تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الفنانة التشكيلية ليديا معوض: لوحاتي استقطبت ذوّاقة الفن في العالم وتهافتوا على شرائها

في مشغلها

في مشغلها

مع أسامة الرحباني وإيلي سكاف

مع أسامة الرحباني وإيلي سكاف

في معرضها في جدة

في معرضها في جدة

مع أولادها

مع أولادها

في زيارتها لطوكيو

في زيارتها لطوكيو

ليديا معوض فنانة تشكيلية ورسّامة لبنانية شاركت بلوحاتها في معارض محلية وعربية ودولية عدة. فالرسم والفن يجريان في عروقها منذ الصغر، بحيث ترعرعت في كنف عائلة فنية بامتياز، والدتها هي الفنانة التشكيلية الكلاسيكية نهى عكاوي رشدان، وجدّها صائغ المجوهرات حليم عكاوي الذي جابت أعماله متاحف العالم ولم تزل. عاشت ليديا صراعاً مريراً مع مرض السرطان، إلا أنها بالعزيمة والإرادة الصلبة، استطاعت أن تنتصر عليه وتخرج من المحنة أكثر قوة. "لها" زارت الفنانة ليديا معوض في محترفها في مدينة الحِرف في جبيل، واستمتعت بمشاهدة لوحاتها الجميلة والمميزة التي لا يَمّل النظر منها والتمعّن بطريقة رسمها والألوان التي تمتزج فيها.


- كيف أصبحت رسّامة؟

لم أُخطط لأن أصبح رسّامة، فموهبة الرسم وُلدت معي وتطورت تدريجاً. منذ طفولتي تأثرت بوالدتي الفنانة التشكيلية نهى عكاوي رشدان التي كانت تقدم ريع معارضها للجمعيات الخيرية، وكذلك بجدّي صائغ المجوهرات العالمي حليم عكاوي، وكنت أشعر بالسعادة ما إن ألتقط الريشة وأبدأ بالرسم.

- وما الذي شجّعك على المشاركة في عدد من المعارض العالمية؟

النقطة المفصلية في حياتي كانت بعد إصابتي بمرض السرطان عام 2012، والذي تغلّبت عليه بعد خضوعي لجلسات علاج طويلة ومضنية. المرض جعلني أرى الأشياء من منظور آخر. كانت تجربة صعبة، اذ كنت أشعر بالموت يقترب مني كل يوم. قررت أن أهزم الموت من أجل أولادي، ولذلك كنت أهرع الى محترفي لأنتزع ألم العلاج وأُحيله ألواناً على قماش اللوحة، فتغير أسلوبي في الرسم وأصبح وجدانياً تجريدياً. بعدها شاركت في معارض كثيرة، لعل أبرزها معرض دبي عام 2013، تلته مشاركاتي في معارض عربية في السعودية والكويت والمغرب وقطر، ومعارض عالمية في اليابان وإيطاليا وهونغ كونغ وكندا وفرنسا وألمانيا والنمسا.

- من شجّع ليديا واشترى أولى لوحاتها؟

أول من شجّعني واشترى لوحاتي هي شقيقتي

د. نيللي مراد، لأنها ملمّة بالفن. وعندما قررت أن أبيع لوحاتي، قالت لي إنها مستعدة لشرائها كلها لإيمانها بقدراتي الفنية، بعدها اقتنى أعمالي كثرٌ من محبّي الفن في لبنان والخارج، وهي اليوم تلقى رواجاً بين عشّاق فن الرسم في العالم .

- حدّثينا عن أول معرض شاركت فيه والمواضيع التي اخترتها لتعبّري عنها في لوحاتك؟

أول معرض شاركت فيه كان في باريس بدعوة من "غاليري شاهين"، في السفارة اللبنانية، بعدها صرت أشارك سنوياً في معارض Art Fair في "البيال" والخارج. أما عن مواضيع لوحاتي فجلّها يتمحور حول المرأة لإظهار مكانتها المهمة ودورها الفاعل في المجتمع.

- تضم لوحاتك مزيجاً من حضارات قديمة عدة، ما السبب؟

هذا صحيح، فإذا أردنا أن نعرف من نحن اليوم، علينا أن نعرف ما كنا عليه في الماضي. ولنتأكد من ذلك، علينا أن نعود الى الحضارات القديمة، وهكذا بدأت الاطّلاع على تاريخ تلك الحضارات، وعدت الى الأحرف الفينيقية، والهيروغليفية، والمايا، وقررت أن أدمج تلك الحضارات مع بعضها البعض لتشكّل حضارة واحدة، لأننا في النهاية نتاج حضارة كونية، وبالتالي رحت أدخل الأحرف مع بعضها البعض الى أن وصلت الى مرحلة اخترعت فيها أحرفاً لديوية (خاصة بـ"ليديا")

- وماذا عن المعارض الدولية التي شاركت فيها؟ وهل أثّر مرضك في نوعية لوحاتك؟

يوم دُعيت للمشاركة في البينال في فلورنسا (Xth Florence Biennale) في إيطاليا، أُعجب النقاد الإيطاليون بلوحاتي وتحدّثوا عن الألم غير المحسوس فيها. تلك اللوحات كنت قد رسمتها في مرحلة ما بعد المرض والتي كانت مرحلة انتقالية. تحدّثوا كثيراً عن الطبقات الموجودة في اللوحات، واختاروا أن تبقى لوحاتي مع أخرى لـ 17 فناناً من أصل 425 فناناً مشاركاً، معروضة لسنة كاملة في فلورنسا، كما عرضوها في عدد من الغاليريات المهمة. بعدها تلقيت دعوة للمشاركة في Tokyo Art Fair في اليابان. وانطلاقاً من معرض فلورنسا، أصبحت أشارك في المعارض الفنية العالمية. وفي طوكيو في Liz Corporation & Art Gallery أعجبوا بلوحاتي وطلبوا مني أن أترك المجموعة كلها في الغاليري. واليوم يتم التحضير لإقامة معرض ضخم لي في اليابان، كما أستعد للذهاب الى هونغ كونغ، إذ بعد Tokyo Art Fair & Europe Art Fair، جالت لوحاتي في الكثير من المدن والعواصم العالمية، ومنها أمستردام وميلانو وفلورنسا واليابان وهونغ كونغ وبرلين ونيويورك، وقد تلقيت دعوة للمشاركة في Affordable Art Fair الذي سيُقام في هونغ كونغ في أيار/مايو المقبل، وملبورن في أيلول/سبتمبر المقبل، وسأشارك في الشهر الحالي في معرض الربيع في هونغ كونغ.

- رُشّحت لجوائز عدة، فما كان آخرها؟

رُشّحت لجوائز عدة، كان آخرها AWARD of EXCELLENCE 2018حيث كرّمني رئيس غرفة التجارة والصناعة العربية في هونغ كونغ اللورد أدوين حتّي، وذلك لإنجازاتي المهمة في المعارض الفنية العالمية بحيث استقطبت لوحاتي ذوّاقة الفن في العالم وتهافتوا على اقتنائها.

- شاركت في معارض عدة، لكنْ أيٌّ منها ترك بصمة مميزة في حياتك؟

معرض الخريف الذي أُقيم في أيلول/سبتمبر 2018 في هونغ كونغ ترك بصمة مميزة جداً في حياتي، إذ إن أحد أهم مقتني اللوحات العالمية والذي يملك مجموعة كبيرة لبيكاسو، اشترى ثلاثاً من لوحاتي.

- أيهما الأقوى: ليديا الإنسانة أم ليديا الفنانة؟

أنا إنسانة قبل أن أكون فنانة، وأعتقد أن الصفتين تكمّلان بعضهما بعضاً، لا بل تسيران معاً وبالوتيرة نفسها.

- طريق الفن لا تخلو من الصعوبات، فمن كان الداعم الأساس لليديا؟

وجود عائلتي بالقرب مني جعلني امرأة قوية. فبالدعم العائلي وتوافر الإرادة الصلبة تخطّيت كل المصاعب.

- هل تشجع ليديا أولادها على الرسم؟

بالطبع أشجّعهم على الرسم إذا كانوا شغوفين به، لأنني أعتبر الرسم تأملاً ورجوعاً الى الذات، فهو يساعد الإنسان على تخطي الصعوبات اليومية، فيكون بمثابة الدواء الشافي للروح... دائماً أقول لأولادي "اتّبعوا شغفكم"، فالشغف هو أساس النجاح في مختلف ميادين العمل.

- هل تشعر ليديا بنشوة النجاح الى الحد الذي يصيبها بالغرور؟

رغم أنني جبتُ العالم بلوحاتي وشاركت في معارض عالمية، أؤمن بأنني ما زلت في أول الطريق. وكل من يعتقد أنه حقق أعلى درجات النجاح، يكون في رأيي قد أوشك على الانهيار. فالمعارض التي شاركت فيها والجوائز التي حصدتها، تؤكد أنني أسير على الطريق الصحيح، وأن عطاءاتي تحظى بتقدير الآخرين.

- للشهرة ثمن يدفعه الفنان، فما الذي ابتعدت عنه ليديا بسبب عملها وشهرتها وتشتاق إليه دائماً؟

لا شيء إطلاقاً، فكل ما أشتاق إليه راسخ في عقلي ومخيلتي. أؤمن بالحاضر وأعتبر الماضي ورائي، والمستقبل ما زال بعيداً، وليس ملموساً. أعيش الحاضر وأتمتع بالأشياء الملموسة، فعلى كل فرد أن يعيش الحاضر وألاّ يفكّر بالماضي، وبالتالي يستفيد من الوقت لإثبات ذاته وتحقيق أهدافه.

- هل في إمكانك التوفيق بين حياتك الشخصية والعملية؟

ثمة ارتباط وثيق بين حياتي الشخصية وتلك العملية، فأنا أسافر دائماً من أجل المشاركة في المعارض، وأضطر للابتعاد عن عائلتي، ولكن عندما أكون بالقرب منهم أخصّص كامل وقتي لهم، وألاحظ أن غيابي أحياناً يعزّز الروابط العائلية بيننا.

- أي نصيحة تسديها ليديا للمرأة العربية؟

أنصح كل امرأة عربية بأن تؤمن بذاتها وتسعى جاهدة لتعزّز ثقتها في نفسها، وذلك من خلال متابعة تحصيلها العلمي أولاً، والحرص على ممارسة المهنة التي تحبّها ثانياً، فالمرأة العربية أثبتت وتثبت يوماً بعد يوم أنها قادرة على القيادة والريادة، فعلى كل امرأة أن تكافح وتسعى لتكون قوة فاعلة ومنتجة في مجتمعنا العربي. كما عليها أن تبحث عن شغفها، وقد تجده في الفن أو السياسة أو في مجالات التكنولوجيا الحديثة أو الطب والهندسة، فمن الضروري أن تبحث عما يُشعرها بالسعادة وما يناسبها وليس ما يناسب الآخرين.

سيرة ذاتية:

● وُلدت الفنانة التشكيلية والرسّامة اللبنانية ليديا معوض في مدينة جبيل، وبعد إنهائها دراستها العليا في الفنون في جامعة الروح القدس أصبحت فنانة تشكيلية ومدرّسة فنون معروفة. عملت ليديا لست سنوات في تصميم الفواصل الإعلانية في المؤسسة اللبنانية للإرسال، وزاولت مهنة التعليم كأستاذة للفنون والرسم، كما خاضت تجربةً مع منظمة الأونيسكو من خلال مساهمتها في كتاب عن حقوق الطفل وآخر عن أهمية النظافة، كذلك استعان بها المركز التربوي للبحوث والإنماء عام 1999 إذ نشرت رسوماتها في المناهج الدراسية الجديدة. إلى جانب عملها كمدرّسة ومشاركتها في معارض عدة في لبنان ودول العالم، تمضي ليديا وقتاً طويلاً في محترفها، وتقول إن الإبداع لا ينفصل عن التأمل وأن مخاض اللوحة وولادتها يقتضيان الاتحاد بين الواقع والحلم، بين الجسد والروح، بين الوعي واللاوعي.

● صحيح أن ليديا وفي رحلة البحث عن أسلوبها الخاص خاضت المجال الكلاسيكي فرسمت الوجوه المختلفة، غير أنها بدأت لاحقاً دراسة الحركة، ومع مرور الوقت صار تعبيرها أكثر تحرراً وتجرّداً. فوق لوحاتها، تختلط الرموز بالكلمات والأفكار الهاربة والألغاز، تساعد في ذلك التقنيات الفريدة التي تستعملها معوض فتحفر على النحاس والجلد وتدخلهما الى القماش... تدمج المواد كلها بألوان الشغف المعروفة لديها لتصبح اللوحة في النهاية وحدة متكاملة تُشعر عين الناظر بالاكتفاء، فيدخل الى عالم لا محدود من التأمل، خصوصاً أن معظم لوحاتها ثلاثية الأبعاد، ما يفتح الآفاق أمام رؤية التفسير.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079