زارت مخيماً للاجئين السوريين في البقاع اللبناني - نور عريضة: قصّة فرح آلمتني خصوصاً أنها بعمر ابنتي!
- هل هذه هي زيارتك الأولى الى مخيّم للاجئين؟
إنها زيارتي الأولى لمخيّم للاجئين. لقد عملت مع اليونيسيف UNICEF على مشاريع عدّة تتعلّق بالطفولة، لكنها المرّة الأولى التي أعمل فيها مع المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNCHR. وقد كانت الزيارة للفت النظر الى مأساة اللاجئين السوريين في لبنان، واحتياجاتهم. وقد تزامنت هذه الزيارة مع اقتراب عيد الفطر، ليكون العيد مناسبة للعطاء ومساعدة المحرومين والمشرّدين بعيداً من بلدهم.
- أخبرينا عن مشاهداتك الأكثر تأثيراً في نفسك؟
لقد شهدتُ في هذا المخيّم على مأساة الطفولة المحتاجة والمحرومة من أبسط حقوقها كالعلم والغذاء والنظافة والثياب المناسبة، وهو ما أثّر فيّ كثيراً. يمرّ الوقت على هؤلاء في انتظار العودة الى قراهم ومدنهم ومنازلهم ومدارسهم وحياتهم الطبيعية. وأكثر ما أحزنني هو حرمان هؤلاء الأطفال من التعليم، الذي هو جواز سفرهم الى مستقبل أفضل. فأيّ مستقبل ينتظر هؤلاء بعيداً من المدرسة والكتاب والدفتر والقلم؟ ما يؤلم أكثر هو أن الأطفال اللاجئين تعوّدوا على فكرة عدم ارتياد المدرسة وكأن وضعهم الحالي أمر طبيعي.
- أيّ موقف أثّر فيك أكثر؟
تأثّرت بقصّة فرح (خمس سنوات) وزهرة (ثلاث سنوات)، وهما أختان تعيشان وحدهما مع أخيهما الأكبر، بعدما هجرتهما والدتهما، وترك والدهما المخيّم بهدف العمل. وقد وقعت على فرح مسؤولية الاهتمام بالعائلة الصغيرة وهي بعدُ طفلة تحتاج الى من يهتمّ بها. فرح هي تقريباً بعمر ابنتي «إيلا»، ورؤيتها تلحق بأختها الصغرى لتعطيها كوباً من الماء أو شيئاً يؤكل آلمتني كثيراً، لأن طفلة في هذا العمر تحتاج بعد الى اهتمام والديها، فكيف لها أن تتحمّل مسؤولية بيت وطفلة تصغرها بسنتين فقط؟ أين حقّها في التعليم واللعب والفرح؟ هذا ظلم بحقّها وحقّ طفولتها.
- أيّ رسالة حمّلك أطفال المخيّم الى العالم؟
الرسالة التي حملتُها من المخيّم الى العالم، هي رسالة إنسانية بحتة لا علاقة لها بالوضع السياسي الشائك الذي يلفّ قضية اللاجئين في لبنان كما في الدول العربية المجاورة. وهي رسالة لفت نظر الى مأساة هؤلاء الأطفال الإنسانية، إذ يدفعون ثمن حرب لا ذنب لهم فيها، من مستقبلهم وتعليمهم ودفئهم العائلي وأحلامهم.
- ما الذي يجمع هؤلاء الأولاد بابنتك إيلا؟ وما الذي استفزّك أكثر كأمّ؟
الطفلة فرح من عمر إيلا، وعندما أقارن بين وضع الفتاتين، أحزن كثيراً. الحمد لله أن ابنتي ترتاد المدرسة وتعيش في منزل مليء بالحبّ وتأكل وتتغذّى وتلعب بألعابها وتعيش طفولتها كما يجب. في حين أن فرح تفتقر الى كلّ هذا. وهذا ما يؤلمني حقاً، وأودّ أن أنقله الى العالم أجمع كي يسارع الى مساعدة هؤلاء الأطفال المساكين، ومدّ يد العون لهم.
- خلال زيارتكِ، هل لمستِ مقولة «إن العالم يبصر ولا يرى، ويسمع ولا يستمع» عندما يتعلّق الأمر بالمآسي الإنسانية؟
هذا صحيح. العالم بات يصمّ أذنيه عن المآسي الطفولية، ويتلهّى بقشور المأساة. زيارتي ليست فقط لأخذ الصور ونشرها على الإنستغرام والفايسبوك، بل لوضع اليد على جراح إنسانية لم تلتئم بعد... على العالم أن يتحرّك في اتجاه مساعدة هؤلاء الأطفال. وستكون لي زيارة ثانية الى المخيّم للأهداف نفسها، أريد أن أستمع أكثر الى معاناة الأمهات اليومية.
- رسالة توجّهينها الى القراء والقارئات...
أتمنّى أن نفصل بين الوضع السياسي للاجئين، وبين مأساتهم الإنسانية. إن المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين UNCHR تساعد 35 ألف عائلة لاجئة في لبنان، من خلال مبلغ شهري وقدره 175 دولاراً أميركياً للعائلة الواحدة، أيّاً كان عدد أفرادها، علماً أن العائلة اللاجئة ملزمة بدفع إيجار الخيمة التي تعيش فيها، وقدره مئة دولار أميركي، وهو ما يجهله كثيرون. وهذا يجعل المبلغ المتبقي من المساعدات لا يكفي للمأكل والمشرب. وهنا دور أصحاب الأيادي البيضاء في المساعدة والعطاء.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024