لغة الجسد: كيف تعبّر أجسادنا عمّا نفكر ونشعر به؟
للاطلاع أكثر على لغة الجسد وفهم أبعادها ومعانيها، كانت لنا متعة اللقاء مع الأستاذ حبيب الخوري، الخبير في لغة الجسد، ومؤلف كتاب «ماذا تقول أجسادنا» المتوافر حالياً في الأسواق العربية كافة.
ما هي لغة الجسد؟
يقول الأستاذ الخوري إن لغة الجسد هي الحركات التي نقوم بها من خلال اللاوعي أثناء تعاطينا مع الآخرين. أما الحركات التي نقوم بها خلال الوعي فليست لغة جسدنا الحقيقية لأننا نقررها بأنفسنا، كما حين ننقل كتاباً أو كوباً من مكان إلى آخر.
لا شك في أن لغة الجسد أصدق من الكلام، لأنها تعبّر عن مشاعرنا الحقيقية. إنها علم قديم بدأ عام 1863 وتم إثباته علمياً في العالم عام 2008 بعد أكثر من 100 عام من الدراسات.
لغة الجسد عالمية، تفهمها كل شعوب الأرض، وتختلف فقط بنسبة 5 في المئة بين بلد آخر باختلاف الثقافات. فعلى سبيل المثال، يعمد الناس إلى تقبيل بعضهم البعض ثلاث مرات في لبنان، فيما يكتفون بقبلتين فقط في فرنسا. وفي بعض الدول، يصافح الأشخاص بعضهم البعض بالأيدي، فيما يمتنع آخرون عن المصافحة في دول أخرى.
لغة الجسد هي عبارة عن 95 في المئة من التواصل بيننا وبين الآخرين، وتتوزع، تبعاً للدكتور بول إيكمان، على الشكل الآتي:
75 في المئة حركات جسد
20 في المئة نبرة صوت
5 في المئة كلام.
علينا الانتباه إلى أن لغة الجسد هي تواصل بين شخص وآخر، أي أنها فعل ورد فعل. لذا، عند قراءة لغة الجسد، يتم تقسيم الجسد إلى ثلاثة أقسام: الرأس، والجذع (مع اليدين)، والساقين.
الكثير من قرّاء لغة الجسد يخطئون بعد قراءتهم لكتاب أو مقال لأنهم يكتفون بقراءة إشارة واحدة، لقسم واحد من ثلاثة أقسام، ولذلك يكون التفسير خاطئاً على الدوام، لأن إشارة واحدة لا تعني شيئاً، تماماً مثل الكلمة الواحدة غير الموضوعة في جملة مفيدة، فتكون هذه الكلمة من دون معنى.
ثلاثة أنواع مختلفة
يقول الأستاذ حبيب الخوري إن لغة الجسد هي ثلاثة أنواع:
الإيجابية، أي عدم شبك الذراعين والساقين والأصابع.
السلبية، أي شبك الذراعين والساقين والأصابع.
الطبيعية، حين لا تكون هناك مواجهة بيني وبين شخص آخر، كما هي الحال عند الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر أو استعمال اللوح الالكتروني أو الهاتف الخليوي (الأمر الذي بات شائعاً جداً هذه الأيام بحيث لا يتواصل المرء مع أي شخص آخر، بل يكتفي بالتحديق في الجهاز الذي أمامه).
www.habibalkhoury.com
منافع كثيرة
التحدث عن منافع لغة الجسد يستلزم شرحاً طويلاً ومسهباً يحتاج إلى مجلة كاملة للغوص في تفاصيله وفق الأستاذ الخوري. لذلك، سنكتفي في ما يأتي بسرد بعض المنافع فقط.
1. الانفتاح على الآخرين
التحلّي بالإيجابية في لغة الجسد يتيح لنا الانفتاح على الآخرين والتمتّع بالكاريزما التي تجذب الآخرين. ما هي الكاريزما؟ إنها لغة جسد إيجابية، لا تعني المظهر الخارجي الجميل، لأن الكثير من الأشخاص الجميلين لا يملكون الكاريزما بسبب لغة الجسد السلبية.
يخبرنا حبيب الخوري، الخبير في لغة الجسد، أن العديد من النساء يأتين إلى مكتبه شاكيات من عدم تودّد الأشخاص إليهن أو من عدم قدرتهن على الانخراط في محادثة طويلة مع الآخرين. تسأل تلك النساء عن السبب رغم تحلّيهن بالمظهر الجميل والطلّة الأنيقة.
حينها، يطلب الخوري من تلك النساء السماح له بتصويرهن أثناء الكلام لكي يعرض عليهن إشارات لغة جسدهن. واللافت أن معظم النساء يتفاجأن حين يشاهدن أنفسهن في الشريط المصوّر، ويؤكدن أن ما يرونه يتنافى تماماً مع حقيقتهن.
ما سبب ذلك؟ السبب واضح. فعند وجود عادة سيئة (أي لغة جسد سلبية)، يتم شبك الذراعين أو الساقين وتتبدل نبرة الصوت لا إرادياً وتصبح قوية ولئيمة وسلبية.
في المقابل، حين تكون لغة الجسد إيجابية، يصبح الشخص لا إرادياً منفتحاً على الآخرين ويلقى بطبيعة الحال رداً مماثلاً، لأن لغة الجسد هي فعل ورد فعل كما ذكرنا سابقاً. من يعطي الإيجابية يلقى الإيجابية، ومن يعطي السلبية يلقى السلبية.
إذاً، عند التحلّي بلغة جسدية إيجابية، يصبح المرء اجتماعياً ومقرّباً من الآخرين. وفي حال اعتماد لغة الجسد السلبية، يكون المرء انطوائياً ومنزوياً على نفسه.
لا بد من الإشارة إلى أن لغة الجسد الإيجابية تلفت الأنظار إليك لأنها تبرز جمالك، ولذلك يوصى باعتماد اللغة الإيجابية خلال جلسات التصوير، لأن تأثير الصور سيكون قوياً ويستقطب المزيد من المعجبين في حال نشر الصور عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
2. الارتقاء في العمل
لغة الجسد الإيجابية تتمثل في كيفية التواصل مع الزملاء والموظفين، وإلقاء المحاضرات، وعقد اجتماعات العمل. فمن خلال قراءة الآخرين ومعرفة لغة الجسد، يمكن توقع النتيجة سلفاً مثل تقبّل الفكرة أو رفضها من خلال لغة الجسد. وبهذا لا يصاب المرء بخيبة أمل أو يشعر بغموض في فهم إيصال الفكرة. وكلما ازدادت خبرتنا في قراءة الآخرين، نجحنا في إيصال أفكارنا وبلوغ النتيجة المنشودة.
3. العائلة
لغة الجسد مفيدة في التعاطي مع الزوج والأولاد. فهي تتيح للمرأة مثلاً معرفة حقيقة علاقتها بزوجها والتأكد مما إذا كانت جيدة أم لا، أو إذا كان هناك كذب ونفاق في العلاقة. يقول الخوري ممازحاً إنه لا يريد التشجيع على الطلاق أو الانفصال، لكنه يشجع المرأة على فهم حقيقة علاقتها بزوجها وتحسينها.
كما تعتبر لغة الجسد مفيدة مع الأولاد لضبط عاداتهم السيئة، والتعامل معهم، وكشف مشاعرهم إذا كانت انطوائية أو منفتحة، وتشجيعهم على التواصل مع الآخرين بشكل جيد.
يمكن تعليم الأولاد لغة الجسد الإيجابية منذ الصغر من خلال تعليمهم كيفية إلقاء الشعر أو تسميع الدروس، وكيفية جلوسهم أثناء حفظ الواجبات المدرسية...
4. التسوّق
حين تتوجه النساء للتسوّق، فهنّ يرغبن دوماً في الحصول على أفضل الأسعار. والواقع أن لغة الجسد تساعدنا كثيراً في التفاوض على الأسعار والحصول على أفضلها.
فعند إجادة قراءة لغة جسد صاحب المحل أو مندوب المبيعات، سننجح حتماً في تخفيض السعر. بالفعل، حين يعتمد البائع لغة الجسد الدفاعية، يعني ذلك أنه يستطيع تخفيض السعر ويمكن مساومته. لكن حين يعتمد البائع لغة الجسد الهجومية، يعني ذلك عدم قدرته بتاتاً على تخفيض السعر.
ويلفت الأستاذ الخوري إلى أن هذا الأمر ينطبق على كل عمليات الشراء، سواء أردنا شراء سيارة أو منزل أو أي غرض آخر. المهم قراءة لغة الجسد بالشكل الصحيح والتفاوض على أساسها.
وحين نسافر إلى بلد لا نجيد لغته، يمكننا التعامل مع أهل ذلك البلد من خلال لغة الجسد من دون الحاجة إلى لغة محكية، لأن لغة الجسد عالمية وتتيح لنا التواصل مع أي شخص في العالم.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024