تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الفحص الطبي قبل الزواج طريقة مثلى لتلافي المحظور في العلاقة الحميمة

الفحص الطبي قبل الزواج طريقة مثلى لتلافي المحظور في العلاقة الحميمة

يعدّ الفحص الطبي قبل الزواج خطوة أساسية لا تقف عند حدود الوقاية والطمأنينة وسلامة الراغبين بإجرائه من الجنسين وحسب، وإنما طريقة مثلى من أجل تلافي الإصابة بأي مرض، قد يكون وبالاً عليهم وعلى أبنائهم، وربما على الأمن الصحي الوطني أيضاً.

من هذا المنطلق، تلجأ بلدان إلى سنّ تشريعات تُلزم من يُقدم على الزواج بأن يخضع إلى فحوص طبية ومخبرية وسريرية مسبقاً، وأن يحصل على شهادة صحيّة موقّعة من المراجع المختصة، بغية استعمالها كوثيقة رسمية تضاف إلى ملف الزوجين، أو كـ»جواز عبور» إلى حياة زوجية آمنة مستقرة سعيدة ومشفوعة بالرفاه والبنين.

وإستكمالاً لتلك التشريعات تحرص الدوائر الصحية في العالم على تحصين الناشئة والشباب بثقافة صحية تعممها عبر البرامج الطبية في المدارس والجامعات أو في الندوات والمحاضرات وفي وسائل الإعلام، بما فيها ضرورة الكشف الطبي لأي شريكين عازمين على الزواج. ويذكر أن مفاعيل الفحص الطبي قبل الزواج قد تكون في بعض البلدان شأناً خاصاً بكل من الشابة أو الشاب، بمعنى أنها لا تعني السماح بالزواج أو منعه ولا تُلزم أياً من الطرفين بشيء، إنما تهدف إلى إطلاع كل منهما على النتائج الطبية التي تم الحصول عليها وإسداء النصح والإرشاد إذا رغبا ببناء زواج ناجح لا يتعرّض مستقبلاً لأي انتكاسة صحية أو عائلية أو إجتماعية. أمّا في بلدان أخرى مثل كندا، فيُرفض تسجيل أي زواج رسمياً ما لم يكن مرفقاً بشهادة صحية تثبت خلو الشريكين من بعض الأمراض التي تعتبر خطراً عليهما وعلى الصحة العامة.

لدى استطلاع آراء شريحة من الشابات والشبان المؤهلين للزواج بينهم عرب وكنديون، تفاوتت المواقف بين مؤيّد للفحص الطبي قبل الزواج ومتحفّظ ومعارض. فالشاب اللبناني الأصل، فادي (27 سنة)، يرى فيه خطوة احتياطية تحّسباً لأي طارئ صحي قد يحصل لاحقاً، لأي من الزوجين أو لأولادهما، لا سيما الإصابات الوراثية التي تتسبب بعاهات جسدية أو إعاقات نفسية أو عقلية، كما هي الحال لدى كثر من أبناء العائلات اللبنانية. ويشير إلى أنّه «لا يحبذ الزواج من إحدى قريباته حتى لو أثبت الفحص الطبي سلامتها مئة في المئة»، نافياً أن يكون زواج الأقارب كما يشاع، ضمانة لتعزيز الروابط العائلية والإجتماعية والأخلاقية.

أما الكندي غبريال (25 سنة)، فيقول: «أنا من أنصار الفحص الطبي، حتى وإن أثبت أن شريكتي مصابة بعقم مانع للحمل». ويضيف: «لا يهمني هذا الأمر كثيراً طالما أجد سعادتي في من أحب»، ويؤكّد أن مسألة الإنجاب يمكن تجاوزها بتبنّي طفل أو طفلة كما هي حال أزواج كنديين كثر.

من جهتها، تعتقد الكندية ماري كلود (24 سنة)، أنه «إذا تبيّن أن الشاب الذي اخترته زوجاً لي، مصاب بعجز ما أو مرض سرطاني مثلاً، يمكن أن أبقى إلى جانبه إذا كان شفاؤه ممكناً، وخلاف ذلك فمن المنطقي أن أبحث عن سعادتي مع شريك آخر». وثمة من يأخذ بالفحص الطبي، للتأكّد من مسألة واحدة بعينها واعتبار التشخيصات الأخرى مجرّد تفاصيل يمكن معالجتها. في هذا الصدد، يوضح الشاب المغربي زيدان (26 سنة) أن أكثر ما يعنيه هو «التأكّد من عذرية الفتاة أياً تكن جنسيتها»، ويسأل: «ماذا تنفع صحة الشهادة الطبية إذا كان شرف الفتاة ملوّثاً؟».

وفي سياق متصل بالحرية الجنسية، واجه اللبنانيان عبير ورامي صدمة نفسية قوية حين أجريا فحصاً طبياً قبل أسبوعين من زواجهما ليكتشف رامي أنه مصاب بفيروس الايدز، ما دفعه إلى فسخ الخطوبة وإلغاء مراسم الزواج. وتعلّق عبير بمرارة: «لقد خطف المرض أجمل أحلامنا بالفرح والسعادة وحوّلها وهماً وسراباً».

وخلافاً لمجمل هذه الحالات المأسوية ثمة من يعتقد أن الفحص الطبي قبل الزواج «مخالف للتعاليم الدينية والأعراف والتقاليد الإجتماعية والعائلية»، ويعارض أن تخضع فتاة أحلامه إلى كشف أمام الأطباء، مؤكّداً أن الزواج «قسمة ونصيب»، وعلى المرء ان يرضى بقدره.

ومهما يكن من أمر، فإن الفحــــص الطبي قبل الزواج، وإن أفسد على بعض الشابات والشبان أحلامهم الورديـــة وحوّلها إلى أشواك جارحة وسامّة أحياناً، فإنه في الوقت عينه يُنقذ آلافاً منــهم من خطر إنجاب أطفال مشوّهين جسدياً وعقلياً ونفسياً، وينبّههم من شرور انتقال الأمراض الوراثية أو المعدية التي تشكل تهديداً حقيـقياً لسلامة الشريك. كما يعتبر مناسبة ممتازة تتيح للــشريكين الاستفسار عن كل ما يخطر ببالهما من أسئلة حول الصحة والمرض، والتزوّد بالإرشادات والنصائح المبنية على التاريخ المرضي الشخصي والعائلي لكل منهما.

نقلاً عن الشقيقة "الحياة"

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079