تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

المصمّمة الإماراتية العالمية منى المنصوري: تصاميمي تحمل ثراء لونياً يضجُّ بالحياة

صهيل ألوانها وصل إلى العالمية، لأن أبجديتها همست للجمال والإبداع، ومفردات تصاميمها أعادتْ أمجاد الحنين، لإرث تاريخي إماراتي مزجته مع المعاصرة بقالب فني من نبض روحها التي تسعى الى السلام بين شعوب العالم قاطبة، بعد أن أصبح قرية كونية متقاربة بفضل وسائل التواصل الاجتماعي، التي استلهمت منها الكثير لتبدع في عروضها لربيع 2019 حيث ابتكرت تصاميم ملؤها الحبّ والمحبّة من وحي الفكر الثقافي الذي يرنو الى السعادة الأبدية. دقّ نبضها على إيقاع الحياة، ورصدت سمفونيته بلغة الهاشتاغ فتألقت في حلمها الإنساني تصميماً ولوناً وزخرفة بقطع من الماس الذي أضاء دروب عاشقي الجمال. “لها” التقت المصمّمة والمبدعة الإماراتية العالمية منى المنصوري فتحدّثت عن رحلتها في عالم التصميم وألوانها التي تنبض فرحاً.


- حلم إنساني كَبُر وتطور، كيف بدأ ذاك الحلم؟

حين وضعت الهدف نصب عينيّ، سعيت لتحقيق حلمي الذي بدأ هوايةً وكان بعيد المدى، وما حلمت به هو أن أصبح مصمّمة فقط، لكن تطور الحلم بالعمل الدؤوب وحققت أكثر مما حلمت بفضل من الله.

- هل تجيدين أبجدية الخياطة لتتابعي جودة التنفيذ؟

تخصّصي في الهندسة البترولية علّمني ثقافة تسديد الهدف وتصويب الخطأ، والاستمرار في متابعة العمل ليخرج بأبهى حلّة.

- تصاميم نبضت حبّاً وعزفت أجمل الألحان، بين الماضي والحاضر، ما الذي يشدّك الى الماضي؟

من ليس له ماضٍ، لا حاضر له ولا مستقبل، فالماضي هو حضارتنا وإرثنا التاريخي وعراقتنا وأصولنا، وفي 28 تشرين الثاني/ نوفمبر2018 قدّمت عرضَ أزياءٍ تراثياً من طراز رفيع في “الحبتور بالاس” ضمن “تيفاني فاشن ويك الفرنسي”.

- حدّثينا عن تفاصيل هذا العرض؟

تحت رعاية الأمانة العامة للمجلس التنفيذي في حكومة أبو ظبي، أقمت عرضَ أزياءٍ تراثياً لمراحل تاريخ أبو ظبي بحضور رئيس الاتصال الحكومي وحشد من الصحافة والإعلام وعدد من الشخصيات البارزة في الدولة.

يحكي العرض عن الأزياء الإماراتية بين عامي 1920 و2018، وكيف تطوّرت تلك الأزياء شكلاً وخامة وتصميماً، ترافقها موسيقى تصويرية منذ التاريخ القديم وصولاً الى عصرنا هذا، وقد حقق العرض انسجاماً رائعاً بين الأزياء التراثية والغناء القديم الذي يحمل إرثاً إماراتياً متفرداً ببصمته الخاصة.

- كم قطعة تضمّن العرض، وما هي نوعية الأقمشة المستخدمة في التصاميم؟

قدّمت مجموعة متنوعة التصاميم والألوان والأقمشة، المتميزة بقصّاتها وتطريزاتها، تتألف من 20 قطعة، منها أربعة فساتين زفاف وفستان حنّة ملكي والباقي للسهرة. كذلك استخدمت أنواعاً من الأقمشة تعود الى العصر القديم، بدءاً بنوعية

الـ“غوتيله” والـ”بوفير”، مروراً بالقطنيات وصولاً الى الحرير والشيفون، مع اختيار ثلاثة براقع يختلف كلٌ منها عن الآخر.

- المرأة الإماراتية تعشق الذهب، هل تخللت العرض تصاميم من الأطقم القديمة؟

العرض يعجَّ بالتراث الإماراتي، بدءًا من “المرية” و”المرتعشة”، مروراً بالأساور الذهبية، وصولاً إلى عقد الماس. حتى تصفيف الشعر كان له نصيب من التراث، فبرزت أنيقة “باروكات” الشعر التي تزيّنها البكل القديمة.

- وماذا عن العباءات التراثية؟

تخلّلت العرض تصاميم لأربع عباءات منذ أن كانت توضع على الرأس، وفي مقدّمها “السبيعية”، تلتها “حَبّ الهيل” والعباءة العادية، ومن ثم عباءات الشيفون المطرّزة بالأحجار الكريمة.

- في ربيع 2019 شاركت في أسبوع الموضة الباريسي “تيفانى فاشن ويك”، بأجمل العروض التي جذبت القاصي والداني، ما سر كل هذا التألق الدائم؟

السر يكمن في التناغم بين التصاميم والألوان والأقمشة، وكانت فساتين الزفاف والسهرة تواكب أحدث خطوط الموضة العالمية، وارتدت كل عارضة التصميم الذي يناسب جسمها ويليق بلون بشرتها. وفي ما يتعلق بأكسسوارات الأعراس الرائعة، فقد تعاملت مع مصمّمتين: اللبنانية أنيسة، والإماراتية “أم حمدان”.

- كيف تلقيت أصداء هذا النجاح؟

كانت أصداء النجاح أكثر من رائعة، حيث وصلتني مباشرةً بحضور الدكتور سعيد مصمّم الأقمشة والأزياء، والمصمّم خالد الجنيدي، والفنانتين شيخة وشموخ، وبتغطية من وسائل الإعلام.

- وهل تتعاملين مع مصمّم أقمشة معين؟

أتعامل مع المصمّمة الإيطالية ماريا، والمصمّم اللبناني جيسكار، وخاصة في ما يتعلق بالأقمشة المطرّزة والتّل، لأنني أحب أن تتألق زبوناتي بفساتين لا مثيل لها في السوق.

- لماذا تختارين دائما التّل الإيطالي والفرنسي؟

التّل الإيطالي والفرنسي رائع، ويتميز بجودة خامته، وحتى إن لم تتخلله تطريزات، فهو يبدو بعد الخياطة أنيقاً، ولذلك يختار بعض المصمّمين الأقمشة الثمينة، لينفّذوا بها تصاميم تجعل المرأة التي ترتديها أميرة بين نساء مجتمعها.

- عرضك تميّز بألوان الربيع الزاهية، لماذا اخترت هذه الألوان تحديداً، وهل هي ألوان المرأة الخليجية؟

أختار ألواني بعناية، وهي تناسب المرأة الخليجية والأجنبية، لذا تبدو تصاميمي ثرية بالألوان التي تعكس الفرح، خصوصاً أنني أركّز على تدرّجات كل لون. مثلاً اللون الأحمر يتألف من اثنتي عشرة درجة تبدأ باللون البرتقالي وتنتهي بالأحمر القاني، والبنفسجي مكوّن من تسع درجات، ولكل درجة من تلك الألوان خصوصيتها وطريقة تقديمها التي تتناسب مع لون بشرة كل زبونة.

- ماذا عن اللون الأزرق؟

الأزرق هو لون ملكي، والأفضل أن يكون بدون تطريزات، ولذلك فهو يحتاج إلى عملية توظيف ذكية من المصمّم أو المصمّمة.

- في أحد تصريحاتك قلت “إنّ الفساتين تم تصميمها وتقديمها بلمسة فنية جديدة، وهي تميزت بالفخامة والرقي والتطريز الناعم، لتناسب كل الأذواق”، هل تصمّمين لكل نساء العالم؟

المعادلة الصعبة هي السهل الممتنع، وقد نجحت في وضع بصمة خليجية، وأتطلع لأكون مصمّمة عالمية من خلال التصميم الراقي والتطريز الأنيق والأحجار الموزعة بشكل مدروس.

- ثمة تنوع في الأقمشة التي تستخدمينها، كيف توائمين بينها وبين الأحجار والتطريز؟

أستورد الأحجار الثمينة من النمسا وتشيكيا والصين، وهي تتراوح بين الماس والكريستال، وأنسّقها مع الأقمشة كي أحصل على تصميم رائع ومميز.

- لماذا تستخدمين التّل مع الشانتون؟

أحب استخدام التّل والشانتون غير المطبّع، وأدخل إليهما تطريزات فتخرج تصاميمي مميزة، وتُشعر المرأة التي ترتديها كأنها ملكة عصرها، حتى الدانتيل أنفّذ له التصميم الذي يليق به، وأتحكّم بدرجات ألوانه.

- لفستان الفرح وقع خاص في نفس العروس، كيف تخططين لتصميمه، وهل تُطلعينها على سير العمل؟

حين تأتي العروس الى الدار للمرة الأولى، أتحاور معها وأدرس شخصيتها وأعرف ماذا تحب، كما أطرح عليها أسئلة تتعلق بطبيعة جسمها وما إذا كانت تتبع حمية غذائية، كي أصمّم الفستان الذي يليق بقوامها، وإذا كان جسمها معتدلاً وستحتفل بزفافها قريباً فهي تسهّل عليّ العمل، وفي الجلسة الثانية أقدّم لها اقتراحات مع أربعة خيارات لتنتقي منها ما يُشعرها بالارتياح. لكن يختلف الوضع إذا كنت أصمّم فستاناً لعرض أزياء أو لحدث معين أو لأسبوع الموضة، إذ أكتفي في التصميم بذوقي الخاص، وببصمة دار منى المنصوري.

- لماكياج العروس رونق خاص، هل ترافقينها في كل خطوة؟

خطوة خطوة أكون مع العروس التي تصمّم فستانها في داري، ذلك أنني أتعاون مع مراكز تجميل، وأحرص على أن تخرج العروس من داري بكامل أناقتها وتشد الأنظار بماكياجها الساحر بعيداً من البهرجة والألوان الصارخة.

- كيف تختارين طرحة العروس؟

إذا كانت العروس قصيرة القامة، من الضروري أن ترتدي طرحة طويلة لتضفي عليها المزيد من الطول.

- أي نصيحة تسدين لعروس ممتلئة الجسم وتطلب فستان فرح بلا أكمام؟

أفضّل للعروس الممتلئة أن ترتدي فستان فرحها بأكمام لإخفاء بعض العيوب، كتشقق اليدين أو تغير لون الإبطين.

- ممن استوحيت هذه الفكرة؟

حين تعرفت إلى مصمّمة إسبانية، دعتني لزيارة دارها، وأول ما لفتني أن فساتين الزفاف عندها محتشمة، استغربت وسألتها عن السبب، فأجابت بأن لفستان الفرح روعته، ومن الضروري أن تكون العروس محتشمة فترتدي فستاناً بأكمام.

- صمّمت لأكثر من فنانة عربية، وجعلت الفنانة السورية رغدة ترتدي فستان السلام، لماذا وقع اختيارك عليها؟

عالم الموضة واسع ومتنوع، ونناقش من خلاله القضايا الإنسانية والوطنية والبيئية، وحين صمّمت فستان السلام، أصررت على أن ترتديه الفنانة رغدة، فهي صديقتي الصدوقة، وامرأة جميلة ومثقفة، تعشق تراب الوطن، إذ إنها مشهورة بمواقفها الوطنية المشرّفة، وهي في رأيي تستحق أن تلبس فستان السلام الذي يناقش قضية القدس العربية. إلا أن وزيرة الثقافة الإسرائيلية سرقته وهاجمها كثيرون، وحين اتصلتْ بي وكالة الأنباء تخبرني بذلك، أجبت على الفور بأن من يسرق وطناً، تسهُل عليه سرقة تصميم.

- حصلت على جائزة أفضل مصمّم لقارة آسيا وتفوقت على أكثر من 1210 مصمّمين، ماذا حمّلك هذا التفوق؟

حصلت على تلك الجائزة بجدارة حيث كان العرض مؤلفاً من عشر قطع، وحين احتجّ المصمّم الفيليبيني في اليوم الثاني مستفسراً عن توزيع الدرجات، كشفتْ له اللجنة عن السبب موضحةً أن الدرجات الـ30 التي حصلت عليها كاملة، كانت تحمل هويتي وتراثي وتاريخي في اختتام العرض، فأينما رحلت وحيثما حللت، أحمل الثوب الإماراتي مع البرقع لأتقدم على الجميع بثلاثين درجة لكوني اختتمت عرضي بثوب تراثي فريد من نوعه، ومشغول بالتّل والشواروفسكي ومعه المرية والمرتعشة والذيول، مما أهّلني للفوز على 1210 مصمّمين والحصول على الجائزة. هذا الفوز حمّلني مسؤولية كبيرة تجاه وطني ونفسي.

- وهل تخللت هذا الثوب الإماراتي لمسات عصرية؟

هو ثوب إماراتي تراثي بخامات عصرية، وتطريز حضاري، ويحمل هويتي إذ مزجت فيه الأصالة بالحداثة.

- ماذا تقولين للمرأة العربية؟

بما أن ليس هناك امرأة قبيحة في العالم، وتتمتع كل سيدة بمقدار من الجمال، حاولي سيدتي أن تعرفي مكامن جمالك واعملي على إبرازها بأسلوب يجمع بين جمال الشكل ونقاء الروح، لأن الله خلقنا في أحسن تصوير... واختاري ملابسك بعناية ودقة، فلكل مقام مقال.

وأقول لكل طالبة جامعية بأن ملابسك عنوان شخصيتك وتعكس ثقافتك، وهي طريقك إلى الجامعة للدراسة، وليس إلى حفلة تنكرية.

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079