تفتح قلبها وتروي تفاصيل مرضها - ماغي بوغصن: فترة ما بعد الجراحة هي الأصعب، وهذا ما عانيته!
راقية هي الممثلة ماغي بو غصن في أجوبتها واستخلاصها العبر، وصراحتها، وقلبها الأبيض وحتى في طموحاتها وأحلامها ورؤيتها للبنان ومستقبله. تجربة المرض غيّرتها وزادتها نضجاً وايماناً ومحبّة للآخرين. تكتّمها على مرضها وما عانته وما مرّت به من صعوبات قبل الجراحة وبعدها. سقط في هذا اللقاء الصريح والإستثنائي. في كلّ سطر عبرة وحكمة، وفي كلّ جواب تتكشّف لنا معالم امرأة قويّة، صادقة مع نفسها ومع الآخرين، طيّبة، مناضلة، متفائلة، ذات إرادة صلبة وإيمان مبنيّ على الصخر.
- من هي ماغي بوغصن المرأة؟
ماغي هي امرأة صنعت نفسها بنفسها، من لا شيء. بدأت التمثيل في مرحلة عمرية صغيرة، وكنت مصرّة على تحقيق حلمي. رغم كل الصعوبات التي مررت بها، لم أستسلم لليأس، ولم أخضع للواقع، بل كنت مصرّة على الوصول على طريقتي، وتحقيق حلمي بالنجاح الكبير. حياتي كانت صعبة جداً، ولم يصلني شيء على طبق من ذهب، كما يعتقد كثيرون.
- ماذا تقصدين بقولك أنّ حياتك كانت صعبة؟
لم تكن حياتي سهلة، لم أحقّق شيئاً من دون عناء. يعتقد كثيرون أنني محظوظة، وأنّ الحظ صنع اسمي. بينما الحقيقة أني بدأت من الصفر. ما زلت أذكر كيف كنت أسافر وحدي في منتصف الليل بالتاكسي إلى سوريا، لأصوّر مشهداً واحداً ثم أعود أدراجي. حاربت، وسعيت، واجتهدت، كي أتمكن من صنع النجاح الذي وصلت إليه. الحياة ليست سهلة عموماً، فما عانيته يشبه معاناة كثيرين، يجتهدون ويحاربون ويتخطون العوائق ليحققوا النجاح الذي حلموا به.
- كيف تصفين نفسك؟
صبورة وصاحبة إرادة صلبة.
- تجربتان طبعتا حياتك: زواجك الأول الذي تكلّل بالفشل، وتجربة مرضك الأخيرة، كيف أثرت بك الأولى والثانية؟
هذا صحيح. لقد أثرت كلّ منهما بي كلّ التأثير. تجربة زواجي الأولى علّمتني أنّ الحياة لا تقف عند الطلاق. يمكنك صنع حياة جديدة، بمجرد طي صفحة الماضي. أما تجربتي الأخيرة مع المرض، فهي أقسى التجارب وأكثرها تأثيراً في حياتي. ما حصل معي أخيراً جعلني أولد من جديد. أصبحت إنسانة جديدة أنظر الى الأمور بمنظار مختلف: لا أعلّق على التفاصيل الصغيرة، فهي لم تعد تهمني كما كانت تفعل في السابق. تمسّكت بالحياة وبمن حولي أكثر، واكتشفت أنّ الإنسان قد يخسر كل شيء، حتى نفسه في لحظة واحدة فقط. لا نعرف ما الذي يخبئه لنا القدر، لذا يجب أن نعيش اللحظة بفرح وحماسة على الحياة، وأنا اليوم أعيش يومي لنفسي ولعائلتي، أعيشه بكل تفاصيله. كذلك صرتُ متسامحة أكثر مع نفسي ومع الآخرين، وبتّ أقوى وأكثر جرأة على المواجهة، وبالطبع أكثر إيماناً وقرباً من الله تعالى. لن تتخيّلي كم غيرت فيّ تجربة المرض!
- كيف استطعتِ أن تتخطّي التجربتين؟
تخطّيتُ التجربة الأولى، بالصبر. أما الثانية، فتخطّيتها بالإيمان. صلّيتُ كثيراً، وطلبت من الله أن يكون إلى جانبي، وأن يخلّصني من هذه المحنة فأصل الى برّ الأمان، ويعيدني الى عائلتي وزوجي وولديّ بخير، وبأقلّ أضرار صحّية ممكنة. فالجراحة التي خضعتُ لها كانت دقيقة، وآثارها صعبة نفسياً وجسدياً، لذا احتجت إلى فترة ثلاثة أشهر، كي أستعيد توازني ونشاطي. لقد كانت فترة صعبة جداً لا أحب أن أتذكرها كثيراً… الحمدالله أنها مرّت بخير. وكما يقول المثل: «كل مُرّ سيمرّ».
- تحدّثت عن تجربة المرض باختصار، لا بدّ انها مُرّة حقاً. لكن مشاركة القراء هذه التجربة من لحظة اكتشاف المرض وحتى لحظة الشفاء، لا بدّ أن تترك أملاً في نفوس كلّ من يعاني محنة مماثلة. لذا نطلب إليك رواية المزيد من التفاصيل.
اكتشفتُ الورم بالصدفة قبل 5 سنوات تقريباً، بعدما عانيت من صداع قويّ ودوار. دخلت إلى المستشفى لأجري بعض الفحوص، وعندها اكتشفت وجود كيس صغير في الرأس. طلب مني الطبيب أن أقوم بفحوصات دورية كل ستة أشهر، كي تتمّ مراقبة الكيس ونموّه. وهذا ما قمت به، إلى ان بلغنا مرحلة بات فيه الخضوع الى جراحة لاستئصال الورم أمراً ضرورياً. لقد كانت جراحة دقيقة جداً ومضاعفاتها كبيرة. لم أتحدث عن هذا الموضوع بالتفاصيل سابقاً لأني لا أحبّ الدراما ولا نشر الحزن. أحبّ أن أتحدّث في الإيجابيات وفي الأمور التي تعني الناس وتفرحهم. الحمدلله على كل شيء.
- ما الآثار التي عانيت منها بعد الجراحة. وكيف تتذكرين اليوم تلك المرحلة؟
أجريت الجراحة وخرجت منها بسلامة. عانيتُ من آثارها لأشهر. ولأول مرة أتحدث في تفاصيلها. لقد عانيت من آلام مبرحة، ودوار وفقدان توازن وصعوبة في الأكل والكلام والنوم والمشي. كانت تجربة صعبة جداً أكثر مما تخيلين! لكنني اليوم بحالة صحيّة ممتازة، وأشكر الله على مرور هذه التجربة بسلام.
- من كان إلى جانبك في تلك المرحلة؟ من اتصل بك مطمئنّاً؟
أصدقائي وزملائي في الوسط الفنّي كانوا الى جانبي… غمرتني محبتهم وأنا أشكرهم على هذه المحبة. عدد كبير من النجوم والممثلين والفنانين والمطربين من العالم العربي اتصلوا واطمأنوا عليّ، غمروني بمحبتهم ولهفتهم. لن أسمّي كي لا أنسى أحداً، لأنهم كثر والحمدلله. لم يتخل عنّي كل صديق حقيقي. كلهم كانوا الى جانبي طيلة فترة تعافيّ.
- مَن مِن هؤلاء أبدى تعاطفاً خاصّاً معك في تلك المرحلة الصعبة؟
أصالة زارتني في المستشفى وكانت لهفتها كبيرة عليّ، لا يمكنني أن أنساها. كذلك فإنّ لهفة نوال الزغبي الصديقة الغالية غمرتني، ومحبة أحلام الرائعة أثرت فيّ. ميريام فارس اتصلت مشكورة، وهيفاء أيضاً فعلت. إليسا ونانسي عجرم كتبتا تدعوان لي بالصحّة على السوشال ميديا. والممثلات والممثلين الزملاء اتصلوا وزاروني جميعاً، من سيرين عبدالنور الى نادين نسيب نجيم، وورد الخال ودانييلا رحمة وجيسي عبدو وباسم مغنية وطارق سويد ووسام صباغ وكارولس عازاروغيرهم. كلهم قاموا بأكثر مما توقعت. الشكر للجميع طبعاً وآسفة إن كنت نسيت أحداً.
- هل أخبرتِ ولديكِ بأمر مرضك، وهل خافا عليك؟
أخبرتُ ريان ويارا قبل الجراحة بيومين. قلتُ لهما إنني سأخضع لجراحة بسيطة، ولم أستطع التوضيح لهما أكثر. لقد عانيا كثيراً بسبب غيابي في المستشفى. لكنني والحمدلله تماثلت للشفاء سريعاً وكنتُ إلى جانبهم. اكتشفت في هذه التجربة أنهما كبرا ويمكنني الاعتماد عليهما. كان ريان يساعدني في التنقّل في المنزل، ويشرف على مواعيد الدواء، ويراعي مشاعري، ويهتمّ بأدقّ تفاصيلي. كذلك فعلت يارا. هما رفيقان حقيقيان، وسند يمكنني الاعتماد عليه.
- ما الحكمة التي استنتجتها من هذه المحنة؟
عرفت ان الحياة قد تنتهي بلحظة، وقد نخسر كل شيء في ثانية واحدة، لذا علينا أن نقدّر كل نعمة نعيش فيها… والصحة أكبر النعم.
- لمَ لم تعلني سابقاً أنك ستخضعين لجراحة دقيقة؟
تكتّمت على الموضوع لأنه أمر شخصي جداً وخاص جداً جداً. ولكنني بالطبع كنت سأعلن عن الموضوع عندما أشفى تماماً، لكي أقدّم تجربة شخصية وأعمّمها على من قد يمرّ بهذه التجربة الصعبة، ليجد في تجربتي مثالاً يحتذى به ودافعاً إيجابياً.
- تعودين اليوم الى التمثيل وحياتك المهنية بحماسة أكبر، ما هي مشاريعك؟
اشتقت الى التصوير والحياة المهنيّة. أحضّر الآن لرمضان 2020، وبدأت أقرأ وأعدّ للشخصيّة للإنطلاق في تصوير العمل مع بداية العام الجديد.
رمضان 2020
- رمضان 2020 يقدم لنا ماغي جديدة؟
لا يمكنني أن أبوح بتفاصيل العمل، لأنني ما زلت في المراحل الأولية. لكن يمكنني القول انه عمل مختلف، أقدم فيه دوراً جديداً. ألعب دور امرأة قوية وناجحة، تعاني من مشكلات كبيرة ومعقدة ومصائب، فتحاول التغلّب عليها بذكاء وصبر وتمرّد. العمل دراما تراجيدية وسيكون مختلفاً ومميزاً إن شاء الله.
- ماذا تابعت في رمضان الماضي؟
في رمضان كنت منشغلة في تصوير «بروفا» الذي استمرّ حتى أواخر رمضان. ولم أستطع حتى أن أشاهد «بروفا» بهدوء. تابعت القليل من كل شيء: أحببتُ مسلسل نادين نسيب نجيم وقصي خولي «خمسة ونص»، وأبارك لهما نجاحهما الكبير. تابعت أيضاً القليل من «الهيبة» وباركت لسيرين بعودتها القوية، وتابعت «الكاتب» طبعاً وهنأت باسل خيّاط ودانييلا رحمة على دوريهما الرائعين. وتابعت «أسود» أيضاً وكان باسم مغنيّة رائعاً في الشخصية الصعبة التي قدمها، كذلك ورد الخال المتجددة دائماً. في مصر لفتتني دينا الشربيني في مسلسل «زي الشمس» الذي كان من إنتاج زوجي جمال سنان، وحقّق نجاحاً كبيراً في مصر. كذلك شاهدت بعض الحلقات من «صانع الأحلام» لمكسيم خليل وجيسي عبدو، وكان العمل مختلفاً جداً. تابعت القليل من كل شيء، لأرصد ما الذي يقدمه الآخرون من باب الفضول ومتابعة ما يقدم في الوسط الفنّي.
- تعطين فرصاً كثيرة لممثلات لبنانيات في أعمال تنتجها شركة زوجك جمال سنان، أخبرينا عن مبادرتك هذه.
لستُ أنا من أعطي فرصاً. أنا داعمة طبعاً لنجاحات جمال سنان في لبنان ومصر والخليج حالياً وفخورة به. «إيغل فيلم» شركة مصنّفة ولها كيانها وصاحبها زوجي جمال الذي يشرف على كل شاردة وواردة فيها. وأنا أثق به وبنظرته، وسعيدة لنجاحاته التي أفتخر بها، فهو محبّ للدراما المختلفة، وراغب في تطوير هذا القطاع وإحداث فرق فيه.
- بادرت إلى إقامة عشاء مصالحة بين نجمات الدراما في لبنان اللواتي خضن غمار المنافسة على لقب «النجمة الأولى» في رمضان الماضي، كيف أعددت لهذه المصالحة ولماذا؟
بصراحة، رغبت بأن نجتمع كلنا بعيداً عن المنافسة في المهنة، والخلافات التي قد تنشأ من هنا وهناك. وكان ذلك قبل خضوعي لجراحتي بأسابيع. أردت أن نجتمع كلنا، لأنّ لا شيء يدعو إلى وجود شرخ بيننا، ونجحت مع المدعوات في إنجاز ذلك، فقد ذوّبنا الجليد بيننا جميعنا، ووطدنا علاقاتنا. واليوم كلنا على تواصل دائم مع بعضنا البعض، وهذا أمر جميل ومطلوب. عندما نتّحد نصبح أقوى. لا تنافس قاتل في ما بيننا، لكلّ منا مكانتها وجمهورها ومساحتها، ولكلّ تجربتها الخاصة، فلمَ الخلاف؟ ولمَ الجفاء؟
- بين نادين نجيم وسيرين عبد النور توترات مستمرة، كيف انتهى ذلك ولماذا؟
لقد قررتا أن تفتحا صفحة جديدة، وأن نطوي الماضي بكل ما حصل فيه. نادين وسيرين طيبتان، وكل واحدة منهما لها نجوميتها ونجاحها، وكان اللقاء ودياً جداً وصادقاً. في كل مهنة، لا يخلو الأمر من وجود اختلافات وخلافات، تنتهي بجلسة ودّ، صدقيني «ما في شي بيحرز!».
- الكلّ يسعى إلى المركز الأول في رمضان، كيف تجاوزت هذه العقدة؟
ليست عقدة، بل رغبة الإنسان الجامحة في أن يتصدر المراكز الأولى. لا أخفيكِ أني ككل ممثلة أسعى الى تحقيق النجاح، وأكون في الصدارة. لكن الحقيقة لا تهمّني المرتبة الأولى ولا أؤمن بها. لا يمكن لشخص واحد أن يتربع على عرش المرتبة الأولى. الصدارة تتسع لأكثر من عمل وأكثر من مشروع، وهذا ما يحصل فعلياً كل رمضان وحتى في مسلسلات ما بعد رمضان. همّي الحقيقي هو أن أتميّز، وألا يمرّ عملي مرور الكرام. أشكر الله على نعمة المحبة التي يغمرني بها الجمهور كلّ عام، وانتظاره لي بفارغ الصبر ومتابعته لما أقدّمه وتواصله معي عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليعطيني رأيه السلبي أو الإيجابي على حدّ سواء.
- المرأة الممثلة في الأربعين، هل تتراجع لتأخذ دور الأم والمرأة العزباء غير المتزوّجة؟ هل ما زالت أدوار الحبّ تليق بها؟
أولاً العمر ليس عائقاً إن كانت الممثلة ما زالت قادرة على العطاء. ثانياً، سنّ الأربعين هي أجمل السنوات، وأنا سعيدة بعمري وتجربتي. من المبكر أن ألعب أدوار الأمومة، وأرفض كلمة "عانس" لأنها ليست تهمة بل تجربة حياة. الدور يفرض نفسه، والشخصية المميّزة هي التي تغري أي ممثلة كي تقدّمها. أما بالنسبة الى الحب، فهو لا يعرف عمراً: ألا يحق للمرأة في الأربعين والخمسين والستين أن تحب؟ هل تخسر قلبها ومشاعرها مع تقدمها في العمر؟ طبعاً لا! الدراما تنقل الواقع بكل تفاصيله، وهذا جزء من حقيقة الحياة.
- في «عروس بيروت» تتألق تقلا شمعون بدور الأم كما لم تفعل من قبل. هل يمكن لدور الأم أن يصبح دوراً أولاً على يد ممثلة قديرة؟
أريد أن أهنئ تقلا شمعون على الدور الرائع الذي تقدمه في «عروس بيروت». على فكرة أنا أتابع المسلسل حلقة حلقة، ومعجبة بالجميع، وأريد أن أهنئ الصديق ظافر العابدين أيضاً، والشابة الجميلة كارمن بصيبص العفوية والتلقائية بأدائها، كما أود تهنئة Mbc Studios على هذا العمل المتقن وأبارك لشاشة Mbc نجاح العمل الكبير.
- هل تحبين تقديم دور الأم أو دور الحماة؟
طبعاً. في «بروفا» قدّمت عمري الحقيقي بدور امرأة لم تتزوج بعد، مشغولة بقصص الأولاد في المدرسة التي تعلّم فيها. وفي مسلسلي الجديد أقدّم دور امرأة أربعينية ناضجة وناجحة، حققت نفسها، لكنّ شيئاُ ما ينقصها… لا يمكنني أن أتحدث أكثر عن الدور الجديد. أكتفي بهذه المعلومات.
- أي دور تحلمين بأدائه؟
أحلم بتقديم دور مشوّهة، أو فاقدة للبصر، أعتقد أنّ هذين الدورين يحتاجان لقدرات نفسية عالية قبل القدرات الجسدية والتمثيلية. أحبّ الأدوار المركبة وأبحث عنها.
- أي دور تمنيت لو أنه كان لك في التلفزيون أو السينما؟
تعجبني أدوار كثيرة قدّمتها ممثلات زميلات، لكني لا أتمنى لو كانت لي. أحب أدوار سعاد حسني كثيراً وتجربتها تلفت انتباهي.
- هل تحلمين بالعالمية؟ خصوصاً أنّ زوجك وشركته ذات فروع عالمية وتشارك في إنتاجات لكبار نجوم هوليود؟
هل تصدقين أنّني ربما الممثلة الوحيدة التي لا تحلم بالعالمية! لا أهتم لهذا الأمر أبداً. سعيدة بما أقدمه هنا. لست ممن يحلمن بتقديم عمل في الخارج مع نجوم في هوليوود، بل أجدني راضية بما نقدمه هنا وسعيدة جداً به، وأتمنى أن أتقدّم عاماً بعد عام في أدائي وأدواري، وأقدم الأفضل لي وللناس الذين ينتظرون مني الأفضل ويحمّلونني مسؤولية كبيرة.
أنا وجمال سنّان
- أي أفق أضاف زوجك إلى مسيرتك المهنية؟
جمال سندي الحقيقي، ولا شكّ في أنه آمن بي وبموهبتي. فهو تزوجني ممثلة، لكنه أمسك بيدي ودفعني إلى تحقيق أحلامي. معه حققت طموحي، في البيت والعائلة والعمل.
- كيف هو جمال الزوج، هل يتدخل في أعمالك وفي صداقاتك وخياراتك؟
جمال يساهم في صناعة مشاريعي، فهو المنتج لهذه الأعمال بطبيعة الحال. لكني طبعاً أستشيره في كل ما يعرض عليّ خارج شركته. أتلقى الكثير من العروض في لبنان وسوريا، وقد صورت بعضها خارج «إيغل فيلم»، واعتذرت عن أخرى بسبب ارتباطي بعمل مع جمال الذي يساندني دائماً في كلّ خطوة أختارها أو أجدها أفضل لي كممثلة.
- هل من أعمال رفضها زوجك وقدمتها رغماً عنه؟ وهل من أعمال أثر في قبولك لها؟
يترك لي جمال مساحة حرية كبيرة في اختيار أعمالي، من منطلق أني ممثلة ولديّ خياراتي. لكننا طبعاً نتناقش في أي مشروع يعرض عليّ خارج شركة «إيغل فيلم»، ونصل إلى نتيجة واحدة، إما الموافقة على المشاركة في العمل، أو الإعتذار عنه بعد اتفاقنا على ذلك. لم أقدم عملاً رفضه جمال، ولم يحصل أن رفض زوجي عملاً لمجرد الرفض، لذا خياراتنا دائماً متشابهة.
- ما الذي يحبه فيك زوجك، كممثلة وأم؟
يجب أن تسأليه. أعتقد أنه يحبّ شغفي بالمهنة والتزامي الكامل عندما يتعلق الأمر بعملي. أما في البيت، فطبعاً يعرف أنني أم جيدة. فعائلتي وبيتي أولوية بالنسبة إليّ. وعندما لا أكون في التصوير الذي يمتد أربعة أشهر في السنة فقط، ألتزم بيتي وعائلتي طوال أيام السنة، أي على مدار ثمانية أشهر، وأحاول تعويض بعض الغياب الذي يلزمني به عملي.
- هل يتدخل في تربيتك لولديكما؟
طبعاً يتدخّل بصفته الأب، لكل منا شخصيته في التعاطي مع أمور الأولاد. حين أقسو أنا يلين هو، والعكس صحيح. نحن متفقان على إعطاء هامش حرية للأولاد، ضمن حدود المعقول وبما يؤمن تكوين شخصية خاصة لكلّ منهما، تحت مراقبتنا طبعاً وإشرافنا ومتابعتنا.
- هل هو مصرّ على خوض ولديكما غمار الإنتاج والفن، خصوصاً أنه يملك شركة إنتاج قد يرغب بأن يرثاها عن جدارة؟
أبداً. نحن نترك الحرية ليارا وريان بأن يقررا ما يريدان أن يصبحا، وما المهنة التي ينويان امتهانها.
- هل لمستما لديهما ميولاً الى الفن والتمثيل؟
حتى اللحظة لا ميول فنية لديهما، لكن إن وجدنا لديهما مستقبلاً حبّاً للفنّ، فسنكون داعمين.
- أخبرينا عن ماغي الأم، هل هي تقليدية؟ قاسية، حنونة، موجّهة، متسامحة؟
لست متسامحة أبداً. قاسية أحياناً لدواعي الإرشاد فقط. لكن يمكنني القول ان وقتي كله لولديّ. عندما كانا أصغر قليلاً، توقفت لسبع سنوات عن التمثيل وتفرّغت لتربيتهما طفلين. وعندما كبرا عدت إلى مهنتي، وهذا واجبي تجاههما.
- ما الذي يحب ولداك في تربيتهما لهما، وما الذي ينتقدانه؟
يحبان فيّ أني أستمع إليهما، وأطلب رأيهما في كل شيء، وأترك لهما مساحة لاتخاذ القرار حيث يمكنهما اتخاذه. ربما لا يحبان كوني قاسية حين يخظئان. أعاقبهما بمنعهما من كل ما يحبان القيام به. أعتقد أن هذا الموضوع يزعجهما، لكنهما اعتادا على لغة الحوار في كل شيء لإصلاح أي خلاف بيننا.
- الأمومة مسوؤلية، كيف تجدين الوقت كي تربي أولادك؟
إنها مسؤولية كبيرة طبعاً، واليوم نسمع عن أمهات وآباء يهملون أولادهم لصالح تحقيق أحلامهم، والأمثلة كثيرة في مجتمعاتنا. قلت لك أنّني أصور لأربعة أشهر في السنة، أما باقي الأشهر فأنا معهما، أتفرغ لكل ما يخصّهما، وأتابع أدق تفاصيل حياتهما ومشاكلهما ونجاحاتهما وخيباتهما حتى وأنا في التصوير. لا أغيب عنهما طويلاً، والأهم أنني أصادقهما، أي أعاملهما كصديقة، وأبقى قريبة منهما ومطّلعة على كل ما يمران به أو يفكران فيه.
- هل يملك جمال الوقت لعائلته مع كل انشغالاته؟
جمال كثير السفر، وعمله مرهق جداً، لكنه لا يفوت فرصة ليتواجد مع ريان ويارا. كأي أب، ينشغل خارج المنزل، لكنه حريص على البقاء إلى جانبهما والاهتمام بهما.
- أي أثر تريدين أن تتركي في ولديك؟
كنت أخاف عليهما سابقاً من أن تتملك فيهما الطيبة فيتعرضان للكثير من الخداع في حياتهما. لذا مرنتهما مع الوقت على عدم منح الثقة لأي كان، وعلى الوعي لكل ما يحصل حولهما، فأنا ربيتهما على الطيبة والبساطة، لكني أيضاً ربيت فيهما حسّ الوعي والتنبه لكل شيء، فمجتمعنا ليس سهلاً، وما نسمع به ونشهد عليه صعب جداً، ويحتاج لمناعة لمحاربته بالإيمان والصدق مع النفس والحكمة. ولداي أنضج من عمرهما، وهذا ما يسعدني.
- يحمل المرء الكثير من الهموم، أخبرينا عن همومك.
همومي الكبرى تتعلق بولديّ، بمستقبلهما وما ينتظرهما. على الصعيد المهني، لا هموم معيّنة بل تركيز على خيارات مناسبة ومشاريع قادمة. شخصياً، همومي كلّها تتعلق بعائلتي وزوجي وأولادي.
- شاركت في الثورة اللبنانية، ماذا عن همومك الوطنية؟
همي أن ننعم ببلد آمن، مستقر، يسمح لأولادنا العيش بسلام. أحب لبنان كثيراً، ولا يمكنني العيش بعيداً عنه، وأتمنى أن نصل إلى مستقبل أفضل، يليق بنا كلبنانيين. في لبنان الكثير من القدرات والمواهب والطاقات التي يستحقها البلد وتستحقه. شاركت في الثورة لأني مؤمنة بضرورة التحسين والتغيير والوصول إلى بلد يشبه أحلامنا، لا واقعنا المرّ. ينقصنا الكثير، لكنّ الوعي العام سيتمكن من صناعة هذا الكثير. أنا مؤمنة كثيراً بالجيل الجديد، ومؤمنة بأن لبنان بلد الاختلاف والحضارة التي لن تموت أبداً.
- تلوح مجاعة في الأفق في لبنان، هل تشعرين بأنك مسؤولة تجاه وطنك للقيام بعمل إجتماعي أو تقديم مساعدة للبنانيين؟
أنا مسؤولة تجاه وطني وأهلي وعائلتي، شأني شأن أيّ لبناني. قد يكون صوتنا كفنانين مسموعاً أكثر لذلك لدينا دور أكبر، في نشر الوعي. ونحن نشارك في الحملات الإجتماعية التي يقوم بها الجميع في لبنان لجهة مساعدة الفقراء والمحتاجين، وكلّها "بتكبر القلب". علينا نحن كشخصيات شهيرة أن نحذّر من تكرار الحرب الأهلية التي عشناها وعانينا منها. ولكن الفنان مواطن عادي يعاني ما يعانيه الشعب، ويرزح تحت ثقل الوضع المعيشي والاقتصادي الصعب. لا أعتقد أننا قادمون على مجاعة، بإذن الله، بل سنخرج من هذه الأزمة أقوى، وسنبقى مركزاً للفن والعلم والحضارة والثقافة والجمال ما حيينا. إنها أزمة وستمرّ على خير، بفضل الشباب الواعي الذي لا يريد حرباً، بل يريد وطناً متعافى.
- هل ما زال الفن رسالة؟
الفن وسيلة من وسائل الترفيه والتسلية، وفي الوقت نفسه هو رسالة للتوعية ونشر الأفكار التي تعود بالنفع على المجتمع. تقدّم الدراما تحديداً واقعاً معيناً ورسائل توعية أحياناً كثيرة، وهذا ما حرصنا على تقديمه في «بروفا» مثلاً حين ناقشنا مشاكل الشباب وكيفية معالجتها. لا يمكن للدراما أن تكون سطحية، بل يجب أن تقدم دائماً إلى جانب التسلية، رسائل اجتماعية تعلم الشباب وتنورهم وتقودهم إلى قيم عليهم التمسك بها.
- كلمة أخيرة…
سعيدة جداً بهذا اللقاء المختلف. وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم وظنّ الناس بي. انتظروني في رمضان 2020 بعمل مختلف بكل ما للكلمة من معنى!
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024