مبادرة ترفع شعار: الرياضة النسائية ليست ترفاً
الرياضة مهمة للمرأة وليست ترفاً، فهي كالماء والهواء... هذا هو شعار مبادرة "هي" لتمكين المرأة رياضياً، والتي أطلقتها مدرّبة "الزومبا" سالي سلامة، ولاقت إقبالاً ودعماً كبيرين، وثمة مطالبات حالياً بتعميمها عربياً. وتؤكد صاحبة المبادرة أن الرياضة ضرورية المرأة، فهي تساعدها في الحفاظ على الاستقرار وعيش حياة هانئة في مراحل عمرها المختلفة، أياً كان وضعها الاجتماعي. فما هي تفاصيل هذه المبادرة؟ وماذا عن الرؤية المستقبلية لها؟ وكيف يمكن جعلها عربية وليست مصرية فقط؟ وما هي فوائدها للمرأة؟ وما هو موقف الجمعيات النسائية والشخصيات الرياضية منها؟
في البداية توضح سالي سلامة أن المبادرة تهدف الى نشر التوعية وتمكين المرأة من خلال ممارسة الرياضة وتمارين اللياقة البدنية، وحضّها على تغيير نمط حياتها بشكل كامل من أجل الحصول على حياة صحية متوازنة، ويتحقق ذلك من خلال عدد من النشاطات المختلفة على مدار السنة، كتنظيم مهرجانات دورية ربع سنوية، وهناك طموح الى أن تصبح شهرية مستقبلاً، ويتم خلالها عرض أهم وأحدث صيحات اللياقة البدنية في مصر، من خلال مدربين متخصصين ومعتمدين.
وتشير سالي الى "أن هذه المهرجانات تضم مجموعات مختلفة من البرامج الرياضية، أهمها: اليوغا، بيلاتيس، زومبا، كروس فيت، باوند فيتنس، لس ميلز، بول فيتنس، وغيرها من البرامج المتخصصة، ولهذا فهي تشكّل فرصة مثالية للنساء من مختلف الأعمار لتجربة تمارين متعددة، والتعرف على أحدث صيحات الرياضة العالمية، كي تحافظ المرأة على رشاقتها، وتختار النوع الذي يناسبها عملياً، كما نقدّم لها كل المعلومات التي تساعدها على الاستمرار في ممارسة الرياضة، حتى في منزلها بما لا يقل عن ساعة يومياً، ونوفر لها أيضاً أماكن بديلة وبأسعار تنافسية، أو حتى بالمجان أحياناً وقريبة من مسكنها".
وتكشف سالي أن المبادرة تشمل أيضاً دعم وتشجيع المدربين المعتمدين في الرياضات المختلفة، التي تناسب الفتيات والسيدات، وبالتالي تعطيهم فرصة لتقديم برامجهم وتسويقها، من طريق الأحداث وشبكات التواصل الاجتماعي، وكذلك تساعد من يرغبون في التعارف المباشر، فتختار كل فتاة أو سيدة الرياضة التي تناسبها والمدرّبة أو المدرّب الذي يجيد هذه اللعبة.
وتؤكد سالي أن الدراسات النفسية والاجتماعية أثبتت أن الفتيات والسيدات اللواتي يمارسن الرياضة هنَّ أقل عرضةً للإصابة بالأمراض العضوية أو الضغط النفسي أو الإجهاد، إضافة إلى أنهن يتمتعن بطاقة إيجابية كبيرة وراحة نفسية، نتيجة التعرّف الى الأخريات والخروج بشكل منتظم من روتين الحياة اليومية بضغوطها المختلفة، التي تؤثر سلباً في نفسية المرأة وفي رشاقتها، لأن كثيراً من النساء يتجهن إلى الأكل بشراهة كلما زادت ضغوط الحياة اليومية، فتفقد المرأة رشاقتها ونضارتها، وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن المرأة التي تحافظ على لياقتها البدنية تزداد ثقتها في نفسها، وتُحسن التصرف مع الآخرين في أي بيئة وُجدت فيها.
وتضيف سالي سلامة أن الرياضة تلعب دوراً كبيراً في التحفيز النفسي والوقاية والعلاج الصحي من العديد من الأمراض العضوية والنفسية والعصبية، وهذا ما عايشته بنفسها من خلال ممارسة والدتها الرياضة بشكل منتظم لمدة ساعة يومياً، فقد تحسّن وضعها الصحي كثيراً، واعترفت لها بذلك، وهذه الحال تكررت مع المئات بل الآلاف من الممارِسات للرياضة، اللواتي شاركن في مبادرة "هي" منذ انطلاقها عام 2014 الى اليوم، وثمة خطة لنشرها في كل المحافظات، بما فيها المحافظات الحدودية، لتغيير مفهوم الرياضة لدى نساء البيئة البدوية والصعيدية.
وتختتم سالي حديثها مؤكدةً أنها تتمنى انتشار فكرة المبادرة في الوطن العربي، وهي مستعدة للتعاون مع من يرغب في تنفيذ المبادرة نفسها أو الإضافة إليها أو تعديلها، وفق ظروف دولته، كما يمكن نقل خبرات السنوات الماضية والواقع الحالي والرؤية المستقبلية للمبادرة إلى أي دولة عربية، سواء من طريق جهّات رسمية أو شخصية، والاستفادة من وسائل التواصل الحديثة في نقل المبادرة وتطبيقها، لأن رؤية النساء العربيات للرياضة متشابهة إلى حد كبير، ولا بد من تصحيح المفهوم لديهن بأن الرياضة ضرورية للبدينات خصوصاً لإنقاص أوزانهن، وللمرأة عموماً أياً كانت سنّها أو وزنها أو بيئتها، فهي مهمة لها كالماء والهواء.
الصحة النفسية للمرأة
تؤكد الدكتورة مايا مرسي، الأمين العام للمجلس القومي للمرأة، دعمها لمبادرة "هي"، باعتبارها مفيدة للمرأة في كل مراحلها العمرية، وأياً كان وضعها الاجتماعي، سواء آنسة، زوجة، مطلّقة، أرملة... وتقول: "نعمل من خلال فروع المجلس في المحافظات على التشديد على أهمية الرياضة للمرأة، لأننا جميعاً نؤمن بأن "العقل السليم في الجسم السليم".
وتلفت مايا إلى ضرورة الإكثار من المبادرات المهمة التي تستهدف الصحة النفسية للمرأة، والتي لا يمكن فصلها عن الصحة الجسدية، التي ترتبط ارتباطاً وثيقاً بالرياضة، لأن للرياضة فوائد كثيرة للمرأة، من بينها الرشاقة، مما يساعد على استقرارها الأسري إذا كانت متزوجة، وجعلها شابة رشيقة ونشطة إذا كانت عازبة، وثمة طموح الى نشر ثقافة الرياضة وإظهار مدى أهميتها لكل أفراد المجتمعين المصري والعربي، وخاصة المرأة، لأنها إذا آمنت بذلك فستجعل أسرتها كلها رياضية، فهي بلا شك مفتاح تغيير المفاهيم الثقافية الخاطئة، مثل أن ممارسة الرياضة النسائية عيب في بعض البيئات العربية، أو أن السُّمنة لدى المرأة دليل على العز والغنى، أو أن الرجال العرب يفضّلون الارتباط بالمرأة العربية السمينة و"ست البيت" التي لا تمارس الرياضة.
فوائد بلا حدود
تصف الرياضية فاطمة عمر، بطلة العالم في رفع الأثقال، مبادرة "هي" بالرائعة، وتقول "إن فوائد الرياضة للمرأة بلا حدود، لأنها والصحة بكل مفاهيمها وجهان لعملة واحدة، وإذا كانت الرياضة مهمة للمرأة السليمة بدنياً، فإن المرأة المعوقة أشدّ حاجة إليها لإثبات ذاتها، وما حدث معي خير مثال، حيث جعلتني الرياضة بطلة العالم في رفع الأثقال لذوي الإعاقة، رغم أنني بدأت ممارستها منذ 20 عاماً، وكان عمري يومها 17 سنة، واستطعت المشاركة في 4 دورات بارالمبية متتالية، ونجحت في حصد 4 ميداليات ذهبية؛ في أولمبياد سيدني 2000 وأثينا 2004 وبكين 2008 ولندن 2012، وتم اختياري مراراً أفضل لاعبة في العالم في سجلات اللجنة البارالمبية الدولية عام 2012، وكنت صاحبة الرقم العالمي في رفع وزن 56 كلغ، وكسرت أرقاماً عالمية مسجّلة باسمي، كما لُقّبتُ بـ"أيقونة رفع الأثقال في العالم"، وكل هذا بفضل الله أولاً وأخيراً، ثم بممارستي للرياضة". وتشير فاطمة عمر إلى أن ليس هناك سنّ معينة للرياضة، بل إنها تؤخر الشيخوخة وتمنح المرأة الرشاقة والحيوية، كما تفجّر طاقتها الإيجابية في إثبات ذاتها لتكون فخراً لأسرتها ووطنها إذا استطاعت الكشف عن مواهبها من خلال الرياضة، وتوسّع من شبكة علاقاتها الاجتماعية، وتجعلها تشعر بأهمية وجودها في الحياة. وتُنهي فاطمة عمر كلامها مؤكدةً دعمها لمبادرة "هي" للتمكين الرياضي للمرأة، وموضحةً: "لو لم أكن رياضية، لكنت مجرد امرأة معوقة تمشي بصعوبة، وحبيسة جدران المنزل، وفي أفضل الأحوال موظفة بدوام عمل يومي تستدر عطف الآخرين، فالرياضة عزّزت ثقتي بقدراتي وجعلتني فخورة بنفسي، وأصبحت بفضلها ملهمة للنساء المعوقات إذ مهّدت لهن الطريق الى البطولات الرياضية، ليس في مصر فحسب، بل في عدد من دول العالم، وذلك بعد أن عرضت لهن تجربتي مع الرياضة".
الأعمال المنزلية
يؤيد الدكتور مسعد عويس، نقيب المهن الرياضية السابق، المبادرة ويطالب بتعميمها في الوطن العربي، لأن الرياضة ليست ترفاً، بل هي رمز للحياة السعيدة، سواء على المستوى الجسدي أو النفسي أو الاجتماعي، ولهذا يجب أن تمارس المرأة الرياضة، سواء كانت هواية أو احترافاً، وستلمس تأثيراتها الإيجابية في كل جوانب حياتها.
يحاول الدكتور مسعد عويس إيجاد حلول لمن تمنعها ظروفها من ممارسة الرياضة بانتظام خارج البيت، قائلاً: "إذا حالت الظروف القهرية دون ممارسة المرأة للرياضة، فيمكن اعتبار الأعمال المنزلية من أفضل الرياضات اليومية، لأنها تحرِق الكثير من السعرات الحرارية، كما يمكن المرأة أن تؤدي رقصات معينة، مثل رقصة "الزومبا"، وهي تمرين رياضي على أنغام الموسيقى، أو القيام بتمارين "السكوات" أو القرفصاء أو "الأيروبيكس"، وكذلك ممارسة "تمارين البطن" و"التمارين السويدية"، أو القفز فوق الحبل، واستخدام "جهاز المشي" في المنزل... فمثل هذه التمارين تساعد المرأة في التخلّص من الوزن الزائد والترهّلات، خاصةً في منطقة البطن والأرداف والأفخاذ، وتجعل جسمها رشيقاً، وتُكسبها ليونة ومرونة، وتقوّي عضلاتها وعظامها ومفاصلها، وتنشّط دورتها الدموية، وتُبعد عنها أمراض القلب والشرايين".
ويختتم الدكتور عويس حديثه مؤكداً أن لا عذر للمرأة في عدم ممارسة الرياضة، فهي لا تأتي إلا بخير لها ولأسرتها ومجتمعها، كما أنها لا تحمّل عائلتها أعباء مادية، لذا عليها أن تمارس الرياضة بانتظام في كل مراحل حياتها، حتى وإن كانت حاملاً، فالرياضة مفيدة جداً لصحتها الجسدية والنفسية.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024