قصر عالي التاريخي محطة عبور في طريق حجاج البصرة والبحرين
عرفت محافظة قَرْية العَلْيا في المنطقة الشرقية، واحدة من محطات عبور حجاج شرقي الجزيرة العربية، وتحديداً القادمين من البصرة والبحرين إلى مكة المكرمة، إلى جانب ما يميزها من معالم تاريخية وأثرية، ولعل من أبرز هذه المعالم قصر عالي التاريخي، الذي أمر ببناءه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود (رحمه الله) عام 1355هـ.
وجاء ذلك نظراً لكثرة حركة المرور في المنطقة التي احتضنت القصر، ولقربها من الحدود الكويتية والعراقية، وهو واحد من جملة قصور أمر ببنائها في مختلف مناطق المملكة، لتكون بمثابة قصر حكم محلي، وقام الملك سعود بن عبدالعزيز (رحمه الله) بافتتاح القصر الذي بُني بالحجارة والطين وجذوع الأشجار في قرية العليا التي تعدّ محطة عبور للحجاج القادمين من الشمال الشرقي.
ويضم قصر عالي التاريخي، الذي يقف بشموخه شاهداً على حقبة من تاريخ الدولة السعودية الحديثة، دوائر حكومية عدة، منها إمارة، وإدارة للجوازات والجنسية، والمالية، وللبريد، والشرطة، ومركز لاسلكي، فهو يعد أحد أهم المعالم التاريخية والأثرية في منطقة الصُّمّان عموماً، وفي محافظة قرية العليا خاصة، إذ أسهم القصر في نهضة المنطقة التي بني فيها.
ويحتفظ القصر على اللوحة التأسيسية الموجودة داخله، بالنص الآتي: "بسم الله الرحمن الرحيم.. بأمر جلالة الملك عبدالعزيز آل سعود بني بقرية العليا قصر عالي بإشراف سمو الأمير سعود بن جلوي حاكم الأحساء عام 1355هـ"، ومع التطور الذي شهدته المملكة، والتنوع في حاجات الناس، انتقلت جميع الدوائر الحكومية إلى مقار جديدة، وبقي قصر عالي معلماً أثرياً وسياحياً في المنطقة يجتذب المهتمين والدارسين لتاريخ العمارة في المملكة، سواء من داخلها أو خارجها.
وأضافت دارة الملك عبدالعزيز في توثيقها أن القصر الذي شيّد على مساحة 8,836 متر مربع وسط محافظة قرية العليا يشتمل على المدخل الرئيس الذي يتوسط الواجهة الغربية، بينما المدخل الأصلي للقصر يقع وسط الواجهة الشمالية، إلا أنه أغلق بعد مدة لظروف جوية، أصبح من الصعب استخدامه كمدخل فاستبدل بالمدخل الغربي.
وذكر توثيق الدارة، أن القصر مدعم بسبعة أبراج ضخمة ومخروطية الشكل أربعة أبراج في الأركان، وثلاثة أبراج في الوسط من الواجهة الغربية والشرقية والجنوبية، ويقع القصر وسط أربعة شوارع واسعة مسفلتة، وتحده من الغرب ساحة كبيرة كانت موقفاً للسيارات القادمة من الكويت أو الذاهبة إليها، من أجل إجراءات الجمارك والتفتيش، مشيرة إلى أن الدخول إلى هذا القصر يتم من خلال مدخل ذي عقد نصف دائري يقع في منتصف الواجهة الغربية الذي يحوي بوابة خشبية ضخمة بعرض 5.15 متراً وارتفاع 4.40 متراً تؤدي هذه البوابة إلى مدخل مسقوف بعروق "الدشن" محمول على عقود نصف دائرية.
وأضافت الدارة، أن قصر عالي التاريخي يضم من الداخل مجموعة من الإدارات الحكومية وهي إدارة الجمارك وإدارة البريد والبرق والهاتف على اليمين بالجانب الجنوبي ودورة مياه وبئر ومركز للشرطة بالجانب الشرقي ومقر الإمارة على اليسار في الجانب الشمالي ومبنى إدارة المالية وسط الفناء كما يضم القصر مسجداً ومقرّاً للسجن بالقسم الغربي من الجانب الشمالي، إضافة إلى وجود سلالم في الزوايا الأربع تؤدي إلى الأبراج العلوية المرتبطة ببعضها من طريق ممرات.
يذكر أن قرية العِلْيا تقع شمال شرقي الرياض بمسافة 350 كيلومتراً وشمال غربي الدمام بمسافة 280 كيلومتراً وعن حدود المملكة مع الكويت جنوباً بمسافة 150 كيلومتراً، وتتبع إدارياً إمارة المنطقة الشرقية، ويتبعها 22 مركزاً، وكانت قديماً مورد ماء للبادية الرّحل.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024