عمّار شلق: انزعجت من منافسة نفسي بين "ثواني" و"حنين الدم"

حوار: هنادي عيسى 16 مارس 2019
مضت على مسيرة الممثل اللبناني عمّار شلق 25 سنة في مجال الفن، قدّم خلالها الكثير من الأعمال التلفزيونية والمسرحية، ويُعرض له حالياً عملان، الأول بعنوان "ثواني" على شاشة المؤسسة اللبنانية للإرسال، والثاني "حنين الدم" على شاشة تلفزيون "الجديد". وفي كلٍ من المسلسلين، يظهر شلق بشخصية مختلفة عن الأخرى، ويكون التنافس على أشدّه بين هاتين الشخصيتين. "لها" التقت بعمّار شلق وأجرت معه حواراً مفصلاً حول أعماله كافة.


- تصوّر حالياً عملاً درامياً خاصاً سيُعرض في شهر رمضان المقبل، ما هي تفاصيله؟

المسلسل لم يُحدّد اسمه بعد، لكنه يحمل مفاجآت عدة، وأقدّم فيه دور طبيب جرّاح شهير يُدعى "نسيم"، يتعرض لحادث يتعرف من خلاله إلى "جهاد" (كارين رزق الله)، ويفتح أمامه الأبواب ليكتشف صفات مشتركة بينهما وتعيدهما إلى أيام الحرب الأهلية في لبنان، ومع تطور الأحداث تتضح الحقائق... قصة المسلسل من تأليف كارين رزق الله، وإخراج إيلي حبيب، ويشاركنا في بطولته الفنانون: أسعد رشدان وأنجو ريحان وجوليا قصار وعايدة صبرا، وسيُعرض على شاشة "أم تي في" في رمضان المقبل.

- تظهر بكثافة على الشاشة وتنافس نفسك بعملين هما "ثواني" و"حنين الدم"، ما القصة؟

بصراحة، هذه المنافسة وُلدت بالصدفة، لأنني انتهيت من تصوير مسلسل "ثواني" منذ حوالى السنة ونصف السنة.

- مسلسل "حنين الدم" يحقق أعلى نِسب مشاهَدة على شاشة "الجديد"، بينما تؤكد "أل بي سي" أن "ثواني" هو الأول، ماذا لديك من معطيات حول هذا الموضوع؟

لا أريد الدخول في لعبة "الرايتينغ"، لكن مما لا شك فيه أن مسلسل "حنين الدم" يحظى بنِسب مشاهدة عالية جداً، وهذا يدل على أننا حصدنا النجاح بعد التعب الذي عانيناه في أثناء التصوير. ويُعدّ هذا العمل تعاوني الأول مع شركة "فينكس" لصاحبها إيلي معلوف، وسعيد بالنتيجة، فأينما أذهب يحدّثني الناس عن تفاصيل المسلسل.

- وماذا تقول عن دورك في مسلسل "ثواني"؟

دوري في مسلسل "ثواني" جذبني لتقديمه، لأنه يحمل في طياته طابع الجنون والتناقض، وهذه الشخصية أعطتني حافزاً لأُخرج ما في داخلي من جنون، وبرعاية المخرج الصديق سمير حبشي استطعت أن أضبط جنوني في التمثيل وظهرت النتيجة رائعة، خاصة أنني عملت على تغيير شكلي الخارجي إذ ازداد وزني، لأن سائق "التاكسي" دائماً يكون جاهلاً، أصلع، ذا "كرش" ويُطيل ظفره... كل هذه التفاصيل لعبت عليها، وحقق الدور صدى إيجابياً.

- من الواضح أن المُشاهد اللبناني يهتم بمتابعة قصة المسلسل ولا ينتبه الى تفاصيل الإخراج، لماذا برأيك؟

الشعب العربي في الإجمال لم يخرج بعدُ من عباءة "الحكواتي"، من "سيرة عنترة" الذي أطاح ألف رجل وصولاً إلى يومنا هذا، لأن القصص تُنسي المشاهد همومه اليومية. مثلاً، مسلسل "حنين الدم" جمع قصصاً عدة جعلت الجمهور يتابعه بكل تفاصيله. والمنتج والمخرج إيلي معلوف يعرف جيداً نبض الشارع ويقدّم له مادة مغرية وتشدّ انتباهه.

- هل انزعجت لأنك تنافس نفسك على محطتين مختلفتين؟

نعم، لأن شخصيتي في "ثواني" مختلفة عنها في "حنين الدم"، وكنت أتمنى أن يُعرض العملان في فترتين متباعدتين كي يتسنى للمشاهدين متابعتهما براحة واسترسال، لكن ما حصل هو قرار إنتاجي بحت ولا علاقة لي به.

- بعد مضي ربع قرن على عملك في الدراما اللبنانية، كيف تنظر إلى عجز المنتجين اللبنانيين عن تسويق أعمالهم في الدول العربية؟

بدأت الدراما اللبنانية تسوَّق في العالم العربي وإن بخجل، علماً أن القائمين على المحطات التلفزيونية العربية ينظرون إلى أعمالنا الدرامية على أنها ضعيفة، وهذه النظرة كرسّتها أعمال هابطة، وللأسف فالعرض يصبح تقليداً، لكن في الفترة الأخيرة خرق أكثر من مسلسل لبناني الحظر على الدراما اللبنانية، وخاصة محطة OSN التي عرضت أكثر من عمل لبناني بحت، والأمر المُفرح أن "فينكس" اشترت حقوق عرض مسلسل "ثورة الفلاحين"، وهذا إنجاز يسجّل لشركة "إيغل فيلمز"، وآمل أن يشجّع هذا الأمر شركات الإنتاج اللبنانية الأخرى على تقديم أعمال فنية جيدة بمستوى "ثورة الفلاحين".

- ماذا ينقص الدراما اللبنانية لتبدو أكثر إتقاناً؟

ينقصها سخاء المحطات التلفزيونية اللبنانية ورفع سعر الحلقة الواحدة، وهذا الأمر يجعل المنتج بدوره سخياً على أعماله، وعندها نرى مسلسلات قيّمة من كل النواحي.

- في رأي الجمهور، رحلة عمّار شلق مع التمثيل جديرة بالتقدير بدءاً من "أوراق الزمن المر" قبل 25 سنة... كم أنت راضٍ عن هذه المسيرة؟

أعتقد أن من يمتهن التمثيل ويصل الى مكان معين يقول فيه أنا راضٍ، فهذا يؤشر الى أنه بدأ يختلق الأعذار التي تحدّ من من طموحه الى الأفضل. مهما بلغ عمر تجربة الفنان، تبقى هناك أمكنة كثيرة تُشعره بالتحدّي لاقتحام أبوابها، قد تكون شخصيات تدعوه لتجسيدها، أو نوافذ تمثيلية في داخله تلح عليه ليفتحها... فمسرحية "لغم أرضي" التي قدّمتها قبل أشهر هي نوع من المسرح لطالما شُغفتُ بتقديمه.

- كيف قدّمت مسرحية "لغم أرضي" لكاتب ومخرج جديد هو إيلي كمال؟

إيلي كمال أعرفه منذ زمن بعيد، والتقينا مرات قليلة، وذات يوم عرض عليّ نص المسرحية فأُعجبت به ووافقت عليه فوراً لشدّة الإبداع فيه.

- ألهذه الدرجة حمّسك كاتب ومخرج مسرحي حديث العهد؟

الورق هو من حسم الأمر، وكذلك حضور ندى أبو فرحات، فهي في رأيي ممثلة محترفة. في الحقيقة، النص رائع.

- قبل حوالى السنتين ظهرت على مسرح مونو في "حبيب مش قاسمين"، ماذا عن نص رولا حمادة؟

أيضاً فاجأتني رولا بنصّها الذي أخرجه موريس معلوف. كانت تجربة جديدة، ووقفنا على مسرح تجمع تركيبته مدارس متعددة وتفتح نوافذ للممثل. أضاءت رولا حمادة على العلاقة بين الأشقّاء اللبنانيين والسوريين بعد النزوح... فتحت دفاتر من الماضي بقالب كوميدي وصولاً إلى الدراما.

- جُننت مع المخرج سمير حبشي في "ثواني"، فمتى سيأخذ بيدك إلى السينما جنون جديد؟

بصراحة، هذه المنافسة كانت وليدة الصدفة، لأنني انتهيت من تصوير مسلسل "ثواني" منذ سنة. أعتقد أنني سنتعاون عندما يصبح لديه مشروع سينمائي.

- وأنت على أبواب الخمسين، هل ندمت لأنك تركت دراسة الكمبيوتر وبتَّ فناناً؟

لم أندم مرةً، وكان مستحيلاً أن أكون في مهنة أخرى. باقٍ في هذه المهنة، وقد أُصبح مخرجاً. درست الإخراج في معهد الفنون وهو يحتاج الى ثقافة عريضة وخيال واسع.

- إلى أي درجة تأخذ من الشخصية التي تؤديها؟

هذا يعتمد على الدور. ثمة شخصية يجب أن تعطيها منك، وأخرى تشعر بأنها تتغلغل فيك وتلبسك. الإنسان عبارة عن كتلة مشاعر يجسّدها الممثل بطريقة لائقة وهادفة. أحياناً أستغرق وقتاً طويلاً للخروج من عباءة الشخصية، لأنني أعيشها بصدق.

- هل تدرس الشخصية قبل تمثيلها؟

كثيراً وبهوس...

- هل أنت ممثل بارع في الحياة كما في أعمالك؟

الممثل أمام الكاميرا ممثل فاشل في الحياة. الناس يمثّلون طوال الوقت، متخفّين وراء الأقنعة. أما الممثل فيتمرّن كثيراً ليُخرج هذه الأحاسيس ويزيل الأقنعة كافة أمام الكاميرا، ومن شدة إتقاننا لها، نعجز عن الخروج منها حين العودة الى واقعنا.

- ماذا تقول عن تجربتك مع هيفاء وهبي في مسلسل "كلام على ورق"؟

"كلام على ورق" مسلسل سابق لأوانه لناحية التصوير، وهو عمل ضخم ذو خلطة لبنانية- مصرية، وتجربتي مع هيفاء كانت أكثر من رائعة، وقد اكتشفت فيها روح الممثلة، وإصرارها على النجاح.

- كم ولداً أصبح لديك؟

لي ولد وحيد يدعى "فارس"، وبينما كنت أصور مسلسل "حنين الدم"، كنت أتلذّذ في أثناء الاستراحة بالحديث معه وأستمتع بطفولته.

- هل ترى أن العرب تأخروا في تقدير الممثل اللبناني؟

هذا السؤال يُطرح دائماً، المشكلة ليست في التأخّر في تقدير الفنان، بل في الدراما اللبنانية نفسها.

- لماذا يبتعد من يعملون في الدراما المشتركة عن الدراما المحلية؟

الأجور التي تُدفع في الدراما المشتركة ووقت التصوير الذي يتطلبه العمل، أفضل بكثير منهما في الدراما المحلية، لذلك يفضّل الممثل اللبناني الظهور في الدراما المشتركة لأنه يتقاضى أجراً أكبر ويحقق انتشاراً أوسع عربياً.

- غالبية النجوم يعانون عقدة النجومية وتطغى الأنا على شخصياتهم وتصرفاتهم، وهذا ما لا نلاحظها عندك...

لا يمكنني الإجابة عن الآخرين، كما لا أعرف الفنانين الذين يعانون عقدة النجومية، وشخصياً أعتبر نفسي ممثلاً قبل أن أكون نجماً.

- هل يمكن أن تخوض تجربة العمل في المسرح خارج لبنان؟

طبعاً تجربة المدارس التمثيلية تنطبق على المسرح والتلفزيون والسينما، وسواء خيضت التجربة في لبنان أو خارجه، فهي عبارة عن خلطات بيئية ثقافية، وأنا أرحّب كثيراً بأي تجربة مسرحية خارج لبناني.

- هل يمكن أن تعيش خارج لبنان؟

لطالما راودتني الفكرة. كنت على وشك الهجرة، ولكن عزّ عليّ التخلّي عن وطني لبنان.