THE LITTLE BOOK OF JOY موريال تيودورو: وصفتي الخاصّة للفرح!
تتحدّث المحللة النفسية وكاتبة السيناريو والمخرجة موريال تيودورو، عن الفرح بعدما كتبته في دليل خاص مشوّق غنيّ بالمعلومات يحمل عنوان "كتاب الفرح الصغير" THE LITTLE BOOK OF JOY الذي يصدر مع كتاب «لحظات من الفرح- ديور»، الذي يعكس جوهر دار ديور المفعم بالسعادة والرفاه والفرح. وهي تشرح وجهة نظرها الخاصة بالفرح في هذا الحوار الخاص.
- ما تأثير وجهة نظرك كمحلّلة نفسية في هذا الكتاب؟
يشكّل التحليل النفسي أحد وسائل قراءة العالم والأشياء التي تؤثّر على البشر، لذا تطرّقنا إلى الفرح من هذا المنظور. كلّ شخص يختبر الفرح تبعاً لقصته الخاصة. ربما كانت حياة البعض أكثر صعوبة وبالتالي هذا يجعلهم أقلّ تطلّباً في ما يتعلّق بالفرح. كلّ لحظة صغيرة من الفرح لها وزنها وأهميتها. أمّا الآخرون الأكثر حظاً فسيتطلّبون مقداراً أكبر من الفرح. لعلّ ممارسة التحليل النفسي جعلتني أكثر انتباهاً لهذه الاختلافات. حتى شخصية المصمّم "كريستيان ديور" Christian Dior قد تبدو مختلفة بعض الشيء، إذ يشجّع التحليل النفسي على اعتماد مقاربة حميمة أكثر. شعرت بأنّ سعيه وراء الفرح كان في بعض الأحيان معركة ضارية. ووجدت ذلك مؤثراً جداً بشأنه.
- هل اكتشفت بعض الأشياء عن الفرح أثناء تأليفك هذا الكتاب؟
كان ذلك أكثر من مجرّد اكتشاف، فمجرّد محاولة تسمية الأشياء يمنحها تفسيراً أوضح. في نهاية المطاف، سلّطت الكتابة الضوء على تعقيدات الفرح. وعدد الطرق غير المحدود للوصول إليه.
- ما الانطباعات التي سيحظى بها الناس أثناء تصفّح هذا الكتاب؟
إنّه كتاب مفعم بالفرح، لكن يجب ألاّ يحاول المرء تبسيط ما الذي يحاول التعبير عنه. يجب أن يشعر القراء بأنّه يقودهم بهدوء إلى مفاهيم أكثر عمقاً.
- أراد المصمّم "كريستيان ديور" Christian Dior ابتكار الفساتين والعطور التي تجعل النساء أكثر سعادةً. ما الذي يُسعدك؟
الفساتين والعطور تُسعدني في المقام الأول. والعديد من الأشياء الأخرى التي لا تُعدّ ولا تُحصى. اللائحة بحدّ ذاتها هي ما يحلم به الإنسان: اللقاءات، وذكاء البشر ومقاومتهم للمعاناة وفترات الصباح الهادئة، وابني وموسيقاه، وأصدقائي والجمال وذكرياتي عن الحب والسينما وموسيقى Steve Nieve وBrian Eno. اللائحة تطول، فهل أتابع؟
- هل أنت حساسة تجاه الروائح؟
رائحة الشم هي من الحواس الشديدة الأهمية بالنسبة إليّ. قوة العطور التي اختبرتها هي بمدى قوة الصور بالنسبة إليّ. لدي قلادة والدي الكهرمانية المشبعة بدخان سجائره. أتنشّق الرائحة أحياناً والابتسامة تعلو وجهي. أمضي الكثير من الوقت في مقارنة عطور الورود والفريزية وزنبق الماء وأوراق الطماطم في حديقتي. هي تجسّد كلّ خيرات الطبيعة.
- ما هي لحظات الفرح الخاصة بك؟
عدم القيام بأيّ شيء أثناء الجلوس تحت ظلال شجرة أو وصول الأشخاص الذين أحبهم. لقطة سريعة الإيقاع في أحد الأفلام. سؤال فائق الذكاء من أحد الطلاب يدفعني إلى تغيير طريقة تفكيري. لطف الأصدقاء أو الغرباء. عندما يدرك الناس أنّهم مخطئون ويضحكون بهذا الشأن. فكرة أنّنا سندرك أخيراً أنّ كوكبنا سريع العطب ويجب حمايته.
- هل يُعتبر تناقضاً أن تتحدّث المحلّلة النفسية عن الفرح أمام الأشخاص الذين يعانون؟
أولاً، المعالجون النفسيون لا يتحدّثون كثيراً. هم يصغون، إلى الأشياء التي تسبّب المعاناة. بعد التفكير في الأمر، هل ترغب في أن يكون لديك معالج نفسيّ حزين؟ كوني أميل الى الفرح مفيد أكثر من الشعور بالحزن والإحباط. أحياناً خلال الجلسات الخاصة بالعلاج، نتشارك لحظات من الضحك المتواصل.
- هل كان من الصعب عليك تأليف هذا الكتاب؟
الشيء الوحيد الصعب كان عدم كتابة "المزيد"! أتخيّل أنّ القراء سيجدون السعادة والفرح أثناء تصفّح الكتاب والاسترسال في الأحلام حيال الصور المشوّقة. الهدف من وراء ذلك هو ألاّ تقوم الكتابة بإبعاد القارئ عن هذا الاحتفال والفرح.
- ما المميّز بشأن الفرح؟ كيف يمكننا أن نفسّر هذا الشعور في عالم يسوء فيه كلّ شيء يوماً بعد يوم؟
في هذا العالم غير العادل، يختلف الفرح من مكان إلى آخر. يتمحور الفرح في أحد الأماكن حول تأمين المياه لقرية تلفحها أشعة الشمس الحارقة. أمّا الفرح في مكان آخر فهو الاستعداد للاحتفال.ما يبقى ثابتاً وعالمياً في هذا الشعور، هو أنّه ينقلنا مؤقتاً إلى مكان آخر، بعيداً عن الأعراف والقيود. الفرح يحرّرنا مهما يعرف بالسياق. يسلّط ضوءاً مختلفاً على كافة المشاهد.
- كيف يتفاعل الأشخاص من حولك عندما تحدّثينهم عن الفرح؟
أحد الأصدقاء الأعزاء يجد أنّ طريقتي الساذجة لرؤية الأشياء الرائعة في كلّ مكان تصيبه بالإحباط. غالباً ما يرتبط الفرح بالطفولة أو بالمراهقة. أودّ الحفاظ على هذا في داخلي. كنت طفلة تعيسة نوعاً ما. ودخل الفرح إلى حياتي رويداً رويداً. ويتواجد في حياتي أيضاً لأنني أتخذ هذا القرار بشكل يوميّ. أنا أطالب به بكلّ سرور. ألن يكون الأمر أسوأ إن شعرنا بالذنب لأننا نعيش في عالم فوضويّ؟ لا جدوى من إضافة المرارة إلى هذه المعادلة.
- لا يمكننا أن نفرض الفرح، لكن هل يمكننا ترويضه وحصاده؟
أجل، حتى أنني أظنّ أنّنا نستطيع "فرض" الفرح، بالرغم من كلّ شيء. والتمكّن من إدراك هذا الشعور عندما يأتيك يتطلّب القليل من "الحضور في العالم". الضجر مرادف للغباء برأيي. أعرف أنّ هذا الأمر قد يبدو قاسياً بعض الشيء، لكن كيف يمكن للشخص أن يزعم أنّه سئم من ملذات الحياة عندما يكون كلّ شيء مختلفاً ولا شيء يبقى على حاله. كلّ شيء يتحرّك. السأم من ملذات الحياة هو أن تكون أصم وأعمى حيال هذا التغيير المستمرّ وهذا الجمال المتجدّد دائماً.
- خلال تحضيرك لهذا الكتاب، ما أكثر شيء أثار اهتمامك حيال حياة "كريستيان ديور" Christian Dior وعمله؟
طفولته بالطبع، علاقته بعائلته، والدته وشقيقته بالأخص، وبالتالي علاقته بنساء عائلته. وقراره بسلوك الاتجاه المعاكس بعد الحرب من خلال أسلوب "نيو لوك" New Look.
- هل رأيت فيه رجلاً فرحاً، يملك نعمة وموهبة الفرح والسعادة؟
لا أؤمن بنظرية الموهبة. يبدو أنّ "كريستيان ديور" Christian Dior بنى المسار الذي أوصله إلى الفرح مرتكزاً على الشوق والحنين، وكأنّه كان يدرك أنّ الفرح هو انتصار على الصعاب.
- كيف تصفين الفرح بكلمات قليلة فقط؟
هو تناقض يجمع ما بين الهدوء والحماسة.
- ثمة وعي متزايد حيال المشاكل البيئية. هل تظنين أنّ الفرح يأتي من الطبيعة والأزهار، كما كان يعتقد "كريستيان ديور" Christian Dior؟
أجل، الأمر أشبه بلقاء مع حالة طبيعية من الفرح. ومنذ بداية الزمان، يؤدّي تأمّل الطبيعة المثالية إلى الشعور بالفرح والسعادة. بالرغم من أنّنا نواجه أحياناً عنف الطبيعة وقوتها الهائلة ولا نستطيع التعامل معها، على غرار الأعاصير والانفجارات البركانية. فليس كلّ شيء هادئاً ومسالماً في الطبيعة. لكنّ الأمر يختلف مع الأزهار. فهذه النباتات غير المتناهية من الأشكال والألوان والعطور تداعب الحواس، ولا يمكن أن تؤدّي إلاّ إلى السعادة.
- ما أبرز قول مأثور عن الفرح برأيك؟
ما كتبه "كريستيان ديور" Christian Dior في مذكراته حول أصدقائه، "عشق اللمسات الخفيفة في جو رائع مفعم بالضحك والمرح (...) كم كانت أمسيات مجنونة!" بالإضافة إلى الذهنية السائدة في ذاك الوقت التي عبّر عنها بشكل جيّد من خلال مجموعته الأولى وعطره الأول: "هذا الإصدار الجديد من حبّ الحياة الذي اعتقدنا أنّنا فقدناه إلى الأبد".
- هل يجب أن نعتبر الفرح سعادةً ونعمة دائمة أم مجموعة من اللحظات الزائلة؟
الأشخاص الذين يملكون مقداراً "متطوّراً" من الوعي يقدرون من دون أدنى شك أن يدعوا الفرح يسيطر عليهم. النعمة؟ أظنّنا نشعر بها بالمقارنة مع لحظات أخرى أكثر حياداً أو لحظات أكثر صعوبة. الفرح المستمرّ؟ السعادة القصوى، "النيرفانا"؟ يمكننا أن نحلم دائماً بذلك.
- ما الفرق بين الفرح والسعادة؟
كوّنت انطباعاً بأنّ السعادة تنشأ عندما يتكرّر الفرح بشكل مستمرّ، بحيث نتحلّى بالثقة حيال ما يلوح في الأفق. العدد اللامتناهي من مصادر الفرح الممكنة يحدّد مفهوم السعادة خطوة خطوة.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024