تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

الدورة الـ٤٥ من مهرجان قرطاج الدولي

 الدورة الـ٤٥ من مهرجان قرطاج الدولي

إنطلقت الدورة الخامسة والأربعون من مهرجان قرطاج الدولي الذي يقام سنوياً في تونس، ويحظى باهتمام إعلامي واسع، نظراً للمكانة التي يتمتّع بها على المستوى الفنّي. ويأتي الجمهور التونسي كواحد من أهم العناصر المميزة في قرطاج، هذا الجمهور العاشق للفنّ والطرب والذي يتفاعل مع النجم الذي يحبّه بشكل يفوق الوصف. ومهما شاهدنا من حفلات «قرطاجية» على التلفزيون، تبقى لهذا المدرّج رهبة خاصة لا يدركها المرء إلاّ إذا كان واقفاً هناك... بين الناس، يسمع غناءهم أو صراخهم مدويّاً بين الأعمدة التاريخية ويلمس تفاعلاتهم. لهذا هو قرطاج، الذي لا يليق إلاّ بالكبار الكبار.


فضل شاكر لجمهور الـ ١٦ ألفاً: «إنتوا أحلى جمهور بالعالم»

نجاح إستثنائي حققه الحفل المشترك الذي أُقيم يوم التاسع عشر من تموز/ يوليو على مسرح قرطاج والذي يندرج ضمن حفلات روتانا. هو الحفل الذي جمع النجمين فضل شاكر وشيرين عبد الوهاب اللذين يلتقيان في كثير من النقاط المشتركة أبرزها الأداء الطربي المميز والإحساس المرهف، وهي من العناصر التي قد تكون أكثر ما يعشقه الجمهور التونسي.

تقارير رسمية ذكرت أن تذاكر الحفل بيعت بالكامل قبل ستة أيام من الموعد المحدد، وقسم كبير منها بيع في السوق السوداء. ورغم أن موعد انطلاق الحفل كان عند العاشرة، غير أنّ المدرّجات امتلأت منذ السابعة مساءً والناس يجلسون يصفقون ويهتفون بإسمي النجمين بانتظار صعودهما إلى المسرح، وكأنهم في حالة عشق وغرام واشتياق دائم لفنّهما وصوتَيهما. أما الذورة فتحققت عند العاشرة مع لحظات إعلان صعود فضل شاكر إلى المسرح، حيث امتلأت المدرجات عن بكرة أبيها دون أن تجد فسحة تسمح بمرور نملة، حيث تخطّى الحضور الستة عشر ألف متفرّج....

وبدت المدرّجات كأنها ستنفجر لشدة الناس، حتى أن قسماً كبيراً من المصورين الصحافيين وجد صعوبة بالغة في التقاط الصور، وكان مضطراً للسير مسافة طويلة وسط الزحام الشديد ليصل إلى الأعلى لعلّه يتمكّن من التقاط صورة تظهر القسم الأكبر من الجمهور في مهمة بدت أقرب إلى المستحيل.

فضل شاكر الذي اعتاد هذا المنظر المؤثر في كلّ مشاركاته السابقة في قرطاج، بدا سعيداً جداً وهو يلمس محبّة الناس إن لم نقل عشقهم له، فخاطبهم ببساطة لعجزه عن وصف شعوره وقال: «إنتوا أحلى جمهور بالعالم». جمهور غريب يحفظ الأغنيات ويرددها بإتقان وكأنه كورس منظّم يتمرّن كلّ يوم. أو حتى يمكن القول إنه كان هناك ١٦ ألف مطرب، وحاضر واحد هو فضل شاكر. فهو بالكاد غنّى لأن الجمهور أخذ تلك المهمّة على عاتقه بمجرّد أن تبدأ الفرقة الموسيقية بعزف لحن أي أغنية كانت.

وغنّى فضل بإحساسه العالي وأطرب الحاضرين بأغنيات كثيرة على مدى ساعة ونصف الساعة، منها «بعدا عالبال»، «روح»، «وافترقنا»، «يا غايب»، «الله أعلم»، «لو فاكر»، «نسيت أنساك»، «خليك هنا»، لوردة، «حاول تفتكرني» لعبد الحليم، «حلوة يا بلدي» لداليدا، وغيرها الكثير. وأمامه آلاف من محبيه يهتفون وينشدون طوال الوقت، فلا ترى أمامك سوى مدّ من البشر وأيد تصفّق وأخرى تلوح. ودّع الجمهور بعد أن حقق النجاح الكبير مختتماً جولته التونسية لهذا الصيف بعد أن أحيا حفلات ومهرجانات أخرى ناجحة في «موناستير» و«بنزرت» و«الحمامات» و«قفصة». 

لماذا بكت شيرين في حفل قرطاج؟

بعد استراحة قصيرة، كان الموعد مع حالة مماثلة هي النجمة شيرين عبد الوهاب في مشاركتها الثانية في قرطاج. شيرين التي سبق وأن أعلنت زواجها من الموزّع محمد مصطفى للمرة الأولى على مسرح قرطاج في حفلها الذي أقيم في دورة ٢٠٠٧، عجزت عن كبت  مشاعرها وسعادتها وهي تلتقي جمهورها العريض في تونس. فكانت ترقص وتغني وتتمايل بخفّة ودلال مع أغنياتها الراقصة، وتصل إلى ذورة الإحساس والشجن في الأغنيات الرومانسية والطربية.

ولشدّة إحساسها، بكت وأدمعت عيناها عندما غنّت مقطعاً من أغنية «أنساك» لكوكب الشرق وسط زوبعة من التصفيق. وكما في وصلة فضل، كان المشهد هو نفسه في وصلة شيرين. جمهور أخذ على عاتقه مهمة الغناء، وهتاف مستمرّ حتى على أنغام أغنية «ما شربتش من نيلها» التي غنّتها شيرين حبّاً في بلدها مصر. فرددها معها جمهور تونس وهو يحفظها عن ظهر قلب، فاستغربت وشكرت الجمهور وقالت لاحقاً في الكواليس إنها مع هذه الأغنية شعرت أنها تمشي في أحياء القاهرة.

كما غنّت لهم مقطعاً من أغنية جديدة لها من نصر المحروس ورياض الهشمري ستصدر في ألبومها المقبل وإغنيات أخرى من الحان زوجها، واللافت أن الجمهور لم يكتف بترداد إسمها فقط، بل راح يظهّر صوراً أخرى من محبته من خلال الهتاف بإسم طفلتها مريم. شيرين ولشدّة إنسجامها على المسرح تخطّت الوقت المخصص لها والذي يفترض أن يكون ساعة ونصف الساعة، وراحت تنشد الأغنية تلو الأغنية رغم الإشارة إليها أكثر من مرة بضرورة ختام الحفل. لكنها لم تكترث وواصلت الغناء حتى بلغت وصلتها ساعة و ٤٥ دقيقة تقريباً وكانت مستعدّة للغناء حتى الصباح.

ورغم طول مدة الحفل، إلاّ أن المفاجأة تمثلت في بقاء المدرجات ممتلئة حتى آخر أغنية غنّتها شيرين ولم تغادر سوى نسبة ضئيلة جداً تكاد لا تُذكر. وكانت محطة قرطاج نقطة انطلاق جولة شيرين في تونس في كلّ من «موناستير» و«بنزرت» و«الحمامات» و«قفصة»، بعد تلك الليلة الأسطورية التي يصعب تكرارها إلاّ مع نجوم مماثلين.

 

ماجد المهندس وملحم زين ضحيّتا البرمجة الخاطئة

يوم ١٨ تموز/ يوليو ٢٠٠٩ كان الموعد الأول مع حفلات روتانا، مع النجمين ملحم زين وماجد المهندس اللذين حققّ كل واحد منهما شعبية مميزة في بلادهم وفي دول عربية أخرى وأيضاً في تونس. إلاّ أن حفلهما المشترك على مسرح قرطاج أتى مخيّباً لناحية الحضور، حيث بدت المدرّجات خالية فعلاً في مشهد قد يشكّل صدمة حقيقية.

تقارير تونسية ذكرت أن الحضور لم يتعدّ الأربعة آلاف شخص على أبعد تقدير، والغالبية منهم من المشتركين أو من الذين ربحوا بطاقات في مسابقات محلية. لكن رغم ذلك، غنى المطربان وتألّقا على المسرح وقدما للجمهور الحاضر أجمل أغنياتهما التي حققت شهرة كبيرة. مشهد المدرجات الخالية كان متوقعاً بحسب المطلعين والعارفين بخصوصيات قرطاج وأسباب ذلك كثيرة.

أولاً: كان الخطأ كبيراً في جمع مطربين شابين في مهرجان مماثل، وجمهور كلّ منهما يختلف كثيراً عن الآخر، واحد رومانسي والثاني يميل إلى الأغنيات الشعبية اللبنانية، ولا رابط بينهما أو نقطة التقاء واحدة كي يجتمعا معاً في مهرجان مماثل. فالجمهور «القرطاجي» يحضر من أماكن بعيدة جداً ويصل في وقت مبكّر قبل ساعتين أو ثلاثة أحياناً من موعد الحفل، ليجلس على الصخور دون أي طعام أو شراب فقط ليستمع إلى نجم يعشقه. وكي تمتلئ المدرجات، يجب أن يكون هذا النجم معشوقاً من قبل التونسيين الذين يفترض أن يعرفوه جيداً ويحفظوا قسماً كبيراً من أغانيه، وهذا ما لا ينطبق على ملحم وماجد في تونس تحديداً.

ثانياً: كان من الظلم برمجة هذا الحفل قبل يوم واحد فقط من حفل ضخم يجمع بين فضل شاكر وشيرين عبدالوهاب، والذي كان متوقعاً أن يحقق أرقاماً قياسية في نسبة الحضور وأن تنفد تذاكره قبل أسبوع كما حصل، نظراً لشعبيتهما الجارفة في تونس.  إضافةً إلى أن أسعار البطاقات لكلا الحفلين كانت نفسها، فكان من الطبيعي أن تأتي النتيجة كما آلت إليه.

كواليس ومشاهدات

  • شيرين لفضل: «لو اعتزلت حاقتلك»: أحضرت شيرين عبد الوهاب معها نسخة من ألبومها الجديد المقرر صدوره قريباً وأسمعته لفضل شاكر لتأخذ رأيه في اختياراتها. فأبدى إعجابه بأغنيات معينة أكثر من سواها، متوقعاً نجاح مختلف أغنيات الألبوم نظراً للتنويع الكبير فيه حسب ما قال ومتمنياً لها التوفيق، مع العلم أن فضل من أشدّ المعجبين بصوت شيرين. وخلال الجلسة قالت له إنها شاهدت حلقته التلفزيونية التي أعلن فيها أنه سيعتزل مسجّلة عتبها عليه وأضافت: «لو اعتزلت حاقتلك».
  • شيرين غاضبة من حفلات بيروت: أبدت شيرين إنزعاجها من عدم برمجة حفلات لها في بيروت من جانب إدارة الحفلات في روتانا، وكانت تتحدث بالموضوع مع شربل ضومط على الهاتف قبل وصولها إلى تونس. شربل الذي استقبل شيرين في المطار، إعتبر أنها تصرّفت في شكل غير لائق معه عندما وصلت ولشدّة إنزعاجه عاد صباح اليوم التالي إلى بيروت وترك مهمة الإهتمام بشيرين ليلة الحفل لمحمد الهاجري، أما كريم أبي ياغي فكان مسؤولاً عن رعاية فضل شاكر وماجد المهندس وملحم زين. وقالت شيرين في دردشة جانبية مع «لها» أنها شعرت أن ردّة فعلها كانت قاسية على شربل وقالت إنها ستصحح الموضوع، وأعادت السبب إلى صراحتها الشديدة وعفويتها في قول ما تحسّ به من دون أي نيّة سيئة مؤكّدة أنها تنسى سريعاً ولا تحقد.
  • أحضرت شيرين قوالب عديدة من أحد أنواع الجبنة الشهيرة في مصر التي تحبها كثيراً كونها ستمكث أسبوعاً بسبب جولتها الفنية هناك.
  • فضل: قد لا أعتزل بصورة نهائية: قال فضل في دردشة مع «لها» أنه باشر باختيار أغنيات ألبوم جديد له، وأنه من المفترض بدء تسجيله مع انتهاء موسم الحفلات. أما عن موضوع الإعتزال فقال إنه لن يعتزل قريباً، بل عندما تنتهي مدّة عقده مع روتانا أي ليس قبل ٣ أو ٤ سنوات، مضيفاً أنه لم يحدد خياراته في شكل نهائي بعد، وربما سيعمد إلى عدم الإعتزال نهائياً والإكتفاء بإصدار أغنيات كل فترة وأخرى وإحياء عدد ضئيل جداً من الحفلات سنوياً.
  • خلال فترة انتظار موعد الطائرة في مطار بيروت، تلقى ماجد وملحم خبر وفاة والدة الفنان عبدالله الرويشد، فاتصلا به مباشرة لتقديم واجب التعزية. وعلى المقلب الآخر دارت بينهما أحاديث عديدة شملت الفن ومواضيع أخرى. وفور وصولهما إلى تونس، عقدا معاً مؤتمراً صحافياً مشتركاً تحدثا خلاله عن مشاركتهما في قرطاج في حفل واحد.
  • مراسلة «أخبار روتانا» ديما سامي تولّت مهمة محاورة الفنانين قبل موعد الحفل بقليل، إضافة إلى تقديمهم على المسرح. وشوهدت وهي تقف في إحدى زوايا المسرح خلال وصلة فضل شاكر، تغني معه بانسجام إضافة إلى انبهارها بالمشهد الذي رأته على المدرّجات.
  • رفضت إدارة مهرجان قرطاج توزيع بطاقات مجانية لأي حفل من الحفلات، وذلك لاقتناعها بضرورة أن يتعرّف الفنان على حجم جمهوره الحقيقي.          
  • رافق فضل شاكر في جولته نجله محمد (١٤عاماً) إضافة إلى قريب له وقاما بجولات سياحية في تونس. 
  • وصل النجمان ماجد المهندس وملحم زين معاً إلى تونس قادمين من بيروت، إضافة إلى الفنان أحمد الشريف على متن الطائرة ذاتها.
  • تولّى المخرج باسم كريستو إخراج الحفلتين مباشرة على تلفزيون روتانا وأبدع في نقل صورة مميزة ليست بجديدة عليه.

 

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078