تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

حنين وفرقة 'سون كابانو' في بيت الدين

هذه فنانة استعراض وتلك مغنية ألبومات وأخرى للكليبات... هي تصنيفات تُطلق وتُرافق أي فنانة تستطيع أن تُثبت نفسها في مكان ما أكثر من غيره، أمّا فنانة مثل حنين في صوتها وأدائها وأسلوبها الغنائي فهي دون شك مطربة مهرجانات. وهذا ما كرّسته جليّاً في الحفلة الغنائية التي أحيتها على مسرح القصر الشهابي في بيت الدين، إذ أنّها عرفت كيف تستغّل الحشد الكبير الذي ملأ المدرجّات وأشركته في الغناء وأداء كلاسيكيات الأغنية العربية التي حفظها عن ظهر قلب، ودفعته بحماستها وثقتها على المسرح إلى التمايل معها على أجمل الأنغام الكوبية.

 فأوجدت المطربة اللبنانية حنين وفرقتها الكوبية «سون كابانو» جوّاً فنياً فريداً تلتقي فيه ثقافتان لعالمين أبعدتهما المسافات وقرّبتهما الموسيقى.  من الألحان المصرية الرومانسية إلى الكلمات اللبنانية والمواويل الجبلية فالإيقاعات اللاتينية الحارّة، تحوّل الجمهور الذي غصّت به المدرجات إلى فراشة رشيقة سرقت من الزمن ساعات سحرية لتتنقّل بخفّة بين الثقافات والحضارات تأكيداً على أنّ الإبداع لا حدود له ولا مكان.

 أمّا مشهد عازف الترومبيت الكوبي ببذلته البيضاء إلى جانب عازف الطبل بلباسه العربي التراثي وآلة الدرامز بجوار آلة الكمان، ليس سوى تأكيد على أهمية المشروع الذي مضى به الموسيقي والمنتج ميشال ألفتريادس في وقت أراد فيه أن يكون للعولمة معنى أكثر إيجابية. فاختار الفنانة اللبنانية حنين أبو شقرا التي حملت في خامة صوتها سحر الشرق وفي أسلوبها صخب هافانا. ومع أهمية هذه التجربة الفريدة من نوعها في عالمنا العربي والتي لاقت استحساناً أينما وجدت في العالم إلاّ أنّها بدت في ظهورها الأخير على مسرح بيت الدين وكأنها تحتاج إلى المزيد من الإختمار الذي لا يتحقّق إلاّ في عملية المزج الفعلي بين العربي والكوبي، وليس مجرّد الغناء بالعربية على إيقاعات لاتينية. لجمهور الذي حضر حفل حنين وفرقتها كان سعيداً ومتحمساً لذاك الجوّ الفني الخاص الذي يشاهده للمرّة الأولى ربما على المسرح، وإنما كان من الممكن أن يتماهى أكثر عبر المزج بين الأغنيات والإيقاعات وليس التناوب عليها. إذ كان من الأجدر تفريغ الأغنية العربية التي تُغنيّها حنين من إطارها الكلاسيكي الذي نعرفه لتقديمها في أسلوب تعلو فيه نسبة «الكوبية» أكثر من «العربية».

 ومع ذلك تبقى هذه الحفلة من حفلات بيت الدين المدهشة التي فعلت ما لا يُمكن لأي حفلة أن تفعله، كيف لا وهي المرّة الأولى التي يتسنّى فيها للجمهور اللبناني أن يُغنّي تُراثه ناطقاً بالعربية تاركاً لجسده حرّية النطق بالكوبية؟ والجدير ذكره أنّ الفنانة حنين أهدت الحفل إلى كلّ العشّاق وغنّت أجمل الأغنيات اللبنانية للكبيرين زكي ناصيف وصباح مثل «عطريق العين» و«نقيلك أحلى زهرة»و«جمال بلادي» وأغنيات من المكتبة الغنائية المصرية للسيد درويش وعبد الحليم حافظ، كما أعطت ابنة الجبل المطربة حنين أميري الجبل الحصّة الأكبر فغنّت لأسمهان «إيمتى حاتعرف» و«يا حبيبي تعالى» و«شوف اللي جرى لي» ولفريد الأطرش «قلبي ومفتاحو» و«يا زهرة في خيالي» وغيرها.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078