الفنان الكويتي جاسم النبهان
يعتبر جاسم النبهان من أهم رموز الحركة الفنية في الكويت والخليج، واستطاع خلال مشواره الفني أن يقدم أدواراً مميزة على الشاشة والمسرح معا لا تزال محفورة في ذاكرة المشاهد... عاشق مخلص للمسرح الجاد وحاصد متفوق للجوائز فيه. يملك الحضور الفني والرؤية الثاقبة لاختيار أجمل الأعمال وأهم التجارب.
-لماذا قلّت مشاركاتك الفنية في الفترة الأخيرة؟
لأنني أبحث عن دور يضيف إلى مشواري ويظهرني بصورة مميزة لدى المشاهد. وهناك أعمال فنية كثيرة اعتذرت عنها لأنني لم أجد نفسي فيها لمعرفتي المسبقة بأنها لن تضيف إلي شيئاً فمعظمها أدوار مكررة ومتشابهة.
-لكن البعض يحاول أن يدس أسمك في أعماله ولا نراك فيها حقيقة؟
مع الأسف الشديد بعض المنتجين يضعون اسمي عمداً ضمن فريق العمل معهم عند اتفاقهم مع المحطات الفضائية على القيام بأعمال منتج منفذ. وبعد ان يحققوا هدفهم ويبدأوا العمل بالفعل يزال اسمي ويبدَل باسم فنان آخر. وبصراحة هذا التصرف يشعرني بالاستغلال والضيق، فالبعض يضع اسمي بثقة دون العودة إلي أو إخباري بعمله، وهذا أمر مكشوف لأن معظم الأعمال التلفزيونية تصور في موسم معين وفي التوقيت نفسه.
-لماذا زعلت كثيراً بعد مشاركتك في الفيلم السينمائي الكويتي «كيوت» للمؤلف حمد بدر؟
نعم زعلت لانهم ظلموني في العمل رغم انني شاركت في الفيلم من أجل أن أقول ان الرياضة كانت لدينا رائدة عكس المستوى الذي نعيشه اليوم من تردي الحال في كثير من الأوجه وكل المجالات. وأتمنى أن تعود الحياة الابداعية الى سابق عهدها ويزدهر الحال من جديد في كل المجالات والقطاعات، فالكويت رائدة في منطقة الخليج.
-هناك اتهام موجه الى لجان التحكيم في المهرجانات المسرحية المحلية والخليجية بأنها تعتمد على الواسطة في اختيار الفائزين؟
لا أستطيع أن أجزم بهذا الاتهام لاختلاف وجهات النظر في هذا الأمر، خاصة أن لجنة التحكيم قائمة على عدد من الأعضاء ولكل شخص رأيه رغم وجود العواطف والتعاطف على حساب الموضوعية. لكنني أستبعد وجود تدخل في تقويم الآخرين، وأتمنى أننا حين نجتمع في مهرجان مسرحي أن نحتفل بالاحتفالية بحد ذاتها ويكون الكل في سعادة ويعيش الفرح، وليس الهدف الأساسي من لقائنا أو تجمعنا التنافس من أجل الفوز بالجوائز، ولو كان الأمر بيدي لمنحت الكل جوائز ومكافأة مالية من أجل الدعم والتحفيز على مواصلة الابداع، لكننا مع الأسف نعيش في حالة من التخبط لعدم وجود التخصص في ما نقدمه من قضايا ومواضيع.-سألت في أحد تصريحاتك ماذا قدمت حياة الفهد للكويت لكي تمنح جائزة الدولة التقديرية. ألا تخشى أن تخسر حياة الفهد كإنسانة وكمنتجة؟
أنا لا أخسر أحداً لأن المسألة مسألة مبدأ. وبرأيي الشخصي ان الأعمال الدرامية التي عرضت أخيراً ليس فيها ابداع. والفنان يكرَّم لأنه مبدع في عمله، ولهذا فمن حقي ان أتساءل عن المعيار أو على أي أساس يتم التكريم، كذلك لا يعقل تكريم الشخص مرتين أو ثلاثاً في العام الواحد او بشكل متواصل في مناسبات مختلفة! لدينا نجوم يستحقون هذا التكريم الا انهم يقابلون بالتجاهل، فعلى سبيل المثال الفنان القدير محمد المنيع يعاني الكثير خاصة من أبناء جيله، ودائما يصادفني في المسجد ويسألني بطيبة وبراءة «للحين تمثل؟». كذلك أحمد الخطيب رجل شارك في وضع الدستور ولا أحد يلتفت اليه بأي نوع من التكريم، وهو من جيل تعب كثيراً من أجلنا حتى وصلنا إلى برّ الديمقراطية وهو عملة نادرة في حسابات الشعوب. ولهذا اعود لاقول وأكرر انه ليس عندي عداء لأحد لكنني أتحدث واطالب وأنتقد من حيث المبدأ ومن باب العدل والانصاف لأشخاص شكّلوا الذاكرة الكويتية وليس من منطلق شخصي، كما انني أكره الفنان الذي ينشر غسيلي أو يعريني أمام الآخرين مهما كانت الأسباب. وأكرر من جديد: ليس بيني وبين حياة الفهد عداء أو كراهية لكنني زعلان منها.
-هل هناك فنانات يستحققن جائزة الدولة؟
نعم وبجدارة مثل الرائدات اللواتي قمن بأول خطوة في عالم الفن وتقدمن رغم معارضة الأهل ونظرة المجتمع،أمثال مريم الصالح والراحلتين مريم الغضبان وطيبة الفرج. وصدقوني لولا مبادرة الصالح والغضبان والفرج لما تشجعت أخريات وظهر هذا العدد الحالي من الفنانات في الكويت، فمريم الصالح من مؤسسات المسرح.
-كل هذه النزاعات من أجل جائزة؟
المسألة ليست مسألة جائزة لأن كل إنسان مثابر ومجتهد يستحق هذه الجائزة، لكنني أرى ان الجائزة الكبرى هي ان نلتحم مع بعضنا ونكون على قلب واحد. فأنا أتبع سياسة عدم الغرور وأكره النظرة الفوقية لكي أثبت للجميع أن الفنان الكويتي مثقف ومحترم ويعمل بروح الفريق الواحد المتماسك.
-ألاحظ أنك تتكلم بحرقة وكأنك مظلوم ومحبط؟
مع الأسف ليس لدينا قانون ينظم عملنا، ولا رقيب على انتاجنا... عندما أتقدم باسم المسرح الشعبي الى إحدى القنوات من أجل الحصول على منتج منفذ يعرقلون المعاملة، في حين نجد ان هناك منتجين يتم تنفيذ ما يريدونه بسرعة. لا أعرف من وراء ذلك. عموماً بطبعي أحب العمل الجماعي ودائماً أكون في خدمة أخواني وأصدقائي في الوسط دون أن أتردد في المشاركة في أعمالهم. لكن الذي يحز في النفس أنك خدمت في بلدك كل هذه السنوات وفي الخارج يتم تكريمك وتقديرك ويحتفون بتجربتك بينما في بلدك لا حس ولا خبر.
-ابنتك حصة هل تتوقع لها مستقبلاً فنياً وهل تدعمها في أعمالك؟
أتمنى لها مستقبلاً فنياً واعداً خاصة أنها لا تزال طالبة في المعهد العالي للفنون المسرحية والفرص أمامها كثيرة، وأحرص على أن أعطيها حريتها في اختيار أعمالها بنفسها مع أخذ رأيي في كل شيء.
-ألا تخشى من شوائب الوسط على ابنتك؟
بناتنا درسن أيام الخمسينات والستينات في مصر وبيروت ولندن وأميركا ورجعن الى البلاد، والآن هن سيدات المجتمع الكويتي في مختلف مجالات الدولة. وأنا أرى في منعها من التمثيل منطقاً متخلفاً مع احترامي لمن ينظر بهذا المنظور، فالمعهد العالي للموسيقى والمعهد العالي للفنون المسرحية هما الدعامتان الأساسيتان لوجود فنان واعٍ في مشهد ثقافي فني.
-هل ترى ان الجو صحي لدعم هذه المواهب الشابة؟
طبعاً الجو العام صحي، خصوصاً إذا أراد الشخص أن يطور أدواته وموهبته. وأشدد على ان الفنان لابد أن يكون مثقفاً وقارئاً ومتطوراً وواعياً لشؤون مجتمعه لكي يقدم أفضل ما لديه.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024