هل نحن في حاجة إلى 'قمة فنية في الدوحة'؟
"ع هوا لبنان" هو الشعار الذي قررت اللجنة المنظمة لمهرجان الدوحة اتّخاذه هذا العام، تقديراً منها لروّاد الأغنية والفنّ في لبنان. وكنا نتمنى حقيقة لو كان اللبنانيون على القدر الكافي من هذه المسؤولية بعد اختيار مجموعة من الأسماء المميزة لإحياء الليلة اللبنانية التي افتتح بها المهرجان. ولكن يبدو أن الكل يحب بيروت إلاّ أهلها... لأن جزءاً كبيراً مما حصل في كواليس المهرجان لا يعبّر عن "هوا لبنان" ولا عن هويته، وكانت الصورة التي تم تظهيرها من الدوحة، صورة خلافات ومشاكل وغيرة غير مبررة وإن بطريقة غير مباشرة، وتشبه كثيراً الحالة السياسية المليئة بالانقسامات. فنسينا أننا نكرّم لبنان وفنّه وكانت العناوين الأبرز خاصة بالخلافات.
البعض علّق وقال إننا ربما في حاجة إلى "قمة دوحة فنية" بعدما عقدت في السابق القمة السياسية الشهيرة في قطر قبل 3 سنوات والتي من خلالها جرى الصلح بين مختلف الأطراف المتنازعة في ذلك الوقت. في تقريرنا الذي نكتبه مباشرة من الدوحة، تفاصيل كثيرة عن مجمل ما حصل، وهو تقرير لم نكن نتمنى أن نكتبه خصوصاً بعدما تابعنا في العام 2008 الدورة التاسعة للمهرجان ذاته والتي كُرّم من خلالها الفنّ المصري.
فشاهدنا وشاهد الكلّ انضباط الفنانين واتفاقهم على هدف واحد وحديثهم المستمر عن حب بلدهم.
أما اللبنانيون فبدأوا بالاختلاف منذ لحظة وصولهم إلى الطائرة التي كانت تقلّهم من بيروت إلى الدوحة. ولا نقول الكلّ طبعاً بل عدداً منهم. فقد تمّ الاتفاق على تأدية "الميدلي" الخاص بالأغنيات التراثية في الطائرة ثم تبدّلت الأغنيات أكثر من مرة، كي يرضى فلان ولا يزعل علان، وحتى أن البروفا مرّت بصعوبة وحصلت فيها خناقات ومشاكل لأسباب واهية وحتى غير مفهومة.
الموسيقار ملحم بركات على سبيل المثال، قال أمام الصحافي ربيع هنيدي في بهو الفندق أنه لم يكن يعلم أن كل هؤلاء الفنانين سيكونون معه في مهرجان الدوحة، وأنه كان يعتقد أنه سيغني فقط مع نجوى، وذكر أنه عندما التقى بالفنانين في المطار اعتقد أنهم يقصدون الدوحة لإحياء حفلات زفاف هناك... هذا عدا عن المشاكل الأخرى التي حدثت والتي ننشر تفاصيلها في سياق الموضوع.
أما على المسرح فإن الصورة كانت مختلفة وافتتح المهرجان بحفلتين تعتبران من الأقوى. في الليلة الأولى اعتلى المسرح بداية الفنان القدير طوني حنا وقدم عدداً من أغنياته الشهيرة مثل "خطرنا على بالك" وأصرّ على النزول عن خشبة المسرح والتوجه إلى الجمهور الذي احتفى به وعبّر عن اشتياقه له، وكانت إطلالته من أجمل الإطلالات في المهرجان نظراً لما يمثّله طوني حنا لناحية الفولكلور والتراث والأغنيات اللبنانية العابقة برائحة الجبل.
ثم كانت وصلة الفنان أيمن زبيب الذي استحقّ فعلاً تلك المشاركة في "الليلة اللبنانية" كونه واحداً من أبناء الجيل الجديد الذين تميزوا بجمال الصوت والحضور، إضافة إلى اللباقة وحسن التصرّف.
وبعده كانت إطلالة النجم ملحم زين الذي تألّق في شكل لا يوصف، وغنى بشكل رائع رغم أن الانزعاج والتوتر كانا باديين على محيّاه بداية بعد المشكلة التي وقعت مع الاعلامي جمال فيّاض. لكن رغم ذلك قدم أغنياته الجميلة وعدداً كبيراً من المواويل إضافة إلى أغنيات وديع الصافي ليلهب حماسة الجمهور في صورة تفاعلية رائعة.
وبعد ملحم كانت الإطلالة المنتظرة للمطربة نجوى كرم التي تألّقت كعادتها في تلك الحفلة التي نفذت تذاكرها حسب ما أكّد لنا القيمون على المهرجان. وقدّمت كرم صورة مشرّفة عن لبنان و"هوا لبنان" في حفلة رائعة من الصعب ان تتكرر، رغم انها أبدت انزعاجاً من من هندسة الصوت وقالت إنها لم تكن تسمع نفسها في شكل واضح، وقالت أيضاً أن صوتها "خانها" في مكان معين فأخطأت في الغناء.
الخطأ ليس عيباً والاعتراف به من شيم الكبار، وهذه هي شيم نجوى كرم التي تركت في ذاكرة اللبنانيين والقطريين ذكرى مميزة وجميلة، قبل أن تترك المسرح للموسيقار ملحم بركات الذي اختتم الحفلة على طريقته. وقدم الموسيقار عدداً من أشهر اغنياته القديمة والجديدة دون ان ينسى إلقاء النكات والمزحات بين الحين والآخر، قبل أن يدعو الجميع في النهاية لاعتلاء المسرح من جديد ولتقديم "الميدلي".
الليلة الثانية: حضور مميز لمحمد الزيلعي وعيسى الكبيسي وتألّق اليسا ووائل كفوري
لم تقلّ الليلة الثانية روعة وجمالاً عن الليلة الأولى، خصوصاً مع اللوحات الصورية التي أبدع في إخراجها "الفنان المخرج" باسم كريستو الذي يتولى إخراج الحفلات الغنائية على المسرح في "كتارا" داخل الحيّ الثقافي حيث تقام فعاليات المهرجان هناك للمرة الأولى. ولا بدّ من التذكير هنا بأن موقع "كتارا" يُعتبر فعلاً مفخرة في الفن المعماري القطري وهو موقع يتوقع أن يكون له شأن كبير في الفترة المقبلة في قطر.
وقد أحيا الليلة الثانية 4 فنانين هم السعودي محمد الزيلعي والنجم القطري الشاب عيسى الكبيسي الذي شارك في دورات سابقة للمهرجان واستحق في كل مرة تلك المشاركة، نظراً إلى جمال وتميّز صوته وحضوره. ثم كانت إطلالة الفنانة إليسا التي رفضت إجراء مؤتمر صحافي، وافتتحت حفلتها بأغنية الفنانة داليدا "حلوة يا بلدي" التي تغنيها باستمرار، إضافة إلى أغنياتها الشهيرة القديمة والجديدة وسط تفاعل الحاضرين.
أما الختام فكان مسكاً مع النجم وائل كفوري الذي امتنع بدوره عن عقد مؤتمر صحافي، وسجّل حضوراً أكثر من رائع حقيقة رغم عدم رضاه كثيراً عن هندسة الصوت. ولم يكتف وائل بتقديم أغنياته المعروفة مثل "جن الهوا" و"يا هوا روح ورقللو" و"لو حبنا غلطة" وغيرها الكثير، بل قدّم "ليلية بترجع يا ليل" لفيروز إضافة إلى عدد من المواويل بصوته المميز الذي يجمع بين الحلاوة والقوّة وروعة الأداء.
فقرة وائل كفوري التي كانت من أكثر الفقرات قوة لناحية التفاعل الجماهيري، ولم تخلّ من صيحات الحاضرين "منحبك يا وائل"، حتى ان وائل رد على أحد المعجبات التي صرخت "بحبك" وقال لها "أنا كمان" قبل ان تتوجه فتاة أخرى إلى المسرح لتسلّم عليه.
وائل انزعج من تأخير وصلة إليسا
امتدّت وصلة الفنانة إليسا حوالي ربع ساعة زيادة عن الوقت المحدد، الأمر الذي أزعج الفنان وائل كفوري الذي كان ينتظر في الكواليس. إلاّ ان وائل المعروف بطيبته وحسن أخلاقه لم يسجّل أي اعتراض إلى درجة أن أحداً لم يحسّ أنه حقيقة انزعج. وتوجه إلى المسرح في شكل عادي وكأن شيئا لم يحصل وغنى وأسعد الحاضرين الذي قدموا لسماعه.
والجدير ذكره أن مجمل تصرفات وائل كفوري كانت عادية جداً وشوهد أكثر من مرة في مطعم الفندق يجلس مع الكلّ بعيداً عن التصرفات التي يقوم بها آخرون.
طارق أبو جودة في المطار: "معقول يارا تطلع بالباص..."؟
وصل النجمان فضل شاكر ويارا إلى الدوحة في الطائرة ذاتها. وبعدما نزلا من الطائرة ودخلا إلى المطار، أبدى الملحن طارق أبو جودة امتعاضه كونه توجه من الطائرة إلى قاعة المطار في الباص الخاص بشخصيات ال v. i. pوليس في سيارة أخرى.
وراح يقول: "معقول يارا تطلعوها في الباص ونوقف في الصف كي يُختم جواز سفرها؟ أنا متأكد أنكم لم تتصرفوا في هذا الشكل مع الآخرين".... موجهاً الكلام إلى المنظمين، إضافة إلى حديثه في طريقة غير لائقة مع أحد المصورين.
الجدير ذكره أن الباص الذي يقلّ المسافرين عادة داخل أرض المطار والذي صعد إليه طارق ويارا، هو ذاته الذي أقلّ فضل شاكر وقبله شيرين عبد الوهاب وماجد المهندس ونجوى كرم ووائل كفوري واليسا ومحلم بركات ومختلف النجوم الذين وصلوا الدوحة. فهو خاص بمسافري الدرجة الأولى ويستعمل في مختلف مطارات العالم ولا يعتبر إهانة لأحد.
وكان طارق يريد إلغاء المؤتمر الصحافي الخاص بيارا، لكنه عاد واقتنع ليتوجه مع يارا مباشرة إلى "كتارا" في المكان المخصص للمؤتمرات. وكان لافتاً أنه عاد واعتذر أيضاً من المصور الذي تجادل معه في المطار.
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024