تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

عبد الحسين عبد الرضا: أقرؤا مذكراتي بعد موتي...

عبد الحسين عبد الرضا: أقرؤا مذكراتي بعد موتي...

عبد الحسين عبد الرضا النجم الكبير، صاحب المشوار الفني  الحافل بالنجاح والأعمال المضيئة، يفضل الحضور على الغياب، ولو بعمل واحد كل عام من أجل جمهوره العريض الذي ينتظر جديده  على أحر من الجمر. ولهذا لا يحب أن يغيب عن جمهوره العربي في شهر رمضان تحديدا حيث أعلى مشاهدة على الفضائيات خصوصا بعد تألقه في مسلسل «التنديل» رمضان الفائت.
ويطل عبد الرضا في  رمضان المقبل بعملين احدهما  تلفزيوني بعنوان «الحب الكبير» مع كوكبة من النجوم، والآخر سيكون إذاعياً ويجتمع مع زميلة دربه سعاد عبدالله بعد غياب سنوات عن لقائهما فنياً معاً، وسط كثرة مشاغله وارتباطاته... معه كان هذا اللقاء السريع.

- ما حكاية عملك الرمضاني الجديد «الحب الكبير» وما الذي أغراك لتقديمه؟
في الحقيقة هذا العمل كان حبيس الدرج لعدة أعوام. كنت أرغب في تقديم عمل تراثي هذا العام  لكنني واجهت عراقيل وصعوبات، علاوة على ذلك جو الكويت صعب وقائظَ الحرارة  لا يساعد تماماً على التصوير الخارجي، إضافة إلى انني  لم أرغب في أن أعيد مأساتي مرة أخرى كما حصل في عملي الأخير «التنديل». لذلك قررت هذا العام أن أقدم عملاً درامياً معاصراً يواكب الأحداث الأخيرة  التي مرت بها الكويت، وأبرزها دخول المرأة البرلمان، وهذا بحد ذاته انتصار. وايضا سأناقش قضايا اجتماعية ساخنة وساخرة في طرحها ومعالجتها دراميا.

- هل تجد صعوبة في تقديم الأعمال التراثية في الكويت؟
نعم لأن الكويت تفتقد المواقع التراثية  والفرجان (الأزقة) القديمة ولأنه ليس لدينا مدينة تراثية  أحياناً اضطر لتأجيل تقديم عمل بأكمله. وأنا بطبعي لا أحب أن أصور خارج الكويت لأنني أشعر بأن الوضع والأجواء تختلف، رغم ان بعض الزملاء صوروا خارج الكويت أعمالهم التراثية لكن تشعر بأنها ليست أجواء كويتية مئة في المئة، وهذا الشيء أيضاً يشعر به المشاهد فأنا حريص جداً على أن أنقل صورة كويتية حقيقية بعيدا عن التزييف خاصة أني عشت هذه المرحلة وأعرف  كل تفاصيلها الجميلة من (فرجانها) وبيوتها ودكاكينها وأسواقها... كل تلك الصور وأكثر مطبوعة في ذاكرتي بشكل جيد، لذلك لا اقتنع بما يقدم بعيدا عن هذه الأجواء. ولا أخفي عليك أنه كان  بين يدي نص تراثي طالبت المسؤولين في تلفزيون الكويت  بتوفير أستديو كبير لكي أبني فيه مواقع تصوير، لكنهم  لم يوفروا لي مطالبي. وأنا لا أحب أن أغامر بصحتي ووقتي  واعصابي وأقع ضحية لجو الكويت اللهاب.

- نلاحظ اتجاه الكثير من الكتّاب لتقديم أعمال تراثية هروبا من تكرار الأعمال الدرامية المعاصرة؟
لا أؤيد كثرة الأعمال التراثية والتي زادت بشكل كبير في الفترة الأخيرة، فنحن من خلال التراث قلنا الكثير وتكلمنا على الغوص والبحر والسفر والتجارة وتحمل الأسرة شظف العيش ومعاناة المرأة وغيرها.
مشكلتنا في الأعمال التراثية ان نتعامل معها كقوالب قديمة بينما أرى انه  لا بد ان نمرر من خلالها  بعض الإسقاطات السياسية المعاصرة لكي تواكب أحداثنا والا تصبح مغردة خارج السرب. ما فائدة أن تنقل الواقع الماضي بصورته  كما هو؟ فنحن هنا  لم نأتِ  بشيء جديد.
أعود للقول انني مع تقديم أعمال تراثية بروح جديدة، فالناس يهمهم كثيراً أن يشاهدوا أنفسهم أي ان تتكلم على مشاكلهم وهمومهم ولو قدمت بصورة تراثية، فالناس يتعايشون معك من خلال ما تقدمه من مواضيع تلامس أحاسيسهم وحياتهم اليومية، فإذا لم تدمج الماضي  بالحاضر و تنتقد أشياء سلبية في المجتمع  وتضع يدك على مكامن الجرح فلن تفيد الناس ولن تحصد نجاحاً ولا تستحوذ على اهتمامهم وسيظهرالعمل بشكل متواضع.

- بعض الأعمال التلفزيونية شوّهت صورة المجتمع الخليجي وأهله من خلال ما طرحته  من مشاهد  ساخنة وجريئة؟
كل عمل يقدم له وضعه الخاص، فهناك أعمال «الفارْس» التي لا تحتوى على رسالة بل  تقدم كوميديا من أجل الضحك، وهذه النوعية من  الأعمال أحياناً مطلوبة بكثرة من أجل الترفيه والتخفيف من أعباء الحياة اليومية  على المشاهد  لتذهب به بعيداً عن ضغوط الحياة ومشاكلها وهمومها. أعمال لا تشغل فكره وعقله بل تعمل على راحته وانعاش قلبه بالضحك المتواصل والتسلية البريئة. والدليل  على سر التوجه  ان أعمالنا التي قدمناها  بالأبيض والأسود أيام الزمن الجميل مازالت مطلوبة بإلحاح من الجمهور هذه الأيام وتعيش بيننا لأنها خفيفة على الهضم.

- مازلت  من المشاركين في هجر خشبة المسرح، فهل مات المسرح الكويتي؟
المسرح الكويتي لم يمت لكنه بشكل عام تراجع، وهذا الكلام لاينطبق على  الكويت وحدها بل على الوطن العربي ككل. كذلك القنوات الفضائية أكلت الأخضر واليابس، فاليوم لدينا أكثر من 1500 قناة ومن الصعب جداً أمام تنوعها أن تغري الرجل وأسرته للخروج  من بيته ومكان راحته ورفاهيته  لحضور مسرحية، خاصة أن  مسارحنا تعبانة وقديمة  تفتقد الكثير من الاهتمام والرعاية المسرحية، فصالاتنا فقيرة جداً ولا يوجد فيها ابداع أو تقنية فنية لذلك تراجع الجمهور عن الحضور بشكل كبير، وحتى نستعيده لابد من وجود صالات عرض فاخرة تليق بالجمهور وتواكب التقنيات الحديثة وإدخال السينما والصورة ضمن السينوغرافيا في العروض المسرحية، وكذلك الاستعانة  بالإبهار والخدع  قدر الامكان كما هو الحال في مسارح لندن التي  تحتفظ بالمتلقي و تثير فيك الخيال والمتعة والسحر.

- وهل يصعب علينا تحقيق هذا الشيء اليوم؟
نعم لأن مسارحنا يتيمة  والحكومة سبب يتمها  ولم تدر لها بالاً ولم تكن ضمن اهتماماتها أو مشاريعها الحيوية يوماً. وعموماً الحكومة أهملت الكثير من المجالات والقطاعات المهمة  طويلا واتضح الأثر والخلل  خلال السنوات الاخيرة  ومن أهمها  المسرح.

- كنت من ضحايا المسرح السياسي؟
نعم كلامك صحيح، فنحن نعاني من إهمال كبير في كلا المسرحين الاستعراضي والسياسي، ووجدت نفسي في النهاية كمن لديه بضاعة لكن ليس لديه صالة تعرض بضاعته فأحرقها.

- معظم الفنانين أصبحوا منتجين بين يوم وليلة، ما رأيك في هذه الظاهرة؟
أجدها  ظاهرة صحية ما دام هناك طلب  واقبال كبيران من القنوات الفضائية لتقديم هذه الأعمال الفنية على شاشاتها. وأنا مؤمن كثيراً بمبدأ (هذا الميدان يا حميدان)، والجيد يفرض نفسه وفي النهاية لايصح الا الصحيح.

- صار صعباً على كبار النجوم تقديم أكثر من عمل خاصة بعد ما أصبحوا منتجين؟
هذه سنّة الحياة، وهؤلاء نجوم لهم ثقلهم ووزنهم وتاريخهم  ولهم الحق بأن يصبحوا منتجين لأن كل واحد منهم الآن يقود مجموعته من الفنانين لكي يقدموا وجوها جديدة  ويفسحوا المجال لإعطاء فرص كبيرة للشباب. وكل نجم يعمل حسب ظروفه ويتواصل مع الجمهور حسب الفرص التي أمامه، وأنا أقدم هذا العام إضافة الى «الحب الكبير» التلفزيوني  عملاً إذاعياً بعنوان (راعي الديوانية) مع زميلتي سعاد عبدالله والعمل جميل ومميز وسيذاع على إذاعة دولة الكويت  في رمضان، هكذا حكمت الظروف ان نجتمع بعد غيبة طويلة لنقدم للمستمعين في كل مكان عملاً مشتركاً ويحسب لنا معا اننا نحضر تلفزيونياً واذاعياً في عام واحد.

- مجلس الأمة لدينا  حارب بشدة الفنانين الذين يقدمون أدواراً نسائية؟
مجلس الأمة ما عنده سالفة، «شنو هالخرابيط»  تركوا أهم القضايا التي تشغل الشارع الكويتي وتشكّل هموم الناس ومصالحهم المعطلة بسبب الصراع والخلاف الدائم في ما بينهم وبين الحكومة ليبحثوا في ماذا يقدم الفنانون؟
ماذا يقولون عن الراحل المبدع النمش (أم عليوي) الذي أمتعهم جميعاً بأدواره و كان يقدم دور المرأة أفضل من المرأة نفسها، فأنا أعتبر اطروحات من هذا النوع في البرلمان تدخلات سخيفة جدا للأسف.

- متى نقرأ مذكرات عبد الحسين عبد الرضا؟
إذا مت ستقرأونها  بعد وفاتي وأعدكم بأنها ستحمل لكم  العديد من المفاجآت الساخرة والساخنة أيضاً.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079