منى كفوري معوض: رغم سعي المرأة لا يزال مجتمعنا ذكورياً بامتياز
- بدايةً حدثينا عن حياتك العلميّة ومسيرتك المهنية؟
تزوجت في سنّ مبكرة، وكوّنت أسرة أفتخر بها مؤلفة من أربعة أولاد، تمكّنوا جميعاً من متابعة تحصيلهم الجامعي، ثمّ تزوّجوا وتفرّغوا لحياتهم العملية والعائلية. زواجي المبكّر لم يقف عائقاً أمام تحقيق طموحاتي، فتابعت تحصيلي العلمي، كما أسّسنا لاحقاً كعائلة "مكتبة معوّض" في منطقة جلّ الديب شماليّ بيروت، وهي عبارة عن مكتبة مؤلفة من عشرة طوابق تضمّ مدرسة لتعليم فن الرسم. وهنا أشير إلى أنّني صقلت هوايتي (الرسم) بالعلم وأصبحتُ فنّانة تشكيليّة شاركتْ ولا تزال بمعارض محلية عالمية. وتكريماً لجهودي أصدرت الدولة الفرنسية طابعين بريديّين يحملان عملين من أعمالي لعامَي 2017 و2019، وتشرّفت بتهنئة رئيس الجمهورية.
- كيف بنتْ معوض مهاراتها وخبراتها؟ وما هي أهم مشاريعها؟
بنيتُ مهاراتي بالعلم والجد والمثابرة، فبعد زواجي تابعت تحصيلي العلمي كما ذكرت، ثمّ حاولت جاهدة، ولم أتوقّف يوماً عن تحصيل المزيد من الثقافة والمعرفة، خصوصاً في ما يتعلّق بالفنّ التشكيلي، فصقلت موهبتي بالعلم وتمكنت ابتداءً من عام 2009 من المشاركة بأهم المعارض المحلية والعالمية.
أمّا عن مشاريعي، فتتلخّص في حلمٍ لطالما راودني ويتمثّل في إنشاء "غاليري دي زار" لعرْض لوحاتي ولوحات زملائي الفنانين.
- كيف تقيّمين الأعمال التشكيليّة؟
لا يمكن النظر إلى الرسوم التشكيلية على أنها مجرّد سلَع تباع وتُشترى، لأنها نتاج فنٍّ سامٍ يتوسّله الفنّان للتعبير عن رأيه أو لتوجيه رسالة أو نقد أو حتى موقفٍ معيّن الى الجهات المعنية، ولكن لا بدّ لمقتني هذه الأعمال من دفع مقابلٍ مادّي لها.
- إلى جانب الرسم تتولّين بالتعاون مع أفراد عائلتك إدارة مكتبة معوض، بنتيجة خبرتك في هذا المجال هل تفضّلين أسلوب الإدارة التفاوضي أم الاستبدادي؟
لقد تمكّنا كعائلة من إنشاء مكتبة معوض، ولدينا فريق عمل متكامل نعمل معه على أساس الاحترام والتعاون، وأظنّ أن هذا سبب نجاح مؤسستنا على مستوى لبنان ككل.
- هل من دور لك في جمعيّات معيّنة؟
بحكم طبيعة عملي، لا وقت لديّ للانخراط أو حتى المشاركة في أنشطة الجمعيات، لكن ذلك لا يعنى أنّني لا أساعد المحتاجين أو طالبي المساعدة، ولكن بطرقي الخاصة وليس من الضروري أن تكون عبر الجمعيّات.
- حياتك العملية كما يبدو صاخبة جداً، فهل من صعوبات معيّنة واجهتْك خلال مسيرتك المهنية؟
الصعوبات التي واجهتها خلال مسيرتي العملية والفنية ترتبط بشكل أساس بعدم الاستقرار الأمني والسياسي المحلي والإقليمي، الذي عانيناه وما زلنا نعانيه كأرباب عمل وعاملين، وكثيراً ما تؤثّر هذه الأوضاع سلباً في سير العمل والإنتاجية.
- ما هي برأيك مقوّمات النجاح لدى المرأة؟
لقد خصّ الله سبحانه وتعالى المرأة بالقدرة على تحمّل الصعوبات والضغوطات أكثر من الرجل، لذا أعتقد أنه إذا توافر للمرأة الى جانب هذه الخاصية حبّ المثابرة والعزيمة والاجتهاد والطموح والرؤية المستقبلية... فسيكون النجاح حُكماً حليفاً لها وستتمكن من تحقيق طموحاتها.
- كيف تصفين علاقتك بالرجل، وما هو مفهومك للرجل الشرقي؟
على الرغم من التطوّر الذي يشهده العالَم على كل الصعد، وعلى الرغم من سعي المرأة الحثيث إلى فرض نفسها في كل الميادين، وتكريس حقوق المرأة، ولا سيما حقّ المساواة بينها وبين الرجل في الحقوق والواجبات، ما زال مجتمعنا ذكوريّاً بامتياز.
- ماذا عن علاقتك بأولادك، وهل شعرت يوماً بالتقصير نحوهم؟
أولادي الأربعة يمكن تصنيفهم ضمن فئة جيل الحرب، مما يعني أن متطلبات الجيل الحالي كالمشاركة في النشاطات الرياضية أو الفنية لم تكن متوافرة آنذاك، ولكن رغم ذلك كنت أعمل من الصباح حتى الساعة الثانية بعد الظهر موعد عودتهم من المدرسة، فأتولّى مهمة تدريسهم والعناية بهم... عائلياً لم أقصّر تجاه أحد من أفراد أسرتي، بل دعمتهم مادياً ومعنوياً حتى تمكنوا جميعاً من الحصول على شهادات جامعية وخبرات عملية تجعلني أفتخر بهم. وحالياً جميعهم متزوجون.
- هل أمْليت على أولادك خياراتهم العلمية أو العمليّة؟
لديّ إيمان راسخٌ بأنّ الإنسان كائن حرّ، وقد منحتُ أولادي الحرية خلال مراحل حياتهم، ولكن طبعاً ضمن ضوابط وأطر معينة، كما أنّني لم أفرض عليهم أيّ خيار، سواءٌ في حياتهم العملية أو العلمية أو حتى العائلية، وأنا أفتخر بخيارات أبنائي الأربعة، كما أعتزّ بكونهم من أصحاب السيرة الحسنة وأشكر ربّي على كل هذه النِّعم.
- كيف تقيّمين نظرة المجتمع الى المرأة العربية؟
مما لا شك فيه أنّ المرأة هي أساس المجتمع، والمرأة العربية غزَت كل المجتمعات العربية والغربية وأصبحت قادرة على خوض غمار مختلف الميادين، لكن مقابل كل ذلك، هناك مناطق ما زالت حتى الآن تميّز بين الرجل والمرأة، حتى أن بعض المجتمعات ما زالت تحرم المرأة من حقها في الميراث.
- هل من أمور تشتاق إليها الفنّانة معوض؟
في نفسي حنين داخلي للطفولة ولذكريات الماضي، كما يلحّ عليّ الشوق لرؤية أشخاص فارقوا هذه الحياة، لكنّ اشتياقي وحنيني لا يجعلاني أبداً أسيرةً للماضي، فالماضي بالنسبة إليّ قد يكون عبرة للمستقبل ويشكّل دافعاً من أجل تحقيق طموحاتي.
- ما هي نصيحة منى للمرأة العربية؟
نصيحتي للمرأة العربية هي أن تعمل على صقل ذاتها بالعلم والثقافة ليكون لها كيانها الخاص، ولتستطيع القيام بدورها في المجتمع، نحو أسرتها وأولادها، على أساس أن مسؤولية تربية الأولاد وإعدادهم لمواجهة الحياة وأداء دورهم في المجتمع هي من أسمى مسؤوليات المرأة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024