مهرجان دمشق السينمائي
في التوقيت نفسه من كل عام يستعيد السوريون طقوسهم القديمة فيرتادون السينما بالمئات لمتابعة ما لذ وطاب من الأفلام العربية والعالمية، في مهرجان شعبي وجماهيري واسع. وهذا العام وتحت شعار «دمشق سينما ومكان»، أُفتتح مهرجان دمشق السينمائي في دورته السابعة عشرة بعد أن وضع أمام عشاق السينما مئتين وخمسة وسبعين فيلماً من اثنين وخمسين بلداً، كما يحتفي المهرجان في دورته هذه بمرور ثلاثين عاماً على تأسيسه.
ورغم أن القطاع العام لا ينتج أكثر من فيلمين وفي أفضل الأحوال ثلاثة أفلام في العام الواحد، فإن مهرجان دمشق السينمائي أصبح ضرورياً كونه فرصة تمتد لعشرة أيام أمام عشاق الفن السابع لرؤية عروض متواصلة من الأفلام الجميلة والحديثة، مما يمد جسر التواصل بين الجمهور وهذا الفن العريق الذي تفتقده نوعاً ما سورية، فنرى صالات العرض مكتظة بالناس، مما يدل على شغف الجمهور السوري بالسينما، وعلى تفاؤله أيضاً بأن يزداد الإنتاج السينمائي السوري العام المقبل.
وبعد أن أصبح مهرجان دمشق السينمائي مهرجاناً سنوياً بعدما كان يقام كل عامين، أصبح من الضروري تفعيل عجلة الإنتاج السينمائي السوري، والحل برأي خبراء الفن والنقاد هو بزيادة عدد صالات العرض، ودخول القطاع الخاص هذا النوع من الفنون كما حصل في الدراما السورية التي تم إحياؤها بالإنتاج الخاص الذي جعل من تلك الدراما منتشرة ومزدهرة وتحتل موقعاً متقدماً في الدراما العربية.
ومما يدعو للتفاؤل هو قيام بعض المخرجين بمحاولات جادة بتقديم أفلام سورية بإنتاج خاص، كالمخرج هيثم حقي والمخرج حاتم علي والمخرج نجدت أنزور. وتعد مبادرة المنتج نادر الأتاسي بتجديد صالة «سينما دمشق» نموذجاً لمبادرات مطلوبة في هذا الوقت وهذه الحال التي تعيشها السينما السورية.
مكرمون عرب وأجانب والحصة الكبرى للسوريين
تم خلال حفلة الافتتاح تكريم ١١ شخصية فنية عربية وعالمية، ومن سورية كُرم كل من الفنان خالد تاجا، المخرج نجدت أنزور، المخرج مروان حداد، والفنانة أمل عرفة. ومن مصر الفنانة يسرا، ومن فلسطين المنتج حسين القلا، ومن تونس المخرج رشيد فرشبو، بالإضافة الى فنانين عالميين كان أهمهم المخرج السينمائي البوسني أمير كوستوريكا، والفنانة الإسبانية فيكتوريا أبريل، والمخرج والمنتج الهندي أكبر خان، والممثلة السويسرية أورسولا أندرس.
على هامش المهرجان
- أخرج حفلة الافتتاح كما في الدورة الماضية الفنان والمخرج ماهر صليبي الذي اختار لهذا العام لوحات فنية راقصة تجسد أهم عشرة أفلام في تاريخ السينما العالمية، وقد أثنى الحضور العربي والعالمي من الفنانين على الافتتاح وما حمله من مواهب فنية واضحة من خلال التصميم والتنفيذ.
- قاطع عدد من المخرجين السينمائيين والفنانين السوريين مهرجان دمشق السينمائي اعتراضاً على مؤسسة السينما في سورية والقائمين عليها، وطالبوا بحل المهرجان وإيقافه، ومن أهم هؤلاء: المخرج محمد ملص، المخرج نبيل المالح، المخرج عمر أميرالاي، الفنان بسام كوسا، المخرج مأمون البني، الفنان بشار إسماعيل، الكاتب أحمد حامد، والكاتب فؤاد حميرة. وجاءت المقاطعة احتجاجاً على الطريقة التي تتعامل بها إدارة المهرجان مع الفنان السوري وإهمالهم له على حساب باقي الضيوف العرب، بالإضافة لاعتراضهم على آلية العمل في المؤسسة العامة للسينما في سورية.
- حضر حشد كبير من الفنانين النجوم من الوسط الفني السوريين الذين تم دعوتهم إلى حضور حفل افتتاح المهرجان لكنهم عادوا أدراجهم بعد أن فوجئوا بعدم وجود مقاعد شاغرة لهم.
- أنشدت الفنانة الإسبانية فيكتوريا أبريل خلال تكريمها أغنية إسبانية جميلة حيت من خلالها دمشق والمهرجان وضيوفه.
- تكررت بعض الوجوه من الضيوف العرب الموجودين في المهرجان لأكثر من دورة، ومنهم الفنانة نيلي، الفنان حسين فهمي، الفنان محمود عبد العزيز، الفنانة منال سلامة، وغيرهم.
تظاهرات سينمائية
كما في كل دورة من دورات مهرجان دمشق السينمائي هناك تظاهرات ملحقة بالبرنامج الرسمي للمهرجان، وهذا العام كانت هناك العديد من العناوين المهمة والمطروحة والتي لاقت إقبالاً. ومن أهم تلك التظاهرات «فلسطين بعيون السينما» التي ضمت «كفر قاسم»، و«المخدوعون»، و«السكين»، و«رجال في الشمس»، و«المتبقي»، و«باب الشمس»، و«ظل الغياب»، و«ملح هذا البحر».
وكان هناك أيضاً تظاهرة تشارلي شابلن، وتظاهرة مارلين مونرو، وتظاهرة آلان دولون، وتظاهرة المخرج الإيطالي فيديريكو فيلليني، وتظاهرة سينما الحب، وغيرها.
الأفلام المشاركة في المسابقة: ٢٧٥ من ٥٢ بلداً...
تشارك سورية بفيلمين طويلين الأول للمخرج ماهر كدو، والثاني هو «مرة أخرى» للمخرج جود سعيد، والذي كان له الحصة الأكبر من جوائز هذا العام. وهي التجربة الإخراجية الأولى لسعيد في مجال الأفلام الروائية الطويلة، ويتناول الفيلم لحظتين تاريخيتين هما بداية الاجتياحات الإسرائيلية لبيروت والتي تتمثل في إقامة الحزام الأمني والوصول إلى بيروت في عام ١٩٨٢، واللحظة الثانية الاجتياح الجوي عام ٢٠٠٦، فهاتان اللحظتان هما الحاضن الزمني التاريخي للأحداث والمؤثر في مصائر الشخصيات.
وقد بلغ عدد الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة عشرين فيلماً، سبعة منها أفلام عربية، هي فيلمان لكل من سورية ومصر، وفيلم تونسي وآخر جزائري ومغربي.
أما أوروبا فقد حظيت بالنصيب الأكبر من الأفلام في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة فيما اكتفت آسيا بخمسة أفلام.
أما في ما يتعلق بمسابقة الأفلام القصيرة وعدد أفلامها ٥٢، فالمشاركة الكبرى لسورية من خلال عشرة أفلام، أما التظاهرات المرافقة للمهرجان فبلغ عددها ١٧ تظاهرة.
الختام وتوزيع الجوائز
الجائزة الذهبية للفيلم الكوري، والفيلم السوري يحصل على جائزة لجنة التحكيم الخاصة...
وفي حفلة الختام التي افتتحتها فرقة «إنانا» بعرض فني غنائي راقص، وُزعت جوائز المهرجان. وفي إطار جوائز الأفلام القصيرة نال الفيلم الأوكراني «بداية دوفيشينكو» جائزة لجنة التحكيم الخاصة للفيلم القصير، كما حاز الفيلم السوري القصير «أفكار صامتة» الجائزة البرونزية، أما الفضية فذهبت الى الفيلم الصيني «وداعاً»، أما الجائزة الذهبية للأفلام القصيرة فكانت من نصيب الفيلم الألماني «واجه» للمخرج سوبيرنو سين و ناجاف بيلغرامي.
كما قدم المهرجان جائزتين خاصتين للفيلم المصري «واحد صفر» والفيلم المغربي «الدار السوداء»، كما ذهبت جائزة أفضل فيلم عربي الى «مرة أخرى» للمخرج جود سعيد.
أما في ما يخص جوائز الأفلام الروائية الطويلة، فقد ذهبت جائزة أفضل ممثل لكل من فلاديمير إيلين و إليكسي فيرتكوف عن دورهما في الفيلم الروسي «العنبر رقم ٦» للمخرج كارين شاخنازاروف. أما جائزة أفضل ممثلة فذهبت للممثلة الإيطالية جيوفانا ميزوجورنو عن دورها في الفيلم الإيطالي «الانتصار» للمخرج ماركو بيلوكيو، أما جائزة مصطفى العقاد الدولية لأفضل إخراج فذهبت للمخرج البرازيلي مارك بيتشس عن فيلمه «مراقبو الطيور».
ونال الفيلم السوري «مرة أخرى» للمخرج جود سعيد جائزة لجنة التحكيم الخاصة.
أما الجائزة البرونزية فذهبت الى الفيلم المغربي «الدار السوداء» للمخرج نور الدين لخماري، والفضية للفيلم الإيراني «عشرون» للمخرج عبد الرزاق كاهاني، فيما نال الفيلم الكوري الجنوبي «الجبل الأجرد» للمخرج سو يونغ كيم ذهبية الأفلام الروائية الطويلة...
شارك
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024