الإعلامية والناشطة الاجتماعية غادة الشاطبي: الإعلامية العربية تنحت في الصخر لتضع بصمتها في خدمة المرأة العربية
تتمتع بشخصية مميزة، تعمل بجد واجتهاد، وتسعى لخدمة المجتمع والوطن بكل ما تملك من مشاعر وأحاسيس وقدرة على العطاء. تمتلك قلباً كبيراً يحمل حبّاً للأطفال بصورة خاصة. الإعلامية والناشطة الاجتماعية غادة الشاطبي عملت في أكثر من قناة إعلامية، وناقشت في برامج عدة ثقافية واجتماعية، وكان جلّ اهتمامها المشاكل المجتمعية، وانخرطت في العمل التطوعي بقلبها الكبير وتفانيها في العمل ومساعدة الآخرين. تقوم بالمبادرات المجتمعية والخيرية لترسم البسمة على وجوه الأيتام في كل مكان."لها" دُعيت لإحدى المبادرات التي أطلقتها للاحتفال بمجموعة كبيرة من أبنائها الأيتام بحضور نخبة من الإعلاميين والإعلاميات ومشاهير وسائل التواصل الاجتماعي ورجال وسيدات المجتمع السعودي، وكان هذا الحوار.
- من هي غادة الشاطبي؟
غادة الشاطبي فتاة بسيطة تحاول أن تكون متفاعلة مع المجتمع بكل ما تملك من قدرة على العطاء، وتختزن في داخلها طاقة كبيرة من الحب للآخرين، والأعمال التطوعية التي تقوم بها علّمتها معنى الانتماء الى المجتمع، ومنحها العائد المعنوي سلاماً داخلياً وسط زحمة الحياة ومشاكل العمل.
- أيهما بدأ أولاً: العمل التطوعي أم الإعلامي؟
العمل التطوعي سبق العمل الإعلامي، وكان البوابة التي دخلت منها الى الإعلام، حين حللتُ ضيفةً للمرة الأولى في برنامج "سيدتي" الذي يُقدّم على قناة "روتانا خليجية"، ومن خلال ظهوري على الشاشة، اقترح عليّ مُعدّ البرنامج أن أنضم إليهم، حيث أُعجبَ بشخصيتي التي تحمل كاريزما محبّبة على الشاشة، في وقت كانت في القناة بحاجة الى مراسلة ثقافية.
- من شجّعك على العمل في الإعلام؟
والدي أطال الله في عمره كان دائماً يشجّعني على خوض التجربة الإعلامية، فدخلتُ "روتانا" من خلال برنامج "سيدتي"، ومن ثم برنامج "ساعة شباب"، وأُضيفت برامج عدة وتقارير "ET بالعربي" على قناة MBC4، وتولّيت مهمّة الإعداد في قناة "الدانة"، وقدّمت برنامجَي "خواطر صبايا" و"ليالي رمضان".
- لماذا أحببت العمل التطوعي؟
لأنه فتح لي آفاقاً واسعة، ومردوده أكبر بكثير مما يتوقع الشباب اليوم، والذي يبحث عن العائد المادي فقط، فالعمل التطوعي فتح لي أبواباً ونوافذ لا حصر لها، وأتاح لي التعرّف إلى أناس لم أتوقع يوماً أنني سألتقي بهم في الحياة العادية، كما أكسبني ثقافة جميلة ورائعة.
- إلى أي حدّ خدمك العمل التطوعي؟
العمل التطوعي فتح المجالات أمامي واسعة، واستغللت وجودي في الإعلام لدعم العمل التطوعي نظراً للعلاقات العامة التي استفدت منها، واستطعت من خلال الإعلام إطلاق المزيد من المبادرات.
- ما الهدف من المبادرة التي أطلقتِها لرعاية 40 يتيماً في هذا التوقيت؟
لن أقول إنني أطلقت هذه المبادرة من أجل اليوم العالمي لليتيم فقط، بل من أجل الشوق لأولادي والذين بلغ عددهم أربعين طفلاً ويافعاً احتضنتهم منذ أكثر من خمس سنوات، مع تنوع جمعياتهم المسجلة في وزارة العمل والشؤون الاجتماعية. وبحكم عملي مع جمعيات خيرية، تعرفت على مجموعة ألتقيها باستمرار، لأرسم البسمة على وجوههم، وأسعى لدمجهم بالمجتمع، وتسليط الضوء على أهمية العمل التطوعي في إثراء المجتمع بثقافة العطاء وحب الخير.
- أي شعور ينتابك حين تلتقين بهؤلاء الأيتام؟
ينتابني شعور من الصعب ترجمته إلى أي لغة في العالم، وكل من يراني يقول: "يا حظّهم بك"، فأردّ: "يا حظي بهم ومعهم"... وأنا فعلاً محظوظة لأنهم وُجدوا في طريقي.
- ما أهمية العمل التطوعي للمجتمع؟
العمل التطوعي يقوّي روابط المجتمع، ويساعد على تنميته اقتصادياً، ويجعله متماسكاً بكل فئاته، ويمحو السواد الموجود في الذات الإنسانية، ويجعل المتطوع يدرك النِّعم التي وهبه إيّاها الخالق.
- بين الإعلام والعمل التطوعي، كيف تتنقل تلك النحلة بالرحيق؟
أتنقل بالمحبة، حاملةً معي الرحيق الذي أستسيغه وأجده في العمل التطوعي، لذلك استغللت عملي في الإعلام وسخّرته في خدمة العمل التطوعي، ذلك رغم الصدفة التي أدخلتني إلى كواليس الإعلام، وعرفتني على أشخاص كثر أفادوني في عملي التطوعي.
- كيف اجتازت غادة التحديات التي واجهتها؟
على الصعيد المهني، تحديت ذاتي في المجال الإعلامي، فقبل دخولي عالم الإعلام، كنت متحفظةً في محيطي المجتمعي، وبعيدة عن الاختلاط، لذا حين خطوت الخطوة الأولى في مسيرتي الإعلامية، كانت الطريق مليئة بالتحديات، وكان من الصعب إمساك العصا من الوسط، في ما يتعلق بكيفية الحفاظ على التزامي الديني وعلى شخصيتي وتقاليد عائلتي، وكيفية تحقيق النجاح في المجال الإعلامي لأضع بصمتي، وربما كانت هناك فرص كبيرة لأصل إلى نقطة معينة من الشهرة، لكن حجابي والتزامي الديني أهم بكثير من الشهرة والأضواء.
أما على الصعيد الشخصي، فأتمسك دائماً بشعار "لا يأس مع الحياة" مهما مررت بمطبات وصعوبات. ومهما تعرضت لمواقف مؤلمة، فهي تضعفني في وقتها، لكنها تصبح سبباّ في قوّتي. حين مرض والداي، شعرت أن الحياة تنهار بلحظة من حولي، لكنني نفضت الوجع عني لأبقى قوية أمام الحدث.
- أُصيبت والدتك بسرطان الثدي، ألم تنتبه لمرضها؟
نجحت والدتي في التعايش مع السرطان، لكن جبروتها أمام مرض الوالد جعلتها تصبر وتلتزم الصمت كي لا تضع العائلة في أزمة كبيرة، وكلما أتذكّرُ مرضها، أقول في قرارة نفسي: "يا لجبروت المرأة وقسوتها على نفسها لتبقى عائلتها متماسكة".
- بين الأمس واليوم، كيف تقرأ غادة دور الإعلامية في المجتمع السعودي؟
مع رؤية 2030، أصبح دور المرأة السعودية أقوى وأوسع في كل المجالات، وأثبتت جدارتها في كل ميادين العمل، فهي مثقفة، واعية، ملتزمة، مبتكرة ومبدعة، وجديرة بأي منصب وصلت إليه، لأنها تفكر خارج الصندوق وقادرة على إنجاز عدد من المهام في وقت واحد، على عكس الرجل الذي يسير على روتين معين وثابت.
- أين ترين المرأة السعودية في 2030؟
أراها في مناصب قيادية أعلى بكثير مما هي عليه اليوم، فمثلما رأيناها وزيرة للرياضة، أتوقع أن تصبح وزيرة للتربية والتعليم، وهي تستحق ذلك، لأن المرأة هي المربية الحقيقية لجيل المستقبل.
- بين الواقع والمأمول، هل استطاعت المرأة الإعلامية العربية أن تحقق للمرأة العربية شيئاً من حقوقها؟
لا يزال دور المرأة الإعلامية محصوراً في العالم العربي، وما يزيد الطين بلّة أن التركيز يكون على المظهر الخارجي للمرأة أكثر من المضمون، وإذا لم يكن هناك مضمون، تخترعه القناة حسب مزاجها، وهذا يُعدّ أكبر إساءة الى المرأة العربية، ولا تزال المرأة العربية الإعلامية الجديرة تكافح وتنحت في الصخر لتضع بصمتها في خدمة المرأة العربية لتحقيق ما تصبو إليه ولو بنسبة 40%.
- في الوسط الإعلامي، تتعرض الإعلامية لمواقف صعبة، فماذا عنكِ؟
أنا لم أتعرّض لمواقف صعبة، وإنما تعرضت لخيارات صعبة، كأن أتخلّى عن الحجاب من أجل تسلّم بعض البرامج على الشاشة الزرقاء، فهذا أحد الخيارات التي لم أقتنع بها، مع احترامي الشديد للأخريات، لأن الحجاب لم ولن يقيّم الإعلامية المخضرمة والمثقفة والمتمكنة من أدواتها.
- كيف تشكّل لديك هذا المخزون الثقافي؟
مخزوني الثقافي هو نتيجة التجارب الكثيرة، والقراءات المتنوعة التي سعيت من خلالها الى تثقيف نفسي، في الحوار والمناقشة، وكانت قراءاتي ترتكز على الرواية، وأستفيد من كل شخص أجلس معه ويكون أقل مني ثقافة أو أكثر مني معرفة، فالحياة مدرسة علّمتني أكثر من الكتب التي قرأتها في المدرسة والجامعة.
- من هي غادة الإنسانة، وكيف تمارس عملية البحث عن الذات؟
أنا الإنسانة البسيطة ولي دائرتي الخاصة بي، أي عائلتي، والتي لا أسمح لأحد بأن يخترقها، أو يقترب منها، وفي لحظات ضعفي أرتمي في حضن والدتي (أطال الله في عمرها ومنحها الصحة) لأستمد منها القوة، وحين أشعر بالفقدان، أتفرّغ للعمل التطوعي وألملم أولادي من الجمعيات لأعوّضهم عن الفقدان بالابتسامة والحب، لأشبع رغباتي وأشعر بعدها بسعادة لا توصف، سعادة تريح قلبي ووجداني.
- لماذا لم تتزوجي بعد؟
الزواج قسمة ونصيب، ونصيبي لم يأتِ بعد، وحين أجد من يستحق مشاعري فلن أتردد مطلقا، وكلما عرفت الرجل أكثر أصبحت اختياراتي أصعب.
- أين الرجل في حياة غادة؟
الرجل أساسي، وموجود في حياتي بقوة، فهو الأب العظيم والأخ الحنون والصديق المخلص وزوج المستقبل.
- لماذا تجد المرأة العربية صعوبة في اختيار شريك المستقبل؟
لأن الرجل العربي ما زال متمسكاً بمجموعة من العادات والتقاليد، ومن الصعب أن يتفهّم عمل المرأة، فبدلاً من أن يشاركها النجاح، يقف أحياناً حجر عثرة في طريقها، ناهيك عن الأنانية المفرطة عند الرجل بحيث يتملك المرأة ويعتبر نفسه أهم شيء في حياتها، وبالتالي فإن بعض عُقد المجتمع العربي تدفعه أحياناً للمجازفة بأن يتزوج المرأة، ومن ثم يسعى لتغيير طباعها وفقاً لمزاجه هو، وهذا عين الخطأ. لذا يصعب عليّ الارتباط برجل من هذا النوع ولا يتفهم طبيعة عملي.
- وهل يمكن تغيير طباع أحد الشريكين بعد الزواج؟
قطعاً لا، وأنا شخصياً لا أتقبّل من يقول "أتزوّج اليوم وغداً أغيّر في طباع الشريك"، لأن من يريدني، يتقبّل فكري وثقافتي وعملي وأسلوب حياتي ويحاول التأقلم معي، والعكس صحيح، المهم أن يكون هناك قبول من الطرفين بكل شيء لتستمر الحياة بمنظومة أسرية قوامها الاحترام.
- هناك من تسلّق على الإعلام، وكان بوقاً... كيف تصفه غادة؟
وما أكثرهم اليوم، وخاصة أن الإعلام أصبح مهنة من لا مهنة له بوجود وسائل التواصل الاجتماعي، وأنا لست ضد ما يُطلق عليه الإعلام الحديث، رغم أنه أصبح مؤثراً بدرجة كبيرة، لذا يجب أن تُسنّ القوانين للحد من هذا التسلّق ولقطع الطريق على كل من يُسمّي نفسه إعلامياً. وعلى سبيل المثال لا الحصر، في بعض الفعاليات أصوات تتعالى "شوفي أصغر إعلامية" وإذ هي طفلة بعمر 6 سنوات، فكيف أصبحت إعلامية؟ وعلى أي أساس أخذت تلك الصفة؟ على وزارة الإعلام أن تعتمد آلية لتقنين هذا الإعلام الحديث، الذي غدا أكثر انتشاراً، وأصبح بوقاً لاستغلال عواطف الشعوب من أجل الهدم وليس البناء.
- وسائل التواصل الاجتماعي سلاح ذو حدين، كيف تنظرين إليها؟
إذا لم تقونن وتوضع عليها رقابة شديدة وتنتظرها محاسبة كبيرة فستشكل خطراً على المجتمعات كافة، وخاصة حين أصبحت في متناول الأطفال في كل الأوقات، وسيطر العنف على ألعابهم ومزاحهم وألفاظهم، حتى التنمّر أصبح بطولياً لأنه يمرُّ في ألعابهم.
- ما السبيل للتخلص من هذه الآفة التي تفشّت بين الأطفال؟
للدولة دور مهم في مكافحة هذه الآفة، إضافة الى أهمية التكاتف بين الأهل والمدرسة والمجتمع لحماية الأطفال من الوقوع في براثن وسائل التواصل الاجتماعي.
- كثر يتابعونك على الإنستغرام، ماذا حققت لك تلك المتابعة؟
حققت لي التواصل مع المجتمع، لأنني صاحبة محتوى هادف على الـ "سناب" وأحمل رسالة مجتمعية لكوني إعلامية، ومع ذلك أتعرّض لانتقادات لاذعة، على سبيل المثال، يقولون لي: تفعلين الخير، لكن لماذا تتحدثين عنه أو تنقلينه؟ ذلك رغم تقديمي محتوى يهدف الى ثقافة العطاء وتسليط الضوء على العمل التطوعي من باب القدوة الحسنة وليس الرياء أو النفاق.
- بمَ تحلم غادة؟
أحلم بدار للأيتام بأسلوبي وفكري أنا، تضجّ بالمحبة وتسعى الى التربية السليمة، ورسم الابتسامة على محيّا الأطفال وإدخال الفرح والسعادة الى قلوبهم، ليخرجوا الى المجتمع أفراداً ناجحين قادرين على بناء أسر صالحة.
- كيف ترين المرأة الإعلامية في 2030؟
ستكون الفرص كبيرة أمامها، وأتمنى أن تحقق الرؤية شيئاً للمرأة العربية.
- ماذا تقول غادة للمرأة العربية؟
الأبواب مفتوحة أمامك، وتتميزين بالعلم والثقافة والموهبة، وتلقين الدعم الكبير من الحكومة الرشيدة، ورؤية 2030 أكبر داعم لك، لذا استغلّي الفرص وأثبتي وجودك ولا تدعي أي شيء يقف في طريقك، وحافظي على هويتك وشخصيتك وتقاليدك.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024