ياسمين ديماسي: والدي رفض دخولي عالم التمثيل... و"دشرة" أشعرني بالخوف والرعب
تتحدث الفنانة التونسية ياسمين ديماسي في حوار خاص مع "لها"، عن تجربتها مع فيلم الرعب "دشرة"، والذي عاشت معه معاناة قاسية بسبب مشاهدها الصعبة فيه، وتكشف عن أسباب رفض والدها في البداية أن تمتهن التمثيل، ونجاحها في إقناعه بموهبتها، كما تتكلم عن طموحها وخطواتها الفنية المُقبلة، وأبرز الفنانين التونسيين الذين تحب متابعة أعمالهم، والنجوم الذين تتمنى العمل معهم، وتبوح بالكثير من أسرارها الخاصة.
- ما الذي جذبك في فيلم "دشرة" لتوافقي على بطولته؟
الفيلم أدهشني منذ لحظة اطّلاعي على قصّته وأحداثه، فهو ينتمي الى نوعية جديدة في السينما التونسية والعربية بشكل عام، ويتضمن تفاصيل كثيرة ومشوّقة، مما حمّسني للمشاركة فيه. وأعتقد أن بعد عرض الفيلم في أكثر من مهرجان دولي، وإثارته ضجة كبيرة، كنت محقّة في المشاركة في بطولته.
- من رشّحك لتقديم شخصية "ياسمين" في الفيلم؟
مخرج العمل عبدالحميد بوشناق، فهو صديقي منذ سنوات طويلة، وعملنا معاً في أكثر من عرض مسرحي، كما أثق بموهبته كمخرج وممثل أيضاً. وذات مرة قال لي إنه يكتب قصة فيلم رعب، ويتطلع الى سينما مختلفة، وكشف لي عن رغبته في أن أكون أنا بطلة هذا الفيلم، فوافقت على الفور.
- البعض صنّف الفيلم نوعاً من المغامرة نظراً لصعوبته، فهل أقلقك ذلك؟
لا أنكر أنني شعرت بالخوف والرعب، خاصةً بعدما اطّلعت على أحداث الفيلم وعلمت أنني سأؤدي الدور الرئيس فيه، فأحسست بثقل المسؤولية، وأعتقد أن الفيلم ككل مغامرة، لكنها مغامرة محسوبة تهدف الى خلق سينما مختلفة خاصة بنا، وتعبّر عن فكر وثقافة جيل مختلف، يرنو الى التغيير. ورغم الجهد الذي بذله فريق العمل حتى خرج الفيلم بأبهى صورة، فقد كانت الكواليس ممتعة، لإيماننا بأننا نصنع فيلماً مميزاً لم يُقدَّم مثله من قبل.
- كيف استعددت لهذه الشخصية؟ وكم من الوقت استغرقت التحضيرات لها؟
بدأت التحضير للشخصية منذ أن اطّلعت على قصة الفيلم، وعقدت جلسات عمل مع المؤلف والمخرج للإلمام بكل تفاصيلها، فأردت أن تكون بعيدة عني تماماً، من ناحية تصرفاتها وانفعالاتها وأسلوبها في العيش... سعيت أن تحافظ على خصوصيتها، فتبدو غامضة لا يُعرف عنها الكثير، واستغرقت التحضيرات للشخصية قرابة الشهرين، حتى تمكّنت من تقديمها للجمهور بالشكل الصحيح، سواء في ما يتعلق بالملابس أو الشكل العام.
- أي مشهد هو الأصعب بالنسبة إليك؟
كل مشاهدي في الفيلم كانت صعبة، لكن أصعبها هو تجسيد الشعور بالخوف، بوتيرة مختلفة إذ تنتابني أحاسيس متناقضة تمليها المواقف والأحداث، فكان من الضروري أن أُظهر مشاعر صادقة لأُقنع الجمهور بما أقدّمه.
- ماذا عن ردود فعل الجمهور بعد عرض العمل في عدد من المهرجانات الدولية؟
لم يتوقع الجمهور التونسي أن يكون الفيلم بهذا الشكل، لذلك ساد الصمت قاعة العرض، طوال مدة مشاهدتهم للفيلم، وظلوا متنبّهين الى كل مشهد فيه، فظنوا أنهم سيسخرون منا لتقديمنا فيلم رعب، لأننا لم نعتد على تقديم هذه النوعية من قبل، لكنهم فوجئوا بما شاهدوه، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الجمهور المصري، وأتمنى أن يحصد الفيلم المزيد من ردود الفعل الرائعة في أي مكان يُعرض فيه.
- هل توقّعتِ أن يحقق الفيلم كل هذا النجاح؟
للأمانة، توقعت أن يتحدث عنه الجمهور، لكن فاجأني النجاح الباهر الذي حققه، والضجة التي أثارها في المهرجانات التي عُرض فيها.
- وهل يمكن أن يحصد الفيلم إيرادات ضخمة؟
الإيرادات مهمة بالتأكيد، وخاصةً لمنتج الفيلم، لكن ما يهمّني فعلاً هو أن يترك بصمة لدى الجمهور، ليشعروا بمدى الجهد الذي بذلناه كي نصنع فيلماً يُخلّد في ذاكرة السينما العربية.
- كيف كانت بدايتك مع التمثيل؟
أعشق التمثيل منذ الطفولة، لكن من المتعارف عليه في تونس أن التمثيل لا يُطعم خبزاً، ودائماً يرفض الأهل دخول أبنائهم مجال التمثيل. وبالنسبة إليّ، رفض والدي بشدّة فكرة التحاقي بكلية التمثيل، فاحترمت قراره حينذاك، وانتقلت للدراسة في كلية التجارة، وكنت متفوقة، لكن عقب التخرّج، لم أستطع التخلّي عن حلمي الكبير، فعملت في مسرح توفيق الجبالي مُنذ عام 2009، وتعرفت من خلاله إلى عدد من زملائي الذين تعاونت معهم في فيلم "دشرة".
- وكيف تقبّل والدك الأمر؟
في البداية، تركني وشأني، لكن بعد مشاهدته لأعمالي في المسرح، تأكد من صدق موهبتي، فغيّر رأيه تماماً، وبات يشجعني على الاستمرار في التمثيل، وموقفه هذا أسعدني كثيراً، لأنه من الصعب أن يقتنع بشيء، أو يبدّل رأيه بسهولة.
- هل أنتِ متخصصة في أحد فنون المسرح؟
لا، لكنني أميل إلى تقديم الأعمال التي تعتمد على حرية الجسد، والتي فيها الكثير من الدراما، لكن أي عمل يُعرض عليَّ وأقتنع به، أقدمه على الفور.
- وما الفارق بين السينما والمسرح؟
الفوارق كثيرة، ولا وجه للمقارنة بينهما، فلكل منهما صعوبته ومتعته ومذاقه الخاص، ولا يتفوق أحدهما على الآخر، فعلى سبيل المثال، المسرح صعب جداً، فالتدريبات قبل العرض تستغرق أشهراً عدة، وتتطلب مجهوداً كبيراً، لكن على المسرح تُترك الحرية المطلقة للجسد، ولا يعود هناك التزام بالنص المكتوب، أما الفيلم السينمائي فتتم صناعته في وقت قصير جداً مقارنةً بالمسرح، لكن الصعوبة تكمن في الالتزام بمواعيد محددة للتصوير، كأن يتم تصوير بعض المشاهد في وضح النهار، أو قبيل غروب الشمس، وهذا ما حدث معي في فيلم "دشرة". وفي السينما يجب الاهتمام بأدق التفاصيل، لأن الجمهور يركز فيها، وقد يلاحظ أي خطأ بسيط، وبشكل عام استمتعت بالعمل في كليهما.
- ما سبب انتشار ظاهرة سينما المؤلف في تونس، وما رأيك فيها؟
أرى أن السينما تستقطب كل أنواع الفنون، لكن الأجدر والأفضل سيحبّه الجمهور ويرحّب به، فالسينما تعتمد على البحث والتفكير والرؤيا والتجريب، وأنا فخورة بانتمائي الى هذا النوع الجديد، لكن هذا النوع ليس وليد اللحظة في تونس، بل هو موجود منذ أعوام عدة.
- هل تطمحين للعمل في مصر؟
أرغب في خوض التجارب الجديدة التي تجذبني في أي بلد في العالم، وخصوصاً في مصر، فهي بلد عظيم، وتشتهر بتاريخها السينمائي العريق.
- من يلفتك من نجوم تونس الذين عملوا في مصر؟
أحب هند صبري كثيراً، ويعجبني أداؤها في التمثيل، فهي تدرس جيداً خطواتها الفنية وتبذل جهداً لتقدّم أفضل ما عندها، سواء في مصر أو تونس. إنها مثال رائع يحتذى به، وبالتأكيد أتمنى العمل معها لأستفيد من خبراتها الطويلة، ويلفتني أيضاً أكثر من ممثل تونسي، نجح في خطواته الفنية، فتونس مليئة بالمواهب الحقيقية، سواء من العمالقة أو الجيل الشاب.
- هل من أعمال جديدة تحضّرين لها؟
لم أحسم قراري بعد في شأن الأعمال الجديدة التي سأقدمها خلال الأشهر المُقبلة، ولم تتضح الصورة بالنسبة إليّ حتى الآن، لكن أتمنى أن أجد سيناريوات قوية تُكسبني المزيد من الخبرة.
- ما هو روتينك اليومي؟
ليس بالضرورة أن تتشابه الأيام، فلكل يوم أحداثه المُختلفة، وكثيراً ما أمضي يومي في المسرح الذي أعشقه، أو أخرج مع أصدقائي الى أحد الأماكن، أو أبقى في المنزل مع عائلتي ونشاهد التلفاز.
- وطموحاتك الفنية؟
أسعى الى تقديم أعمال تمثّل جيلي، وترضي طموحي، وتكون مختلفة تماماً عمّا يُقدَّم من أعمال.
- من هو مطربك المفضّل؟
أحب الاستماع الى جميع المطربين وكل الألوان الغنائية، فأحياناً أفضّل الاستماع الى أغانٍ أجنبية، وفي أحيان أخرى أشتاق الى الأغاني العربية القديمة، بأصوات أم كلثوم، وعبدالحليم حافظ، ومحمد عبدالوهاب، وفيروز.
- هل تواكبين الموضة؟
بالتأكيد، لكنني أحب ارتداء الملابس البسيطة البعيدة عن التكلّف، سواء في المناسبات العامة أو الخاصة، والتي تتناسب مع شخصيتي وتليق بي.
- إلى أي بلد تفضّلين السفر؟
أحببت القاهرة والإقامة فيها، ولذلك أرغب دائماً بالسفر إليها، كما أحب زيارة عدد من الدول الأوروبية.
- أي نوع من الرياضة تمارسين؟
أمارس كل أنواع الرياضة، فهي تفيدني كثيراً، وإذا شعرت بالملل أو الضيق، أكتفي بالركض لأتخلص من هذا الشعور. لكن طبيعة عملي وانشغالي الدائم في المسرح أو التصوير في السينما، لا تسمح لي بممارسة الرياضة بانتظام.
- هل تحبّين القراءة؟
أقرأ، لكن بشكل متقطّع بسبب انشغالي بقراءة أي سيناريو عمل جديد يُعرض عليّ.
- من يدعمك في مسيرتك الفنية؟
أفراد عائلتي هم داعمي الأول، ولا يمكنني العيش بدونهم، فهم كل حياتي، ويشجعونني دائماً على القيام بالمزيد من الخطوات الناجحة، وأدعو لهم بدوام الصحة والعافية.
- وأخيراً، ماذا تتمنين؟
أتمنى أن أحقق المزيد من النجاح، وأقدم أعمالاً مسرحية وسينمائية ترضي طموحي وتنال إعجاب الجمهور، الذي أصبح مثقفاً، وعلى درجة عالية من الوعي، ولا يقبل بأي عمل يستخف بعقولهم، ولذلك أركز كثيراً في خطواتي المقبلة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024