كتبت عنه ثلاثة مؤلفات الدكتورة سميرة أبو طالب: محفوظ عبدالرحمن أبدع متحرراً من الزمان والمكان ليضمن لأعماله الاستمرارية
• من المعروف أن محفوظ عبدالرحمن لم يكتب سيرته بنفسه... فهل اطلع على كتاب "محفوظ عبدالرحمن... مقاطع من سيرة ذاتية"؟
- بكل تأكيد، وحضر معي حفلات التوقيع التي أقيمت له، كما كتب ما يشبه الإهداء، الذي جاء فيه: "الكاتب هو شخص يحلم بالمستقبل دائماً، ويريد تغيير المجتمع إلى الأفضل، ومنذ أن يكتب لا بد أن يكون له حلم، هذا الحلم يتجاوز الحاضر إلى المستقبل. ومن يكف عن إعطاء الحلم للناس لن يكون كاتباً على الإطلاق".
• ما الذي جعلك تتوقفين عند سيرة محفوظ عبدالرحمن؟
- لأن في سيرته الكثير الذي يُروى، فبدايته ككاتب شق طريقه وسط صعاب قلما يستطيع المرء مجابهتها، والإصرار على أن يكون ما يريد، وأن تتحول هذه العقبات إلى سلم للنجاح يرتقي درجاته، فيستوي على قمة الإبداع الدرامي كاتباً مصرياً وعربياً، ينثر رحيق إبداعه أينما حل، ولم يكن الأمر سهلاً بالنسبة الى رجل صناعته الكتابة بالدرجة الأولى، بل قضية حياته التي من أجلها أنفق سنوات عمره، وهو الذي كتب العديد من الأعمال المسرحية، بلغت في جملتها ثلاثة عشر نصاً مسرحياً، وأرّخ للعديد من الشخصيات التاريخية في أعمال درامية يمكننا من خلالها التنظير النقدي لأسس الدراما التاريخية، وتقديم تصوّر حول أهمية الصورة في الارتقاء بالذائقة الإبداعية والنقدية لدى المتلقي العربي.
• كان هناك دائماً تركيز من جانب محفوظ عبدالرحمن على شخصيات تاريخية أحدثت نقلة نوعية في حياة شعوبها، كيف تعاملت مع هذا الأمر؟
- في الحقيقة، عاش محفوظ ثورتين (يوليو 1952 - يناير 2011)، وكتب عن ثورتين هما ثورة عرابي وثورة 1919، مما جعل حروف إبداعه تتمرد على الواقع العربي الذي يكسوه الاستسلام والخنوع لأنظمة استمرأت ما تفعله بشعوبها، فكان بحثه الدائم عن المناطق المتوهجة في التاريخ العربي، وإن علاها الغبار، ليقدم من خلالها درة إبداعية لا يدانيه أحد في صياغتها، فقد تمرس في كتابة الأنواع الأدبية، قصة كانت أو رواية، ومن قبلها كانت محاولات الصبا لمحاكاة ما يقرأ ويشاهد من مجلات، يرهف السمع لتلك الكلمات التي رددها القدامى، ويدرك بحاسة مختلفة أنه في حاجة لكي يفك أسر هذه الكلمات من تلك الأساليب النمطية التي حفلت بها الكتب آنذاك.
• ما الفلسفة القائمة وراء أعمال صاحب مسلسل أم كلثوم؟
- دراما محفوظ عبدالرحمن ليست تلك التي تمر لحظتها وينقضي أثرها، بل هي تلك التي تأخذ من الزمن رداءً متجدداً يعطيك في كل لحظة قراءة جديدة للأوضاع العربية على اختلاف معطياتها، وهو الذي يكتب متحرراً من المكان والزمان، كي يضمن لإبداعه استمرارية تمتد لأجيال وأجيال، ومن هذا المنطق، أنا أكتب عن الكاتب الذي يضع قدماً في الماضي، مستلهماً تاريخه وتراثه، وأخرى في الحاضر، الذي يموج بمشكلاته ليفتح المجال أمام رؤية واضحة للمستقبل.
• من وجهة نظرك، ما الذي كان يميز محفوظ عبدالرحمن عن أقرانه من الكتاب؟
- إخلاصه الشديد لقلمه وإيمانه بقيمة ما يكتب، وأيضاً دوره في المجتمع - وإن كان هذا المجتمع يساهم في قمعه بدرجة ما - والذي لم يكن مقصوراً على الكتابة فقط، بل الوصول بخبرة الكتابة إلى شباب الكتاب، من خلال المشاركات في أعمال التحكيم لمهرجانات مختلفة؛ والتدريب على أشكال الكتابة، سواء كانت للمسرح أو التلفزيون أو المشاركة في الندوات الثقافية التي من شأنها معالجة القضايا الثقافية أو تلك المتعلقة بالعملية الإبداعية.
• من خلال دراستك أعمال محفوظ وسيرته، ما الخانة التي يمكن أن نضعه فيها، بمعنى هل مع الحكام أم معارضيهم؟
- من وجهة نظري، اختار كاتبنا الكبير منذ البداية، أن يكون في صف المعارضة للأنظمة الحاكمة، إذا ما أغفلت حق شعوبها، وكانت معارضته من نوع آخر، نستطيع أن نطلق عليها "المعارضة الناعمة" القائمة على الإبداع وليس على الشعارات السياسية الصارخة، فكانت أعماله سجلاً كاملاً يوثق لمعارضة تعرف طريقها إلى عقل ووجدان من يعشقون تراب هذا الوطن، ويؤمنون بدوره الثقافي في المنطقة العربية.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024