تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

لأن لا حدود في الفن الفنان أليكس أحمد حَبْلي يحلّق بحرية وإبداع بين الرسم والتصميم

رغم ميل الفنان أليكس أحمد حبلي إلى الرسم منذ الطفولة، لم يختر المجال في مرحلة مبكرة بل عاد ووجد نفسه يغوص في مجال عشقه غريزيا ووجد فيه متنفساً يعبر من خلاله عن مشاعره من ألم وحزن حتى يتخطاها بطريقة فنية رائعة. فرغم أنه رسم بطريقة فطرية في سن 11 سنة، أبعدته ظروف الحياة عن الرسم حتى سن 36 سنة ليعود إلى المجال الذي يجد نفسه فيه. في شعار "من الحبر إلى الأزل" وجد نفسه لأنه قرر أن يحلّق في الفن بحرية لا متناهية لاعتبار أن لا حدود في الفن. ومن الرسم انتقل اليوم إلى ابتكار تصاميم رائعة حملت معها رسومه بفن وإبداع قلّما نجد مثيلاً لهما، فيما يرفض الابتعاد عن الفن في التصميم مصمّماً على الحِرفية والتفاصيل التي هي كفيلة بأن تحدث كل الفرق، وبأن تحفظ هذا الجانب الفني والإبداعي لديه.


- كثر من المصمّمين والفنانين يكتشفون ميلهم إلى المجال لاحقاً بعد تجارب بعيدة عنه، هل يمكن القول إنك مررت بالحالة نفسها؟

في الواقع، هذا ما حصل معي أيضاً، فقد عملت في مجال البناء مع شقيقتي المتخصصة في الهندسة الداخلية. صحيح أنني كنت أرسم من الطفولة وكان فن الرسم يجذبني إليه، لكنني ابتعدت عنه لسنوات طويلة من خلال تخصصي في مجال آخر. لكن تبدلت الأمور في عام 2006 عندما قصدت سيدة متخصصة في الـReiki Healing لأنني كنت بحاجة إلى ذلك. وبعد الجلسة سألتني عن مجال عملي وطلبت مني أن أباشر بالرسم لكثرة الإبداع الذي أحمله في داخلي. طلبت مني ألا أتأخر في التوجه إلى الرسم، فكانت هذه المرحلة الانتقالية في حياتي التي دفعتني إلى التوجه فعلاً إلى الرسم.

- هل تأثرت كالباقين بأحد أفراد العائلة في المجال؟

والدتي ترسم بشكل رائع، ومما لا شك فيه أنني تأثرت بها وهذا ما دفعني إلى الرسم من الطفولة. هي لم تشجعني فعلياً في البداية، إنما تأثرت بها وراحت تدفعني باتجاهه لاحقاً. لكنني لم أغص في ميلي هذا إلا منذ سنوات قليلة.

- هل تشعر أنك بلغت مرحلة شعرت فيها بالحاجة إلى التعبير من خلال الرسم؟

صحيح فقد مررت في تلك الفترة بحالة شخصية صعبة أثرت فيّ كثيراً فوجدت في الرسم متنفساً لي. وجدته الوسيلة التي شعرت بحاجة إلى التعبير عما في داخلي من خلالها، ولعل هذا ما يفسّر أن رسومي تحمل عنوان Healing لأنني وجدتها العلاج لي وهي تحمل معها كل مشاعري في تلك المرحلة الانتقالية في حياتي. في كل من رسومي أعبّر عن شيء معين في داخلي أرسمه من دون تفكير أو تخطيط.

- تحمل رسومك معها شيئاً مختلفاً عما قد نجده لدى باقي الفنانين وكأن فيها وسيلة مختلفة للتعبير، كيف اتجهت إلى هذا النوع من الرسم؟

لا أفكر أبداً عندما أرسم بل أعبر فقط عن حالتي فأجدني بعدها قد رسمت ما رسمته من دون أي تخطيط لذلك. هذا ما حصل معي في اللوحة التي أحمل فيها القلب والتي اكتشفت بعد أن شارفت على الانتهاء منها أنني رسمت قلبي. هذا يحصل معي بشكل خاص في الرسوم التعبيرية التي لا أخطط فيها لما أرسمه. يمكن القول إن الرسم بالنسبة إليّ أشبه بالموسيقى بالنسبة الى البعض. فمثلما تعني موسيقى معينة شيئاً لأشخاص معينين وتحمل معها ذكريات معينة، كذلك الرسم بالنسبة إليّ هو عبارة عن حالة خاصة. إنه طريقتي في التعبير عما في داخلي وقد أفضل عدم التحدّث عن التفاصيل الخاصة بكل من رسومي، لأن كل شخص قد ينظر إليها بطريقة مختلفة ويرى فيها شيئاً جديداً. أحب أن يرى كل شخص ما تحمله معها هذه الخطوط التي رسمتها من معانٍ مثلما تحمل تماماً موسيقى معينة معاني مختلفة لكل شخص.

- يمكن أن نراك حاضراً في كل من رسومك، لماذا قررت أن ترسم نفسك بهذه الطرق التعبيرية المختلفة؟

من ينظر إلى رسومي يجدني فعلاً حاضراً في كل منها، وقد فعلت هذا عمداً لأن رسومي هذه كانت بمثابة العلاج لي لأتخطى مرحلة سابقة. فمع اللوحة التي أحمل فيها قلباً، قررت أن أنتقل من مرحلة إلى أخرى وأن أتخطّى العواطف وأصبح أكثر قوة وصلابة. مع الإشارة إلى أن هذه اللوحة ليست دراماتيكية ولا تحمل معها مشاعر سلبية كما قد يتصور البعض عند رؤيتها، بل على العكس فيها الكثير من القوة والتحدي للذات. كما يمكن رؤيتي في اللوحات الباقية، سواء في لوحة الأسد أو تلك التي رسمت فيها نمراً وغيرها.

قد لا يتنبه البعض إلى ذلك، لكن عند التدقيق يمكن ملاحظة الأمر.

- تحمل بعض رسومك حيوانات بطريقة تعبيرية جميلة، لماذا اخترتها؟

رسمت الأسد لما يرمز من معاني القوة والصلابة والشموخ. الأسد ليس مفترساً ولا يهجم إلا عندما يجوع. كذلك النمر يوحي بالقوة والحرية والرقي. تماماً مثل الحيتان التي رسمتها. أما الفيل فاخترته لأنه يوحي لي بالكثير من الحنان عند النظر إليه.

- من الرسم انطلقت إلى تصميم الأزياء، ما الذي دفعك إلى ذلك؟

مع لوحتي التي أحمل فيها قلباً انتقلت إلى عالم تصميم الأزياء بشكل فعلي. فهي اللوحة التي نحمل معها معاني هذه المرحلة الانتقالية الجديدة. بدأت أرسم T –Shirts وأرتديتها شخصياً. وكنت أستوحي فيها من رسوماتي، فكل منها حمل جزءاً من أحد رسوماتي. لكن شيئاً فشيئاً بدأت أغوص أكثر في مجال تصميم الأزياء. وهكذا صمّمت مجموعتي الأولى التي هي عبارة عن عدد محدود من القطع الفريدة.

- هل قررت التخصّص عندها في مجال تصميم الأزياء؟

على الرغم من أنه لم تكن لي علاقة بمجال الموضة والأزياء، إلا أنني لم أتخصص فيه بل دخلت إليه مباشرة فيما شجّعني كثر. كما وجدت دعماً من كثر حولي مما ساعدني على التوغل فيه بشكل أفضل.

- هل تنوي التوسّع أكثر في مجال التصميم؟

ما يمكن أن أؤكده أن التصميم لن يتخذ منحى تجارياً وسأصمم دائماً بعدد محدود من القطع التي لا تتكرر حتى تشعر من ترتدي تصاميمي أنها مميزة وأن ما من أحد يرتدي مثلها. أنا شخصياً لا أحب أن أرتدي ما يرتديه شخص آخر. التميز أمر أساسي بالنسبة إليّ.

- بين الرسم والتصميم، أين وجدت نفسك أكثر؟

وجدت نفسي في المجالين معاً، ولا يمكن أن أختار أياً منهما على حساب الآخر. أعشقهما وأنوي الجمع بينهما. شعاري هو من الحبر إلى الأزل ولا حدود لعملي طالما أنني أعبّر عن فني وعن مجالات أعشقها.

- هل سيسهل عليك الحفاظ على هذا الجانب الفني من دون أن تخسره أثناء العمل والتنفيذ وبشكل تبرزه فيه دائماً، خصوصاً أن المنافسة كبيرة في المجال؟

في الدرجة الأولى، ثمة معايير أساسية أحرص عليها ولا يمكن أن أتخلّى عنها لأنني لن أتحول أبداً إلى الجانب التجاري. لا أستخدم إلا مواد عضوية بنسبة 10 في المئة من حرير وغيره من دون إدخال أي تصنيع فيها. كما أنني لا أعتمد إلا الخياطة باليد من دون اللجوء أبداً إلى الآلات وإن كان ذلك أكثر صعوبة ويتطلب المزيد من الوقت. ثمة الكثير من الحِرفيين البارعين الذين يمكن اللجوء إليهم لإنجاز أعمال رائعة حرصاً مني على الرسوم التي تحملها تصاميمي لاعتبارها تنقل رسوماتي. أحب أيضاً الحفاظ على الفن التراثي. بمجرد أنني أنجز تصاميم فريدة لا مثيل لها، لا بد من الحفاظ على الجانب الفني. مع الإشارة إلى أن الشك والتطريز ينجزان في الهند، لأن لا مثيل للحِرفيين لديهم في هذا الجانب. هم بارعون في الشك والتطريز بشكل يصعب تصوّره. أما الخياطة فتتم في إيطاليا.

- يمكن القول إن الفنان يستطيع أن يعبّر من خلال رسوماته بشكل واضح فتصل الرسالة التي يريد أن ينقلها، هل يسهل عليك التعبير عن فنك أيضاً وإبداعك من خلال التصميم؟

من المؤكد أن الأمر ليس سهلاً لأتمكن من الحفاظ على الجانب الإبداعي والالتزام بالمعايير التي أتقيد بها. ومن يرى تصاميمي يلاحظ أن كلاً منها يحمل جزءاً من رسوماتي وأحرص على الحفاظ على ذلك ونقل الرسم كما هو لكن بجزء منه فقط. ولعل العمل الحِرفي يمكن أن يحقق ذلك. أستعمل تقنيات عدة في الخياطة كأنواع عدة من الشك أيضاً. في أحد التصاميم كررت مثلاً جزءاً من الرسم مرات عدة فأتى التصميم بالشكل الذي هو عليه. فيما لا أريد نقل الرسم كاملاً في التصميم وأُفضّل أن تبقى الرسوم في اللوحات وأستوحي منها في التصاميم.

- هل تبيع رسوماتك، أم أنك من الفنانين الذي يجدون صعوبة في التخلّي عن فنهم؟

في البداية كان ذلك صعباً عليّ، لكنني قررت بعدها أن أبيع رسوماتي. حتى أنني أرسم أشخاصاً يأتون إليّ لأرسمهم. قررت أن أترك لوحاتي تباع لأنشر فني أكثر ولأتابع الطريق ولا أبقى عالقاً فيها. علماً أن رسوماتي كلّها تحمل الكثير من الحب وقد رسمتها بحب وهذا ما يميزها.

- من بين تصاميمك، أيها تفضل؟

هناك 3 تصاميم مفضلة لي، أوّلها ذاك الذي يحمل رسم الأسد والثاني هو الذي يحمل رسم الفيل والثالث هو فستان السهرة المطرز بالكامل، وقد أُعجبت كثيراً بالنتيجة عندما تم الانتهاء من تنفيذه ووجدته رائعاً.

- وأيّ رسم من رسوماتك تفضّل؟

اللوحة المفضلة لي هي تلك التي رسمت فيها الأسد لما تحمله من قوة ونظراً للتفاصيل الرائعة الكثيرة عند التدقيق فيها.

- لجهة تصميم الأزياء، كيف تصف أسلوبك الذي تنوي التقيّد به؟

أسلوبي يتسم بالحرية ولا قواعد فيه. يمكن ملاحظة أن ثمة تصاميم ضيقة وأخرى واسعة فضفاضة فلا أتقيد بأسلوب. لكنني أميل أكثر حالياً إلى التصاميم الفضفاضة.

- كيف تصف المرأة التي تختار من تصاميمك؟

المرأة التي تختار تصاميمي تتسم بالجرأة والقوة. أعرف أن كلاً منا يحمل بعض الجرأة في داخله. لا بد من أن يخاطب فني أحداً وتجد المرأة علاقة بينها وبين الرسم الذي تحمله تصاميمي وبين التصميم نفسه.

- هل تتأثر بأحد الفنانين في الرسم؟

أتأثر بشكل خاص من طفولتي بفان غوغ وأحتفظ بكل رسوماته بشكل Puzzle. كذلك أعشق فن بيكاسو لطريقته في الرسم كالأطفال حتى أنه قال: “تطلب مني أن أنجح في الرسم كالأطفال سنوات عدة”. فيظهر أن ما من قاعدة في الفن.

- ماذا عن المصمّمين؟ ومن هو المصمّم الذي تجذبك تصاميمه؟

أعشق التصاميم التي تحمل شيئاً من الجنون. أعشق تصاميم ألكسندر ماك كوين لأسلوبه الرائع. كما أعشق طبعاً زهير مراد وإيلي صعب. وفي الأسلوب الكلاسيكي أعشق توم فورد ولطالما حلمت بالعمل مع أولئك المصمّمين.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079