شاليه تقيم بين زرقتين وتغتسل بالماء اللازوردي
من هنا انطلق المهندس حبيب وهبة لتصميم لوحته التي رفلت بأجمل حلّة، لعلّها اكتسبتها من إحدى الزرقتين اللتين تحرسانها، أو من كليهما معاً. للوهلة الأولى يتراءى لنا أننا في رحاب مساحة مترامية كالمدى المفتوح أمامنا. لكن الواقع أنّ هذا البناء لا تتعدى مساحته المئة متر، مقسّمة إلى طبقتين، سفلى مخصصة للاستقبال تضمّ صالوناً وغرفة طعام ومطبخاً، وعليا مؤلفة من غرفة نوم المالك وغرفة ضيوف وحمّام.
لا يشبع الزائر من التأمل، ولا يكتفي بالاستكشاف مرة أو اثنتين أو ثلاثاً. لا بدّ من أن يعود ليتفرّس في كلّ تفصيل هنا. فالسحر المقيم في هذا المسكن يكمن في مزيج الألوان الهادئة من البيج والرمادي الزاهي، وهي ألوان عُرف المهندس وهبة باستعمالها، وقد ساهمت في إدخال الرحابة إلى المكان، كما ساهم غياب الأكسسوار والأثاث البسيط التصميم في إظهار هذه الفكرة.
الصالون بدا وثيراً بفضل مقعد كبير متّصل الأجزاء من القماش القطن الزاهي اللون، الإيطالي الصنع، وعليه أرائك مستطيلة لها من القماش واللون نفسه البيج الزاهي. وإلى جانبي المقعد الكبير وفي الوسط طاولات من الخشب البني يعلوها الزجاج، صُممت خصيصاً للمكان. وتقابل هذه الجلسة على طول الجدار مكتبة من الخشب السيلفر ضمّت خزائن وجهاز التلفزيون، وخلفها ورق الجدران باللون الرمادي. واللافت استخدام مواد وألوان لا تستخدم عادة في تصميم شاليه. ويقول المهندس وهبة: «إنّ التميّز في هذا المسكن يكمن في استخدام مواد فاخرة وألوان كأنها لصالون في شقة فاخرة وليس لشاليه على البحر، لأنّ المالك أراد أن يرفّه نفسه في مكان ينشد فيه السكينة والراحة المطلقة، وكأنّه مقيم في فندق فاخر يقضي فيه فترة استجمام».
وقُبالة الصالون مباشرة أمام باب الشرفة المطلّة على التيراس، وُضعت طاولة الطعام بتصميمها الفاخر، مقاعدها وثيرة من القماش والطاولة من الزجاج للحفاظ على الشفافية المطلوبة. المنظر الخارجي للتراس جزء من الهندسة الداخلية، وقد شكل اللون الأخضر للعشب جزءاً من الداخل. الخارج أيضاً صمّم بطريقة عملية وجمالية في آن معاً، وقد طالعتنا مقاعد وثيرة على شكل ديوان أرائكها باللون الأزرق السماوي، وتوزّعت أمامها الطاولات المستديرة البيضاء.
وللمحافظة على البساطة والتجانس في المكان كلّه، استخدم المهندس وهبي نوعاً واحداً من البلاط لكلّ الأجزاء، حتى للمطبخ والحمام. المطبخ أنيق وعصري على صغر حجمه، تفاصيله جميلة، وفيها من الذوق والعملية ما يدهش، وقد طغى عليه اللون الرمادي الداكن وهو إيطالي الصنع.
في الطبقة العلوية استخدم المهندس الباركيه لغرفتي النوم. وقد صمّمهما عصريتين كقاعة الاستقبال، أنيقتين على بساطتهما، طغى عليهما الأبيض والرمادي. أما الأبواب فهي جرّارة من الخشب الفاخر، ومصمّمة بهذه الطريقة ليكتسب المكان مساحة أكبر. وانسدلت في كلّ المنزل الستائر البيض الشفّافة التي أضفت نضارة من دون أن تحجب الرؤية.
جميل، أنيق وفخم. إنها عناصر التميز والتمايز في منزل الراحة والسكينة والهدوء، حيث ينعم المالك والزائر معاً بفسحة نادرة من التأمل، تغذّيها زرقة سماوية ومدى بحري مترامٍ يبهر الأبصار، وتجمّلها هندسة أخذت من الطبيعة أجمل ما فيها، ومن الخيال أصفى شطحاته.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1080 | كانون الأول 2024