تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

لمن لا يعرفها: هذه هي إليسا عن قُرب

حين يفتح الضيف قلبه ليُعرّف عن نفسه بنفسه، يفقد المحاوِر صلاحية التعريف عنه ويخفت وهج كلّ المقدّمات والمجاملات. ففي هذا الحوار الودّي سمحت لنا إليسا بالولوج إلى عالمها الداخلي الغنيّ، مُزيلةً الستار عن أفكارها وإيديولوجياتها وأسلوب حياتها كشخصية اجتماعية لا تفصل بين حياتها كفنانة وإنسانة. فكان لنا هذا الحوار الشامل عن الحياة والإنسان والسياسة والمجتمع والثقافة والمجد والفشل والهواجس والأحلام...

 الحياة والإنسان

- عندما يدخل الإنسان مرحلة جديدة من النضج الفكري والنفسي والإجتماعي يقوم عادة بجردة حساب للتدقيق في كلّ ما فعله أو حصل معه خلال  فترة معينة. فهل تقومين عادةً بجردة حساب لحياتك قبل الإنتقال إلى أي مرحلة جديدة؟
عندما أُعيد مشاهدة شريط حياتي لا أجتزئ منه أي مشهد، بمعنى أنني أذكر تفاصيل حياتي منذ بداية إكتمال وعيي الأول وإدراكي لحقيقة أنني كائن موجود في هذه الدنيا. فلا أنسى ولا أتناسى حقيقة حياتي السابقة في كنف عائلة متواضعة يتحمّل مسؤولية إعالتها الأب الموظّف الذي كان يعمل أستاذاً للغة العربية. وأحرص دائماً على الربط بين ذاك الماضي المنقوش نقشاً في ذاكرتي وبين حاضري الذي أعيشه اليوم، بهدف إقامة توازن نفسي يسمح لي بأن أعيش حياتي كإنسانة طبيعية لم تُغيّرها التحولات الجذرية التي طالت ظروف حياتها وعملها. أمّا عن التوقّف عند مراحل معينة للتدقيق بها من خلال إقامة جردة حساب عامّة فهذه عادّة مهمّة طبعاً تسمح للإنسان الإستفادة من خبراته وتحليل تجاربه من كلّ زواياها وخلفياتها، إلاّ أنني لا أقوم بجردة حساب في الشكل الذي تطرحينه لكونني أعيش كلّ يوم بيومه. فأنا من النوع الذي يُراقب عمله وتفاصيل حياته بنفسه وفي شكل يومي، لذلك أراني أتوقّف يومياً عند كلّ جديد يطرأ عليّ وأحاسب نفسي وأسترجع كلّ ما أقوم به لحظة بلحظة. وقد أعتدت ربما على هذا الأسلوب في حياتي لأنني من أنصار مقولة: «لا تؤجّل عمل اليوم إلى الغد».

- هل حصل أن رسمت بعض الخطوط العريضة لمستقبلك البعيد أم أنك لا تستثمرين وقتك الحاضر في التفكير للمستقبل؟
بالتأكيد أفكّر في مستقبلي وأخطّط له لأنّني إنسانة واقعية جداً وأعرف أنّ المستقبل حقبة تنتظرنا لتصبح في وقت من الأوقات حاضرنا. ولا أخفي عليك أنني أفكّر في إنشاء عمل خاص بعيداً عن الفن، والخطوط العريضة لهذا المشروع أصبحت جاهزة في رأسي إلاّ أنني لن أخوض في تفاصيلها في الوقت الراهن.

- في نظرة بانورمية شاملة لحياتك- دون الفصل بين حياتك كفنانة وإنسانة- هل تجدين أنّ لحظات السعادة أكبر أم لحظات الحزن؟
ما أشرت إليه في سؤالك مهم للغاية لأنني بطبعي لا أفصل أبداً بين حياتي كفنانة وإنسانة، فأنا أدرك أنني في النهاية شخص يقوم بعمله وما إن ينتهي منه يعود ليمارس حياته العادية وليتعاطى الشأن العام مثله مثل غيره. وعدم الفصل هنا يؤثّر في تكريس التوازن الفكري النفسي الذي أعطيه الأولوية من أجل الإستمرار في حياة هادئة ومستقيمة. وأنا مصرّة على استرجاع ماضيّ كفتاة بسيطة في كلّ لحظة لكي لا أتغيّر أو أفقد التوازن النفسي ويحصل ذاك الفُصام الذي يصيب كلّ من يضيع بين هويتين متناقضتين... أمّا هذا التوازن فيجعلني أمام حقيقة أنني عشت لحظات سعيدة وأخرى حزينة في عملي وحياتي الشخصية، ولا يمكنني أن أرجّح الكفّة لأحد الإحتمالين لأنني اختبرت السعادة والحزن بنسبة متقاربة.

- عندما لا تبتسم الحياة في وجهك، في أي وجه تنظرين إليها؟
تغيرت نظرتي إلى الحياة 180 درجة منذ فترة ليست بعيدة بحيث ابتعدت عن السلبية بعدما تعلّمت من تجاربي أنّ الحياة لا تضحك لنا إلاّ عندما نقابلها بوجه مبتسم. كما أنّ قراءاتي للكثير من كتب السير الذاتية فضلاً عن كتاب «ذا سيكريتس» الشهير وغيرها علّمتني أن أكون أكثر إيجابية لكونها تُثبت أنّ التفاؤل يجلب الخير، وهذا ما يؤكّده الحديث الشريف أيضاً: «تفاءلوا بالخير تجدوه». وثمّة أشياء لا يمكن أن يصدّقها سوى من يلمسها، ولا أخفي عليك أنني منذ أصبحت شخصاً إيجابياً بدأت أشعر بارتياح أكبر بيني وبين نفسي من جهة، وبتوافق أكبر بيني وبين الحياة من جهة أخرى. وصارت الحياة بدورها أكثر إيجابية معي، حتى أنني أندهش أحياناً كيف أنّ بعض الأمور تأتيتني على طبق من فضّة.

- ماذا تضعين في الدرجة الأولى: الحظ أم التفاني في العمل؟
الحظ أولاً ومن ثم العمل... فالحظ وحده لا يكفي لأنه على الإنسان أن يتحلّى بالذكاء أولاً كي يعرف كيف يقتنص الفرص. ومن جهتي، لعب الحظ الدور الأساسي في حياتي، ومن ثمّ أتى دوري للمحافظة على ما قدّمه لي الحظ، فجهدت واجتهدت وأخلصت في عملي. 

- ما هي حكمتك في الحياة؟
ليس من حكمة معينة أفضّلها على غيرها، وإنما في كلّ ظرف من الظروف أذكر حكمة معينة وأستخدمها وأجد أنّها الأنسب لهذا الظرف. ففي الحديث عن الإيجابية والسلبية مثلاً أرى أنّ حكمتي المفضلّة والملائمة لهذه المسألة «كن جميلاً ترَ الوجود جميلاً». وعندما يحدث ما يشبه «التلاسن الفني» بيني وبين بعض الزملاء تعلّمت ألاّ أردّ وتعلّقت بحكمة الإمام علي بن أبي طالب «وما ناقشت عاقلاً إلاّ وغلبته وما ناقشت جاهلاً إلاّ وغلّبني».

- ما هو منتهى البؤس؟
أكثر ما يشعرني بالبؤس والحزن وقساوة الحياة رؤية إنسان مسنّ رماه أولاده في دار للعجزة غير آبهين بحاله. وفي إحدى المناسبات سألني أحدهم ما إذا كنت أخاف عدم الزواج والإنجاب لأنّ الأولاد هم الضمانة الوحيدة لشيخوخة الإنسان، فأجبت عندها أنّ الأطفال ليسوا الضمانة وإلاّ لما وجدنا مئات وآلاف المسنين الذين يملأون دور العجزة في أوطاننا.

- ما هي السعادة المثلى في الحياة؟
مع الوقت تعلّمت أنّ الصحة هي سرّ السعادة الحقيقية. ومهما حصّل الإنسان في دنياه من مال وجاه وسلطة لا يمكن أن يغنيه أي شيء عن صحته وصحة المقربين منه. لذا أراني أصلّي وأدعو الله دائماً أن ُيديم عليّ صحتي وصحة والدتي ويحفظها لي لأنها بعد رحيل والدي أصبحت تُمثّل بشخصها كلّ عائلتي.

 

- عندما يبلغ المرء في مرحلة مبكرة من حياته قمة المجد والنجومية يصعب عليه التحكّم في نفسه، وقد  يتسلل إليه الغرور دون أن يقصد ذلك. فهل شعرت بذلك مرّة أم أنّ قدميك كانتا ولا تزالان على الأرض؟
لا شكّ أنني في أوقات معينة أشعر بأنني أطير وأحلّق في سماء لا حدود لها وإنما هذا ليس بفعل الغرور بل الإعتزاز، وثمّة فرق كبير بين الغرور والإعتزاز بالنفس. ولكن هناك سبب جعلني قادرة على السيطرة على مشاعر الغرور التي تتسلّل عادة إلى نفوس بعض الذين ينتقلون فجأة من الحياة العاديّة البسيطة إلى حياة الشهرة والنجومية، وهي أنني لم أحظَ بالنجاح والشهرة في سنّ صغيرة تسمح لي أن أقع في فخ الغرور المدمّر. عندما بلغت مرحلة النجومية كنت في الثلاثين من عمري، بمعنى أنني كنت في مرحلة من النضج الفكري الذي ساعدني على فهم ماهية الشهرة التي لا يجب أن تخفي على الإنسان حقيقته وأنّه بعيداً عن المسرح واستوديو التسجيل ليس سوى شخص عادي يتعاطى الشأن العام مثله مثل غيره. وأعتقد أنّ مسألة العمر تلعب دوراً مهماً في هذه المسألة لأنّ هناك الكثير من الشباب المراهقين الذين ينجحون في برامج الهواة ويجدون قاعدة جماهيرية كبيرة ومن ثمّ يخسرون كلّ شيء نتيجة عدم إستيعابهم لمفهوم الشهرة، وبالتالي تعاملهم بتعالٍ وغرور مع الناس الذين يبدأون بالنفور منهم ونسيانهم . فالنجومية في حياة المراهقين ليست سهلة وتحتاج إلى أطباء نفسيين ومتخصصين في هذا المجال حتى لا يقع الشباب المبتدئ في مستنقع يصعب الخروج منه.

- وكيف تتعاملين مع الأقلام التي تصفك بأنك فنانة مغرورة؟
لا يستفزني كلام صادر على لسان أشخاص غير مقرّبين مني ولا يعرفونني كما يجب، وإطلاق الأحكام على أُناس لا نعرفهم ولا نعاشرهم ليس منطقياً أبداً، وما أعرفه أنّ المقربين منّي وكلّ من يعمل معي من أصغر موظّف إلى أكبر موظّف يُؤكّد أنني إنسانة تلقائية ولا أتعامل مع أحد بتعالٍ أو غرور، ومن يريد أن يُطلق أحكامه دون أن يعرفني عن كثب فهذه مشكلته.

- ما الإنطباع الذي تُحبّين أن تتركيه في نفوس من يلقاك؟
لا أفكّر في هذه المسألة ولا أهتم بالإنطباع الذي سأتركه في الغير لأنني أتصرّف على طبيعتي وتلقائيتي ولا يمكن أن أقول سوى ما أشعر به.

 المحور الثاني: إليسا- المرأة

- هل أنت إمرأة شرقية بامتياز؟
أنا إمرأة شرقية في الكثير من جوانب شخصيتي، فأنا لست تلك المرأة التي تثور للخروج من تقاليدها، بل إنني أحترم الطريقة التي تربيت عليها والعادات التي اكتسبتها. كما أنني أفكّر بعقلية المرأة العربية، فعلى سبيل المثال أجدني رغم عملي واستقلاليتي مازلت أقدّر الحياة الأسرية والعائلة وأحبّ أن أرتبط برجل أقوى منّي وصاحب هيبة ووقار. وفي المقابل هناك حقيقة لا يمكن إخفاؤها، وهي أننا نعيش في بلد عربي منفتح على الدول الأوروبية وموقعنا الجغرافي سمح لوطننا بأن يكون نقطة إلتقاء الشرق بالغرب. وطبيعة لبنان ساهمت بأن نتأثّر كلبنانيات بالدول الأوروبية، وخصوصاً من ناحية الشكل الخارجي والموضة وأسلوب الحياة، وإنما في العقلية وطريقة التفكير أجد أنني أعيش في عقل وقلب إمرأة شرقية صرف.

- ما هي الصفة التي تقدّرينها في نفسك كإمرأة أكثر من غيرها؟
لا أستطيع التحدث عن نفسي ولا أعرف أصلاً ما أكثر ما أحبّه أو أكرهه في نفسي أو ما الذي يُميّزني لأنها أمور قد يلتفت إليها المقربون مني أكثر مني شخصياً، ولكن في شكل عام أقول إنني  مقتنعة بنفسي كإمرأة وأحبّ نفسي كما أنا ولكن بعيداً عن مفهوم النرجسية والأنانية.

- هل تنظرين كثيراً إلى المرآة؟
على الإطلاق، ليس لديّ هواية النظر إلى المرآة حتى أنني لا أحمل مرآة صغيرة في حقيبتي رغم أنها عادة طبيعية ومتداولة بين الفتيات والنساء.

- هل تجدين نفسك إمرأة جميلة دائماً حين تنظرين إلى المرآة؟
أجد نفسي إنسانة عادية وإنما متصالحة مع نفسها ومقتنعة بما لديها.

- ما هي فلسفتك في الموضة والجمال؟
 البساطة.

- هل تعتبرين نفسك امرأة سبّاقة في مجال الموضة والأزياء؟
لا ولا أهتم بأن أكون كذلك، ولا أنتقي من الموضة الرائجة سوى ما يليق بي. ولا أهتم لأن أكون أوّل فنانة تلبس هذه القطعة أو تلك، وليس لديّ عقدة «المرأة السبّاقة». وأكثر ما يهمني أن أكون امرأة أنيقة وتعرف كيف تظهر جميلة من خلال ارتداء كل ما يليق بها.

- ما هي الماركة المفضلة لديك؟
كنت في فترة معينة متعلّقة بماركة «دولتشي أند غابانا» العالمية إلاّ أنني أنوّع بين كل الماركات وأختار ما يناسبني منها وأذكر منها «غوتشي» على سبيل المثال لا الحصر.

 

- هل توافقين على أنّ الملابس تعكس شخصية من يرتديها؟
بالتأكيد.

- ولكنك كنجمة معروفة ترتدين من عند أسماء كبيرة في عالم تصميم الأزياء، فهل هذا يعني أنّ ملابسك تعكس شخصيتك أو أذواق مصمميها؟
صحيح أنني أرتدي من تصاميم الآخرين إلاّ أنني أنا المسؤولة الأولى والأخيرة عن اختياري، فالمصمم يقدّم تشكيلة واسعة من الملابس التي تختلف في ما بينها، أمّا المرأة فتختار ما يناسبها وما تجده أقرب إلي شكلها وشخصيتها. وربما هذا لا يحصل مع النجمات العالميات اللواتي يرتدين من اختيار المسؤولين عن ملابسهنّ، الأمر الذي لا يُعتبر متعارفاً عليه بين نجمات الوطن العربي.

- من هي البطلة التي أثّرت فيك وبقيت في مخزونك الأدبي والسينمائي؟
أنا امرأة واقعية بطبعي، لذلك لا أتأثر بالأبطال أو البطلات الذين أتعرّف إليهم من خلال قراءاتي أو مشاهداتي للسينما والتلفزيون.

- هل تتبعين نظاماً غذائياً معيناً؟
نعم أهتم بطريقة أكلي وأحرص على اتباع نظامٍ غذائي للمحافظة على رشاقتي وإنما ليس من أجل إنقاص وزني، ولكن خلال عطلة نهاية الأسبوع حين أخرج مع الأصدقاء والمقربين أتناول كل ما أشتهي من الطعام دون رادع ولأنني أعرف أنني في الأيام الباقية أتّبع نظاماً معيناً ولا أفرط في أكل أي شيء ممّا أحب.

- هل لديك هوس الرياضة كما يحصل عادة مع بعض النجمات العالميات؟
ليس هوساًَ وإنما أحب الرياضة وأمارسها في شكل يومي، ولا أبدأ نهاري من دون التمارين الرياضية لأنها تساهم أولاً في الحفاظ على الجسم الرشيق كما تنشّط خلايا الدماغ وتساعد على تحسين النفسية والمزاج، ولا ننسى أنّ «العقل السليم في الجسم السليم».

- هل تخافين التقدّم في العمر؟
لا أخاف لأنّ العمر برأيي نفسيّة وسنّ الإنسان كما يشعر وليس كما هو مسجّل في بطاقة هويته.

- من هي المرأة الجميلة؟
لا يمكن أن نحصر الجمال بكلمة، فالجمال الخارجي في الأساس نسبي ويختلف تعريفه بين شخص وآخر، ولكن الجمال في معناه الأوسع هو انعكاس الداخل على الخارج. فأنا من الأشخاص الذين تتغيّر نظرتهم إلى الجمال بحسب المستوى الأخلاقي والثقافي للإنسان الذي آراه. وأحببت ما قالته مرّة الإعلامية ماغي فرح حينما سألها أحدهم: «أليست جميلة هذه الفتاة؟» فنظرت إليها ومن ثم قالت كيف لي أن أعرف ولم أكلّمها؟

- من هي المرأة التي ترين فيها صورة المرأة المثالية؟
أحب الملكة رانيا في شكلها وشخصيتها وأعتقد أنها أعطت صورة جميلة عن المرأة العربية أمام العالم كلّه. وقد سعدت بالتعرف إليها شخصياً خصوصاً أنني صادفتها أكثر من مرّة وكان آخرها في الولايات المتحدة الأميركية. 

  السياسة

- كيف تقوّمين نتيجة الإنتخابات النيابية الأخيرة في لبنان؟
أنا راضية عن النتيجة في شكل عام.

- هل مارست حقك الإنتخابي؟
لا، لأن المرشح عن دائرتي لم يكن يمثلني ولم يكن هناك مرشح آخر في وجهه، الأمر الذي جعل من عملية فوزه محسومة. ولو أقنعني المرشح لما تأخرت عن ممارسة حقي الطبيعي في الإنتخابات كمواطنة لبنانية لها موقفها وتطلعاتها السياسية.

- أن يكون المرء حزبياً فهذا يعني أنه لديك آراء معينة تصب في مصلحة المواطن والوطن، إلاّ أنّ الفنان اللبناني يخاف الجهر بميوله السياسية ويعتبر انتماؤه السياسي تهمة. فهل ندمت بعد الإنتقادات التي طالتك لأنك أظهرت هويتك السياسية على الملأ؟
لم أندم إطلاقاً لأنني لا أخجل من الإجهار بحقيقة ما أكنّه في قلبي، خصوصاً أنّّ رأيي السياسي مجرد تعبير شخصي يعود إلى مواطنة لبنانية تحترف مهنة الفن.

 

- هذا يعني أنك سعيدة بفوز الأكثرية في الإنتخابات النيابية؟
نعم لأنّ فوز الخط السياسي الذي أؤيده يعني فوز رؤيتي للبنان.

- من هو «اللبناني» الذي كلّما رأيته تشعرين بالفخر فيه كلبنانية؟
في الوقت الراهن، أشعر كمواطنة لبنانية بالفخر كلّما رأيت وزير الداخلية زياد بارود الي أعتبره رجل الساعة بإمتياز، ورغم المدّة القصيرة التي أمضاها في عمله السياسي منذ تولّيه منصب وزير الداخلية، فإنه حقق ما لم يستطع أن يحققه الكثيرون من رجال السياسة الذين قضوا ردحاً من الزمن في العمل السياسي. وأعتقد أنه كماروني يستحق أن ينتخب في المرحلة المقبلة رئيساً للجمهورية اللبنانية. وأرى أنّ نجاح الإنتخابات التي حصلت في يوم واحد في كل الأقضية وللمرّة الأولى في لبنان ومن دون مشكلات أو أزمات هو بالفعل نقطة تحسب للوزير بارود، هذا الى جانب جهود وزير الدفاع الياس المر في ضبط الأمن. وبعيداً عن السياسة، أفتخر بالمصمم العالمي إيلي صعب الذي استطاع أن «يغزو» العالم بأجمل التصاميم وأرقاها. وأقدّر فيه تواضعه وبساطته رغم كلّ ما وصل إليه من شهرة ونجومية عالمية، وأرى أنه من الأشخاص الذين رفعوا وما زالوا يرفعون اسم لبنان عالياً أينما وجد.

- من هو الزعيم اللبناني الذي أثّر في نفسك؟
الرئيس الراحل كميل شمعون الذي أعتبره من أكثر رجال السياسة تأثيراً في نفسي، لأنه رجل لم يته في لعبة السياسة، بل أحبّ لبنان إلى أن أصبح في عهده «سويسرا الشرق»، إنطلاقاً من توقيعه على نظام السرية المصرفية وصولاً إلى إطلاق «مهرجانات بعلبك» و«كازينو لبنان»... فالرئيس شمعون من القلائل الذين قدّموا إلى لبنان أكثر ممّا أخذوا منه وأنجزوا بالأفعال أكثر ممّا قالوه في الخطابات. وكذلك أحب الرئيس فؤاد شهاب باعتباره رجل المؤسسات والرئيس رياض الصلح صاحب التاريخ الوطني.

- ومن هي الشخصية التاريخية التي تأسرك؟
البابا الراحل يوحنا بولس الثاني لأنه أكثر من دعا إلى السلام وحوار الأديان وهو رمز المحبة والتسامح في هذا العصر. وكذلك أختار الرئيس الأميركي الحالي أوباما (رغم أنّه مازال معاصراً) لأنّه دخل التاريخ من بابه العريض وأثبت أنّ زمن المستحيلات ولّى وعرف كيف يكون بذكائه وشخصيته أن يتجاوز حدود اللون والجذور والأصل. وأتمنى أن يُسمح له بتحقيق مشاريعه وأن يبقى ذاك الرئيس الذي وضعت فيه الكثير من ال شعوب ثقتها.

الحب والزواج

- عندما سئلت شاعرة ملوك الطوائف ولاّدة بنت المستكفي عن سبب تأخرها في الزواج أجابت: «أريد رجلاً فيه جسارة لا تلتبس مع التهور، وفيه اعتداد بالنفس لا يلتبس مع الغرور، وفيه رقة لا تلتبس مع الضعف، وفيه صبر لا يلتبس مع العجز، أريد رجلاً يُمكنني من نفسي وأمكّنه من نفسه، فلا يسمو منّي ولا يسمو عليّ»... فإذا طرحنا على إليسا  السؤال نفسه كيف تجيب؟
أولاً أضم صوتي إلى صوت الشاعرة ولاّدة التي عبّرت في كلمات قليلة عن حلم الإرتباط بالزوج المناسب. فأنا لست من الأشخاص الذين ينظرون إلى الزواج كمساومة أو مشروع لا بدّ منه،  ولا يمكن أن أتزوج إلاّ من الرجل الذي أجد فيه الصفات التي تناسبني ويقنعني فكرياً وعاطفياً.

- وما هي الصفات الرئيسية في زوج إليسا المسقبلي؟
أن يكون مثقفاً حتى يكون هناك توافق فكري بيننا وأن أحترمه ويحترمني ويحبني وأحبه وأن يكون مستقلاً في عمله وصاحب شخصية قوية. أتمنى الإرتباط برجل عصامي، فأنا أقدّر الإنسان الذي يبني نفسه بنفسه لأنه إنسانٌ يُعتمد عليه ويعرف قيمة كل شيء في الحياة.

- وأن يكون من خارج الوسط الفني، أليس كذلك؟
نعم، فلا أحبّذ الإرتباط برجل من داخل الوسط الفني. ولا يمكن أن أقبل أن يتحول زوجي إلى مدير أعمالي أو أن يتدخل في عملي، فأنا أحرص على أن يكون شريكي ناجحاً ومستقلاً في عمله الخاص بعيداً عن الشؤون الفنية.

- ولكن في حوار إذاعي مع النجم وائل كفوري أكدّ أنّ الإرتباط بإليسا يسعده لو حصل في يوم من الأيام؟
وائل صديق مقرّب وعزيز جداً على قلبي لأنه إنسان طيّب وما زال يحتفظ بعادات «إبن الضيعة» الجميلة. وأعتقد أنه ظُلم كثيراً في الآونة الأخيرة خصوصاً من الصحافة التي نقلت عن لسانه كلاماً أدّى إلى كلّ تلك المشاكل بينه وبين الشركة وبالتالي إلى انفصاله عن روتانا.

- سمعنا أنك لعبت دور الوسيط بين روتانا ووائل كفوري لإعادة المياه إلى مجاريها؟
لم ألعب دوراً وإنما حاولت وسأحاول دائماً لأنّ ظروف العمل تتبدّل وتتغير يومياً. وبالنتيجة وائل فنان لبناني وصاحب مشوار طويل وأتمنى أن تتوضح حقيقة الأمور ويعود مجدداً إلى الشركة.

- هل ما زال حلم الأمومة هاجساً في حياة إليسا؟
الأمومة ما زالت حلمي وإنما مع الوقت لم تعد هاجسي لأنّ الحياة قسمة ونصيب، وأنا إنسانة مؤمنة وأشكر الله على كل النعم التي أعطاني إياها وأرضى بما هو مكتوب لي.

- هل من قصة حب جديدة تلوح في الأفق؟
لا، في بعض الأحيان يحصل حالات من الإعجاب وإنما لا تتطوّر لسبب أو لآخر. وحالياً لا أعيش قصة حب.

 

- هل تؤمنين بالتنجيم؟
لا أؤمن إلاّ بما يكتبه الله لنا، ولكن أستمع أحياناً إلى بعض الأبراج أو التوقعات إلاّ أنني لا آخذها على محمل الجدّ.

- ولكن توقعت لك ليلى عبد اللطيف التي استضافها نيشان في حلقته الأولى «على طاولتي» على محطة ال«أم. تي. في» أنك ستتزوجين قريباً جداً؟ ما رأيك؟
 لا أؤمن بما أسمع ولكن أقول بإيجابية «إن شاء الله».-

 يوميات وهوايات

- كيف تمضين وقتك في يوم لا تسجيل فيه ولا تصوير ولا حفلات؟
عملي لا يتطلب مني وقتاً كبيراً أو عملاً يومياً، ففي الكثير من الأحيان لا أكون مشغولة لأنّ تسجيل الألبوم يتطلب شهراً  واحداً في السنة وأسبوعاً واحداً لتصوير الكليب كحد أقصى. وفي لبنان الظروف ليست ملائمة لإقامة حفلات في شكل مستمر، لذلك أجدني أمارس حياتي اليومية كأي إمرأة عادية بمعنى أنني أزور والدتي وألتقي الأصدقاء وأمارس هواياتي كأي شخص آخر.

- ما هو أفضل عمل تقومين به يومياً؟
الرياضة، فأنا لا أمارس الرياضة يومياً لمجرد المحافظة على رشاقتي الجسدية وإنما للتنفيس أيضاً عن ضغوط الحياة المليئة بالصخب والمشاكل وما إلى ذلك، فالرياضة هي غذاء للجسد والروح معاً. ومن يتعلق بالرياضة يعرف قيمتها أكثر من غيره.

- أنت من هواة المطالعة التي زرعها فيك والدك الذي كان يعمل أستاذ لغة عربية، فهل تحولت القراءة إلى عادة يومية بعد أن نمّيتها في السنوات الأخيرة؟
أحب القراءة كثيراً إلاّ أنها ليست عادة يومية ولكنّها عادة أساسية في حياتي ولا أتخلّى عنها أبداً.

- ما هو الكتاب الذي تقرأينه اليوم؟
 Creating a World without Poverty  (خلق عالم بلا فقر) هو عنوان الكتاب الذي أقرأه حالياً لرجل الأعمال الحائز جائزة نوبل للسلام محمد يونس، والذي قرّر في مشروع فردي قام به أن يُساهم في إيجاد عالم جديد خالٍ من الفقر والبطالة والبؤس، فأخذ يُعطي قروضاً للفقراء وخصوصاً السيدات منهم بهدف تمويل مشاريع صغيرة قادرة على تغيير مصير عائلات فقيرة على أن يعملوا ويجتهدوا من أجل تكبير مشاريعهم وتوسيعها.

- ما أكثر كتاب أثّر فيك؟
رواية «الخيميائي» لباولو كويللو لأنها تُعطي رسالة مهمّة تُفيد بأنه لا وجود لكلمة مستحيل في هذه الحياة، وأنّ على الإنسان أن يتبّع أحلامه ويسعى إلي تحقيقها مهما كانت بعيدة.

- ما هي أنواع الكتب المفضلة لديك؟
أحب كتب السير الذاتية، وأحببت كثيراً كتاب سيرة حياة الرئيس أوباما، واحترمت كثيراً شخصية والدته بعدما قرأت عنها وعرفت كيف استطاعت في زمن العنصرية المطلقة والتعصّب المريع أن تتزوج من رجل أسود، متخطية بذلك كل حواجز العرق واللون والأصل. وتعاطفت مع قصة حياة هذا الرجل الذي اصبح اليوم الرئيس التاريخي لأكبر دولة في العالم.

- أنت أيضاً من هواة السفر فما هي الرحلة التي لا يمكن أن تنسيها أبداً؟
رحلتي إلى جزر المالديف التي سحرتني بطبيعتها ومياهها ورمالها، إنها جزيرة خيالية. هي بالفعل جنّة الله على الأرض. 

- وما هي المدينة التي تجذبك أكثر من غيرها؟
أحببت مدينة نيويورك وأشعر منذ فترة بأنني متعلّقة بها، لكونها مدينة تدلّل سيّاحها بمعنى أنها توفر لهم كل ما يريدونه. ففيها أفخم المطاعم والفنادق وأجمل العروض الفنية وأهم أماكن التسوّق والماركات العالمية والمتاحف والمسارح...

- قلت في بداية الحوار أنك تحرصين على استرجاع الماضي للحفاظ على توازنك النفسي والفكري... فهل ذكريات الطفولة أيضاً ما زالت مطبوعة في ذاكرتك؟
طبعاً، ولا يُمكنني أن أمحوها أبداً من ذاكرتي.

- وهل كانت طفولة سعيدة ومدللة أم معذّبة؟
كانت طفولة سعيدة، وما زالت ذكريات المدرسة الداخلية التي عشت فيها سنوات طفولتي محفورة في ذاكرتي لأنها بالفعل أيام جميلة لا تنسى.

 

- ما الدرس الذي تعلمته من المدرسة الداخلية؟
تعلمت فيها معنى الاعتماد على النفس وحسّ المسؤولية.

- وما الدرس الذي اكتسبته من مدرسة الحياة؟
أنّ مصائب الحياة تقوّي الإنسان وتزيده قدرة على مواجهتها بشجاعة وجرأة أكبر،  فبعد وفاة والدي مثلاً خرجت من الأزمة إنسانة أخرى وأكثر قدرة على استيعاب هذه الحياة في كلّ مشاكلها وأحزانها وتناقضاتها. وإذا صمّمنا على فهم رسائل الحياة الكثيرة، فأعتقد أنه بوسعنا تعلّم أشياء جديدة كلّ يوم. وعن تجربة مُعاشة أقول إنني من الأشخاص الذين عرفوا كيف يستفيدون من أخطائهم وبالتالي عملوا على تطوير شخصيتهم. ففي عملي الفني كنت إنفعالية، ويظهر على لساني كل ما في قلبي، إلاّ أنني تعلّمت بعد ذلك أن أسيطر على انفعالاتي وأن أراقب الكلام الذي أقوله. ورغم أنّ الطبع يغلب التطبع، نجحت في بلورة شخصيتي، مع الإشارة إلى أنني لا أحب تغيير طبعي الخاص وإنما تحسينه ودفعه نحو الأفضل.

- هل ما زلت تذكرين حبّك الأول؟
لا ولا حتى الأخير. ففي كل حبّ جديد أعيشه أشعر بأنني أحب للمرّة الأولى. ولست من المقتنعين بمقولة: «وما الحبّ إلا للحبيب الأولِّ».

- هل تذكرين أول انتقاد كتب عنك؟
ثمّة الكثير من الإنتقادات التي طالتني، إلاّ أنّ الإنتقادات التي أثّرت فيّ أكثر من غيرها كانت تلك التي تطال طريقة غنائي، فكتب مراراً أنني أنشّز مثلاً وأخذت ما قيل عني على محمل الجد لأنني كنت أسمع نفسي وأجد أنني أُنشّز فعلاً في بعض الأحيان. فأخذت دروساً مكثفة في الغناء والموسيقى، وطوّرت أدائي وما زلت أحرص على تطويره دائماً لأن العلم في أي مجال كان يبقى كالبحر الذي لا ينضب، ومهما استقينا منه يبقى أمامنا المزيد لتعلّمه.

- هل ما زالت الصداقة تحتل حيّزاً واسعاً في حياتك؟
نعم بالتأكيد ولديّ صديقات من أيام الطفولة أيضاً.

- نعلم أنّ لديك صديقاً مقرّباً يُدعى وديع وذكرت مرّة أنّه من أقرب الأصدقاء إليك... فهل تؤمنين فعلاً بالصداقة بين رجل وامرأة؟
نعم وأحياناً أكثر من صداقة المرأة بالمرأة، لأنّ الصداقة بين اثنين من الجنس نفسه تبقى معرّضة لبعض الحساسيات كالغيرة مثلاً وإن لم تكن مؤذية.

- ما هو أهم لقاء حصل في حياتك؟
ليس هناك لقاء معين بل مجموعة لقاءات مع أشخاص أعرف أنه لو لم أكن فنانة لما كان سيمكنني أن أراهم وجهاً لوجه، مثل الملكة رانيا وبيل كلينتون وبيونسيه وروجيه فيديرير وبريتني سبيرز وغيرهم.

إليسا والفن

- من هم أصدقاؤك من داخل الوسط الفني؟
ليس لدي أصدقاء بالمعنى الدقيق للكلمة وإنما لدي الكثير من المعارف، مع العلم أنّ وائل كفوري هو الأقرب إلى من زملائي الفنانين.

- ظهرت أخيراً في أكثر من مناسبة إلى جانب الفنانة جوليا بطرس، فهل من صداقة تجمعكما؟
صودف أنني التقيت الفنانة جوليا في أكثر من مناسبة، وكنت سعيدة جداً بتعرفي إليها عن كثب لأنها فنانة كبيرة وإنسانة خلوقة ومهذبة إلى أقصى الحدود. ولكن علاقتي بها تدخل ضمن دائرة المعارف وليس الصداقات.

- ما هو الصوت النسائي الذي يقتحم قلبك؟
صوت السيدة فيروز ومن الغرب صوت سيلين ديون.

- أكثر أغنية تحبينها بصوتك؟
أغنية «لو فيّي» لعايدة شلهوب. وقد غنّيتها مرّة في أحد البرامج التلفزيونية فسجلت بصوتي وهي موجودة الآن في الإنترنت واليوتيوب.

- ذكر في إحدى المرّات الفنان الكبير شارل أزنافور أنه عندما يُغنّي على المسرح يحاول ألاّ يراقب إنفعالات الجمهور لكي لا يعرف ما الذي يحبّه الجمهور في أدائه أو يكرهه حتى لا يضطر لتغيير أسلوبه الغنائي خوفاً من أن يفقد تلقائيته. فهل أنت من هذه المدرسة التي تحضّ الفنان على تقديم ما يُريده هو وليس الجمهور؟
 الغناء أساليب ومدراس تختلف في مفاهيمها وقواعدها، وأنا من الفنانات اللواتي يُؤمنّ بأنّ الغناء بإحساس يتطلّب أن يشعر الفنان بحريته في الأداء، لذا أفضّل تقديم أسلوبي الخاص دون الإغفال عن سماع بعض الآراء المهمّة والمواظبة على تمارين الصوت الأساسية وتعلّم الموسيقى وأصول الغناء.

- ما هي الأغنيات التي تسمعينها حالياً؟
أسمع كلّ أغنية جديدة تلفت انتباهي، وفي الآونة الأخيرة أعجبتني أغنيتا «بتوحشيني» لوائل جسّار و«لو حبنا غلطة» لوائل كفوري.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079