تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

مناعة طفلك ضعيفة... خطوات بسيطة تخلّصك من هذه المشكلة

"مناعة طفلي ضعيفة جداً"... عبارة كثيراً ما تردّدها الأمهات اللواتي يعانين هذه المشكلة، خاصة عندما تتدخل الجدّة لتقول بأن "أطفال هذا الجيل مناعتهم ضعيفة ولا يشبهون جيلنا بأي شيء". وهذه حقيقة لا يمكن إنكارها، فمعظم الأطفال اليوم يعانون ضعفاً في مناعة أجسامهم لأسباب عدة لم تكن موجودة من قبل، مثل التكنولوجيا الحديثة وتأثيراتها السلبية، والهورمونات المضافة إلى الفواكه والخضار، والتلوث البيئي... لكن ما من مشكلة إلا ولها حلّ، فمناعة الطفل مكتسبة، وبالتالي يمكن الأم اتّباع خطوات تساهم في تقوية جهاز المناعة لديه، وتحصينه ضد الأمراض.


● كيف تتكون المناعة لدى الطفل؟

يتكوّن جهاز المناعة عند الطفل وهو بعدُ جنين في رحم أمّه، لكنه لا يكون مكتملاً خلال الأشهر الأولى التي تلي الولادة. ولحسن الحظ، تعمل الأجسام المضادة التي تنتقل من المشيمة الى الأم، على حماية الطفل في تلك الفترة، ثم يتطور نظام المناعة بوتيرة محددة على مدى السنوات العديدة المقبلة في حياة الطفل، وذلك بحسب البيئة التي يعيش فيها والمؤثرات الجانبية التي يتعرّض لها جسمه، ما يستدعي تكوين مضادات حيوية تتصدّى للجراثيم والفيروسات والميكروبات التي تحاول اقتحام جسم الطفل، والذي مع الوقت يصبح معتاداً على صدّ كل الهجمات الخارجية التي يتعرّض لها.

وعادةً ما تختلف أجسام الأطفال، فبعضهم يمتلك جهاز مناعة قوياً منذ ولادته بسبب تناول الأم طوال فترة الحمل طعاماً مغذّياً يقوي مناعتها ومناعة طفلها، فيما يولد البعض الآخر وهم يعانون ضعفاً في جهاز المناعة، مما يتطلب من الأم القيام بممارسات معينة لتقوية مناعة طفلها في ما بعد.

● ما هي الخطوات التي تساهم في تقوية مناعة الطفل؟

بما أن الأم تلازم طفلها على الدوام وتراقب حركاته وسكناته، فهي تنتبه بسرعة الى أي مشكلة قد يتعرض لها، وضعف المناعة إحدى المشاكل التي تُقلق الأم، خاصة أن الطفل معرّض في مختلف الأوقات إلى التقاط الجراثيم والفيروسات. لكن هناك بعض الخطوات البسيطة التي تمكّن الأم من تقوية مناعة طفلها، وهي:

❀ الرضاعة الطبيعية: لا تبخلي على طفلك بهذه النعمة التي منحك إياها الخالق. فحليب الأم يحتوي على نسبة عالية من المواد المضادة للأكسدة، التي تساعد على زيادة إنتاج الجسم لكريات الدم البيض، والتي بدورها تساعد على مقاومة الأمراض التي تصيب جسم الطفل. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي الحليب الطبيعي على فيتامينات ومعادن مهمة لتغذية الطفل، وهذه ميزة تجعله يتفوق على الحليب الاصطناعي الذي يقدّم للطفل مغذيات بسيطة لا تفيد جهاز مناعته في شيء.

❀ الإكثار من تناول الفواكه والخضار: قد تُهمل غالبية الأمهات إدخال أي نوع من الفواكه والخضار إلى وجبات أطفالهن، في حين تكتفي بعض الأمهات بتقديم أصناف محددة لهم. لكن خطورة هذا الأمر لا تقتصر على حرمان الطفل من الفيتامينات المهمّة لصحة جسمه، بل تؤثر أيضاً في جهاز مناعته وتصدّيه للأمراض، وذلك بسبب النسبة العالية من الفيتامينات والمعادن الموجودة في الفواكه والخضار، إلى جانب غناها بالمواد المضادة للأكسدة والتي يحتاج إليها الطفل لتقوية جهازه المناعي.

ولذلك، على الأم أن تنوّع في الخضار والفواكه والعصائر الطبيعية المُعدّة في المنزل، خصوصاً الفواكه التي تحتوي على الفيتامين سي، والخضار الغنية بالفيتامينات أ، ج، د، هـ، ب المركّب، والمعادن مثل الزنك والكالسيوم والبوتاسيوم والحديد.

أما الفواكه والخضار التي تُنصح الأم بالتركيز عليها فهي: التفاح والكيوي والشمّام والبرتقال والفراولة والبروكلي والسبانخ والفاصولياء والجزر والخيار.

❀ تشجيع الطفل على ممارسة الرياضة: كثيراً ما نرى الأطفال اليوم مسمّرين أمام شاشات التلفزة أو يحدّقون في هواتفهم الجوّالة، متناسين اللعب في الهواء الطلق أو ممارسة التمارين الرياضية، فعدم الحركة أو القيام بأي نشاط بدني، يُضعف مناعة الطفل، وبالتالي يصبح عُرضة للأمراض المتنوعة.

لذا، من الضروري أن تشجّع الأم طفلها على ممارسة التمارين الرياضية بشكل يومي، لأن الرياضة تساعد على تنشيط الدورة الدموية، وتعمل على تقوية جهاز المناعة، وتساهم في بناء جسم قوي يقاوم الأمراض. ومن التمارين الرياضية التي تناسب الطفل وتُكسبه مناعة قوية، المشي أو ركوب الدرّاجة الهوائية أو القفز فوق الحبل.

❀ تعريض الطفل لأشعة الشمس: ما من سبب يمكن أن يؤدي إلى إضعاف مناعة الطفل أكثر من حبسه بين جدران المنزل بعيداً من أشعة الشمس، أو حرمانه من تنشّق الهواء النظيف، ذلك أن أشعة الشمس تمدّ جسم الطفل بالفيتامين د الذي يقوّي العظام، أما تنشّق الهواء النقي فيساعد على وصول الأوكسجين إلى قلب الطفل ورئتيه، مما يقي جسمه من الإصابة بأمراض كثيرة، ويعزّز لديه جهاز المناعة.

❀ تجنّب الأدوية والمضادات الحيوية: بالطبع لن تقف الأم مكتوفة اليدين إزاء رؤية طفلها يتألم من المرض، بل تهرع الى تقديم ما يلزمه من عناية طبية مستعينةً بالأدوية والمضادات الحيوية المتوافرة في صيدلية المنزل ظنّاً منها أنها ستنفعه وتعالجه. ومع أن ما تقوم به الأم في مثل هذه الحالة طبيعي وصحيح، غير أنه أحياناً يُضعف جهازه المناعي، فلا يعود قادراً على مقاومة أي نوع من الجراثيم أو الفيروسات بمفرده، لأن جسم الطفل يعجز عن تكوين مضادات حيوية تلقائياً، ويصبح بحاجة الى الأدوية الكيميائية في كل مرة يُصاب فيها بالأمراض.

لذا، على الأم أن تبتعد ما أمكن عن الأدوية الكيميائية والمضادات الحيوية، وتترك لجسم طفلها أن يقوم بعمله ويركّب المضادات الخاصة به، والتي تصدّ أي هجوم جرثومي قد يتعرض له.

● هل من طرق أخرى تساعد في تقوية مناعة الطفل؟

بالإضافة إلى كلّ ما ذكرناه سابقاً، هناك أمور بسيطة قد تبدو غريبة أو غير مُحبّبة، لكن يتوجب على الأم معرفتها والقيام بها لكي تقوّي مناعة طفلها، وأهمها:

❀ عدم المبالغة في التنظيف: وهذا لا يعني إهمال تنظيف المنزل، بل عدم الإفراط في استخدام المعقّمات والمنظّفات الكيميائية، التي تقضي على البكتيريا الحميدة، ولذلك يجب ترك الطفل يلعب في بيئة طبيعية، بما يفسح في المجال لجسمه لتكوين مضادات حيوية تحميه من خطر التعرض للأمراض مستقبلاً.

❀ النوم ثم النوم: لا شك في أن الطفل يحتاج الى عدد ساعات كافٍ من النوم ليلاً لكي يتمكن جسمه من النمو الطبيعي، ولكن منافع النوم لا تقتصر على هذا الأمر فحسب، إذ بيّنت بعض الدراسات أن النوم لساعات طويلة يساهم في تقوية مناعة الطفل ضدّ الكثير من الأمراض التي قد تشكّل خطورة على صحته في عمر صغير. لذا من الضروري أن ينام الطفل ما بين 6 و 8 ساعات، أما الطفل حديث الولادة فيحتاج إلى 15 ساعةَ نومٍ يومياً.

❀ إغداق الطفل بالحبّ والحنان: قد تستغرب الأم هذا الأسلوب في التعاطي مع طفلها، وتعتقد أن ما من رابط بين الحبّ الذي تمنحه إيّاه وتعزيز مناعة جسمه، لكنّ هذا صحيح ومُثبت بحقائق علمية، فالطفل الذي يحظى بحضن دافئ من والديه، وخاصة بعد يوم شاق في المدرسة، تتشكّل داخل جسمه قوة تحفّزه على مقاومة الأمراض وتشكيل حواجز تتصدّى لها، وبالطبع هذه الحواجز هي المناعة القوية التي ترافق الطفل إلى أن يكبُر. لذا، على الأم ألاّ تبخل على طفلها بمشاعر الحبّ والحنان، وأن تحتضنه بين ذراعيها ليشعر بالأمان ويتعزّز جهازه المناعي.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079