وردة الجزائرية
هي المرة الأولى التي يلتقي فيها المطربان وردة وفضل شاكر في جلسة طويلة. فقد التقيا صدفة قبل أشهر في مطار القاهرة، رغم أن وردة أوصلت إليه عن طريق العديد من الأشخاص، رغبتها في لقائه والتعرّف إليه نظراً لإعجابها الشديد بفنّه وغنائه، إلى درجة قولها إنه أفضل مَن قدّم أغنياتها. أما فضل، فكان طوال الوقت متردداً ولم يقم بزيارتها لسببين: «الخوف والخجل» لما لإسم وردة من رهبة وقيمة كبيرة بالنسبة إليه وإلى ملايين من الناس. زارت بيروت بدعوة من برنامج «مايسترو» مع نيشان على شاشة «ال بي سي» (إعداد طوني سمعان، إخراج باسم كريستو). وفي المطار سُئلت إلى من تستمع، فقالت «لفضل شاكر». وفي اليوم التالي لإطلالتها الرائعة في «مايسترو» في حلقة مميزة كشفت خلالها عن أمور كثيرة تعلنها للمرة الأولى، توجهّت إلى صيدا للقاء فضل في مطعم «ألحان» الذي يملكه، وبحضور عدد من الأصدقاء والشاعر منير بو عساف والملحن بلال الزين. ومع «لها» كانت هذه الدردشة مع فضل شاكر ووردة الجزائرية.
- نرحّب بك بدايةً في بيروت ومعروف كمّ الحبّ الخاص الذي تكنّينه للبنان؟
«جداً، لا أعرف ماذا أقول عن لبنان».
- تزورين لبنان بدعوة من برنامج «مايسترو» مع نيشان وصرّحت عن أمور كثيرة تكشفين عنها للمرة الأولى. هل ندمت على بعض هذه التصريحات؟
بصراحة كنت مرتاحة جداً في الحوار مع نيشان، وصرّحت عن أمور كثيرة أعلنها للمرة ففوجئت بنفسي، كما أن هناك بعض التصريحات التي ندمت عليها، «بسّ خلاص طلعت».
- مثل ماذا؟
يعني لم أكن أريد معاتبة أم كلثوم مثلاً، رحمها الله، «دي حبيبة قلبي». كنت أعشقها صراحة، لكني ذكرت في الحلقة أنها تجاهلت رغبتي في لقائها، ولم أقصد سوءاً.
- وماذا عن تصريحك بخصوص الموسيقار ملحم بركات؟
«لأ دي مش ندمانة عليها، ما يهمّنيش».
- ألم تفكّري أنه ربما لم تصل إليه رسالتك حول رغبتك في الغناء من ألحانه؟
ربما لا أعرف، لكن ما أحزنني هو أني أحبّ فنّه وأقدّره كثيراً لهذا صُدمت عندما تجاهل رغبتي.
- لكننا نعرف أنه يقدّر الفنّ الجميل والراقي؟
هناك فرق بين أن نقدّر الفنّ الجميل وأن نحبّه بصدق، فهو ربما لا يحبّني، هو حرّ في رأيه.
- غنيّت قبل فترة قصيرة في مهرجان قرطاج وحققت نجاحاً مبهراً وقيل إن المدرّجات لم تتسّع لكل من أرادوا حضور حفلك؟
الحفلة كانت مبهرة حقيقةً ولا تتخيلّي مدى السعادة التي شعرت بها وأنا هناك خصوصاً أن الجمهور كان يغنّي معي طوال الوقت.
- لكن لماذا كان الهجوم القاسي من جانب الصحافة التي راحت تتحدث عن كبر سنّك وعدم قدرتك على الغناء كما أيام الشباب؟
«آه ما تفكّرينيش، معليشّ عايزة انسى». هذا ما أسمّيه الصحافة الصفراء، وباختصار شديد أقول إن الأمر يتعلّق بمسألة بيني وبين جهات بارزة.
- معقول؟
نعم، ما حصل أني رفضت الغناء في إحدى حفلات الأفراح ، ولا لزوم للشرح أكثر من هذا.
- لكنك تغنّين في قرطاج بعد غياب ثمانية عشر عاماً؟!
بالفعل لم يقدّروا ذلك للأسف، لكن ما يهمّني بالدرجة الأولى هو الجمهور والكمّ الكبير من الحبّ الذي أظهروه تجاهي، وكل الباقي لا يعني لي شيئاً. أودّ بالمناسبة التوجّه بالشكر للصحافي اللبناني القدير اسكندر حبشي الذي كتب مقالاً عن هذا الموضوع «وخَدلي حقّي».
- لماذا لم تصوّر روتانا حفلك في قرطاج؟
لم نتّفق على ذلك، وعقدي لا ينصّ على تصوير حفلات لصالح الشركة.
- لكن كان من الجميل لو صُوّرت الحفلة خصوصاً مع الجمهور الغفير الذي حضرها حسب تقارير رسمية قالت إن تاريخ قرطاج لم يشهد مثيلاً لتلك الليلة؟
«معليشّ» صوّرت حفلات كثيرة، وقريباً سيتم عرض حفلة لبنان الثانية، ولا ننسى الأزمة المالية التي أثّرت على كل المؤسسات وأخّرت أموراً كثيرة.
- هل صحيح أن هناك مسائل مادية عالقة بينك وبين روتانا؟
(تضحك ثم تقول) «هو انتوا لحِقتوا؟»، كلا أبداً وألبومي سيصدر في شهر تشرين الأول/ أوكتوبر المقبل إن شاء الله والذي أتعاون فيه مع المحلن بلال الزين.
(هنا تدخّل الفنان فضل شاكر وقال): كل هذه أقاويل، كل روتانا ونجوم روتانا تحت إمرة الستّ وردة.
فتقول له وردة: «ربّنا يخلّيك، بس إنتم الصحافيين ما فيش فايدة).
وتابعنا مع وردة وسألناها:
- هل صحيح أنك اتصلت ببلال الزين بسبب إعجابك الكبير بأغنية «روح» التي لحّنها لفضل شاكر؟
بالفعل هذا صحيح، عشقت هذه الأغنية وأحببتها كثيراً فاتصلت فوراً ببلال الزين وقلت له: «أريد أن أغنّي من ألحانك».
- ستكون المرة الأولى التي تغنّين فيها باللهجة اللبنانية؟
صحيح.
- ماذا تقولين لفضل شاكر الذي قرر الإعتزال؟
(هنا تدّخل فضل وقال بلغة الأمر): «إعتزل».
بمجرّد دخولي إلى المطعم قلت له: «إنت مجنون»، لست أفهم لماذا يريد الإعتزال.
(ثم تتوجه بالحديث إليه وتقول) «تعتزل ليه»، أنت لا تستطيع أصلاً أن تحيا دون غناء.
(يجيب فضل): أنتِ قلتها يوم أمس في حوارك ضمن «مايسترو» إن الوسط الفني وسخ، وأنا أؤمن بهذا الأمر منذ سنوات طويلة، حيث لم أجد سوى القلوب السوداء والحقد غير المبرّر وكل هذا يتعبني. أنا أسألك أن تسمّي لي اسمين في الوسط الفني يحبان بعضهما دون مصلحة، «غير أنا وإنتِ».
(تبتسم وردة وتقول): ما تقوله صحيح لكن لا يجب أن تعتزل.
(يقول لها): «تعبت وقرفت»، حتى أن أذواق الناس تغيّرت بعد أن شوّهتها موجة الفنّ الهابط، إضافة إلى عدم وجود نقابات فنية محترمة في الوطن العربي. لو وجدت النقابات الجادة لمنعوا عشرات من الذين يغنون اليوم بدلاً من تركهم دون حسيب أو رقيب ليشوّهوا الذوق العام والإحساس بالفن الراقي لدى الجيل الجديد.
(سألنا فضل): - لكن لو اعتزلت أنت وسواك ستساهمون في انتشار الهبوط الفنّي أكثر فأكثر من خلال ترك الساحة لهم؟
تقول وردة: ما تقولينه صحيح، ومسألة الإعتزال ليست من حقّه أساساً.
(سؤال لفضل): - أنت من عشاق وردة، فتخيّل لو أنها اعتزلت منذ سنوات مثلاً؟
(تقول وردة): أنا عمري سبعين سنة أما هو فلا يزال شاباً ومتربعاً على القمة.
(وسألنا فضل): - يبدو أن مسألة الإعتزال جدّية؟
صحيح، وذلك عندما ينتهي عقدي مع روتانا.
- هناك مجموعتان جديدتان على «الفايس بوك» أنشئتا خصيصاً لك، شعار الأولى «لا لاعتزال فضل»، وشعار الثانية «نحن نحبك ونحترم رغبتك»؟
أشكرهم جميعاً من كلّ قلبي على دعمهم اللامحدود، وأغلب ما ينشرونه ويكتبونه يصلني وألمس من خلال ذلك محبتهم الكبيرة. وبالمناسبة أتقدّم لهم وللكلّ بالتهاني لمناسبة شهر رمضان على أن يعيده الله عليهم باليمن والبركات. تجاه هذه المحبة لا يعرف المرء ماذا يقول صراحة.
- ستغني ديو مع وردة قبل اعتزالك؟
«يا ريت»، هذا يشرّفني.
(تقول وردة): حنغنّي سوا أكيد«.
- هل باشرتم بتحضير الأغنية؟
(تقول وردة) كلا ليس بعد، لكننا سنقدم إحدى أغنياتي القديمة بتوزيع جديد، وسيكون التوزيع مع بلال الزين إن شاء الله. من الضروري أن يوزّعها بلال لأني أعتقد انه الوحيد الذي لن يضيف أموراً إلى الأغنية من باب الفلسفة، إضافة إلى روحه الجميلة.
- يبدو أنك معجبة كثيراً بعمله؟
صحيح، أنظر إليه على أنه المستقبل.
- البعض يقول إنه متأثر ببليغ حمدي؟
بلال هو بلال بروحه الخاصة والمستقلّة. روحه جميلة جداً.
(يقول فضل): أنا وكثير من الفنانين وكل ملحني الجيل الجديد متأثرون ببليغ لأننا ببساطة تربينا على موسيقاه التي سبقت عصرها ولهذا هي مستمرة معنا حتى اليوم وستبقى.
(وسألنا فضل): - الديو مع وردة من ألحانه؟
إن شاء الله لكني لن أختار بل سأترك للفنانة وردة هذه المسألة وسأوافق دون مناقشة.
- هل لنا أن نسأل عن بعض تفاصيل ألبومِك الذي سيصدر مع روتانا؟
هناك أغنية من ألحان أمجد العطافي، وأخرى لخالد عزّ، وأتعاون أيضاً مع مروان خوري ووليد سعد، أما بلال الزين فسأقدّم أغنيتين من ألحانه، إحداهما مصرية والثانية لبنانية عنوانها «الأيام» وهي من تأليف الشاعر المميز منير بو عسّاف.
- لماذا قررت الغناء باللهجة اللبنانية؟
هو لم يكن قراراً، بل الأغنية هي التي نادتني. أسمعني إياها بلال عبر الهاتف فشتمته. (تضحك) شتمته إعجاباً طبعاً بمعنى أني صرخت لشدة ذهولي بالأغنية.
- هي ليست المرة الأولى التي تلتقين فيها بفضل شاكر؟
إلتقينا سابقاً في مطار القاهرة صدفة، بعد أن أرسلت إليه أكثر من مرة عبر أشخاص أني أرغب في لتعرّف إليه.
(سألنا فضل): - كان متوقعاً أن تكون لك مداخلة هاتفية في حلقة «مايتسرو»، لماذا لم تتمّ؟
تعرفين أني لا أحب أن أبدو في موقع المجامل، لا أحب هذه الأمور والسبب الأكبر هو احترامي للفنانة وردة والرهبة التي يثيرها إسمها من حولي. لكني تحدثت معها عبر الهاتف قبل الحلقة بطبيعة الحال كان من الأفضل أن نلتقي في جلسة مماثلة هي أقرب إلى جلسة العائلة وليس مجاملات على التلفزيون.
- ما قصة تخلّفك عن أكثر من موعد مع وردة والخجل من لقائها؟
هذا صحيح بالفعل والله شاهد على ما أقول، حقيقةً كنت أخجل من زيارتها مع أنها أبلغتني هذه الرغبة عن طريق عدة أشخاص.
(تقول وردة): - تخجل من زيارتي؟
(يجيبها فضل) وأخاف أيضاً. أنت لا تعرفين ماذا تعنين بالنسبة إليّ.
(تستطرد وردة): تخلّف عن أكثر من موعد، كما أني رغبت في أن يشارك معي في حلقات تلفزيونية عديدة منها «تاراتاتا» و«العراب» وطلبته بالإسم لكنه لم يأتِ.
(يقول فضل): هل تعرفين أنه في اليوم الذي اتصلت فيه ببلال الزين عجز عن النوم؟ أنت وردة «مُش حدّ عادي».
(تضحك وردة وتقول): «وردة إيه، واحدة بتموت فيك كان لازم تجيلها». وللأسف كان هناك «اولاد حلال» نقلوا إليّ كلاماً غريباً منه أن فضل مزاجي ولهذا لا يحضر، أي مثل بليغ حمدي رحمه الله ممكن أن يضرب موعداً ولا يحضر.
(سألناها) - ورغم ذلك لم تزعلي منه؟
كلا لم أزعل لأني أحبه كثيراً وأعتبره حالة فنية خاصة حقيقة، وعندما تعرّفت إليه عن قرب أحببته أكثر وفهمت لماذا كان يرفض الحضور، هو حقيقة خجول حتى عندما يغني.
(وقلنا لفضل) - ها هي وردة هي التي حضرت؟
هذا شرف لي وأشعر أني عاجز عن التعبير، «هيدي حبيبتي».
- هل تسافر إلى القاهرة الأسبوع المقبل؟
صحيح، سوف أتابع تسجيل أغنيات ألبومي وهناك خمس أغنيات جديدة من بلال الزين.
(تقول وردة): «مش بقلّك بلال ملحن رائع؟» عندما سمعت أغنية «وافترقنا» للمرة الأولى عشقتها وقلت في المؤتمر الصحافي الخاص بتوقيع العقد مع روتانا أني أريد التعاون مع ملحن هذه الأغنية. قلت لفضل سابقاً إن هذه الأغنية ستنجح بشكل كبير وبالفعل هذا ما حصل، تماماً كما حصل عندما اتصلت بالمطربة أنغام من الجزائر رغم مرضي في ذلك الوقت، وقلت لها «إن أغنية سيدي وصالك ستكون قنبلة الموسم».
(يسألها فضل): ماذا تتوقعين لأغنية «الأيام»؟
(تقول): «دي صاروخ».
(ثم قال فضل): ليتك تصدرينها قبل موعد الألبوم بحوالي عشرين يوماً.
(فقالت) إن شاء الله.
وهكذا انتهى اللقاء مع القديرة وردة والنجم فضل شاكر، ثم استمرّت الدردشة بينهما وغنيّا معاً «أكذب عليك» وهو غنّى لها «روح». ثم تناولت الحلويات الشرقية واستأذنت للمغادرة. فضل طبعاً رافقها حتى باب السيارة وودّعها على أمل لقاء قريب. أما هي، فوعدته بزيارات متكررة خصوصاً أنها أُعجبت بالمطعم كثيراً، وقالت له إنها بصدد البحث عن شقة في بيروت، فوعدها بالمساعدة في البحث.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024