شقة في «المثلث الذهبي» في باريس: أجواء مخملية ورفاهية مطلقة!
تشغل الشقة مجمل الدور الثالث من مبنى ذي مكانة مميزة، وتبلغ مساحتها 204 أمتار مربعة، مع شرفة تمتد على طولها.
فكرة الشقة تدور حول الموضة الباريسية، حيث نجد الملامح الرئيسة لعالم الأزياء بكل ما يحيط به من أشكال وألوان وخطوط ومواد، وهي وإن كانت لا تختصر هذا العالم الكبير المتكلف، غير أنها تعكس ملامحه وقسماته المشبعة بروح الابتكار.
مدخل الشقة يثير الدهشة من خلال طرافة أو براعة فكرته التي تم استدعاؤها من غرفة الانتظار الملحقة بصالة قياس الملابس في بيوتات الأسماء الكبيرة لـ«الهوت كوتور» وصالونات الأناقة الباريسية الشهيرة. كل عناصر هذه المساحة تتمتع بأصالة موصوفة، فالأرضية «الباركيه» من الخشب الهنغاري الشهير، والمرايا تم تجديدها من دون أن تفقد أصالتها، السجادة بيضاوية الشكل بموتيفات ناعمة بتوقيع «إيج» يتوسطها مقعد منخفض مستدير من الجلد المنجّد «كابيتونيه» من تصميم «أو. مون» لصالح «بودورا»، وكنبة «بلامي» بقماش مطبوع بقشور الفحم... وثريا من الكريستال بيضاوية الشكل تحاكي السجادة تحتها، وفي الزاوية موديلات نصفية كالتي يستخدمها مصممو الأزياء، وقد أُعيدت زخرفتها بما يناسب الأجواء المحيطة. ويقود هذا المدخل الى صالتين، واحدة للاستقبال، والثانية جلسة خاصة لمشاهدة التلفزيون، وهو ينفتح أيضاً على غرفتي نوم، وبالطبع على صالة الطعام والمطبخ... ولعل ما يميز هذه الغرف كلها هو اتصالها المباشر بالشرفة التي تطل على منظر بديع لشارع «لنكولن».
على أنه يمكننا أن نقرأ عبر المدخل المضامين الزخرفية لهذه الشقة التي تعكس شخصية متطلبة، تبحث عن الأناقة والرفاهية من دون أن تهمل التفاصيل التي تشكل هيكلية جمالية وعملية لهذه العناوين. في صالة الاستقبال يمكننا أن نلاحظ ومن دون أدنى جهد الحضور البارز لمفهوم الأناقة، فالجدران المضيئة (وتم رسمها كتقليد لقطع رخام كبيرة) تحتضن خيارات تعلن عن نفسها في الأشكال والألوان والمواد، حيث المدفأة الرخامية تعلوها المرآة العملاقة، بزخارفهما الأصلية، والتي تكمل الزخارف التي تسم السقف والجدران لتشكل ملامح كلاسيكية عابرة للعصور والأزمنة، من خلال تناغمها مع اللمسات المعاصرة التي يضفيها حضور أثاث ينتمي في خطوطه الى العصر الذهبي للقيم الجمالية التي أسست للحداثة (بين خمسينات القرن الماضي وستيناته). فالمواد النبيلة من خشب وجلود وأقمشة راقية، تؤسس في معالجاتها وطرائق استخدامها لملامح زخرفية متميزة. ففي الكنبات هنا، تم استدعاء أقمشة تايورات «كوكو شانيل» لكي تضفي على الجو بعداً يتجاوز المؤقت. كذلك الجلد الأسود للمقعد الوثير، وتتوسط المشهد طاولة رخامية منخفضة من تصميم «روبرتو لازيروني». قطعتا الأثاث على جانبي المدفأة من تصميم «جيرار فيفر»، واللوحة الفنية على الجدار من عمل الفنانة «مونا اندوليانو»، وتنبسط فوق باركيه الصالة سجادة «كاراليس». وهكذا يبدو المشهد العام لهذه الصالة بأكسسواراته وتفاصيله التي تحمل كلها تواقيع أسماء كبيرة في عالم التصميم والموضة، وكأنه قطعة من تاريخ باريس الحديث.
في الصالة الثانية، أو صالة التلفزيون والذي يختبئ خلف مرآة كبيرة، سنجد حضوراً لافتاً لعدد من قطع الأثاث المبتكرة: «صوفا» كبيرة وثلاث أصغر حجماً، ولكنها جميعاً تحمل توقيع «نيكا زوبينك» وقد عمد «جيرار فيفر» الى تلبيسها بقماش مخمل من «سبلونديدو برلا» مما جعلها في غاية الأناقة والجمال، وتتوسط هذه القطع طاولة منخفضة دغمها باسم «عيوني فقط لأجلكم»، وقد صممها «داميان لونغلوا – ميرين» لصالح «سي لندن» للأثاث. على أن ما يميز هذه الصالة هو الحضور المبهر لعدد كبير من الأعمال الفنية من لوحات ومنحوتات لأسماء شهيرة في عالم الفن. ومن هذه الصالة يمكننا الدخول الى صالة الطعام، حيث سنجد هنا طاولة طعام أنيقة يعلوها مسطح من الزجاج الأسود وتحمل توقيع «خايمه هايون» ويحيط بها عدد من الكراسي المريحة بتوقيع «نيكا زوبينك» وقد أُعيد تنجيدها بقماش «شورت – كاتز» باللون الفضي. وبأناقة لافتة يطل المطبخ على صالة الطعام من خلال باب زجاجي جرّار – يلعب دور الحائط - بلون أثاث المطبخ البالغ الرصانة. وعلى الجدران صور كبيرة لـ«استديو كريستيان لاكروا في باريس» عام 1988 بتوقيع المصوّر المعروف «آرثور الغورت».
أجواء غرفتي النوم تؤكد واقعاً مرفّهاً، يمكن قياس نقاوته بالقيراط، ولذا سنقول بلا تردد هو من فئة الـ«24 قيراطاً». الغرفة الأولى هي لسيد المكان، حيث تم اختيار الأثاث بدقة وبراعة، وبالتأكيد بحساسية تعكس شخصية صاحبها. بين الغرفة والحمام غرفة ملابس رائعة، تزدان بمرايا على شكل الماس، وتذكّرنا بدار «ديور» للأزياء الراقية، وتشد الأنظار بمقبض الباب من الكريستال الناصع. أما الحمام فهو مثال لوحدة أجواء الشقة الموضوعية، حيث تم تنسيق موجوداته بـ«سيمترية» بالغة الدقة والتوازن، أمام حائط تمت تغطيته بشريحة مكبرة من «الدانتيل» الباهر، والذي تشتهر به باريس وتزود به أشهر دور الأزياء في العالم.
الغرفة الثانية، تعكس جواً آخر ولكنه لا يقل فخامة عن جو الغرفة الرئيسة، مع خزائن مدمجة في الجدران وحمام يميل أكثر الى البساطة. في الغرفتين يبدو الأبيض والأسود كأنهما يهيمنان على المساحات الليلية، ولكن ذلك لا يعني غيابهما عن بقية الشقة وأركانها، بل هما حاضران في كل مساحة بمقدار مدروس، تمليه ضرورات جمالية موزونة.
والواقع أن هذه الشقة التي أرادها مهندس الديكور الباريسي «جيرار فيفر» مثالاً لتجسيد جانب من تاريخ باريس، تعتبر بحق واجهة عالمية للموضة وأكسسواراتها، وبالتالي واجهة فريدة للأناقة والفخامة.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024