تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

كارمن لبّس: أطلقت صرخة مدوّية لأنني لست امرأة يائسة

يليق بها لقب المرأة المتمرّدة. إنها الممثلة كارمن لبّس التي أثارت بلبلة في الفترة الأخيرة حين أعلنت عبر صرخة مدوية أنه لا يجوز سَجن المرأة في الدراما بعد أن تتجاوز سنّ الخمسين في أدوار الأم والجَدّة الهامشية في الحياة. عن هذا الموضوع تتحدث لبّس في هذا الحوار، كما تخبرنا عن دورها في مسلسل "2020" الذي سيُعرض في رمضان المقبل، وتتكلم أيضاً عن علاقتها بالثورة والموضة والتسوّق.


- في ذكرى ميلادك السابعة والخمسين أطلقت صرخة عتب في وجه المجتمع والمنتجين الذين يحصرون المرأة في هذه السنّ بدورَي الأم والجَدّة، ما هي دوافعك في هذا التوقيت؟

منذ سنتين ونصف السنة وأنا أعاني من نوعية الأدوار التي تُعرض عليّ، والتي تتشابه في المضمون، فهذا جعلني أشعر بالاختناق، وكنت أتساءل في قرارة نفسي: لماذا يصنّفون المرأة بعد بلوغها سنّ الخمسين في خانة "سنّ اليأس"؟ تُرى، من أقرّ هذه التسمية؟! أتمنى أن تواجَه هذه الجملة بالاعتراض، لأن الحياة لا تتوقف عند سنّ محدّدة، وكفى ظلماً للمرأة.

- لماذا الاعتراض الآن وأنت تؤدّين دور الأم منذ سنوات؟

وجدت أنه حان الوقت للانتفاضة، خاصة أنني أرى بعض السيدات اللواتي يحطن بي راضيات بلَعب دور الجَدّة، ومقتنعات بتربية الأحفاد فقط، ويُهملن حياتهن فلا يمارسن أي نشاط بعيداً من دورهن التقليدي. وهذه النظرة راسخة أيضاً في الدراما العربية وفي وسائل الإعلام المرئية. ومن وجهة نظري، هذه الرؤية تؤذي المرأة بعدما يتم الاستغناء عنها لمصلحة شابات صغيرات جميلات لا يمتلكن الخبرة الكافية. هذا الواقع دفع عدداً كبيراً من النساء للجوء إلى عمليات التجميل من أجل تحسين مظهرهن، وفي بعض الأحيان يُصبن بالتشوّهات ويظهر التناقض بين الوجه والرقبة على سبيل المثال. لذا، يجب التنبّه إلى أن المرأة ليست شكلاً جميلاً فقط، بل هي نصف المجتمع وعنصر فعّال فيه.

- ما هو عتبك على الدراما العربية بشأن المرأة؟

إذا قارنّا بين الدراما التركية والعربية، نجد أن في تركيا يضيئون على دور الأم ويُبرزون شخصيتها في الأعمال الدرامية، ويكون دورها محورياً ومؤثّراً في الأحداث، وليس هامشياً كما يحصل في الدراما اللبنانية والعربية في الإجمال.

- لكن هذه الثقافة راسخة منذ سنين في أذهان الشعب العربي، وتحتاج الى وقت طويل لتتغير...

يجب البدء من نقطة معينة، فالتغيير يبدأ من مكان ما، وإذا استطعتُ من خلال صرختي أن أُغيّر الواقع بنسبة واحد في المئة فسأكون سعيدة. إذ أرى أن في إمكان المرأة الخمسينية أن تُغرم وتتزوج ويكون لديها مشاكلها الخاصة. مثلاً، الممثلة العالمية ميريل ستريب قدّمت فيلماً مهماً ورقصت "روك أند رول" في سنّ كبيرة، وناقشت في الفيلم مشاكلها مع ابنتها، ولم تكن قصّتها على هامش الأحداث. أما المشكلة الكبرى فتكمن في أن المخرجين يختارون نجماً في الخمسين من عمره بطلاً لعمل درامي، والبطلة أمامه تكون في سنّ العشرين، وهذه نظرة خاطئة وتؤثر في المجتمع.

- هل لاقت صرختك صدىً؟

أتمنى ذلك إذ طرحتُ أكثر من فكرة على المنتجين، وآمل أن تظهر هذه الافكار إلى النور قريباً.


- هذه الآفة التي تتحدّثين عنها لا تقتصر على لبنان فقط، بل نجدها أيضاً في مصر حيث كانت البطولات في الماضي لنادية الجندي ونبيلة عبيد ويسرا... وأصبحت هذه البطولات اليوم محصورة بالرجال، فما رأيك؟

ينقصنا في لبنان منتج يؤمن بقوة المرأة ويقتنع بأن الدراما هي جزء من توعية الجيل الجديد، وليس هدفها التسلية فقط. وإذا تحدّثنا عن مصر، نرى أنهم أنصفوا النساء في الدراما سابقاً أكثر من لبنان، لأن لديهم صناعة عريقة. أما اليوم فأجد أن دولة الكويت هي التي تُنصف الممثلة الكبيرة في السنّ، بحيث ينتجون كل عام مسلسلين لحياة الفهد وسعاد العبد الله تقديراً لعطاءاتهما الفنية.

- استنتجتُ من كلامك أنك لستِ راضية عن دورك في مسلسل "ما فيي 2"، لأنه دور أمّ وليس محورياً في الأحداث؟

أحببتُ أن أشارك في هذا العمل بعد غياب عن الأعمال الدرامية، لكنه ليس دوراً محورياً سيضيف إلى تاريخي الفني.

- قدّمتِ منذ سنتين مسلسل "بلحظة" وكان دورك فيه مهماً، ماذا تقولين عنه؟

قدّمت في هذا المسلسل الناجح دور امرأة أكبر منّي سنّاً، إذ كنت أمّاً لزياد برجي رغم أن فارق السنّ بيننا في الواقع ليس كبيراً... الشخصية استفزّتني، لكنها والحمد لله نجحت عند الجمهور.

- قدّمت في السنوات الماضية بطولات في الدراما، لكن الحال يتغيّر مع مرور الزمن...

لا أطمح إلى أن أكون مسيطرة على الدوام، والصرخة التي أطلقتها تمثّل كل امرأة في مثل سنّي، تعاني في كل مجالات العمل وليس في التمثيل فقط.

- قلتِ إنك لم تشاركي في عمل منذ سنتين، هل لك مدخول مادي بعيداً من التمثيل؟

لا، ليس لدي مردود مادي بعيداً من التمثيل، لكن الحمد لله وضعي المادي أفضل من وضع أي موظف في لبنان، فنحن نعيش في ظل ظروف اقتصادية صعبة.

- تشاركين في مسلسل "2020" الخاص برمضان المقبل، حدّثينا عن دورك فيه؟

أقدّم في هذا المسلسل دوراً جميلاً ولا يشبه الأدوار التي أدّيتها من قبل. هو دور رئيس، لكن لا يمكنني حالياً الكشف عن تفاصيله، وأُفضّل أن يبقى مفاجأة لجمهوري.

- أيهما تفضّلين: المشاركة في الأعمال العربية المشتركة أم في الدراما اللبنانية؟

لكل فئة خصوصيتها، لكن للأسف الأعمال اللبنانية البحتة لم تُعرض يوماً عرضاً أوّل على المحطات العربية، وأنا ألوم وزارة الثقافة التي لم تدعم أبداً الأعمال الدرامية اللبنانية، لأن في لبنان لم يُفعَّل بعدُ القانون المهني الذي يحفظ حقوق الفن والفنانين اللبنانين، بينما الدراما العربية المشتركة يدعمها المنتجون ولها جمهور واسع في الوطن العربي. فقبل اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، كانت الدراما في الطليعة إلى جانب الدراما المصرية، لكن للأسف بعد انتهاء الحرب قُدّمت بعض الأعمال التي أساءت إلى الفنّ اللبناني.


- أخبرينا عن تجربتك مع شركة "صبّاح أخوان"؟

قدّمت أكثر من تجربة مع شركة "صبّاح أخوان"، وأولى هذه التجارب كانت في مسلسل "أبو ضحكة جنان" الذي جسّدت فيه شخصية الراقصة الراحلة بديعة مصابني، ثم شاركت في مسلسلات "الشحرورة" و"تشيللو" و"دولار"، وصولاً الى "ما فيي- 2" و"2020"، والمنتج صادق صبّاح محترم جداً وإنساني إلى أبعد الحدود، وأوجّه تحية كبيرة له ولابنته لمى صبّاح التي تدير العمل على الأرض، لكونها ربّة منزل وتعمل في الإنتاج الدرامي في الوقت نفسه.

- هل تعاملت مع شركة "إيغل فيلمز"؟

كانت لي تجربة واحدة مع شركة "إيغل فيلمز" في مسلسل "كاراميل"، وأنا أحب جمال سنّان، لأنه يسخى على عمله، كما أن زوجته ماغي بوغصن صديقتي منذ زمن، وكنا نلتقي في استديوهات الدوبلاج في الماضي.

- كان من المقرر تقديم جزءٍ ثانٍ من المسلسل المصري "الزيبق" وتوقف فجأة، فما السبب؟

سمعتُ أنه توقف لأسباب لها علاقة بالدولة المصرية، وكل سنة يُقال لنا إننا سنعاود التصوير، لكن حالياً لا أملك أي معلومة عنه رغم أنني كنت قد سافرت إلى مصر واستأجرت منزلاً هناك، وباشرنا العمل، إنما الأمور معلّقة ونحن في انتظار إشارة من الشركة المُنتجة.

- ماذا تقولين عن كارمن بصيبص التي لعبت دور ابنتك في "الزيبق 1" وهي اليوم بطلة "عروس بيروت"؟

كارمن بصيبص ممثلة جيدة جداً وتحب عملها كثيراً، وهذا ما جعلها تنجح، وهي اليوم نجمة بسبب مشاركتها في أعمال مصرية وعربية مشتركة.

- هل الممثلون اللبنانيون مغبونون ما استدعى منهم صرخة على مواقع التواصل الاجتماعي؟

كل ممثلي الدراما اللبنانية الشباب أخذوا حقهم في السنوات الماضية، وأرى مثلاً أن باسم مغنية أُتيحت له فرص مميزة في "تانغو" و"سر". أما الممثلون الآخرون فعليهم أن يقبلوا بأدوار البطولة الثانية، أي دور بطل ثانٍ إلى جانب نجم سوري كما حصل في مسلسل "تشيللو" حيث ظهر يوسف الخال إلى جانب تيم حسن ونادين نجيم الذين شكّلوا معاً ثلاثية ناجحة، ونتمنى أن تأخذ الدراما اللبنانية مستقبلاً حقها في العالم العربي كي يحصل الممثلون اللبنانيون رجالاً ونساءً على فرصهم في النجاح كما سائر زملائهم في العالم العربي.

- الثنائيات التي تجمع البطلة اللبنانية مع البطل السوري مثل نادين نسيب نجيم وقصي الخولي ومعتصم النهار وريتا الحايك وغيرهم جعلت صوت الممثل اللبناني الرجل يعلو...

كما قلت، إذا لم يقبل الممثل اللبناني بدور البطل الثاني في المسلسلات العربية المشتركة فسيصبح وضعه شبيهاً بوضعي، والذي أطلقت صرخة مدوّية من أجل أن يتحسّن، وأعتقد أن علينا القبول بهذا الأمر، لأن صناعة الدراما في لبنان ضعيفة مقارنةً بنظيرتها في مصر وسوريا.

- رولا حمادة أثارت العام الماضي ضجة بدورها في مسلسل "خمسة ونصف"، هل دورك سيكون قوياً في "2020" مع البطلين نفسيهما نادين نسيب نجيم وقصي الخولي؟

أتمنّى ذلك، فأنا أُقدّم الدور من كل قلبي، وأترك التقييم والحُكم للجمهور.

- هل من أعمال جديدة تحضّرين لها بعد مسلسل "2020"؟

لا عمل جديداً في الأفق.

- هل يمكن أن تُعطي دروساً في التمثيل مستقبلاً؟

أُعطي حالياً دروساً في التمثيل لعدد من المواهب، وربما في المستقبل تصبح هذه مهنتي.

- قدّمتِ أعمالاً سينمائية عدة، هل من فيلم سينمائي للفترة المقبلة؟

أتمنى العودة إلى تقديم أعمال سينمائية في القريب العاجل إذ سبق أن قدمت الكثير من الأفلام السينمائية العربية والعالمية بكل تواضع.

- كنت من الفنانين الذين نزلوا إلى الساحات مع اندلاع الثورة في 17 تشرين الأول/أكتوبر، هل تشعرين أن هذه الثورة حققت مبتغاها؟

أعتقد أن نهايتها تشبه نهاية كل الثورات العربية، وأنا أعتبرها حَراكاً شعبياً، لأن الثورة أشمل بكثير. وحين نزلنا إلى الشارع منذ ثلاث سنوات بسبب مشكلة النفايات، كان ينبغي لهذه الوقفة الاحتجاجية أن تكون أساساً لثورة حقيقية، إنما في لبنان ليس لدينا نظام واحد، بل مجموعة أنظمة متداخلة مع بعضها بعضاً، وهذا التغيير يتطلب وقتاً طويلاً لكي يحدث.


- ما حكاية الشاب الذي أوهم الناس أنه ابنك من زياد الرحباني واختلس أموالاً منهم؟

علمت من السلطات المعنية أنه تم إلقاء القبض على هذا الشاب الذي ادّعى أنه ابني وابن زياد الرحباني، وكان يتنقّل بين الخيم في وسط بيروت أيام الحَراك الشعبي، واستحصل على أموال من الموجودين بهدف التبرّعات، لكن تبيّن أنه سرقهم، والحمد لله أنه نال جزاءه بالقانون.

- ماذا تقولين عن مسلسل "بالقلب" الذي عُرضت منه حلقات قليلة ثم توقف بسبب الأحداث في لبنان؟

أحببتُ هذا المسلسل كثيراً، وأتمنى أن يُعرض قريباً، لأنه عمل مميز جداً وأؤدي فيه دور امرأة منكسرة.

- أيٌّ من الشخصيات عينك عليها من الرائدات في الوطن العربي؟

كنت أتوق لتقديم سيرة حياة الأديبة مي زيادة، لأن تاريخها غني وحياتها مليئة بالمواقف القوية والمثيرة والمؤثرة.

- ما رأيك بعمليات التجميل؟

بصراحة، بتُّ أنزعج من عمليات التجميل التي تبدّل الملامح وتخفي التجاعيد في الوجه نهائياً إذ لكل سنّ جمالياتها. للأسف، بعض الممثلات يُكثرن من "البوتوكس"، مما يؤثر في تعابير وجوههن. كنت أتمنى أن أترك شعري بدون صِباغ، لكن الوسط الفني لا يرحم.

- ماذا عن الموضة؟ هل تحبّين شراء الماركات العالمية؟

لا تستهويني الماركات العالمية، لأن المرأة تدفع ثمن اسم المصمّم، لذا يمكنني أن أجد ثياباً جميلة جداً وأنيقة بعيداً من الـbrands. ترى، ماذا يعني أن أشتري حقيبة يد بآلاف الدولارات؟

- بالعودة إلى البدايات، من هي كارمن لبّس؟

بدأت مشواري الفني في عمر 16 سنة، وتلقّيت دروساً مكثّفة في التمثيل في معهد الفنون الجميلة عام 1989، ثم درست السينما في أوكسفورد وباريس. أعمالي الفنية تنوّعت بين الكوميديا والتراجيديا في السينما والتلفزيون.

- ما هي الأفلام السينمائية التي شاركت فيها؟

شاركت في أفلام: "بيروت الغربية" و"بطل من الجنوب" و"33 يوم" وغيرها.

- وماذا عن المسرح؟

أول عمل مسرحي لي كان مع زياد الرحباني في "بخصوص الكرامة والشعب العنيد" و "لولا فسحة الأمل" و"ثلاث نسوان طوال" و"تشي غيفارا".

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078