حادثة أفقدته ثلاثة أصابع وهكذا نجحت جراحة إعادتهم
في كثير من الأحيان يكون الوعي وحده كفيلاً بإنقاذ حياتنا أو تحسين ظروفها على الأقل. وبشكل خاص في المجال الصحي يبدو الوعي والثقافة الصحية من العناصر الأساسية التي لا غنى عنها في حياتنا. فلولا ذلك مثلاً لما استطاع الشاب شربل شرابيه أن يتابع حياته بشكل طبيعي وأن يحافظ على يده وأصابعه. فلو لم يكن على بيّنة من الأمر، لما استمرت حياته طبيعية بعد الحادثة التي تعرض لها.
كان من الممكن ألا يتعرض شربل إلى هذا النوع من الحوادث لاعتباره لا يعمل في مجال يعرّضه للخطر. إلا أنه كان يمارس هوايته المفضلة في أحد الأيام ويعمل في منجرة للأخشاب مستمتعاً بوقته. وفي أثناء استخدامه المنشار لتقطيع الخشب، حصل ما لم يكن في الحسبان حيث بُترت أصابعه الثلاثة. عن هذه الحادثة وردود فعله الهادئة والمفاجئة، يقول شربل: «كنت منذ فترة قصيرة قد اطّلعت صدفة عبر الانترنت على طريقة التعاطي الصحيحة مع حادثة من هذا النوع تؤدي إلى بتر الأصابع، والتعليمات المرتبطة بهذا الأمر. فعندما وقعت الحادثة، سارعت إلى إحضار كيس من الثلج وضعت فيه أصابعي، كما كنت قد قرأت سابقاً أنه يمكن حفظها لمدة 3 ساعات في الثلج، على أن يتمكن المستشفى بدوره من حفظها في دواء خاص. وبسرعة توجهت إلى مستشفى «بلفو» الذي كنت أعرف أنه يتضمن قسماً للحالات الطارئة المماثلة ومتخصصين في هذا المجال. ما إن وصلت حتى اتُّخذت الإجراءات اللازمة خلال ربع ساعة وأُدخلت إلى غرفة العمليات بعد أن خضعت للتخدير الموضعي لليد، واستمرّت الجراحة حوالى ثماني ساعات.»
- من المفاجئ أن تكون قد حافظت على هدوئك في وضع مماثل، ألم تشعر بالألم حينها؟
في اللحظات الأولى لم أشعر بالألم، بل رأيت أصابعي مرمية أرضاً فسارعت لإجراء اللازم ووقف النزف. كنت مدركاً تماماً أنه في مثل هذا الوقت يعتبر الحفاظ على الهدوء أمراً ضرورياً.
- ما طبيعة الجراحة التي خضعت لها؟
خلال حوالى 9 ساعات، عمل الأطباء المتخصصون على إعادة ربط الشرايين الصغيرة التي قُطعت بالاعتماد على المجهر. هي عملية في غاية الدقة يتم العمل فيها على إعادة ربط الشرايين والأعصاب والعظام. وكأنها عمليات عدة في واحدة.
- هل تطلب ذلك المكوث فترة طويلة في المستشفى؟
مكثت في المستشفى حوالى 6 أيام خرجت بعدها وخضعت لجلسات من العلاج الفيزيائي. كما لُفّت يدي بالضمادات والجص لفترة.
- هل استطعت تحريك أصابعك بعد الجراحة؟
عندما نزع الطبيب الضمادات والجص، تمكّنت من تحريك أصابعي، لكن مما لا شك فيه أن العظام تحتاج إلى فترة معينة لتُرمّم.
الطبيب الاختصاصي في جراحة العظام والمفاصل والمتخصص في جراحة اليد والكتف
د. مروان بعقليني:
وعي شربل أنقذ يده وسمح بتجنب خسارة أصابعه بالكامل
عندما حضر شربل إلى المستشفى، أجرى له د. مروان بعقليني الجراحة الدقيقة التي أُعيدت فيها الأصابع إلى مكانها في يده. عن هذه الجراحة يقول د. بعقليني: «مما لا شك فيه أن وعي شربل لعب دوراً أساسياً في تجنب خسارته أصابعه بشكل تام. فكان قد قرأ قبل فترة عن طريقة حفظ الأصابع في الثلج. كما كان يعرف أننا نملك في المستشفى قسماً متخصصاً في إعادة زرع الأطراف بالجراحة المجهرية في الحالات المستعصية. عندما وصل إلى المستشفى، اتُّخذت الإجراءات اللازمة وتم نقل الأصابع لحفظها بالشكل الصحيح. علماً أن الأهم في مثل هذه الحالات هو حفظ الأصابع في كيس من الثلج من دون أن يبلّلها الماء. أما المدة التي يمكن حفظها خلالها بسلام فهي حوالى 6 ساعات. وفي هذه الحالة، استغرقت الجراحة المزيد من الوقت ودامت 8 ساعات، لأن أصابع ثلاثة كانت قد بُترت وإعادة كل منها تتطلب ساعتين تقريباً. تبدأ الجراحة بوصل العظام وتثبيتها بالبراغي الطبية، ومن بعدها الأوتار والأعصاب وصولاً الى الشرايين».
- هل يمكن المريض أن يعاود بعدها استعمال يده وأصابعه بشكل طبيعي؟
يمكن المريض أن يعاود استعمال يده بنسبة 50 أو 60 في المئة. قد يكون من الصعب أن تستعيد اليد وظائفها كاملة، لكن على الأقل تسمح الجراحة بتجنب التشوّه والعودة إلى العمل بدلاً من خسارة اليد كاملة.
- بعد كم من الوقت يمكن أن يبدأ المريض باستخدام يده؟
بعد مضي 3 إلى 6 أشهر، يمكن البدء باستعمال اليد وحمل أغراض بها. لكن يبقى هناك احتمال بنسبة 50 في المئة ألا تعمل اليد بعد العملية. في المقابل، ثمة خطوات علاجية عدة لاحقة يمكن القيام بها. فإذا كان العصب أو الوتر لا يعمل فثمة حلول لذلك.
شاركالأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1079 | تشرين الثاني 2024