جيجو دو الكورية جزيرة الغطّاسات الإناث وراكبي الأمواج والصخور المميزة
كلما واجهتنا ضغوط الحياة وصخبها، نحلم بالرحيل والسفر بعيداً إلى جزيرة نائية لا نرى فيها غير الأشجار والبحيرات وشلالات، ولا نسمع فيها إلا خرير المياه وزقزقة الطيور. وجيجو دو هي تلك الجزيرة الحلم التي نادراً ما تجد مثيلاً لها لما تتمتع من طبيعة خلاّبة ومعالم مميزة وسكان بمنتهى الرقي والحضارة.
تعدّ جزيرة جيجو دو أكبر جزيرة في كوريا، وعاصمتها مدينة جيجو، وهي قبلة السيّاح المفضلة محلياً وعالمياً منذ فترة طويلة، وذلك بفضل شواطئها الجميلة والريف الخصب والفنادق الساحلية المصمّمة خصيصاً للراحة والاسترخاء. وأيضاً بفضل الكهوف والمتاحف والأسواق المميزة والطعام الفاخر فيها.
تشتهر جزيرة جيجو بعجائبها الطبيعية كالشلاّلات والشواطئ الرملية البيضاء والبركان الخامد المتموضع في أعلى جبل في كوريا الجنوبية، في وسط الجزيرة. تقع مدينة جيجو دو على بعد 64 كلم جنوب شبه الجزيرة الكورية، وهي مليئة بالحدائق الرائعة والمميزة.
تتميز جزيرة جيجو بثلاثة عناصر رئيسة، هي: "هانيو"، أي "الغطّاسات الإناث"، والصخور، والريّاح. وكلمة haenyeo تعني "المرأة البحرية"، وتشير إلى الغطّاسات الإناث اللواتي اتّخذن من الغطس والغوص في أعماق البحر مهنةً لهن من أجل اصطياد المأكولات والأعشاب البحرية، وقد اشتهرت هؤلاء النساء بهذه المهنة، لأنّهن يمارسن الغطس من دون استعمال جهاز تنفس اصطناعي.
تنقسم "haenyeo " إلى ثلاث مجموعات وفقاً لتجربتهن (الطبقة العليا والطبقة الوسطى والطبقة الدنيا)، اذ يتعلّمن كيفية التحكّم في التنفس تحت الماء، ويُصنّفن بحسب خبرتهن وجدارتهن.
منذ عام 1970، تحاول الحكومة دعم النساء الغطّاسات من خلال توفير ملابس الغوص ودعم التأمين الطبي، لكن عدد haenyeo يستمر في التناقص عاماً بعد عام.
يمكن أيضاً تقسيم الأدوات التي تستخدمها النساء إلى ثلاث فئات: الأدوات اليدوية (سكين، مجرفة صغيرة، والمنجل)، ومعدّات الجمع (شبكة صيد السمك، العوامة)، وثياب الغوص. عند الغوص، تطلق haenyeo صوتاً غريباً، sumbi-sori، وهي تقنية فريدة للتنفّس وعلامة على الاعتراف بوجود بعضنا البعض.
في عام 2016، أدرجت اليونسكو نساء "الهانيو" كإرث ثقافي لم يكن يُقدَّر بثمن من قبل، لمساهمتها في النهوض بوضع المرأة في المجتمع، وتعزيز الاستدامة البيئية من خلال أساليب الصيد الصديقة للبيئة، ومشاركتها في إدارة ممارسات الصيد.
استفاد شعب جيجو من الصخور المميزة الموجودة لديهم، وصنعوا منها الجدران التي سدّت الرياح القوية، Dolharubang، كما عملوا من حجر البازلت تماثيل واعتبروها رمزاً لجزيرة جيجو. أما الرياح المشهورة لديهم فقط استغلّوها في ركوب الأمواج، وباتت هذه الرياضة من أشهر الرياضات لديهم، ويُشكّل راكبو الأمواج مشهداً شائعاً جداً في جيجو دو.
تفيض جيجو بالطعام الرائع والمواقع الجميلة مثل شاطئَي Hamdeok و Soesokkak Estuary وشلالات Jeongbang. وقد تم تأكيد جزيرة جيجو جيوبارك كعضو في شبكة جيوباركس العالمية في 4 تشرين الأول/أكتوبر 2010. جيوبارك هي "منطقة تشمل موقعاً واحداً أو أكثر من المواقع ذات الأهمية العلمية، ليس فقط لأسباب جيولوجية، ولكن أيضاً بسبب موقعها الأثري والبيئي والثقافي". وفقاً لبرنامج اليونسكو للجيولوجي، يهدف برنامج جيوباركس الدولي (GGN) إلى تعزيز قيمة المواقع التي تمثّل اهتماماً بعلوم الأرض، وفي الوقت نفسه توفير فرص العمل وتعزيز التنمية الاقتصادية الإقليمية. يعمل برنامج اليونسكو للجيولوجي بالتعاون مع اليونسكو للتراث العالمي.
على الرغم من أن الفيروس الجديد الآتي من الصين قد قلّل من زيارات الناس، إلا أن الربيع في جزيرة جيجو المليئة بالأزهار يرحب بالسيّاح.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024