الفنانة المقدسية ريم اللو: طموحي يطوقني
بدأت حكايتها مع الفن عندما كنت تعتلي أحد براميل النفايات القريب من بيتها، لتؤدّي عليه شخصيات مختلفة كانت تشاهدها في الشارع أو في التلفاز. ورغم أن عمرها آنذاك كان خمس سنوات، واصلت السعي الى التجسيد الحقيقي لتكون امرأة حقيقية بأدوار حقيقة على خشبات مسارح فلسطينة وعربية، كما أنها أدّت أدواراً تحمل خصوصية الشعب الفلسطيني في مسلسلات عربية. بالإضافة الى ذلك تملك موهبة الغناء، ولها إصدارات غنائية. وكانت الفنانة ريم اللو قد جسّدت آخر أدوارها في مسلسل «اجتياح» الذي يعرض حالياً على فضائية MBC. وكان لـ «لها» هذا اللقاء بالفنانة المقدسية ريم اللو.
- كيف تعرّفين القارئ في العالم العربي على ريم اللو؟
مواطنة فلسطينية، أعيش الحالة الفلسطينية بكل متاعبها، وأنا جزء من معاناة أحاول أن أجسّدها بشخصيات مختلفة، وأؤمن بأن الثقافة والفن والإبداع والتعليم والتعلّم والحب وكل شيء مقاومة في فلسطين. وطموحي يطوّقني ويريد أكثر من المستوى الذي نعيشه في البلد، فلا يوجد دراما تلفزيونية أو سينما هنا، وكنت قد أجريت عدة تجارب في المسرح السينما كانت موفقه، وتجاوزت مرحلة التجريب ودخلت مرحلة تجسيد الشخصيات التي ألتقيها في حياتي اليومية في فلسطين، كما أحاول أن أجسّد فكرة المفردة الفلسطينية في الدراما العربية، لأن هناك خصوصية، وللأسف العالم العربي غير مطّلع عليها، لأننا مغلقون عن بعضنا ويوجد بيننا سلك شائك وحدود. وإذا استطعنا أن نسافر هذا سيسجّل كإنجاز، لكي يتعرّفوا علينا كإنسان قبل أن يتعرفوا علينا كرماة حجارة أو أسلحة أو فتنة، أو كما يرانا العالم الغربي على أننا إرهابين.
- نقطة بداية ريم اللو أين كانت؟
موهبتي الغناء، وهذا كان من السهل اكتشافه. فأي شخص كان يسمع صوتي في أية مناسبة أو حفلة المدرسة أو خلال رحلة كان يقول إن صوتي جميل. لكن موهبة التمثيل اكتشفتها من خلال عمل مسرحي، واستمرّيت في المسرح أكثر من أربع وعشرين سنة، ثم انطلقت الى السينما والتلفزيون والدراما. وحالة الفن بالنسبة إليّ هي الحياة وهي تجسيد لكثير من المواقف الحياتية الانسانية، ومهمتي عبء على نفسي. أنا أعمل وأعرّف الناس على الإبداع الفلسطيني، وأركّز على أن الثقافة هي مقاومة.
- ما قصّتك مع «القميص المسروق» لغسان كنفاني؟
كنت أغني في مسرحية «يويا» وكان عمري سبعة عشر عاماً والآن عمري تسعة وثلاثون عاماً، والمسرحية كانت للأطفال، وقد اعتذرت الممثلة عن لعب الشخصيات في المسرحية، وكان صوتي مسجلاً غنائياً كخلفية، فأخذت دور الممثلة وبدأت بالتمثيل. من هنا بدأت فكرة التمثيل. وقمت بعمل في عرض مسرحي كان من أهم الأعمال المسرحية في حياتي، وكان اسمه «القميص المسروق» لغسان كنفاني. ودخلنا في ورشة ارتجال على قصة قصيرة من قصص غسان كنفاني، وهي عن الشتات الفلسطيني والمخيمات والمعاناة داخل المخيمات وتأكيد الهوية الفلسطينية في المخيم والى آخره... وكان من أهم الأعمال التي عملتها في حياتي، وجسّدت فيه أربع شخصيات مختلفة.
- كيف تعرّفين عمل المرأة في الفن؟
حتى اللحظة هناك قلّة في الممثلات، ولكن هناك من هن مصرات على الحالة، مثلي أنا. وعلى المستوى الإجتماعي لاتزال المرأة في حالة نضال مع أنها لا تقلّ أهمية عن الرجل في فلسطين. فكما هو ينفّذ عملية فدائية فإن المرأة أيضاً تنفّذ عملية فدائية. وهي تقاوم وتربّي أولادها لكي يصبحوا رجالاً، فالمرأة لا تقلّ أهمية عن الرجل على مستوى تربيتها لأطفالها أو دراستها أو في مختلف الأمور.
- ما هو رصيدك الفني حتى الآن؟
لديّ ثلاثة أفلام سينما، أما في المسرح فهناك ثلاثون عملاً مسرحياً، وغنّيت كثيراً للأطفال في أعمال مسرحية، وعملت ألبومين غنائيين مع فرق فلسطينية، وهذا غير أعمال المسرح. ولكن في التلفزيون والسينما لا أغنّي.
- أي الأدوار تفضّلين؟ لا أريد أن أحصر بشكل واحد من أشكال التعبير التمثيلي، أو نوع من الشخصيات التي تجد نفسها في فقط سيدة «شيك»، وتبقى تسير على النظام نفسه، أو إذا أدّت دوراً شعبياً تبقى فيه. على الممثل أن يجسّد جميع الأدوار، وأحياناً أعمل شخصيات فيها جرأة أو شر.
- مَن من الممثلين العرب جذبتك شخصياتهم؟
سررت بالتعامل مع الفنانين العرب لأن لديهم خبرة كبيرة جداً، إضافة الى مشاعرهم الفياضة في الأداء. ومن الممثلاث أحب أن أشاهد سعاد حسني، وشادية، وماجدة. من تونس أحب رجاء بن عمار، ومن سورية أحب كل الجيل الطالع، وأحب أن أعمل مع بسام كوسا، وأحب أعمال نجدت أنزور وباسل الخطيب. والمحاولات العربية وصلت الى مراحل أبعد منا، لأننا نعيش الحصار والأزمة السياسية والإقتصادية. وأنا لست مع أقلمة الدول، لأننا نتكلم اللغة نفسها، ولدينا الأرواح نفسها ونشرب الشاي نفسه. ولماذا لا نكون كتلة واحدة تساهم في تجسيد هوية إبداعية عربية، لأن العالم العربي كله في أزمة وليست فلسطين وحدها. أحب التواصل مع العالم العربي لأنه لا يختلف، نحن نتكلم اللغة نفسها ولدينا العادات والتقاليد نفسها. لماذا لا نكون مع بعض.
- عندما تختارين أي سيناريو كيف تختارينه؟
أول شيء يهمّني العمل ككل، وعما يتحدث، وإذا كان قضية إنسانية أو سياسية أو إجتماعية، وثانياً أهتمّ بالدور، وكيف سأجسّده دون أن أكون نشازاً، لأن اللهجة مختلفة، ومفردتي الفلسطينية مختلفة وبالتالي روحي فيها خصوصية، رغم أنها لا تختلف عن العالم العربي في شيء، لكن نحن حياتنا أكثر قسوة.
- لماذا تسيطر الحالة السياسية على أي عمل يخصّ الوضع الفلسطيني؟
لأنّ أرضنا محتلّة، ولا نستطيع أن نفصل الحالة الإجتماعية والإقتصادية والإنسانية والمشاعر عن الوضع السياسي. نعيش في ظروف سيئة، فهناك الحواجز والإغلاقات وغيرهما، وكل ذلك يعمل على اضطهادك، بالتالي يذهب التواصل بيننا وبين الناس. وأعتقد أنه على كل فلسطيني أن يبقى في حالة تواصل مع الوضع الداخلي وإن استطاع في الخارج.
- ماذا عن المرأة في فننا؟
أنا شخصياً لا أطالب بالمساواة مع الرجل، لأنني لست رجلاً ولا هو امرأة! تركيبتي مختلفة عنه، ومشاعري وبنيتي وظروفي وروحي، وأنا فقط أطالب بعدالة إجتماعية، لكي تحقّق المرأة ذاتها كما الرجل، وليس همي أن أتساوى بالرجل. لايزال المجتمع حتى اللحظة ينظر إلى المرأة بدونية، وعندما تصل الى مرحلة الندية مع الرجل، تنهض في أماكن كثيرة حتى في الإبداع والفن والثقافة. حتى المثقّف الذي ينادي بحقوق المرأة من جهة، يناقض نفسه في الجهة الأخرى كرجل شرقي وعربي.
- هل تؤيدين الفنانات اللواتي يستخدمن العري في أفلامهن، أم أنت مع الرمزية؟
لا بدّ من الجرأة، ولكن لن أصبح سلعة في منتج شامبو، وأن أتعرّى لكي يكون شكلي حسناً. في مشهد سينما أجسّد حالة الحب في كل تفاصيلها، وأنا لست ضدّ ذلك، ولكن أين الخصوصية في الحالة إذا أصبحنا مشاعاً؟ أنا أرى أن هناك الكثيرات من الفنانات العربيات اللواتي وقعن في فخ استهلاك المرأة كمنتج وشكل ولم يلتفتن الى مضمون.
- هل رفضت أعمالاً فنية ولماذا؟
قد يكون لأنني لم أجد نفسي فيها، أو بسبب النمطية والتكرار، أو أن يكون العمل لا يوافقني سياسياً طرحه، أو مادياً. وغالباً الفنان الفلسطيني يضطهد كونه فقيراً. وأعتذر عن عمل فني لا يحترم الإبداع والفنان الفلسطيني.
- جسّدت شخصية فلسطينية في مسلسل «اجتياح»، هل تحدثيننا عنها؟
عملت في مسلسل «الاجتياح» للمخرج التونسي شوقي الماجري بالصدفة البحثة، ولم أكن أجهّز نفسي لعمل درامي. وعندما علمت بمسلسل «الاجتياح» سعيت للقاء المخرج، فرأى في شخصيتي شخصية عكسي تماماً، وهي عصابية وشريرة وماكرة وأنانية. ولأنني لا أجسّد الأدوار النمطية لعبت هذا الدور، وقد حرصت الشخصية على أن تحافظ على هذا الشكل القويّ والصلب أمام الرجل والإحتلال والمجتمع والإقتصاد، وهي امرأة ميسورة الحال ولكنها عاقر. وأنا عملت على اختيار المفردة الفلسطينية في النص.
- ماذا تحضّرين الآن؟
أعدّ لعرض مسرحي في فلسطين، وإن شاء الله سيعرض في فعالية القدس عاصمة الثقافة العربية. ولن أستكين أبداً، وأحضّر لأكثر من عمل درامي تلفزيوني، ولا أستطيع البوح عنهم الآن.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024