الإنتاجات المشتركة
لدى الإطلاع على ما تقدمه الدراما السورية من أعمال لهذا الموسم، نلحظ بوضوح التعاون الفني ما بين المنتجين السوريين والمنتجين العرب وتتزايد أعداد تلك الأعمال مع الوقت للوصول إلى عدد لا بأس به من المسلسلات المشتركة التي ستُعرض في دورة رمضان المقبل. ويرجع البعض هذه الظاهرة من الإنتاج المشترك إلى رغبة القائمين على الدراما في سورية في تقديم الأعمال المشتركة تجسيداً للتعاون العربي المشترك ولتكثيف الطاقات وتجميع الخبرات العربية الفنية مما يؤدي الى نتائج متميزة.
ومن جهة أخرى، يرى البعض أنه ربما أجبرت الأزمة الاقتصادية التي طالت العالم في جميع المجالات ومنها الفن كصناعة، المنتجين العرب بشكل أو بآخر على تحقيق التعاون في المجالين الدرامي والإعلامي، فجهة واحدة لا تكفي لإنتاج الأعمال الكبرى، لذلك التأم شمل المنتجين العرب. ويعتقد أكثر النقاد والمنتجين في سورية أنه إذا ما استمر هذا التعاون الإنتاجي بهذا الشكل فهو مؤشر جيد لانفتاح كبير للعمل الدرامي والفني العربي مما يعود بالفائدة على قطاعات الإنتاج العربية المختلفة، وبالتالي تقديم أعمال ذات خبرات مختلفة للمشاهد مما يساهم في رفع مستوى الأعمال المقدمة.
من هذه الإنتاجات المشتركة، المسلسل التاريخي الديني «صدق وعده»، ومسلسل «هدوء نسبي»، ومسلسل «آخر أيام الحب»، بالإضافة إلى أعمال سورية بإنتاجات عربية مشتركة اختارت ممثلين عرباً إلى جانب الممثلين المحليين. ومن أهم تلك الأعمال مسلسل «رجال الحسم» ومسلسل «الدوامة»...
« هدوء نسبي »
حب يجمع بين صحافي سوري وصحافية مصرية في حرب بغداد
اختار الكاتب خالد خليفة نافذة الصحافيين لكي ينظر إلى المشهد العراقي الدامي ويرصد ما جرى في بغداد قبيل الغزو وبعده، وذلك من خلال تجربة عدد من الإعلاميين العرب والأجانب الذين غطوا الحرب إعلامياً فكانوا شهود الحق في زمن الباطل المطلق.
وقد استعان الكاتب بصحافيين عرب وأجانب ليوثق أحداث العمل.
ويتناول مسلسل «هدوء نسبي» قصة صحافية مصرية وصحافي سوري تربطهما علاقة حب قديمة علماً أنهما يعيشان في القاهرة ويعملان لمصلحة وكالات أنباء مختلفة. وبعد سنوات من الفراق يلتقيان في بغداد حيث جاء الاثنان لتغطية أحداث الحرب. ويتابع العمل قصة ناهد وناجي ومن خلالهما يتابع أيضاً قصص مراسلين عرب وأجانب جاؤوا للغاية ذاتها. وفي بغداد يستعيد الجميع خوفهم وقلقهم من الموت ويتحسسون آلام العراقيين وينحازون إليها.
يشارك في العمل عدد كبير من الفنانين السوريين والعرب والأجانب، فيجسد الفنان عابد فهد شخصية ناجي والفنانة المصرية نيللي كريم شخصية ناهد.
تبدأ الحكاية حين تخلع ناهد زوجها عباس المسؤول الفاسد وتتخلّى عن الجنين لأنها لا تريد إكمال حياتها المزيفة مع رجل لا تحبه تزوجته لتهرب من قصة حبها القديمة مع ناجي، بينما يعيش ناجي مع ميرفت التي تزوجها للسبب نفسه. وتختار ناهد الانخراط في عملها بعد طلاقها وتهرب من إعادة علاقتها مع ناجي الذي يلاحقها، لكنها لا تجد مفراً من سفرها إلى بغداد بحثاً عن نجاح مهني. ويلتقي الحبيبان في بغداد فتتأرجح مشاعرهما من جديد في ظروف الحب القاسية ويعيشان قصة حبهما وسط الدمار.
يسجن ناجي في سجن أبو غريب، وعبر سجنه نتحسس آلام الحب والفراق الذي تعيشه ناهد. كما نتعرف على خطورة مهنة المراسل الحربي الذي يعيش دوماً قلق الموت.
وتتقاسم جهات سورية ومصرية وسعودية مهمة إنتاج المسلسل، وهي شركة إيبلا السورية وروتانا الخليجية وراديو وتلفزيون العرب وقطاع الإنتاج المصري. وتصل ميزانية العمل إلى أربعة ملايين دولار. ويتم التصوير في حماة للتشابه بين حماة وبغداد.
ويضم العمل نخبة من الفنانين السوريين والمصريين واللبنانيين والأردنيين والتونسيين والعراقيين والأجانب، منهم: بيار داغر، قمر خلف، محمد جمعة، نادرة عمران، سعيد الآغا، باسم قهار، ندين سلامة، أميرة فتحي، كريم كوجك، إبراهيم الزجالي، كريم محسن، مهدي الحسين، وسيسيل من فرنسا، وجويل آدامز من أميركا.
« صدق وعده »
السيرة النبوية في إطار غير تقليدي
مرة أخرى نلمس الشراكة الإنتاجية السورية المصرية من خلال مسلسل «صدق وعده» الذي يتناول السيرة النبوية الشريفة، حيث ينتج العمل كل من شركتي سامة وإيبلا السورية بالتعاون مع قطاع الإنتاج المصري.
والعمل عن مشروع نص للأديب الراحل عبد السلام أمين، وسيناريو عثمان جحا، ومن إخراج محمد عزيزية.
يتناول العمل السيرة النبوية الشريفة في إطار غير تقليدي، بل من خلال قصة حب بين جارية تعمل في إحدى حانات مكة وإعرابي وافد، يلتقيان خلال رحلة أبي سفيان إلى الشام للتجارة. أما المرحلة التاريخية التي يشير إليها المسلسل فهي قبل الإسلام بسنتين وتنتهي بالهجرة إلى يثرب.
تبدأ أحداث العمل بلقاء تيم وعناق، لكن التنافر يسود علاقتهما في البداية إلى أن يلتقيا على الإسلام، فكلاهما يدخل الإسلام عن اقتناع ويحاولان أن ينصرا الدعوة، فالجديد في العمل هو أنه يعتمد على قصة الحب ويتم على خلفيتها سرد الأحداث التاريخية الموثقة.
أما المخرج محمد عزيزية فيخوض تجربته الأولى في الأعمال الدينية، وهو سعيد بهذه التجربة كونها متميزة عن غيرها من تجارب الأعمال الدينية لأنها تبتعد عن المباشرة في الطرح، ولأن العمل يبرز صورة الإسلام الإنسانية لكن من خلال قصة عاطفية بدل التركيز على المعارك باستمرار، لذلك فالعمل يؤكد بشكل أكبر ملامح الجوهر الإنساني للإسلام.
يجسد شخصية تيم الفنان المصري خالد النبوي، وهو يشارك للمرة الأولى في عمل سوري مصري مشترك، ويؤكد أن مشاركته في هذا العمل جاءت بناء على فكرة النص التي أعجبته كونها تقدم السيرة النبوية من خلال قصة حب درامية، بعيداً عن الصبغة الدينية التي اعتدنا عليها في المسلسلات الأخرى.
يشارك في العمل عدد من الفنانين السوريين والمصريين والأردنيين والتونسيين، منهم: أيمن زيدان، خالد النبوي، عابد فهد، ريم علي، علي كريم، فيلدا سمور، مكسيم خليل، نجاح سفكوني.
« رجال الحسم »
قصة لقاء العميل السوري والضابطة الإسرائيلية
كان المخرج نجدت أنزور من أوائل المخرجين السوريين الذين أيدوا المشاركة العربية في الأعمال الدرامية السورية، إن كان من خلال أعماله الفنتازية الأولى، أو من خلال أعماله التي تحدثت عن الإرهاب مؤخراً. وهذا العام يقدم تجربته الجديدة من خلال مسلسله «رجال الحسم»، والعمل من تأليف فايز بشير، ويتناول قصة مواطن سوري مع الاحتلال الإسرائيلي في أرض الجولان، وبعد انتهاء الحرب يعود الى قريته ليجد ان الدته وشقيقه قد استشهدا. وهكذا يقرر الانتقام لهما من خلال القيام بعملية فدائية في الأراضي المحتلة، فيسافر إلى ألمانيا ويغير اسمه إلى «إيشاك» وهناك يتعرف على ضابطة في جيش الاحتلال الإسرائيلي تدعى «ميراج» يوقعها في حبه بهدف السفر معها إلى إسرائيل مستفيداً من إتقانه للغة العبرية وخبرته العسكرية التي اكتسبها بانخراطه في فوج المغاوير في الجيش السوري. وهناك يخترق شحادة الموساد بانتسابه الى الاستخبارات الإسرائيلية، وتبدأ المغامرة الكبرى المليئة بالإثارة والتشويق.
ويجسد شخصية شحادة الفنان السوري باسل خياط، والضابطة الإسرائيلية الفنانة اللبنانية مايا نصري، ويشاركهما البطولة الفنان الأردني ياسر المصري، وملكة جمال لبنان السابقة نادين نجيم، بالإضافة الى فنانين من سورية ولبنان والأردن أبرزهم: منى واصف، رامي حنا، تاج حيدر، وليد العلايلي، نيكولا معوض، علي الزين.
وفي المسلسل يتكلم الممثلون اللهجة السورية المحكية ويطعم الحديث ببعض العبارات العبرية.
وقد عبرت الفنانة اللبنانية مايا نصري عن شعورها بالفخر بأدائها هذا الدور لأنها تظهر للعالم حقيقة العدو الإسرائيلي وظلمه، وتؤكد أن الدور ليس سهلاًَ خاصة بما يتضمنه من شخصية دموية وإجرامية بامتياز.
« آخر أيام الحب »
قصة حب مصري وسورية تظهر الترابط الاجتماعي أيام الوحدة
من إنتاج شركة أوسكار وأفلام محمد فوزي المصريتين، وينفذه المنتج السوري وائل سويداني، ومن إخراج الفنان السوري وائل رمضان... يشهد مسلسل «آخر أيام الحب» عمليات تصويره الأخيرة الآن، والعمل من تأليف هاني السعدي، ويتم تصويره ما بين سورية ومصر.
شارك في العمل عدد كبير من الفنانين السوريين والمصريين، وتلعب دور البطولة الفنانة السورية سلاف فواخرجي، والفنان المصري ياسر جلال، بالإضافة الى عدد آخر من النجوم العرب منهم: محمود الجندي، زيزي البدراوي، فارس الحلو، منى واصف، رفيق سبيعي، حنان مطاوع...
ويتناول العمل قصة حب تجمع فتاة سورية مع شاب مصري وتكلل بالزواج والحمل. لكن خلاف العائلتين يؤدي في النهاية إلى الانفصال. والفكرة التي يتمحور حولها العمل هي إظهار الترابط الاجتماعي الذي كان سائداً ما بين السوريين والمصريين أيام الوحدة بين مصر وسورية.
« الدوامة »
حكاية افتراضية مفعمة بالحب والنضال السياسي
«الدوامة» مسلسل آخر يعكس الإنتاج العربي المشترك. وحكاية المسلسل افتراضية مفعمة بالحب والنضال السياسي، وتدور الأحداث خلال السنوات الأولى من استقلال العالم العربي، في محاولة لدراسة البنى الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع السوري خلال السنوات الأولى لفترة ما بعد الاستقلال، وكشف المحاولات الخارجية للسيطرة على ثروات البلاد العربية وخاصة النفط، وتصدي الدول العربية مجتمعة لهذه المحاولات.
يشارك في العمل ممثلون سوريون ولبنانيون، منهم: حمزة، أيمن زيدان، سلوم حداد، منى واصف، زهير عبد الكريم، يوسف الخال، جهاد أندري، أليكو داوود، ميشيل أبو خليل، روجيه صقر...
وعن العمل المشترك والدور الذي تجسده في هذا العمل، أكدت الفنانة اللبنانية دارين حمزة، أن مشاركتها هي ثمرة اقتناع المخرج بموهبتها ولإتقانها اللغة الفرنسية. وتجسد في العمل شخصية نادية وهي من أم فرنسية ووالد سوري، وهي فتاة وطنية، وفي الوقت نفسه لديها ميول فرنسية. وهي تملك منتدى ثقافياً تقيم فيه الحوارات بين السفراء الأجانب والفلسطينيين والسوريين. ومسلسل «الدوامة» ليس عملها العربي الأول بل شاركت في أكثر من عمل في لبنان وإيران، لكن هذه تجربتها السورية الأولى.
أما الفنان اللبناني يوسف الخال فيؤدي دور عالم الآثار الفرنسي الذي يأتي إلى سورية في تلك الحقبة حين كان النزاع قائماً على النفط، فيعيش أحداثاً عدة من بينها قصة الحب التي تجمعه مع ناديا.
أما الفنان أيمن زيدان فيجسد شخصية أستاذ جعرافيا في منتصف القرن الماضي، ومن خلال شخصيته تتكشف العديد من الوقائع التي كان يعيشها المجتمع السوري في تلك المرحلة، وتقع مصادفة بين يدي الأستاذ أوراق تعرّضه لملاحقة شبكات تجسس عالمية.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024