صادق الصبّاح: الدراما في مرحلة انتقالية وانتظروا نادين نسيب نجيم خارج رمضان
- أريد بدايةً التحدّث معكَ عن دراما رمضان 2019... كيف كانت التجارب هذا العام؟
للأمانة، وقبل رمضان، كنتُ أقول إنّ أعمالاً مميّزة بانتظارنا، وكلّي أمل أن نحقّق نجاحات كالتي حصدناها في الأعوام السابقة، والحمد لله أصبنا الهدف، ويمكنك معرفة ذلك من خلال ردود فعل الجمهور. أسعدتنا عودة النجمة سيرين عبدالنور إلى الدراما العربية من خلال "الهيبة - الحصاد"، وكذلك تجديد التعاون مع نجمة الشركة نادين نسيب نجيم في "خمسة ونص"، كما مع معتصم النهار بعد نجاحه في "ما فيي"، وكنتُ سعيداً بالتعاون للمرّة الأولى مع النجم قصي خولي والمخرج فيليب أسمر. ولا أنسى أيضاً مسلسل "دقيقة صمت" مع النجوم عابد فهد وستيفاني صليبا وفادي صبيح... كلّ عمل بالنسبة إلينا هو بمثابة طفلنا المدلّل إذ نوليه الاهتمام والحرص. والمنافسة مميّزة جدّاً داخل الشركة، لدينا ثلاثة مديري مشاريع كانوا حريصين على تقديم أفضل ما عندهم للجمهور العربي.
- ما رأيكَ بعودة الدراما التخصصية، أي تلك التي تُخاطب شريحة معينة من الجمهور أو حتى بلداً معيّناً؟!
نعمل على هذا الموضوع منذ أكثر من 10 سنوات، أي منذ بدأت كل منطقة في الشرق الأوسط تُنتِج أعمالها الدرامية، ولكن أهمية هذه الإنتاجات ليست في تخصّصها، بل في إمكان تصديرها إلى الخارج وعرضها على منصات مثل Netflix. نحن نقدّم أعمالاً محلّية- شامية- شرقية، ولكنّها في الوقت نفسه تشكّل محط اهتمام الجمهور العربي أينما كان، وقد وصلنا من خلالها إلى العالمية، والموضوع هنا في نوعية المصنّف الذي نُنتِجُه وقدرته على مخاطبة أكبر شريحة جماهيرية، والعوامل الإنتاجية والدرامية هي التي تجعلكَ تقدّم دراما مهمّة، كما حصل مع "الهيبة" ودخوله سوق الخليج ومصر والدول الأخرى.
- بما أنّك تحدّثتَ عن نتفليكس؛ ما هي المحظورات الإنتاجية التي تواجهونها في العالم الرقمي؟
نحن نعيش اليوم مرحلة انتقالية في الدراما بين عالم التلفزيون وعالم الديجيتال الرقمي. التحوّل ليس جذرياً، فالمشاهد الكلاسيكي الذي يحبّ التلفزيون لا يزال موجوداً وحاضراً بقوّة وسيبقى، ولكن في العالم الرقمي هناك خاصّية إنتاج مختلفة من حيث طول الحلقات وطرق المعالجة التي يمكن أن تكون أكثر جرأة، وها نحن اليوم في شركة "الصبّاح إخوان" قد دخلنا عالم الديجيتال من خلال مسلسل "دولار"، والذي نعوّل كثيراً على نجاحه على المنصّات الإلكترونية، ونتطلّع أيضاً الى أن يدخل المنافسة التلفزيونية. بتنا اليوم أمام سوقٍ جديدة، لا يمكن تحديد أُسسها بعد، لأنّنا لا نزال في تجاربنا الأولى، إنّما هذا سيعود بالفائدة على الدراما العربية من خلال انتشار الأعمال العربية عالميّاً، ويعكس نجاح مخاطبتنا للجمهور العالمي من خلال هويتنا العربية.
- بالحديث عن "دولار"؛ هل كان من السهل تطويع فكر فريق العمل المعتاد على الدراما التلفزيونية لتقديم دراما "ديجيتال"؟
العمل قصير بعدد حلقاته وليس بمدّتها، وقد اتفقنا مع طاقم العمل على نوعية العمل وكيفية إنتاجه وتقديمه للناس. ولا أخفي عليكَ أنّ تكاليف إنتاجه باهظة، ونحن نتحدّث هنا عن حالة خاصة بالدراما، ما يجعلك تواجه بعض العقبات الإنتاجية من ناحية الميزانيات، لأنّ في العالم الإلكتروني لا سقف للأحلام والطموح الدرامي، وبالتالي لك مطلق الحرية في تجسيد الورق على أرض الواقع بإمكانات كبيرة، وهذا ما يرفع تكلفة الإنتاج.
- قدّمتم هذا العام مع نادين نسيب نجيم كما العام الفائت دراما نخبويّة الهوية، شعبية الهوى؛ هل ترى أنّ في إمكاننا تقديم دراما نخبوية مئة في المئة؟
من يُنتج الدراما النخبوية يكون قادراً على إنتاج الدراما الشعبية، والعكس صحيح. إنّما الدراما الشعبية بأوجهها المختلفة هي المطلوبة اليوم، وهدفنا أن نصل إلى أكبر شريحة من الجمهور، وعندما تتعامل مع نجوم من أمثال نجوم شركة "الصبّاح"، يجب أن تقدّم عملاً شعبياً يُخاطب جمهورهم والقاعدة الجماهيرية التي يمتلكونها. في السينما الأمر أسهل، يمكن أن تكون أكثر انتقائيةً وتقدّم عملاً نخبويّاً بحتاً، لكن في الدراما، إن لم يكن هناك تجانس بين المُصنّف والجمهور، لا سيّما في رمضان، فلن تنجح بالتأكيد. في رمضان تجتمع العائلة لمتابعة الأعمال الدرامية، وبالتالي لا تستطيع تقديم دراما معقّدة، والتي قد تنجح في موسم خارج رمضان. اليوم نحن ننتج دراما شعبية في رمضان لنصل إلى أكبر شريحة جماهيرية ممكنة وتكون المحطات التلفزيونية مهتمة بعرض إنتاجاتنا.
- إذا تحدّثنا عن الدراما Off Season أي في مواسم خارج رمضان... قدّمتم "ما فيي"... كيف وجدتَ الأصداء؟
لم يكن "ما فيي" باكورة إنتاجاتنا في هذا الصدد، ولا تجربتنا الأولى في بلاد الشام، فقد سبق وقدّمنا "سمرا"، وفي مصر لدينا قائمة من الأعمال التي تُعرض خارج شهر رمضان. في لبنان التجربة خجولة ولكنّنا نعمل على تطويرها. نحن لم نطرح أنفسنا منافسين للأعمال المحلية، وكما قلتُ لك فهدفنا أن نقدّم دراما يُمكن تصديرها إلى الوطن العربي والعالم، وهذا لن يحصل إذا قدّمت دراما ضخمة، فلا يمكن التركيز على الدراما المحلية فقط، إذ أوجدنا معادلة بين الدراما المحلية وتلك العربية، وهذا أيضاً حقّق نجاحاً مع شريكنا الإستراتيجي MTV في لبنان وقدّمنا مع المحطة أعمالاً عربية التوجّه.
- سمعتُ أنّ هناك أعمالاً قيد التحضير بعد شهر رمضان...
هناك مسلسل سيجمع بين النجم رامي عياش والنجمة الشابة ستيفاني صليبا أمام عدسة المخرجة رشا شربتجي من كتابة بلال شحادات. كما أنّ هناك عملاً جديداً لنادين نسيب نجيم خارج رمضان تُحاك اليوم خيوطه الأولى. نحاول ما أمكن الاهتمام بالسوق الدرامية الرمضانية وخارجها في لبنان كما في مصر.
- ما الذي جعلكَ تُراهن على فاليري أبو شقرا كممثلة على سكّة الاحتراف؟
عندما راهنتُ على فاليري واخترتها، لم يكن ذلك لأنّها جميلة أو محبوبة، أو حتى لكونها ملكة جمال لبنان سابقاً، بل لأنني وجدتُ لديها شغفاً وحماسةً كبيرين للتمثيل، وقد خضعت للكثير من التدريبات قبل تقديمها للجمهور ضمن القالب الدرامي، كما وضعتها بين أيدٍ أمينة في أولى تجاربها مع رشا شربتجي، وإطلالتها في "الهيبة- العودة" ما هي إلّا تحضير لها للإطلالة في "ما فيي"، وأعتبر أنّنا كسبنا موهبة جديدة ومميّزة داخل الشركة، ونحن اليوم نعمل على مسلسل جديد لها.
- أعدتَ ثقة نيكول سابا وسيرين عبدالنور بما سمّيته دراما شامية (مشرقية)...
سيرين عبدالنور نجمة متألقة في سماء الدراما المحلية والعربية، وقد حقّقت أعمالها نجاحات كبيرة، وتملك قاعدة جماهيرية واسعة. وللأمانة، أردنا منذ فترة أن يكون هناك تعاون بيننا، ولكنّ مراحل الحمل والولادة أخّرت هذا المشروع، وهي بلا شكّ إنسانة محبوبة ومطلوبة جماهيريّاً. واليوم هي في طور تحقيق نقلة نوعية بعد "الهيبة- الحصاد". أمّا نيكول سابا فهي نجمة ناجحة جدّاً في مصر، لم تخُض تجارب كثيرة في الدراما المحلية، واقتراح أن تلعب بطولة "الهيبة- العودة" كان صائباً رغم أنّها كانت مرهقة بعد مشاركتنا تصوير مسلسل "ولاد تسعة" في مصر، ونتطلّع إلى تجارب أخرى معها، فهي من أهل البيت.
- كيف وجدتَ الرهان اليوم على ستيفاني صليبا، أحدث المنضمّات إلى "الصبّاح إخوان"؟
لطالما أطلّت ستيفاني في مسلسلات عدة سابقة بصورة المرأة الجميلة، ولكنني اخترتُ لها دوراً أظهر طاقاتها التمثيلية ضمن قالب دراميّ بحت، والتحدي الذي خاضته في رمضان هذا العام، أن تكون امرأة جميلة من دون تبرّج سيضعها على الخريطة الدرامية، وأمامها مستقبل واعد، كما ستكون لها حظوظ مهمة في الوطن العربي بعد المحطة المفصلية في "دقيقة صمت".
- في الحديث عن "دقيقة صمت" الذي تمّ تصويره في سوريا... ما التحديات التي واجهتها في إعادة دوران العجلة الدرامية في الشام؟
أمنياً، لم يكن هناك من مخاطر، وعندما اطمأننا إلى الوضع في سوريا، أنجزنا هذا الإنتاج الضخم هناك، علماً أنّ معظم الفنيين في مسلسلاتنا هم سوريون، ونحن نعتزّ بالحضور السوري في أعمالنا، وقد اعتدنا على التصوير في سوريا إذ كنّا ننتج أعمالاً كثيرة هناك. واليوم عدنا والحمد لله مع "دقيقة صمت"، والمناخ الدرامي هناك أكاديمي ومحترف.
- كيف كانت تجربة نقل "مسرح مصر" إلى السعودية؟
ناجحة جدّاً، وقد كانت هناك وجوه كثيرة عملنا معها في مسلسلنا "يللا نسوق"، وأريد هنا أن أنوّه بخبرة الممثل أشرف عبد الباقي وعمله مع الممثلين، سواء في مصر أو السعودية، إذ كنّا خائفين من ألّا نجد مواهب في المملكة، ولكنّنا فوجئنا بكثرة المواهب فيها وبحالة التذوّق الفنّي لدى السعوديين التواقين لرؤية قصصهم وتفاصيل يومياتهم تُجسّد على المسرح.
- وماذا عن "يللا نسوق"؟
مسلسل كوميدي اجتماعي تدور أحداثه في مدرسة لتعليم القيادة للنساء، عالجنا فيه موضوع الساعة ألا وهو قيادة المرأة، وسعداء جدّاً بردود الفعل وانفتاح الجمهور وتقبّله لأعمالنا، ونحن نتجه اليوم لتبنّي روايات سعودية وتحويلها إلى مسلسلات.
- العديد من الروايات تحمل "تابوات" في سردها؛ كيف تتعاملون والحال هذه مع تحويلها إلى سيناريو مسلسل؟
نتجنّب هذه "التابوات"، أما إذا لم يكن هناك من مفرّ، فنعتمدها وكأنّها في خلفية القصة ولا نعالجها كخط أساسيّ ورئيس. وهذه هي الحال في مصر، حيث يخيّم على الدراما المناخ العائلي في إنتاجاتنا، وهناك أمور كثيرة يجدر التحدّث عنها غير "التابوات".
- أخيراً... أين أنتم من السينما؟
في السينما مشكلة اقتصادية وهي وليدة القرصنة، حيث فُقِدَت اليوم حلقة نقل الفيلم السينمائي إلى شاشة التلفزيون بسبب القرصنة والنسخ غير القانوني للأفلام المطروحة، وهذا ما يُسبب خسائر فادحة للمنتج. وهنا أريد العودة إلى سؤالك عن النخبوية، فنحن قدّمنا فيلمَي "مولانا" و"بالحلال"، وكلاهما يعالجان قضايا اجتماعية ضمن إطار نخبوي... آمل أن نعثر على حلٍّ للمشكلة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024