تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

نادين هاني

من العالم المصرفي والعمل في كواليسه انتقلت إلى مسرح الشاشة الفضائية لتطل عبر قناة «العربية» على ملايين المشاهدين تنقل إليهم أخبار الاقتصاد وأسواق العقارات وأسعار الأسهم. عملها في الإعلام جاء صدفة، بدأ هواية وانتهى مهنة أجادت القيام بها، وجعلتها مقدّمة النشرة الاقتصادية الأشهر في العالم العربي. إنها نادين هاني التي التقتها «لها» وكان هذا الحوار.

-  من عالم المال والعمل المصرفي انتقلت إلى الشاشة حيث يشاهدك الملايين في العالم العربي. كيف جاءت هذه النقلة؟
درست في الجامعة الأميركية في بيروت في البداية البيولوجيا نزولاً عند رغبة أهلي الذين كانوا يودون أن أصبح طبيبة، لكنني لم أحب هذا المجال فقررت أن أدرس إدارة الأعمال. وتغيير الاختصاص لم يكن مدروساً بل عشوائياً، ولكن عندما بدأت الدراسة أحببت الاختصاص وأكملت الماجستير في إدارة الأعمال. وخلال تحضيري للماجستير عملت في مصرف في قسم إدارة الثروات الخاصةPrivate Banking  وكنت سعيدة جداً وعملت في هذا القسم لفترة طويلة. وعملي في الإعلام جاء صدفة. ففي أحد الأيام كنت مع صديقة لي أ شرب القهوة في أحد مقاهي وسط بيروت حين اتصل بي أحد أصدقائي وقال لي إن مدير قناة الـ MTV  اللبنانية ميشال المر نجل غبريال المر يفكر في نشرة اقتصادية في الفقرة الأخيرة من الأخبار، ويبحث عن أحد يقدمها، فاقترح اسمي. فاجأني الأمر ولكن لم أتردد في لقاء السيد ميشال المر الذي عرف خلفيتي الدراسية، ورأى في مقومات مقدمة البرامج الاقتصادية. وقمت بتصوير تجريبي ٍScreen test وبعدها صرت أقدم الفقرة الاقتصادية يومياً ولكن لم تكن مباشرة بل مسجلة.

- هل كنت تتوقعين أن تصبحي مقدمة مشهورة في«العربية» إحدى أهم القنوات التلفزيونية في العالم العربي؟
في البداية لم أكن أعتبر عملي في الـ  MTV  رئيسياً بل هواية بعد انتهاء دوامي الوظيفي في المصرف، لأنني لم أفكر يوماً في أن أصبح مقدّمة تلفزيونية. لذا لم أكن محترفة واليوم عندما أشاهد نفسي في أرشيف البداية أضحك. وأذكر أنني حين كنت طفلة كنت أنظر إلى مذيعات الربط  وأسأل نفسي: «كيف لا تخاف هذه المذيعة من الكاميرا؟»، كنت أشعر بأنني لو كنت مكانها لكانت ضربات قلبي تتعدى المئة.

- من الهواية إلى الاحتراف والظهور على شاشة الـ CNBC . كيف حدثت هذه النقلة النوعية في حياتك العملية؟
الأمر كان أيضاً صدفة لم أكن أخطط له. عندما أغلقت قناة الـ  MTV لأسباب سياسية، انتقلت خلال هذه الفترة للعمل في مصرف آخر. ولم أعد أعمل في التلفزيون. ولكن أحياناً يمر الواحد منا بفترة يشعر فيها بالملل من عمله رغم حبه لوظيفته، وأنا كنت أمر بهذه المرحلة. وكنا في إطار عملنا في المصرف نتابع الصحف بشكل يومي، وفي إحدى المرات لفت زميلي إعلان في إحدى الصحف ذكر فيه أن تلفزيون إقتصادي جديد باسم «CNBCعربية» سوف يفتتح في دبي، ويطلب مذيعات متخصصات في الاقتصاد، فقال لي زميلي: «لم لا ترسلين سيرتك الذاتية فقد تصبحين ماريا بارتيرومو الشرق الأوسط». رحت أضحك وقلت له هل تتحداني؟ وبالفعل أرسلت سيرتي الذاتية من المكتب لأنني لم أكن آخذ المسألة على محمل الجد. وبعد نصف ساعة أتاني الرد من مدير البرامج في الـ  CNBC العربية، وقال فيه إنني محظوظة وإنه سيأتي  إلى بيروت يوم الأحد من أجل توظيف فريق عمل، وسألني ما إذا كان في الإمكان لقاؤه. وعندما التقيته قال إنني الشخص المناسب لأنني متخصصة في المالية ، و إنه سيتصل بي لاحقاً. مضت ستة أشهر لم يتصل وأنا كنت قد نسيت الأمر ، لأفاجأ باتصاله وتقديمه عرضاً لا يمكن رفضه ... أغراني الأمر خصوصاً أنه أعطاني فرصة أن أكون المذيعة الأساسية.

- كيف تصفين شعورك بالظهور المباشر على الشاشة؟
في البداية خفت كثيراً لأنني لم أعمل في البث المباشر، وتجربتي في الـ   MTV كانت خجولة فضلاً عن أن فقرتي كانت مسجلة، مما يعني أنه كان في الإمكان تصحيح الأخطاء بينما في البث المباشر الخطأ ممنوع ولا يمكن تصحيحه. لذا  تدربت كثيراً قبل الظهور المباشر على الشاشة، فأنا أؤمن كثيراً بأن المقدم التلفزيوني لا يتطوّر إلا من خلال انتقاد نفسه، وأنا اعتدت أن أسجل وأراقب نفسي عن كثب كي أصحح أخطائي وأقوّم أدائي. لذا سجلت الكثير قبل الظهور مباشرة على الهواء  كي أكون في مستوى البث المباشر. أحياناً أفكر اليوم في هذا القرار وأقول أنني كنت «مجنونة»  لأنه لو عاد الزمن بي إلى الوراء لكنت ترددت في اتخاذ هذا القرار المصيري ولكنت أقول لنفسي ربما توترت أمام الكاميرا المباشرة وربما لغتي العربية ليست جيدة... 

- كيف انتقلت إلى قناة «العربية»؟
عندما قررت محطة العربية التركيز على الأخبار الاقتصادية وبث «الأسواق العربية» على مدار اليوم، شعرت بأن المحطة لديها الأرضية المناسبة لتقديم الأخبار الإقتصادية بالطريقة الأفضل، فهي لديها انتشار وإمكانيات بالإضافة إلى إدارة جدية ممكن أن تعطيني فرصة أكبر للنجاح، فانتقلت إليها، وكان قراري صائباً. فالعربية أضافت إلي الكثير في العمل الاحترافي. ففيها تعلمت المهنية في عمل الصحافة الحقيقي، كيف أتابع الخبر و أحصل على السكوب بدقة. بينما في الـ  CNBC تعلمت كيف أجلس أمام الكاميرا و كيف أكون مقدمة ناجحة وواثقة بنفسها.

 - من الملاحظ أن تقديمك للنشرة الاقتصادية فيه الكثير من الحركة، ونحن اعتدنا على صورة مقدم النشرة الاقتصادية الذي يقرأ الخبر فقط. أليس جرأة منك أن تغيّري هذه الصورة؟
قبل أن أعمل في الإعلام كنت أشاهد بكثرة التلفزيونات الغربية لاسيما البرامج  المتخصصة في الاقتصاد بحكم وظيفتي التي كانت تتطلب مني معرفة ما يجري في الأسواق العالمية، وكانت طريقتهم في تقديم النشرة الاقتصادية  تلفت نظري، فتأثرت بها، وعندما عملت في الإعلام حاولت أن أتبع طريقتهم. أنا لدي مأخذ على الجمود في قراءة الخبر الاقتصادي على الشاشات العربية،  الصورة والمقدم جامدان ليس فيهما حركة. وعندما أقول حركة لا أعني المشي في الأستوديو لأنها أصبحت موضة اليوم، بل هي الطريقة التي تعبّرين فيها بكل حواسك  عن الموضوع الذي تتحدثين فيه أي عندما يراك المشاهد يشعر بأن هناك أمراً ما، إلى درجة تلزمه رفع صوت التلفزيون إذا كان زر الريموت كونترول  الصامت Mute مضغوطاً.

- من الملاحظ إتقانك اللغة العربية الفصحى أثناء محاورة الضيف رغم أن اختصاصك إدارة أعمال ومالية. كيف وفقت في هذا الأمر؟ هل واجهتك صعوبة خصوصاً أنه في عالم الأرقام معظم الجمل التقنية هي باللغة الإنكليزية؟
هناك فصل بين المصطلحات الاقتصادية واللغة العربية كلغة حوار. أنا لغتي العربية جيدة رغم أنه في لبنان اعتاد الأهل أن يتحدثوا مع أطفالهم بلغة أجنبية، بينما اعتدنا في  محيط عائلتي التحدث باللغة العربية ومحبة هذه اللغة. وفي المدرسة كنت جيدة باللغة العربية وقواعدها. وشخصياً أنزعج من الأخطاء التي يرتكبها بعض المقدمين. ولكن لغتي لم تكن بالجودة التي تسمح لي بأن أجري حواراً بالفصحى عندما بدأت العمل التلفزيوني، لذا الفضل يعود إلى عمر الزين رحمه الله الذي دربني على طريقة الإلقاء واللفظ الصحيح. أما في ما يتعلق بالمصطلحات الاقتصادية يمكن القول إننا في العربية ساهمنا في تأليف مصطلحات بالعربية فهناك مصطلحات في اللغة الأجنبية لا يوجد لها مرادف في العربية، وهناك مصطلحات تضطرين لقولها بلغتين حتى يفهم المشاهد ماذا تقولين، خصوصاً المشاهد المحترف، مثل رجل الأعمال... .

- عالم الأعمال والاقتصاد يحتاج إلى المتابعة المتواصلة. كيف تقومين بها؟ إلى ماذا  تستندين في المصداقية خصوصاً أن عالم المال متقلب؟
نحن فريق عمل نتابع طوال الوقت الأخبار دقيقة بدقيقة ونحرص على أن تكون مواكبة للحدث. فالأخبار الاقتصادية يجب أن تكون حديثة جداً لأنه من المعيب أن تقدمي أخباراً مضى عليها زمن. ففي عالم البورصة مثلاً يتغير سعر السهم كل ثانية، لذا فنحن لا نتابع الأخبار الاقتصادية فقط  بل الأخبار والأحداث السياسية لأن سوق الاقتصاد يتأثر بها. مثلاً أسواق الخليج حالياً تتأثر بمجرد ارتفاع النبرة بين إيران وإسرائيل. رأس المال جبان لا يستثمر في المناطق التي من المحتمل أن تندلع فيها حروب. ونحن كمذيعين، حتى ونحن على الهواء مباشرة نراقب الوكالات. فأنا خلال تقديمي الأخبار المباشرة توجد أمامي شاشة تبث أسعار الأسهم مباشرة، وعليها وكالات الأنباء والإنترنت، وإذا رأيت خبراً وقررت إنه مهم، لا أعود إلى المنتج، حتى لو اضطررت لترجمته مباشرة وكثيراً ما أقول على الهواء أعذروني لأن الخبر ورد الآن بالإنكليزية وأترجمه مباشرة. والحمد لله لدينا في «العربية»المرونة والسماح للمقدم أن يحدد بنفسه أهمية الخبر وهذا ما يميزنا، فالثقة التي أعطتنا إياها الإدارة سمحت لنا بقراءة الخبر مباشرة.

- هل تشعرين بعبء المسؤولية خصوصا أن هناك متابعين قد يشترون الأسهم بناء على ما قدمته؟
كل إنسان يخطئ ولكن في العربية نحاول قدر الإمكان تجنب الأخطاء. لذا يمر الخبر الاقتصادي بمراحل عدة تبدأ من كاتب الخبر والمنتج والمحرر والمقدم. وكلنا فريق لديه خلفية اقتصادية لذا يمكن القول إنه في  99 في المئة من الحالات لا أخطاء. وأنا كي أحافظ على مصداقيتي أعترف مباشرة على الهواء إذا قلت معلومة اكتشفت أنها غير دقيقة وأقول للمشاهدين «أعذروني» وأصحح الخطأ مما يبني الثقة بيني وبين المشاهد.

- من المعلوم أن معظم مقدمي النشرات الاقتصادية رجال، وأنت دخلت عالم المال أي عالم الرجال، والمشاهد العربي اعتاد مقدم النشرة الاقتصادية وليس المقدمة. هل كانت لديك مخاوف من هذا الأمر؟
أشعر بأن الذين يتعاملون معي لا يهتمون بكوني امرأة بل  ينظرون إليّ كشخص محترم يعطيهم المعلومة الصحيحة. أحياناً يتصل بي مشاهد ويناقشني في خبر اقتصادي ولا أشعر بأنه يكترث ما إذا كنت امرأة أم رجلاً. ربما لأنني بنيت هذه المصداقية. وشخصياً أرى أن هناك وظائف لا يمكن المرأة القيام بها لأنها تتطلب قوة بدنية معينة بينما في كل ما يتعلق بالفكر لا أرى فارقاً بين الرجل والمرأة. ربما في العالم العربي هناك جزء من النساء لم ينخرط في سوق العمل بعد وبالتالي ليس لديهن الخبرة الموجودة عند الرجل. إنما بالنسبة إلي، فكان لدي الخبرة في مجال الاستثمار قبل أن أصبح مقدمة. ولأن عملي اقتضى نصح العملاء حول إدارة ثرواتهم، تعلمت تفاصيل مختلف وسائل الاستثمار الموجودة واضطلعت على الكثير في ما يتعلق بعالم المال والاقتصاد. لذا عندما أقرأ الخبر أحتاج إلى وقت أقل من غيري لأفهم تفاصيله ومحتواه، كما أنني أعرف المعلومة التي يمكن أن أطرح حولها الأسئلة بحكم خبرتي في مجال الأعمال. وأنا جدية في عملي ولا أتسلى فمقدمة الأخبار الاقتصادية بالنسبة إلي ليست مجرد وظيفة بل هي مهنة أفكر فيها للمستقبل، وجديتي تصل إلى الناس.

- هل تشعرين أحياناً بأنك ترغبين في الانخراط في عالم الاقتصاد والمال كسيدة أعمال؟
لم لا، ولكن هذه الرغبة مؤجلة للمستقبل. فهناك أولويات ولا يمكن أن أخطو خطوة كهذه  ولدي أمور أخرى تشغلني، فأنا أحب أن أعطي أي خطوة حقها من الاهتمام واليوم لدي فرصة في أن أنجح وأشتهر كمقدمة برامج اقتصادية.

- بما أنك تعرفين السوق هل ندمت على أنك مثلاً لم تشتري أسهماً ارتفع سعرها لاحقاً؟
أنا لا أشتري أسهماً حفاظاً على مصداقيتي. فإذا امتلكت سهم شركة معينة وتحدثت عن هذه الشركة بشكل جيد قد يقول البعض أنني أريد أن يرتفع السهم لأنني أملكه. وحفاظاً على مصداقيتي وضعت لنفسي خطوطاً حمراء لا أتخطاها.  والقناة تفضل ذلك وإذا لدينا أسهم تفضل إعلام الإدارة ليكون هناك رقابة.

- إلى أي مدى تشعرين بالمسؤولية عن التحليلات الاقتصادية التي تقدمينها؟
أنا لا أتبنى تحليلات أو توقعات اقتصادية، عملي صحافي وأكتفي بأن أسمح للضيف بأن يعبر عن توقعاته فهو الذي يتحمل مسؤولية أقواله. وهذا يعود إلى مصداقية الضيف. ونحن نحرص على استضافة أشخاص يتمتعون  بمصداقية عالية.

- هل تواجهين صعوبة في الحصول على مقابلة على الهواء مباشرة، خصوصاً أن معظم ضيوفك رجال أعمال واقتصاد ووقتهم من ذهب؟
نواجه بعض الصعوبة خصوصاً أن معظمهم مدراء شركات ويكون جدول أعمالهم اليومي مليئاً بالمواعيد ويبذلون مجهوداً للظهور مباشرة. ولكننا  نحصل على مقابلة لأنهم يعطون الأولوية «للعربية» بسبب المصداقية التي نتمتع بها، ويعرفون أنهم إذا ظهروا على منبرنا سوف يشاهدهم الملايين.

- من النادر أن نرى ضيفة سيدة أعمال رغم وجود سيدات أعمال ناجحات في منطقة الخليج؟
نحرص على استضافة سيدات أعمال لأننا نفخر بنجاحهن، ونحن كفريق الأخبار الاقتصادية في «العربية» عددنا كسيدات يفوق عدد الرجال، وقد أثبتنا نجاحنا،  ولكن لا يزال عدد سيدات الأعمال الناجحات أقل من عدد رجال الأعمال في العالم العربي ككل، وهذا هو الواقع، بالتالي ينعكس ذلك على الضيوف في برامجنا. ولكن في الفترة الأخيرة بدأ عدد أكبر من السيدات يتبوأ مراكز رفيعة، وأصبحن يطللن على شاشتنا بشكل أكبر.


- هل لديك خوف من المستقبل خصوصاً أن عمر مقدم التلفزيون محدود على الشاشة؟
ليس لدي خوف من المستقبل. عموماً الذين يعملون في الإعلام المرئي يخافون من المستقبل، من التجاعيد وعدم تقبل الناس لهم. وأتمنى في اليوم الذي تجتاح التجاعيد وجهي أن يكون المشاهدون خصوصاً في العالم العربي قد تغيرت فكرتهم وأصبحوا يتقبلون المقدم الكبير السن. مثلاً انظري إلى المحطات الغربية أوبر وينفري وبربارا والترز لا تزالان نجمتين والتجاعيد تخبر عن سنواتهما. ولا أظن أن  الناس يفكرون في سنهما بل يحبونهما كما هما لأن لديهما مصداقية. وأتمنى عندما أصبح في سنهما أن يتقبلني الناس. ومع ذلك العقلية تتغير، وبدأت فكرة أن الشكل هو الأساس تتقلص وصار لدى الناس وعي بفكر المقدم أكثر من مظهره، خصوصاً أننا في القسم الاقتصادي في «العربية» برهنا أن المضمون هو الأساس. وإذا لم نصل إلى هذه المرحلة ليس لدي خوف لأن لدي خلفية تؤهلني للقيام بأعمال ومشاريع أخرى.

- الإعلام المرئي يرتكز على الشهرة ونجد أن الكثيرين  بدأوا يميلون إلى البرامج السياسية الحوارية ليحصدوا الشهرة. هل ندمت على أنك لم تخوضي مضمار السياسة في الإعلام؟
صراحة عندما بدأنا في القسم الاقتصادي في «العربية» صارت البقية تغار منا، فشهرتنا توازي شهرة المذيعين في السياسية. أتصور أننا في «العربية» ابتكرنا نجومية مذيع الاقتصاد. وعلى كل أنا أشعر بأنه لا ينقصني شيء لأكون مقدمة ناجحة في الأخبار السياسية، المهم أن تكون لغتك صحيحة ولديك قبول وثقافة وقدرة على النقاش المنطقي، والبحث عن المعلومة هذا ما تعلمناه في الجامعة. إذا قررت البحث في موضوع أحصل على كل المعلومات. وأنا لا ينقصني هذا الأمر ما ينقصني هو الخلفية في بعض المواضيع السياسية ولكن إذا قررت أجدها، فأنا من النوع الذي يمكنه أن يعمل 24 ساعة، وقد عملت ساعات طويلة حتى وصلت إلى ما أنا عليه اليوم ومع ذلك لا أفكر الآن في الصحافة السياسية، لأنه لا يزال لدي الكثير لأقدمه في الاقتصاد. فضلاً عن أن مذيع السياسة يصعب عليه الانتقال إلى الاقتصاد وأنا لدي ميزة هي خلفيتي الدراسية وهي الأعمال. أشعر بأن لدي شيئاً أضيفه في النشرة الاقتصادية. أعرف عملي جيداً وأبرع فيه وناجحة فيه.

- من العمل المصرفي والتجربة الإعلامية في بيروت انتقلت إلى دبي واحتراف العمل الإعلامي. ما الفرق الذي وجدته بين المدينتين؟
أنا أحب المدينتين، ولكن هذه الأيام لا تستطيعين الحديث عن بيروت بدون الحديث في السياسة.  وأنا عندي خيبة أمل كبيرة من الطبقة السياسية في لبنان التي لا تشبه الشعب، فاللبناني أثبت نجاحه على الصعيد الشخصي بينما الطبقة السياسية أثبتت فشلها. أنا أعمل في قسم الاقتصاد ومن خلال تعاطي مع القيمين على البنوك، أجد أنه لا يوجد مصرف في العالم ناجح إلا وتجدين في كوادره الأساسية لبنانيين. وهم ناجحون في شتى المجالات. أنظر إلى كارلوس غصن الذي يرأس شركتي رينو ونيسان، ولقد أعاد معايير النجاح إلى شركة نيسان ووضعها على السكة الصحيحة بعد أن كانت متعثرة. أسأل دائما لم لا يكون القياديون في لبنان على مستوى الشعب اللبناني. الحياة الاجتماعية في لبنان جميلة وأسلوب العيش هذا غير موجود في بلدان أخرى أو أي مكان في العالم. فطبيعة لبنان تحفزك على حب الحياة. أما دبي فهي بالنسبة إلي النموذج الناجح هي إمارة عصرية إذا أردت أن أصف دبي في كلمة واحدة أقول النجاح.  أحب نجاحها والرؤية العصرية الموجودة فيها.

- هل تشعرين هنا  بالغربة؟
لا شك أنني أشتاق إلى أهلي، إلى  الوسط التجاري وجلسات الشاطئ، أحن إلى هذه الأماكن ولكن لكثرة الأصدقاء الذين انتقلوا إلى دبي أشعر بأن لبنان انتقل إلى دبي.

- إلى أي مدى تتأثرين بالأخبار التي تصل عن لبنان؟
أشعر بأن للإعلام دوراً كبيراً في الصورة التي يعطيها عن لبنان، ولكن في الوقت نفسه  لديه مسؤولية أن يكون صادقاً. عندما تكون الحالة في لبنان سيئة لا يمكن أن تدعي أنها وردية، فالمصداقية هي الأساس. هنا أشعر بالانزعاج لأني كصحافية لبنانية عندي مسؤولية الصدق وفي الوقت نفسه الصورة سيئة، ولم يكن في الإمكان تحسينها. هذا على مستوى الإعلام. ولكن على صعيد العلاقات الاجتماعية تحاولين أن تشرحي أن ما يحدث في لبنان هو شاذ عن القاعدة. وفي ما يتعلق بمجالي فأنا لم يكن لدي شيء أقوله أثناء الأحداث. ولكن بعد اتفاق الدوحة الصورة تغيرت وصار في إمكاني التحدث عن الاستثمارات وانتعاش سوق العقارات في لبنان في شكل كبير، وقمت بالفعل بإعداد سلسلة من التقارير عن لبنان بعد اتفاق الدوحة..


- من المعروف أن دبي فردوس التسوق. فهل يغريك هذا الفردوس؟
أحب التسوق، ولكني اقتصادية، فأنا ضد الإنفاق الزائد في التسوق رغم أنني  أعيش في دبي مدينة التسوق. لذا لا أشتري أغلى الأشياء  بل بحسب قدرتي المادية، فأنا أرى الكثير من صديقاتي ينفقن الأموال إلى درجة أحياناً تشعرين بأنهن مستعدات للاستدانة من أجل الحصول على حقيبة لماركة معروفة. أنا لا. ربما بسبب خلفيتي. وليس من الضروري أن أشتري أغلى الثياب لأكون أنيقة. فالمرأة متى عرفت ما الذي يليق بها يمكنها  الحصول على مبتغاها  بأسعار مقبولة. أنا من النوع الذي يشتري الملابس التي يمكنني  ارتداؤها مرات عدة ولا تظهر متكررة. وأشتري الحقيبة التي أرى أنها تناسب بزات عدة لدي. يعني أنفق قدر المعقول .

- ما هي مقولتك في الحياة؟
السماء هي الحدود. أي لا حدود للطموح. إذا قرر المرء أن يقوم بأمر ما،  يحققه إذا كانت لديه الإرادة. و لا  يجوز القول إنني لا أستطيع فالإنسان إذا قرر أمرا سوف يتحقق.

- إذا لم تكوني إعلامية ماذا كان يمكن أن تكوني؟
أنا لا أرى نفسي إلا في مجال الأعمال، أشعر بأنه يمكن أن أكون في مجلس إدارة إحدى الشركات.

- ماذا عن أسهم نادين العاطفية؟
في عالمنا العربي العائلة تربي البنت إما على فكرة أنها زوجة وأم ،  وإما على فكرة أن عليها أن تنهي تعليمها وتحقق ذاتها أولاً ثم الزواج. لا أدري أيهما الأصح ولكنني من النوع الثاني.
أهلي ربوني على أساس الدراسة أولاً ثم المهنة ثم الزواج. و هذا يؤثر في تكوين شخصيتك ومجرد تأجيل مشروع الزواج يصبح من الصعب إيجاد الشريك المناسب. بينما عندما تتزوجين في سن صغيرة تكونين مندفعة ولا تفكرين في الأمر في شكل جيد. أحيانا يكون القرار صائباً وأخرى يكون عشوائياً. أما الآن، فأعتبر أن هذا الأمر يحدث عفوياً، ولكن المهم أن تكوني متقبلة للفكرة، وجاهزة لخوض تجربة الزواج. و إذا تزوجت ورزقني الله أبناء أهم شيء بالنسبة إلي هو توفير العلم لهم، لأن العلم هو الذي يحقق لك الطموح، فهو سلاح الإنسان الحقيقي.

- كيف تحافظين على إطلالتك؟
يتعب وجهي كثيراً خلال الأسبوع بسبب الماكياج،  لذا فخلال العطلة الأسبوعية لا أضع الماكياج أبداً. وأحب الموضة كثيراً علماً أنني لا أتبعها في شكل أعمى فأنا أحب الأسلوب الكلاسيكي لا سيما البزات. أحب القصات الجديدة وأهتم بنوع القماش، رغم أن البزات لا يتغير شكلها كثيراً إلا في بعض التفاصيل الصغيرة.

- هل ندمت يوماً لأنك عملت في الإعلام؟
لا أبداً بل أحمد الله أنني إعلامية. 

- كيف تقارنين بين نادين البداية ونادين اليوم؟
تغيرت كثيراً. هناك أمور جعلتني  ناضجة و قوية ولم أعد أخاف. صرت أكثر إصراراً على النجاح.

- هل تحلمين بالعالمية؟
الحمد لله أنني أعمل في «العربية»، فهي  من القنوات الرائدة في العالم العربي. إلا أن أحداً لا يستطيع توقّع المستقبل وعليك أن  تكوني دائماً منفتحة على الفرص. أكيد أتمنى لو أكون في تلفزيون عالمي يشاهده كل العالم، ولكن اللغة في عالمنا العربي تعيقنا عن ذلك. أشعر بأن لدي مقومات المقدمة العالمية، إنما أنا اليوم سعيدة ومكتفية في «العربية».

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079