاكمة ستكون أكثر إثارة. كانت الصحف تمثل بالنسبة الى هشام طلعت مصطفى ومحسن السكري كابوساً أكبر، لأن أغلبها كانت تنكل بهما، وحكمت عليهما بالإعدام قبل أن يصدر المستشار محمدي قنصوه رئيس محكمة الجنايات حكمه بعد. 

فزع
ظهرت علامات الفزع الشديد على محسن السكري وهو يتابع ما ينشر عن تفاصيل القضية، وتحليلات بعض أساتذة القانون بأن مصيره سيكون الإعدام، كان يردد على زملائه في الزنزانة بأنه لا يتخيل مطلقاً أن تنتهي حياته عند هذا الحد، ولكنه لم يكن يتحدث كثيراً عن تفاصيل القضية إلا مع محاميه أنيس المناوي الذي كان يزوره أسبوعياً حاملاً حقيبة من الأوراق والمستندات التي كانت تشمل تفاصيل أحراز القضية، وخطة الدفاع عن السكري. كان السكري يستغل اللحظات القليلة التي يخلو فيها مع محاميه ويعرض عليه رأيه في خطة الدفاع مستغلاً خبراته القانونية والأمنية السابقة، ولكن نبرات صوته لم تكن تخلو من التوتر خاصة حينما علم من بعض ما نشرته الصحف أن صوته قد ينهي القضية تماماً.

هذه الكلمات ضاعفت من خوف السكري، وجعلته يشك حتى في الطعام الذي يقدمونه إليه في السجن، وفي بداية فترات حبسه كان يلزم جندي الحراسة بتذوق الطعام قبل أن يتذوقه هو. كان السكري حاد الطباع، شديد العصبية، افتعل بعض المشاجرات أثناء وجوده في السجن، لكن إدارة قطاع السجون واجهت تمرده بحسم حتى تلزمه الاستجابة للوائح العامة، وحرص السكري على متابعة بعض البرامج التي تتحدث عن القضية داخل صالة صغيرة في السجن مخصصة للتلفزيون، وأحياناً كانت تظهر على وجهه علامات التهكم والسخرية من بعض ما يقال عن دوره في الحادث، ويتعجب من قيام البعض بتحليل الجريمة بأسلوب بعيد كل البعد عن الحقيقة. في اللقاء الأخير بين السكري والمناوي أكد المحامي أنه سيطلب في الجلسة المقبلة أن تقوم المحكمة باستدعاء جميع الشهود من الجانب الإماراتي وكذلك رجال الأمن العام في مصر لمناقشتهم في تقريرهم حول القضية، لم ينس المناوي أن يؤكد لمحسن السكري أنه سيقوم أيضاً بالطعن في تحليل بصمة الحامض النووي التي أدانته.

أكد المحامي للسكري أيضاً أن ملابس المتهم التي تم إرسالها إلى القاهرة استغرقت ثلاثة أسابيع قبل خضوعها للتحليل مما يضفي شكوكاً حول صحة نتائج التحليل. لم تكن لقاءات محسن السكري مع أسرته تستمر طويلاً بسبب مرض والده، ولم تزره أي من زوجاته السابقات، ولهذا كان لقاؤه بمحاميه هو الأهم دائماً، وطلب محسن السكري من محاميه أن يؤكد للمحكمة خلال الجلسة التالية أن هناك آخرين تورطوا في جريمة قتل سوزان، وهم لهم مصلحة في الحصول على ميراثها الذي يقدّره البعض بـ 30 مليون دولار، ووعده المناوي بإثارة هذه القضية في ثاني جلسات المحاكمة.

الزوجتان
في سجن مزرعة طرة كان يقبع هشام طلعت مصطفى المتهم الثاني في الجريمة.. ازدادت حالته النفسية سوءاً، كما وصفها محاميه فريد الديب الذي أكد أن هشام كان متأثراً بكل ما يدور حوله. كانت زوجته الأخيرة هالة عبد الله تحرص على زيارته أسبوعياً لتحضر له مأكولات وتحصل على ملابسه لتغسلها..
ولم ينس هشام أن يوصيها بعدم الاستجابة لمحاولات الإعلاميين المستمرة للحصول منها على تصريحات. لم ينس هشام أنه تعرض لحملة شرسة بسبب زواجه من هالة بسبب كثرة زيجاتها، وأنه تزوجها قبل القبض عليه بأيام رغم علمه بأنه متورط في قضية، والتزمت هالة بهذه التعليمات وكانت تحرص على أن تحضر الزيارة في فترات لا تأتي فيها هويدا زوجة هشام الأولى وأم أولاده التي تصطحب معها أبناءها أحياناً ليشدوا من أزر والدهم الذي كان يوصيهم بعدم تصديق ما ينشر عن تورطه في التحريض على قتل سوزان تميم. لكن هشام لم ينس أن يوصي محاميه بالاتصال الدائم بباقي أطراف القضية للتنسيق معهم مثل محسن السكري، ومحاميه، وأسرة سوزان تميم التي انحازت إلى هشام طلعت، وصدرت تصريحات من والدها تلمح إلى براءة هشام طلعت وحسن نيته.

وطلب هشام طلعت من إدارة السجن السماح له بارتداء ملابس رياضية بيضاء خاصة به بدلاً من ملابس الحبس الاحتياطي، وكذلك طلب السماح له بإدخال أطعمة كانت تأتيه بشكل يومي مع أحد موظفي مجموعة طلعت مصطفى، وكذلك حصل هشام على أدوية للضغط تم عرضها على الإدارة الطبية بالسجن قبل السماح له باستخدامها. وحرصت زوجته هويدا على قراءة القرآن له أثناء زيارتها، وطلبت منه أن يواظب على الصلاة، وأخبرها هشام أنه بالفعل يحرص على الصلاة في موعدها داخل مسجد سجن مزرعة طره، ولكنه أكد أنه افتقد رفيق السجن حسام أبو الفتوح الذي أفرج عنه منذ عدة أسابيع. وكان حسام أبو الفتوح استقبل هشام طلعت بعد حبسه مباشرة، ونجح في مساعدته ليجتاز الحالة النفسية السيئة التي كان يعاني منها بعد القبض عليه، وتمكن هشام طلعت بمساعدة حسام من التأقلم مع مناخ السجن، وبعد خروج أبو الفتوح عادت الوحدة تهاجمه.

شائعات
قال مصدر مسؤول في السجون: هناك أشياء عجيبة تم نشرها، وشائعات عن هشام طلعت مصطفى في السجن، وعن قيام قطاع السجون بتوفير استثناءات غير عادية لرجل الأعمال المحبوس، وهذه الأشياء ليس لها أساس من الصحة مثل ما نشرته بعض الصحف بأن إدارة السجن استجابت لهشام حينما طلب تركيب جهاز تكييف بالزنزانة التي يقيم بها مع تخصيص غرفة خاصة لسكرتيره الخاص الذي كان يزوره يومياً، والسماح له باستخدام هاتفه المحمول.

نفى المصدر أيضاً ما قالته التقارير من أن سلطات السجن سمحت لهشام باستخدام كمبيوتر محمول وفاكس مع منح سكرتيره الخاص تصريح دخول يومي إلى السجن مع تخصيص مكتب لهشام حتى يمارس فيه أعماله.
وذهبت بعض التقارير إلى أبعد من حدود الخيال حينما أكدت أنه تم السماح لعمّال شركة طلعت مصطفى بإدخال طوب وزلط وأسمنت وطاقم حمام مستورد ودش لإنشاء دورة مياه خاصة بهشام داخل السجن، وأضاف المصدر: لا أعتقد أن هذا الكلام يدخل في نطاق المعقول، لأنه لو سمح لهشام بهذه التجاوزات لثار جميع السجناء وبعضهم من رجال الأعمال، وطالبوا بالمثل، وهذا لم يحدث مطلقاً في قطاع السجون، وهناك عدة جهات تقوم بمراقبة عملية الحبس الاحتياطي، ومنها النيابة العامة التي تمر باستمرار على السجن للتأكد من عدم وجود أي تجاوزات.

لكن أحد المصادر أكد أن هشام يستخدم هاتف السجن تنفيذاً لقرارات قطاع السجون الأخيرة التي سمحت للمساجين باستخدام الهاتف، ويقوم هشام بالتحدث  الى أشقائه وأبنائه، ويتابع القضية، وتطورات صفقات مجموعة طلعت مصطفى.
طلب هشام من فريد الديب أن يوجه نظر المحكمة إلى آخرين لهم مصلحة في التخلص من سوزان تميم، ووعده الديب في الجلسة الثانية بأن يفند أدلة الثبوت، ويناقش الشهود، وسيطالب للمرة الثانية بإخلاء سبيل هشام على ذمة القضية.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079