الفنانة التشكيلية السعودية غدير حافظ وصولي الى العالمية أبلغ رد على من يشككون في قدرات المرأة
في ليلة تعانق فيها الفن التشكيلي السعودي مع الذوق الجمالي المصري في رحاب دار الأوبرا، افتتح السفير أسامة بن أحمد نقلي؛ سفير خادم الحرمين الشريفين في مصر، مندوب المملكة الدائم لدى جامعة الدول العربية، معرض “شتات بين الحقيقة والخيال” للفنانة التشكيلية السعودية العالمية غدير حافظ، التي سبق أن مثّلت المملكة العربية السعودية في معارض في ست دول أوروبية. “لها” التقت غدير حافظ وعادت بهذا الحوار الذي تحدّثت فيه عن أعمالها الفنية وكشفت الكثير من أسرارها وآرائها.
- ماذا يعني لك هذا المعرض في ظل القيادة السعودية الحكيمة، والذي افتتحه ممثلها في مصر وجامعة الدول؟
على المستوى الشخصي، يعني لي هذا المعرض الكثير، وهو خير دليل على التطور الإيجابي المتسارع الذي تشهده المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وولي عهده – حفظهما الله – في كل القطاعات، بما فيها قطاع الثقافة وكل الفنون الهادفة للوصول إلى العالمية. ولا شك أن في هذا تعزيزاً للمحتوى الإبداعي الثقافي السعودي بكل أشكاله، بما فيها الفن التشكيلي الذي أفخر بانتمائي إليه، وتمثيلي المملكة العربية السعودية في المعارض الدولية في مختلف دول العالم، الأمر الذي يؤكد أننا نعيش مرحلة ذهبية، والآتي سيكون أفضل في ظل قيادتنا الحكيمة، التي تسعى دائماً لدعم مختلف أشكال الثقافة والفنون.
- حصلت أخيراً على لقب أول سعودية معتمدة عالمياً كمدرّبة على الإبداع في مجال الفن التشكيلي، فماذا يعني لك هذا؟
هو يعني لي الكثير، ذلك أنني أهدف الى نشر الوعي الفني، فقد حباني الله بموهبة لها تأثير كبير في النفس البشرية، وأسعى الى ترسيخها عبر المشاركة في المعارض المحلية والدولية، وتنظيم الدورات من خلال “معهد إبداع الغدير للفنون”. كما أن اعتمادي كمدرّبة عالمية على الإبداع في الفن التشكيلي لم يأتِ من فراغ، بل شوهدت أعمالي عبر “سناب شات”، وحدث ذلك بالتزامن مع مشاركتي في فعاليات مقدونيا التشكيلية الفنية، فقيّموا الجهد المبذول من جانب معهدي، وبالتالي اطّلعوا على ما قدمته من رسائل وأفكار مبتكرة وجديدة من خلال الفن التشكيلي، وبناءً عليه اقترحوا فكرة انضمامي الى برنامج المدرّب المعتمد الكندي، وأنا مسرورة لأن جهدي وجد من يقدّره، ليس على المستوى المحلي فحسب، بل على المستوى العالمي.
- ما الرسالة التي تودّين نشرها من خلال هذا المعرض الذي يضم 32 لوحة فنية متنوعة تحت عنوان “شتات الحقيقة والخيال”؟
أكثر ما يهمّني هو مناقشة قضية إنسانية من خلال الفن، وهي كيف يستطيع الإنسان أن يعيش مع خياله، أو يحتفظ به لنفسه. وأعتقد أن لوحات المعرض تتيح للمتلقي تلك الفرصة، وقضية “شتات” عبارة عن نقاش بين المتلقي واللوحات، بحيث يقف أمامها ويختبر الإحساس الذي يتمناه من خلالها. وأنا بطبعي أنتظر اكتمال الفكرة في وجداني ومن ثم أطلقها، وهذا الخيال المسيطر على لوحاتي سمّيته “سوبرمان” إنه الخيال الملهم للعمل ككل، وبعد انتهاء معرض القاهرة سيحمل المعرض صورة “سوبرمان” وينتقل بها الى إحدى دول العالم.
- كيف وجدت تفاعل المصريين مع معرضك؟
لاقى معرضي تفاعلاً كبيراً من مختلف فئات المجتمع المصري، خاصة أن اسمي معروف في الوسط الثقافي المصري، وهذه ليست المرة الأولى التي أنظّم فيها معرضاً في مصر أو يرى المصريون أعمالي، بل لي تجارب سابقة مشجّعة، وعلاقتي بالوسط الثقافي المصري متينة، ولي أيضاً صداقات كثيرة مع العرب المقيمين في مصر، لأن مصر “بيت العرب”، ومن يعرض عمله الفني في ربوعها فكأنما عرضه في كل الدول العربية.
- كيف ترين دور المرأة الفنانة في المجتمع؟
المرأة بوجه عام هي عنصر فعّال في مجتمعها، فما بالنا بالمرأة الفنانة التي تترك أثراً إيجابياً أينما وُجدت، سواء داخل أسرتها أو بيئتها أو مجتمعها أو أي دولة في العالم، ولعل هذا ما يفسر تأثري بالفنانين العالميين أمثال بيكاسو وفان غوغ، إضافة إلى عدد من الفنانين التشكيليين العرب، كما تستهويني كل المدارس الفنية، ولا أفضّل إحداها على الأخرى، لأن لكل منها أسلوبها في التعبير، ومع هذا أستلهم في لوحاتي من المدرسة التعبيرية الرمزية وأسلوب الفانتازيا.
- ما هي تطلعاتك الفنية؟
أحلم بنهضة شاملة في المملكة العربية السعودية في مختلف المجالات، وخاصة في مجال الثقافة والفن، والمقومات الحالية مبشّرة جداً، كما أسعى لنشر الوعي حول الفن التشكيلي، من خلال الأجيال التي أدرّبها في المعهد من نساء وفتيات، وفي الوقت نفسه أواصل الانتشار الدولي من طريق المشاركة في معارض الفن التشكيلي التي تُقام في مختلف دول العالم، مما يعكس صورة إيجابية للمرأة العربية بعامة، والسعودية بخاصة، ويكون بمثابة رد عملي على من يحاولون تشويه صورتها.
- تخرّج في معهد الغدير للفنون حتى الآن أكثر من ثلاثة آلاف طالبة، علامَ يدلّ هذا؟
يدلّ هذا على أنني أسير في الطريق الصحيح، وأن رسالتي الفنية تلقى تجاوباً كبيراً، ولعل هذا ما جعل معهد إبداع الغدير الذي أنشأته عام 2008 يحصل على المركز الأول في مجال الفنون على مستوى المملكة العربية السعودية، كما أننا لا نكتفي بتخريج الطالبات فقط، بل نقوم بإعداد مدربات، والاعتماد العالمي الأخير سيجعلنا نحلّق عالياً، وننقل مهاراتنا في التدريب على الفنون الى مختلف دول العالم، وبالتالي فإن حصول المتدربات على شهادات معتمدة من مركز قوى عالمي، كالمركز العالمي الكندي سيعزّز ثقتهن بأنفسهن.
- لك نظرة خاصة لرسالة الفنان بوجه عام والفنان التشكيلي بوجه خاص، فما هي بإيجاز؟
لكل إنسان هدف يسعى الى تحقيقه في الحياة، وذلك من خلال مقدرته أو موهبة حباه بها الله. وبالنسبة إليّ فقد وهبني الله الحس الفني الذي أتذوّق من خلاله معاني الجمال والإبداع، ولهذا وضعت نصب عيني أهدافاً سعيت لتحقيقها، وأهمها نشر الوعي الثقافي الفني، وإظهار مدى تأثيره في النفس البشرية، وذلك من خلال الدورات التي أنظّمها للسيدات في مرسمي الخاص في المجالات المختلفة، لأنني واثقة بأهمية الفنون بالنسبة الى المرأة، ودورها في الارتقاء بذوقها الفني، وجعلها متفائلة وتعيش في حالة رضا نفسي وتوافق مع الذات ومع الآخر. فالفن التشكيلي يهذّب النفس البشرية ويرتقي بالمشاعر الروحانية.
- ماذا عن غدير حافظ الإنسانة؟
أعترف بفضل أسرتي وصبرها عليّ، بسبب كثرة أعمالي وأسفاري، وأؤكد أن أسرتي هي الداعم الأول لأعمالي وأحلامي، وجعلتني أكون مثالية في حياتي الشخصية، ومهما فعلت أو قدّمت من عطاءات لا يمكنني ردّ الجميل لأي من أفراد أسرتي، خصوصاً أنني أستلهم في بعض أعمالي من أسرتي وأصدقائي. أما من الناحية العملية فأنا كالفراشة الحالمة التي تتنقل بفنها حول العالم لنشر رسالتها ومبادئها العربية والإسلامية بطريقة مهذبة وراقية تصل إلى أعماق المتلقي أينما كان.
- أنت من الفنانات التشكيليات اللواتي يوجّهن رسائل تعبّر عن القضية الفلسطينية من خلال الفن...
سبق أن أقمتُ معرضاً فنياً للسيدات بعنوان “فلسطين كلها وطني”، وضم ٢٢ عملاً فنياً عن فلسطين، أنتجتها ورشة رسم مجانية في “معهد إبداع الغدير للفنون”، وحقق المعرض صدى واسعاً ولاقى إقبالاً جيداً من الحضور وتفاعلاً كبيراً من المتدربات، وقد أسعدني كثيراً التفاعل مع القضية الفلسطينية. وبصفتنا فنانين تشكيليين، استطعنا نشر رسالة مهمة، مفادها أن القضية الفلسطينية، هي قضية كل العرب والمسلمين، ولذلك يجب أن نوليها اهتماماً ونلفت نظر المتلقي إليها، فهذا واجبنا، حيث شاركت في المعرض طالبات الفن التشكيلي من مختلف الجنسيات، وكان صوتهن واحداً، من السعودية واليمن ولبنان وسوريا والأردن وبالطبع فلسطين، وكان هذا رائعاً، لأن الفن إذا لم يحمل رسالة هادفة فلا قيمة له عند المتلقي. وفي رأيي، الفن التشكيلي يحمل رسائل صامتة... هو مجرد كلمات بلا صوت، وأهميته تكمن في اللون والخط، والهدف منه هو البحث عن السلام والحب والحق والعدل، ولكل هذا وجّهت رسالتي هذه من وطني السعودية إلى العالم كله.
- كيف أثّرت نشأتك في مشوار نجاحك وساهمت في وصولك الى العالمية؟
أنا من مواليد المدينة المنورة، عمري 40 عاماً، تخرجت في كلية الاقتصاد المنزلي والتربية الفنية في جدة، وتخصّصت في مجال الخزف والمعدن، ونلت تقدير “جيد جداً” مع مرتبة الشرف، وحصلت على دورة في الفنون الجميلة والأشغال اليدوية، واكتسبت المزيد من الخبرات من خلال عملي في مدرسة الشعاع للتربية الفنية، ومن ثم تدريبي على أعمال الخزف في المركز الصيفي التابع لمؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله لرعاية الموهوبين، وبالتالي العمل كإدارية في روضة الياقوت ومركز تأهيل المعاقين، والمشاركة في ورشة عمل بعنوان “زيادة فرص العمل ومجالات عمل المرأة”، الى أن بدأت رحلة المشاركات المحلية ونجحت أخيراً في الوصول الى العالمية وتمثيل بلادي في المحافل الدولية، كما حصلت على الكثير من الجوائز والدروع التكريمية المحلية والدولية، وأعتز بها كلها، لأنها تمثل نقاطاً مضيئة في مسيرتي الفنية.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024