تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

فقط في لبنان: 'اللبناني مش ضروري يسهر'!

فقط في لبنان: 'اللبناني مش ضروري يسهر'!

«نعم مش ضروري يسهر، إذا معه مال يدفع ثمن البطاقة وإذا لا، يحضر تلفزيون في البيت»... هذه هي العبارة أو خلاصة ما نسمعه من بعض متعهدي الحفلات والقيّمين على إدارة أعمال الفنانين متى سألناهم عن أسباب ارتفاع أسعار تذاكر الحفلات بشكل جنوني وغير مدروس، إلى درجة صار فيها «حضور حفلة لمطرب» في لبنان بالنسبة إلى اللبناني أمراً مستحيلاً. فالحفلات في لبنان ليست مخصصة للبناني، بل للسائح الخليجي الميسور الحال حسبما يقولون. لكن تفكيرنا «المحدود» لم يسمح لنا بعد بفهم هذه الاستراتيجية أو النظرية التي خرج بها علينا أخيراً القيّمون على قطاع الحفلات في لبنان، ولهذا نسأل:


1-
من قال إن السائح الخليجي هو مجرّد شخص يحمل أكياساً من المال ولا يهمّه سوى صرفها في الحفلات؟ ألا تراه ربما ملّ هذه الحفلات المكرّرة والمتكرّرة على مدار العام وهو يشاهد كل هؤلاء الفنانين أساساً على شاشات التلفزة في الكليبات والحفلات المصوّرة طيلة النهار والليل؟ ما هو الجديد الذي تقدمونه للسائح الخليجي كي يفتح «كيس المال» ويشتري البطاقات لتلك الحفلات؟ فإن أي شخص مهما كان ميسوراً أو غنياً، سيستغرب عندما يتصل ليسأل عن ثمن البطاقة، فيُقال له: 1000 و2000 دولار؟ فعلى أي أساس سيدفع هذا المبلغ ولماذا؟ يعني حتى الخليجي عزف عن حضور هذه الحفلات، فكيف الحال باللبناني!

2- لماذا عندما يسافر فنانوكم إلى مصر مثلاً تأخذون في عين الاعتبار الحالة الإقتصادية للشعب المصري، فتكون أسعار حضور حفلات فنانيكم في مصر مقبولة ويمكن للمواطن المصري حضورها. فتقدمون الفنانين في حفلات مصر للمصريين وليس للآخرين كي يتمكن «الشعب العادي» من حضور نجم يحبه في مهرجان، أو «ميسور الحال» في فندق «5 نجوم». فمصر تعجّ بدورها بالسياح الخليجيين الذين يزورون أرض الفراعنة سنوياً، فلماذا ليست حفلات مصر محصورة بهم كما هو الحال في لبنان؟

3- لماذا عندما تتولّون تنظيم مهرجانات ضخمة في تونس والأردن مثل قرطاج أو جرش سابقاً، تأخذون أيضا بعين الإعتبار مسألة الحالة الإقتصادية فيكون أجر الفنان معقولاً وبالتالي أسعار التذاكر مقبولة لدى التونسيين والأردنيين، فتعجّ بهم المدرجات التاريخية إضافة إلى الخليجيين الذين قد يكونون مهتمين بحضور مهرجان لفنان يحبونه؟ وطبعاً الأمر ذاته ينطبق على حفلات الفنادق والمطاعم إن في تونس أو الأردن حسب ما شاهدنا بالعين المجرّدة خلال مشاركتنا في تغطية المهرجانات والجولات لعدد من نجوم الغناء في تلك البلاد. فتونس بدورها وأيضاً الأردن هي بلدان سياحية ويقصدها العرب والخليجيون.

4- لماذا عندما يقصد نجومكم بلداناً مثل المغرب والجزائر تكون أسعار التذاكر رمزية وأحياناً مجانية بسبب تولّيها من جانب شركات عملاقة ترعى هذه الحفلات وتتكفل بمصاريفها، فيكون الحضور بالآلاف وعشرات الآلاف، فتنجح الحفلات ويتمكن «الشعب العادي» من مشاهدة نجومه المحبوبين وتحقق الشركات الراعية أرباحاً كبيرة! وفي المغرب وتونس يوجد أيضاً سيّاح من الخليج والبلدان والعربية والأجنبية أيضاً.

5- رغم عدم الإقرار بالخسائر الفادحة التي مُني بها قطاع الحفلات في لبنان، إلاّ أن الكلّ صار يدرك أن أغلب هذه الحفلات لم يعد يحقق حضوراً جماهيرياً كما في السابق، وأن الصالات لا تبدو فارغة بسبب الدعوات التي توزّع مجاناً كما الصحف المبوّبة كي لا يلاحظ الناس قلّة الحضور. دون أن ننسى طبعاً القسم الآخر الذي يُلغى فيقولون لنا: «الفنان مريض». لكن المضحك أن «هذا الفنان» أعلن وصرّح أن السبب كان الضعف في «الحجوزات» خصوصاً أن الحفلة أقيمت في وقت هو ضمن «الموسم الميت»، وطبعاً نقصد بذلك حفلة الفنان فضل شاكر الأخيرة مع يارا التي أُلغيت والتي قال عنها فضل صراحةً إنها لم تحقق حضوراً بسبب سوء توقيتها.

6- قد يقول البعض: «طالما أن الحفلات تفشل وتتسبب بالخسارة، لماذا يستمرون في تنظيمها؟ بالتأكيد كل هذه شائعات». طبعاً هو سؤال منطقي ومشروع، لكن الجواب هو أن «بريستيج» البعض لا يسمح له بالاعتراف بالخسارة ويستمرّ بالمراوغة لعلّه يعوّض في حفلات مقبلة. فأين المشكلة طالما أن الشركات التي تتولى إنتاج هذه الحفلات قادرة على تغطية العجز المادي ويهمّها أن تبقى في صورة «العملاقة» التي تصرف وتتبنى دون أن تتأثر بأي أزمات؟

7- أنظروا بالمقابل إلى حفلات أخرى تقام في مهرجانات «بعلبك» و«بيت الدين» و«جبيل» التي يحضرها الآلاف والتي لم يسمع عنها أحد يوماً أنها فشلت! هل سمعتم يوماً عن حفلة لزياد الرحباني في فندق «5 نجوم»، وهل سمعتم بالمقابل عن حفل له ألغي أو فشل؟ وزياد ليس للبنانيين فقط، بل يحضره الخليجيون أيضاً بمبلغ زهيد.

8- لماذا الإصرار على وضع النجوم في هذا الإحراج والإرباك تجاه الناس وهم غير قادرين دائماً على رفض إحياء الحفلات بسبب عقود أبرموها؟ فبدلاً من وضع ثلاثة نجوم كبار في حفلة واحدة ليصبح ثمن التذكرة تلقائياً 1000 و2000 دولار، فليكن النجم واحداً ويشاركه فنان ناشئ يستحق فرصة الظهور. وبدلاً من أن تكون كل الحفلات في الفنادق الكبرى لماذا لا تُقسّم على صالات أخرى وعلى المهرجانات في المناطق بطريقة مدروسة كي نحقق المعادلة أمام الجمهور وأمام الفنانين أيضاً، فتنجح الحفلات ويسهر الكلّ ويعود قطاع الحفلات إلى نشاطه المعهود!

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079