«ليل ضال...» للسعودي فهد العتيق
أهدى المؤلف مجموعته إلى «القصة» جوهرة الأدب الحديث في العالم، وإلى «الحكاية» ابنة التاريخ والزمان والمكان والسحر والخيال المبدع في الليالي العربية: «ألف ليلة وليلة»... إلى القصة التي تفتح أبواب الذكرى والحلم وتجدّد فينا الحياة، القصة التي قد تتحول هكذا خلسة بين يديك إلى مسرحية أو سيناريو فيلم أو رواية من قصص متنوعة وفصول عدة. القصة التي علّمتنا كيف نقول في عبارة ما كان يقال في صفحات، وكيف نجعل اللحظة مشهداً كاملاً تتخيّله وتحسّه وتسمعه وتراه وتعيشه».
تمزج القصص بين عذوبة الشعر ومتعة السرد عبر مجموعة من الحكايات التي تدور بين عالمَي الواقع والأحلام، ومن أبرز عناوينها: «كمين الحكاية»، «وقعت الواقعة»، «ليل ضال مثل بلاد ضائعة»، «محاولة دفن رطبة»، «طريق المحطة»، «محاولة ترميم»، «سيناريو صغير»، و«مقهى حي الغدير».
من أجواء المجموعة: «بعد رحلة مشي طويلة، وجدت رأسي راقداً على صخرة كبيرة أعرفها، والأفكار والأحلام والخيالات تسيل منه مثل حليب قديم. فبعد أن دفنته في تلك الليلة الممطرة، مكثت في غرفتي أياماً حتى تعبت ومللت فخرجت أبحث عن الرؤيا وعن روحي. قلت سوف أذهب الى محطتي التي كتبت فيها حكاية «وقعت الواقعة»، في ذلك التقاطع المعتم، ربما أجد بعض الأصدقاء هناك، وكنت قد رأيت الأحلام تتجول في غرفتي مثل دخان، فأيقنت أن حدثاً تسرّب في عملية الدفن. كان الطريق نحو المحطة معتماً وأنا أمشي في وقت رهيب، تصحبني جيوش من الأفكار وألعاب الخيال، التي تشبه أحلاماً تحترق في لحظتها مثل شهب، محطة عربية وطريق ترابي طويل على جنباته جدران مليئة بالذكريات والرسومات الملونة الجميلة، وعبارات غزل وسياسة متكررة».
وقد تضمن الغلاف الأخير رؤية نقدية، للناقد جورج جحا قائلاً: «إن الكاتب فهد العتيق يكتب قصصه بشعرية وإيحاء، وفي قصصه أجواء تشبه الأحلام، لكنه ماهر في نقل هذه الأحلام وتطريزها فنياً بما يزيد في تصويريتها وإيحائها ويبعد عنها أجواء ما قد يبدو نوعاً من التصنّع»، في حين كتب الناقد والمترجم اللبناني فوزي محيدلي: «نص فهد العتيق ملتبس، والالتباس يطاول المضمون كما الأسلوب، حاملاً قصصه إلى مرتبة تلامس عتبة الأدب الرفيع، بل أخالها تطأ هذه العتبة. لكن هذا يجب ألا يُنسينا أن العتيق يجود في رفع الواقعي إلى حدود الوهم والخيال اللافت».
كتاب «ليل ضال مثل بلاد ضائعة» هو التاسع في مسيرة فهد العتيق السردية، منها سبعة كتب في القصة وكتابان في الرواية. والعتيق من مواليد الرياض، وقد كتب عن حاراتها القديمة والحديثة أغلب قصصه ورواياته، ومن أهمها كتابه القصصي المعروف «إذعان صغير» الذي صدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب- مختارات فصول في القاهرة عام 1992، وقدّم فيه الكاتب تجربته السردية المختلفة والجديدة للقارئ العربي، وروايته الذائعة «كائن مؤجّل» التي صدرت عن المؤسسة العربية للدراسات والنشر في بيروت عام 2004.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024