أن تكوني امرأة عربية
ثمّة خيط رفيع يُمسك بمصائر ملايين النساء العربيات، بغضّ النظر عن جنسياتهنّ، وأوضاعهنّ التعليمية والاقتصادية والمهنية، والظروف التي تحكم حياتهنّ. إن سَكَنّ قصراً أو كوخاً في حقل بعيد، أو كنّ على رأس مؤسّسة، أو خلف قطيع غنم، ثمّة خيط يوحّد بين مصائرهنّ المختلفة وتجاربهنّ الحياتية الفريدة. خيط يشبه قصيدة ملحمية، تبدأ بولادة المرأة، وتنتهي بموتها، وما بينهما من فصول مضحكة ومؤلمة في وقت واحد. في الولادة، يقولون «إن بشارة الصبيّ، غير بشارة البنت». في إشارة الى الفرحة التي تعمّ العائلة مع مجيء مولود ذكر. وفي الموت، يأمرون بمراسم بسيطة ومتواضعة لدفن المرأة، أيّ امرأة، مهما بلغ تأثيرها في عائلتها ومجتمعها، مقارنة بالهيبة التي ترافق رحيل رجل العائلة. أستحضر صورة من ذاكرتي من دفن المحامية والحقوقية اللبنانية لور مغيزل التي يعود لها الفضل في تغيير قوانين عدّة مجحفة بحقّ المرأة في لبنان، مثل حرية التنقّل من دون إذن وليّ الأمر، وتوحيد سنّ نهاية الخدمة للرجال والنساء، والاعتراف بأهلية المرأة المتزوجة لممارسة التجارة من دون إذن زوجها، وإبرام عقود التأمين على الحياة وغيرها. في دفن لور مغيزل، لم يجتمع لبنان حول نعشها تقديراً لإنجازاتها القانونية. إجتمعت بعض النسوة بلا دموع، حملن النعش بصمت، وذهبن به الى المثوى الأخير.
تقول صديقة: «مهما أنجزتِ، وأينما بلغتِ، تظلّين في هذا المجتمع الذكوري امرأة»… قولٌ فيه الكثير من الحقيقة، لكنه لن يُثنينا عن المثابرة والإنجاز والسعي الى تحقيق الذات، بغضّ النظر عن البدايات والخواتيم.
نسائم
يسرق الوقت حبّنا،
يتسلّل إليه،
يحمله ويهرب،
يطويه في ظلمته،
يقضم أغصانه الطريّة،
ينهش في أوراقه النديّة،
وكحبّة رمل يرميه
في هواء معتلّ، لا يستكين.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024