مديرة مركز ريادة الأعمال في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية سارة خنكار: كلما حققت نجاحاً طلبتُ المزيد
شخصية مميزة قهرت أحزانها حين تحدّت العقبات، وضربت عرض الحائط بكل الصعوبات التي واجهتها لتحقق ذاتها وهي ما زالت بعد طالبة في جامعة الملك عبدالعزيز- قسم التسويق. هي سارة خنكار مديرة مركز ريادة الأعمال في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية، ومسؤولة عن برنامج "صناع الإلهام" لمشاركة الشباب تجاربهم، ومنحهم فرصاً كبيرة حتى يتمكّنوا من التأثير الإيجابي في المجتمع. "لها" التقت سارة خنكار لتغوص في تلك الشخصية الممتلئة بالثقة والعطاء، والتي لُقّبت بـ"سفيرة الإلهام".
- ما الخطوات التي جعلتك سفيرة إلهام لكثير من الشباب؟
بدأت الخطوات بمشاركة تجربتي الخاصة، والتي حصدت ردود فعل جيدة، فشعرت كم أن الناس بحاجة الى الأمل كي يُشرق حياتهم، والكلمة الطيبة لتسعدهم. وقد دفعني شغفي لإعداد هذا البرنامج حتى يشارك فيه كل شخص يستطيع نشر الأمل، ولست أنا وحدي، فالفرصة متاحة للجميع لنشر الأثر الإيجابي.
- وكيف جاءتك الفرصة؟
من محاسن الصدف أن تكون الطريق مفروشة بالورود، فحين كانت صديقتي مرشّحة لإمارة مكة من جانب جامعتها، رافقتها كمساند، وسألت نفسي لماذا لا أشارك تجربتي؟ فشاركتُ وفزت بالفرصة، ووقع الاختيار عليّ.
- كم ترك هذا الاختيار من أثر إيجابي في نفسك؟
ازدادت ثقتي بالفرص حين تأتي الإنسان، والله عّز وجل هو من سهّل الطريق، ويسّر الأمور من دون تحضير لها، حتى اعتليت المسرح وارتجلت كلمة لأصبح متحدّثة في مسرح الملهمين، وهذا الفيديو أحدث نقلة نوعية في حياتي، ومهّد لي الطريق.
- عمَّ تحدثت سارة؟
تكلّمت عن الحادثة التي تعرّض لها زوجي حين كان يعمل في مصنع للبتروكيماويات في مدينة رابغ، فدوّى انفجار في المصنع أودى بحياته. صعقني الخبر حينها، ووقفت واجمة لا أعرف من أين أبدأ. كنت وحيدة وليس معي إلا الله وطفلتي في عامها الثاني، فحملت بعضي أنا المفجوعة بزوجي ورفيق دربي وعدتُ أدراجي إلى مدينة جدّة حيث يعيش أهلي. عدت خالية الوفاض، إنسانة خائبة لا ألوي على شيء.
- لكنني لم أجدكُ إنسانة خائبة، بل امرأة تشع عطاء وإلهاماً؟
حين وقع الحادث فقدت الوعي، وفقدت معه طموحي وأحلامي، لكنّ شيئاً ما في ذاتي حرّكني لأكون أو لا أكون، مما دفعني للنهوض من جديد لأبني مستقبلي ومستقبل ابنتي، إلا أنني لم أنسَ مصابي الأليم، لأنه الحافز الوحيد الذي أنعش حياتي.
- هل تعملين بالإصرار نفسه؟
عدتُ أقوى من ذي قبل، لأن طموحي لا يقف عند حد معين، فكلما حققت نجاحاً طلبتُ المزيد، وأي مشكلة تواجهني في الحياة أراها جد صغيرة بالمقارنة مع فجيعتي، وأجدُ لها الحلول.
- تتحدثين عن الخوف، لماذا الخوف مع كل هذا النجاح؟
كان الخوف يعتريني من فقدان أحد أفراد عائلتي، وبعد وفاة زوجي، سيطر عليّ هذا الخوف وتملّكني الضيق لمدة طويلة، ولمّا واجهت الخوف بإيمان وعزيمة وصبر، خرجت بإرادة أقوى.
- برنامج "صناع الإلهام" هو لمساعدة الشباب، لكن ماذا عن مركز ريادة الأعمال؟
هو عبارة عن مساحات مكتبية، توفر المكاتب والإرشادات والدورات التدريبية لرائدات وروّاد الأعمال لدعم مشاريعهم وتنفيذها على أرض الواقع، وفخورة بكوني ضمن فريق تشغيل وإدارة المركز.
- كيف يتم توجيه رائدات وروّاد الأعمال؟
كفريق مركز ريادة الأعمال، نهتم بتفاصيل مشروع روّاد الأعمال ونحرص على إدخالهم إلى سوق العمل. ويتلخّص عملنا بتوجيه المشاريع للمرشدين وتنظيم ورش العمل الملائمة لكل مشروع.
- ما الوسائل المعتمدة التي تستخدمها سارة لتطوير الموارد البشرية في الشركة؟
حين عملتُ في مسرّعة الأعمال، كنت أقدّم استشارات للمشاريع، وأهتم بشخصية الفرد قبل الاهتمام بمشروعه، أي أهتم ببناء الفكر فأطور نقاط القوة في الشخصية، وأسيطر على نقاط الضعف، بعدها أفكر في ما إذا كان المشروع سيستمر أم لا.
- إذا لم يتوافر المال للمشروع، ماذا تفعلين؟
لدينا فرص استثمارية كبيرة لرائدات وروّاد الأعمال لربطهم بالمستثمر المناسب، إلى جانب دعم هيئة المنشآت المباشر لهم.
- ما هي الحلول المستدامة لتلبية احتياجات الشركات التي تعملون على دراستها وتقديمها بشكل مناسب؟
التخطيط المسبق لحل أي مشكلة يمكن أن تعترضنا، والعمل بروح الفريق، وسرعة إيجاد الحلول للمشاكل قبل تراكمها.
- ما الذي تقدمه سفيرة الإلهام لرائدات الأعمال؟
من الفئات التي تهمّني في المجتمع، الطالبات من المرحلة الثانوية وحتى الجامعية، لكونها فترة صعبة جداً، خصوصاً ما يتعلق باختيار تخصّصهن، وأنا نموذج أمامهن أعمل ولم أتخرّج بعد، فأتحدّث عن الأزمات والمحن وكيفية الخروج منها، وعن الحزن الذي يعطي دافعاً فيخرج الإنسان منه أكثر قوةً، ويصبح بأفضل حال. وكوني أكتب مذكراتي اليومية، فكل تجربة مررت فيها بحياتي أكشفها للناس ليتعلّموا منها وتحقّق الفائدة المرجوة، وسيصدر كتابي قريباً تحت عنوان "1995".
- لماذا اخترت هذا العنوان؟
للتعبير عن عدد الدروس التي تعلّمتها منذ يوم مولدي عام 1995 وإلى الآن، لكن عنوان الكتاب مبدئي، ولم يُحدّد بعد.
- ما الأهم في الاستشارات الإدارية التي تقدّمها سارة للشركات؟
من مميزات شخصيتي، الاستمرار في التحدّث والمقدرة على إقناع الناس، لذا حين تأتيني استشارات في التسويق، أسارع لتعليم الآخرين كيف يسوّقون أنفسهم ليحققوا طموحاتهم.
- كيف تقدّم سارة نفسها؟
كلامي ينبع من القلب ليصبَّ في القلب.
- شاركت في مؤتمر "مسك"، بمَ خرجت منه؟
في منتدى "مسك"، تحدّث كل شخص عن تجربة نجاحه، ومن خلال تجربتي الشخصية حصلت على إلهام كبير، لأن كل فرد يودّ أن يربط تجربته بتجربة ذاك الإنسان الناجح، ليستفيد من ثم على المستويين الشخصي والمجتمعي، مما ساعدني على إطلاق منصة يُتاح لي العمل من خلالها.
- ماذا يقدّم أول مركز لريادة الأعمال في مدينة الملك عبدالله الاقتصادية؟
بما أن إدارة المركز مدعومة من هيئة المنشآت، فهي توفر كل شيء بالمجان لرائدات وروّاد الأعمال، من استشارات ودورات تدريبية إلى مكاتب، لذا حين أرى الشغف في عيونهم، أشعر بالفخر لكوني أنتمي الى المملكة العربية السعودية التي تؤمّن لشبابها كل وسائل النجاح.
- أيّهما الأقدر على استلهام نصائح سارة: الشبان أم الشابات؟
كَوني سيدة، أستطيع الوصول إلى قلوب الشابات وفكرهن وأرى فيهن قدرةً أكبر على الاستفادة، أما الشبان فيستفيدون من بعض النصائح.
- ما التحديات التي واجهتك؟
كلام الناس الجارح الذي يؤذي في العمق، كوني أرملة وأمّاً لطفلة ولم أتخرّج بعد، والسعي لتزويجي، وكيف لي أن أعيش بمفردي، ولن أجد عملاً، فما زلتُ على مقاعد الدراسة... كل هذا رميته وراء ظهري حين قررت الخروج من عنق الزجاجة ورسم خط تسير عليه حياتي، ووصلت من خلال أسهل الطرق المختصرة، وبقيت جزءاً من مشروع "صناع الإلهام" وما زلت أعمل مع إدارته، والمسرح الذي وقفت عليه، أدعو الشباب ليقفوا عليه ويحققوا طموحاتهم.
- ما هو حلم سارة؟
ابنتي "سدين" بلغت سنّ الخامسة، وأحب أن تفخر بأمّها سارة حين تكبر، وأكون فخراً لأهلي، وأترك بصمة جميلة في المجتمع، لأكون شعلة أمل في حياة الآخرين.
- ماذا تقولين للمرأة السعودية؟
التحديات موجودة في المجتمع، لكن أكبر تحدٍّ يواجه طموحك هو نفسك. كوني واثقة وقوية لتحقيق المستحيل.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024