انتصار جديد للثقافة العربية العمانية جوخة الحارثي تفوز بجائزة الـ"مان بوكر" الدولية شهادة أدبية للحارثي عن "سيدات القمر": الكتابة أعطتني جناحين فطرت...
خطوة مهمة تُحسب للثقافة العربية في سعيها نحو العالمية، وتتجلّى بفوز الأديبة العمانية جوخة الحارثي بجائزة الـ"مان بوكر" الدولية عن روايتها "سيدات القمر"، كأول عمل عربي يفوز بهذه الجائزة منذ انطلاقها في العام 2005، وتبلغ قيمتها 50 ألف جنيه استرليني، وتتقاسمها الحارثي مع مترجمتها مارلين بوث.
تشكّلت لجنة التحكيم من خمسة أشخاص برئاسة بيوتاني هيوز (بريطانيا)، وعضوية الصحافية والمترجمة الأميركية مورين فريلي، وأستاذة الفلسفة البريطانية إنجي هوبز، والروائي النيجيري إلناثان جون، والكاتب الهندي بانكاح ميشرا.
وُلدت جوخة الحارثي في عمان في تموز/يوليو عام 1978، ولها ثلاث روايات باللغة العربية، وحاصلة على الدكتوراه في الشعر العربي الكلاسيكي من جامعة أدنبره - اسكتلندا، وهي تدرّس حالياً في جامعة السلطان قابوس في مسقط، ورشِّحت من قبل لجائزة الشيخ زايد في فرع الكتابة للطفل.
من أعمالها الأدبية رواية "نارنجة"، وفيها تستعيد بطلتها "زهور" في غربتها في بلاد الثلج أحلام جدّتها، التي لم تتحقق، ولها أيضاً روايتا "مانمات" و"سيدات القمر" الفائزة بجائزة "المان بوكر"، وهي تروي حياة ثلاث شقيقات يشهدن على التطور في المجتمع العماني بعد الحقبة الاستعمارية، وقد وصفت لجنة التحكيم الرواية بـ"أنها تستولي على العقول والقلوب بالمقدار نفسه، وقد أظهرت فنّاً حساساً وجانباً معلقاً من تاريخنا المشترك".
وقبل فترة قصيرة من إعلان فوز الحارثي بجائزة الـ"مان بوكر"، كانت قد حلّت ضيفةً على مؤتمر القاهرة للرواية العربية، وفيه أدلت بشهادة عن مشوارها الإبداعي، لا سيما تجربتها في "سيدات القمر"، أشارت خلالها إلى الأجواء التي كتبت فيها هذه الرواية، قائلةً: "كنت في منتصف عشرينياتي؛ طالبة مغتربة أدرس دكتوراه بلغة غير التي أعشق، وأمًّا لطفلة تعاني الوحدة، لكن الكتابة أنقذتني. أمشي غريبة الوجه واليد واللسان، أرى آلاف الحكايا تمشي معي وأدعوها لنجلس معاً، ونشرب كوب قهوة في الصقيع، شربت الحكايات عشرات الأكواب ونادمتها، آلاف الحكايا، لا تبدأ الحكاية حتى تنتهي، ولا تنتهي حتى تدخل في حكاية جديدة، قالت لي الحكاية: همْنا طويلاً كأشباح في هذه المدينة، وقد تنادمنا... اكتبي، فكتبت روايتي "سيدات القمر". أضواء الكريسماس تلوح من النافذة والثلج يغطي إفريزها، وأنا أستحضر بخيالي الصحراء وأرواح أجدادي والشهداء، الناس يهرولون بالمعاطف وأنا أُلبس الطفل أحمد الراكب على كرب نخلة، الدشداشة الخفيفة والحروز الحارسة من سطوة الموت. جارتي تدعوني لشاي العصر في بيتها الفاتح اللون؛ وأنا أغوص في غرفة خالي بصبغها القاتم وروازنها المليئة بالأواني الأثرية، الراديو بيت الموسيقى الأسكتلندية الشعبية، وأنا أترنّم بالأمثال مع ظريفة، وأردّد الأهازيج مع عبدالله ومنين، تصالحت مع غربتي، أحببت أدنبرة حين أعطيتها لغتها في الدكتوراه ومنحتني لغتي في الرواية، وأحببت شخوصي، بكيت لآلامهم وضحكت لمزاحهم. كتبت فحرّرتني لغتي، لغتي أعطتني ساقين فركضت، الكتابة أعطتني جناحين فطرت...".
سبق لجوخة أن ترجمت أعمالها إلى الإنكليزية، الألمانية، الكورية، الإيطالية والصربية، أما مارلين بوث فهي أكاديمية ترجمت العديد من الأعمال الخيالية من العربية إلى الإنكليزية، وحاصلة على زمالة كلية مجدلين في أكسفورد، وتشغل حالياً كرسي خالد بن عبدالله آل سعود لدراسة العالم العربي المعاصر في المعهد الشرقي. الجدير ذكره أن جائزة الـ "مان بوكر" الدولية تأسّست في المملكة المتحدة عام 2005، ومنذ ذلك الحين وحتى عام 2015 كانت الجائزة تُمنح كل سنتين لكاتب، من أي جنسية، عن مجموعة الأعمال التي كان قد نشرها أو ترجمها إلى اللغة الإنكليزية.
ومنذ عام 2016والجائزة تُمنح سنوياً بقيمة خمسين ألف جنيه إسترليني، وهي توزّع مناصفةً بين المترجم والمؤلف الأصلي للكتاب.
فازت بالجائزة العام الماضي الكاتبة البولندية أولغا توكارتشوك عن روايتها "الرحلات" ترجمة أنتونيا لويد جونز.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024