زوجي أصغر مني وحياتي مستقرّة وسعيدة
جرى العرف أن يكون الزوج أكبر سنّاً من الزوجة، إلا أن هناك حالات كثيرة تتزوج فيها المرأة من رجل يصغرها، وتتحدى بذلك ما قد تواجهه من مشاكل ونظرات مجتمع لا يتقبّل بسهولة أن يكون الزوج أصغر من الزوجة. وإذا كانت بعض تلك الزيجات قد فشلت، فإن بعضها الآخر قد نجح. وللفشل أسباب كما أن للنجاح أسباباً. فما هي الأسباب؟ ذلك ما سنتعرف إليه من خلال شهادات متزوجات ممن يصغرهن سناً، وأمثلة على زيجات من هذا النوع من عالم النجوم العرب والأجانب. ونبدأ بشهادات من مصر.
ميادة: تزوجت رجلاً يصغرني بستة أعوام هرباً من العنوسة
ميادة عبد السلام (مهندسة، 34 عاماً) تعترف بأنه رغم مرور أربعة أعوام على زواجها من شاب يصغرها بست سنوات، لم يستطع المجتمع أو عائلة الزوج تقبّل فارق العمر بينهما بسهولة.
تحكي ميادة قصتها قائلةً: «زوجي قريبي من الدرجة الثالثة تقريباً، لم تكن تجمعنا فرص كثيرة للقاء، ومع تعدد مناسبات الزواج التقينا في أكثر من عرس، ولمع الإعجاب في عينيه فبدأ زيارتنا في المنزل بشكل منتظم فتقاربنا أكثر. لا أستطيع القول إننا عشنا قصة حب كبيرة أو حتى صغيرة، لكن حصل بيننا تفاهم ومودة اعتقدت أنهما كافيان لبدء حياة زوجية ناجحة عندما طلب مني الزواج».
وتضيف: «فكرت بعملية أكثر حينها، كنت على أعتاب الثلاثين، وهو سن العنوسة في مصر حسب أعراف المجتمع، فقررت الموافقة على الفور. رأيت أنني جميلة وشكلنا متقارب في العمر، ورأيت أيضاً أنه مناسب لي، خاصة أنه مهندس مثلي، لكنه في بداية الطريق وسيكون له شأن جيد في الحياة بسبب طموحه. ما لم أضعه في حسباني هو تدخلات أمه المستمرة في حياتنا، وتذكيرها لي من وقت إلى آخر بأنني أكبره في السن وأنه انتشلني من العنوسة».
بخلاف كلام حماتها، الغمز واللمز اللذان تشاهدهما ميادة من أقاربها في التجمعات العائلية، جعلاها تراجع تفكيرها، هل أخطأت عندما وافقت على الزواج من شاب يصغرها بست سنوات؟ تقول: «ما أصبح ينغص عليَّ حياتي فعلياً أن التقدم في العمر بدأ يظهر عليَّ، في حين أن زوجي ما زال شاباً في العشرينات، خاصة أنني امرأة عاملة وأمٌّ لطفلة عمرها عامان، وبناء عليه لا بد أن ينتهي كل خروج لنا بخناقة كبيرة بسبب غيرتي عليه، خاصة أن فتيات العشرينات يحاصرنه بعيونهنّ، ناهيك بالخريجات الجديدات في العمل ومحاولاتهنّ المستميتة للتقرب إليه».
في النهاية تعترف ميادة بأنها بعد أربع سنوات زواج أصبحت أقل ثقةً بنفسها وبحب زوجها لها، والسبب الوحيد أنها أكبر منه في العمر.
مروة: رفضت عريساً أصغر مني بشهور بسبب تجارب صديقاتي
مروة بيومي (منسقة أفراح، 30 عاماً) تراجعت عن فكرة الزواج بعريس أصغر منها بعامين، رغم خلوه من أي عيوب حسب وجهة نظرها، بسبب تجارب صديقاتها، وتقول: «من خلال عملي تعرفت على شقيق إحدى العرائس التي كنت أنسق لها زفافها، وتقدم إليَّ، ورغم توافر كل مواصفات فتى أحلامي فيه لم أتردد في الرفض بسبب معايشتي لمعاناة صديقاتي، فإحداهن تزوجت شاباً أصغر منها بأربعة أعوام هرباً من مشاكل أسرتها، لعلها تجد في منزلها الجديد الراحة، إلا أنها فوجئت بقيود أكبر ومشاكل لا حصر لها، يأتي في مقدمها مسؤوليتها الاقتصادية».
وتوضح: «أرى أن زوجها أقدم على الزواج منها لأنها أوفر حظاً في العمل وراتبها أعلى منه، وبالتالي تحملت جزءاً كبيراً من المسؤولية الاقتصادية. ورغم أن صديقتي تعيش أجمل لحظاتها كأم لتوأمين، فإنها دائماً ما تشكو لي شعورها بأنها أمٌّ لثلاثة أطفال أولهم زوجها، فهي تشعر بفارق كبير في التفكير بينهما، ولا ترى مطلقاً أنه قائد العلاقة، وكثيراً ما ألمح الندم في عينيها وأحياناً تصرح به».
مروة لديها صديقة أخرى متزوجة من شاب يصغرها بعامين بعد قصة حب أسطورية: «رغم الحب الكبير بينهما، أشعر بأن فارق السن أصاب صديقتي بعقدة نفسية، خاصة أنها لم تحتفظ بخصوصيتها ولم تخفه عن المحيطين بها، وبسبب نظرات الآخرين تحاول دائماً إظهار أنها الأجمل والأصغر منه، حتى ولو تصرفت بطريقة مبالغ فيها، ناهيك بمحاصرته لها بتحكمات فجة، وكأنه يريد أن يثبت لها أنه الأكبر أو قائد العلاقة».
وتتابع: «لذا رفضت الزواج من العريس الأصغر مني بعامين، ورفضت الزواج من آخر أصغر مني بشهور، فأنا على اقتناع تام بأن الرجل يجب أن يكون هو الأقوى وقائد العلاقة».
إيناس: زوجي أصغر مني بعام والرضا مفتاح سعادتنا
أما إيناس السيد (موظفة علاقات عامة، 31 عاماً) فترى أن الرضا مفتاح السعادة، والبعد عن نظرات الآخرين والمجتمع هو سر السعادة والاستقرار.
هي أكبر من زوجها بعام، لكنّ أحداً منهما لا يلتفت إلى ذلك، وتقول: «تعرفت على زوجي في العمل، فتحولت الزمالة إلى صداقة ثم إلى حب وقررنا الزواج، وعندما علمت أنني أكبر منه بعام، لاحظ أنني ترددت قليلاً، فأكد لي أنه لا يهتم بتلك الأمور ما دمنا على وفاق».
وتضيف: «أعتقد أن أسرتينا لا تعلمان فارق السن بسبب عدم اهتمامنا به، ومن المؤكد أنه واضح في قسيمة الزواج، ولكن لا شأن لأحد بحياتنا. هذا كان اتفاقنا قبل الزواج، وهذا أيضاً سر استقرارنا، خاصة أن محمود زوجي أسرني بجاذبية شخصيته ودماثة أخلاقه، فضلاً عن أنه يتحمل كل مسؤوليات الأسرة، فعقله أكبر من عمره، لذا لا أتذكر مطلقاً أن زوجي أصغر مني. لي صديقات حذفن تواريخ ميلادهنّ وأزواجهنّ من موقع «فيسبوك»، حتى لا يلاحظ الآخرون أنهن أكبر من أزواجهنّ بشهور. إلا أن تاريخ الميلاد لا يمثل أي مشكلة لي ولزوجي على وجه الخصوص، فكرم أخلاقه دائماً ما يشعرني بأنني الأصغر منه، وبأنني مسؤولة منه في كل صغيرة قبل الكبيرة، وأعتقد أن عدم انشغالنا بالآخرين وتركيزنا عل نجاح أسرتنا وتربية طفلينا هما سر استقرارنا».
د. أحمد عبدالله: فارق السن ليس مشكلة
يفسر الدكتور أحمد عبدالله أستاذ الطب النفسي في جامعة الزقازيق، أن المرتبطين فقط بإطار الزواج الذي رسمه المجتمع هم من يقعون ضحايا عندما تكون الزوجة أكبر في العمر، فتنعكس نظرة المجتمع المحدودة على تصرفاتهم وتفسد علاقتهم.
ويوضح: «فرض المجتمع إطاراً واحداً على الزواج، يرى كل من خرج عنه شاذًا ويلاحقه بالنظرات اللاذعة والانتقادات الحادة، ومن أمثلة ذلك الإطار أن يكون الرجل هو الأكبر في السن، وهنا يتجلى المثل الشعبي: «من همه تزوجها في عمر أمه»، وأن تتزوج الفتاة في سن معينة وإلا تكون عانساً، ويزيد على ذلك أن المرأة المتزوجة والتعيسة أفضل من المطلقة التي تلاحقها نظرات الآخرين، وبالتالي من يكسر تلك التابوهات يتلقى وعده غير المحمود عقباه». ويتابع: «هنا كسرت القاعدة، وانحرف الزوجان عن القالب الاجتماعي المعهود، وبغض النظر عن مدى تفاهمها ينعكس انشغالهما بالآخرين ونظرة المجتمع السلبية على علاقتهما، فتزداد توتراً وتظهر تلك التوترات جلية في الغيرة والخلافات بسبب الأهل، خاصة إذا تمثلت نظرة المجتمع السلبية في الحماة التي تنغص حياة زوجة الابن من فترة لأخرى، وتذكرها بفارق السن». ويؤكد أستاذ الطب النفسي أنه «ليس من الصحيح تعميم قاعدة الفشل أو النجاح في العلاقة الزوجية التي يكون فيها الرجل أصغر، فلكل علاقة ظروف خاصة. ولعل أقوى أسباب النجاح عدم مبالاة الزوجين بنظرة المجتمع وانشغالهما بحياتهما الخاصة، فمن هنا ينبع الرضا، بالإضافة إلى أسباب أخرى تختلف من علاقة إلى أخرى». في نهاية حديثه، يقول عبدالله، إن الطريقة التي ينظر بها المجتمع إلى تفاصيل الزواج سبب تحويله إلى مؤسسة فاشلة تنتج التعاسة بشكل منتظم يحوّل الحياة فيها إلى جحيم، مما ينعكس على تربية الأطفال، فكيف لأبوين أن يتفرغا للتربية إذا كانا غير مستقرين في حياتهما؟، فهل فاقد الشيء يستطيع أن يعطيه؟!
د. سامية خضر: الأفضل ألا يزيد الفارق عن ثلاث سنوات
من جانبها، ترى الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع في جامعة عين شمس، أن المجتمع العربي بصفة عامة ما زال غير متقبل أن تكون الزوجة أكبر، لأنه ما زال مجتمعاً ذكورياً ينظر إلى الرجل على أنه الأقوى والأفضل، وبالتالي يجب أن يكون الأكبر في علاقة الزواج ويربط السن بقدرته على إدارة شؤون الأسرة وبكونه قائداً لها. وينسى المجتمع أن الرسول، صلى الله عليه وسلم تزوج من السيدة خديجة وهي أكبر منه بـ20 عاماً.
وتؤكد أن فارق عام أو عامين لا يمثل مشكلة في التواصل بين الزوجين، وتنصح بألا يزيد فارق السن عن ثلاث سنوات، مشيرة إلى أن تقاليد المجتمع وتحكماته قد تدفع الفتاة إلى الزواج بمن يصغرها على سبيل المقايدة، فمثلاً هي تمتلك شقة ولم تجد عريساً مناسباً، فتضطر إلى الموافقة بمن هو أصغر منها هرباً من العنوسة، تلك النظرة المجحفة التي يرمقها بها المجتمع، أو قد تضطر للموافقة لأنها تريد الهروب من مشاكل أسرتها، وغيرها من الأسباب.
بناءً عليه تنصح أستاذة علم الاجتماع كلا الزوجين بضرورة الاحتفاظ بأسرارهما، وتقول: «يجب ألا تكون أسراركما على المشاع، فمسألة العمر أمر يخصكما وحدكما ولا شأن لأحد بها. احتفظا بالسر لنفسيكما لتتجنبا النظرة التقليدية، كما يجب أن تنأيا بمشاكلكما عن العائلة وتحلاها معاً حتى لا تتفاقم».
نوال مصطفى: المستوى الثقافي والاجتماعي يحدّ من مشاكل التفاوت في العمر
أما الكاتبة نوال مصطفى، رئيسة تحرير كتاب اليوم، فتؤكد أن تقبل كبر عمر الزوجة عن الزوج يرجع إلى المستوى الثقافي والاجتماعي، فكلما ارتفع المستوى ازداد التقبل، موضحة أن لديها صديقات أكبر في العمر من أزواجهن ويعشن حياة ناجحة جداً، والسبب أنهن مؤمنات بأنه أمر عادي ولا ينقص من كلا الزوجين شيئاً.
وتقول: «التفاهم والأرضية المشتركة والحب بين الزوجين هي أساس الزواج، حتى وإن خرج عن القالب الذي حصره المجتمع فيه». واستشهدت بدراسة اجتماعية برازيلية صادرة عن جامعة ماكنزي تؤكد أن الحواجز المتعلقة بالسن في الزواج بدأت تتحطم في عصرنا الحاضر، فلم يعد يهم المرأة إن كانت متزوجة من رجل يصغُرها أو يكبُرها أو يوازيها سنًّا، ولم تعد المرأة تبالي بأقاويل كانت تحيط دائمًا بالعلاقة بين الرجل والمرأة، بحسب ضرورات وتقاليد اجتماعية سادت لوقت طويل، وعلى رأسها الزواج المبكر، وضرورة أن يكبر الرجل المرأة بسنوات ربما لا تكون قليلة، وكيفية سير الزواج مع فارق السن.
وتضيف: «بعيداً عن التعميم، لأن كل حالة إنسانية تختلف عن الأخرى، المرأة دائماً هي الأقدر على احتواء المشاكل، وبناءً عليه فهي تعلم جيداً أنها عندما تتزوج من رجل يصغُرها سنًّا تواجه جملة من المشاكل، قد يأتي على رأسها القصور العاطفي للرجل الأصغر سنًّا، خصوصًا في المجتمعات الشرقية. السبب هنا لا يكمن فقط في فارق السن، بل في حقيقة أن المرأة تنضج عاطفيًّا قبل الرجل، فضلاً عن أنها تضع في حسبانها ما ستلاقيه من تعليقات وآراء مضادة لهذا الزواج، سواء ممن حولها أو بشكل أكبر من أهل زوجها». وتتابع: «لكن مع مرور الوقت، ورسوخ مظاهر الحياة العصرية بكل تعقيداتها، يصبح مثل هذا الزواج معترفاً به اجتماعياً، ويقل بالتالي حجم الهواجس المتعلقة به عند المرأة، وهذا ما باتت بعض المجتمعات العربية تشهده بنسبة مريحة حالياً».
من السعودية: شهادات مشجّعة
وهذه شهادات من السعودية ترى في بعض حالات زواج الفتيات ممن يصغرهن سناً فضائل قد لا تتوافر لدى المتزوجين بأعمار متناسبة
بدور: لم أعر فارق السن أي اهتمام منذ ارتباطي بزوجي
لم تخشَ بدور محمد (31 سنة) الفارق البسيط في العمر بينها وبين زوجها أحمد سمير (30 سنة)، ولم يشكل ذلك عائقاً أو سبباً للخوف من الارتباط، وهما اللذان أنهيا دراستهما الجامعية معاً. تقول بدور: «خلال الثلاث سنوات من زواجي لم يحدث أي اعتراض أو حديث من كلا الطرفين حول هذا الأمر، فالفرق بيننا في العمر ليس كبيراً، ولم يُشكل أي عائق و لم أعره أي اهتمام منذ بداية ارتباطي بزوجي». ولفتت إلى أن الفرق لو كان أكبر بينهما لم تكن لتقبل الارتباط به بأي شكل من الأشكال، معللة ذلك «بأن المرأة تنضج وتكبر قبل الرجل بشكل أكبر، فإن ارتبطت بشخص أصغر مني بفارق كبير في السن، ستحدث الكثير من المشاكل».
وأشارت إلى أن الشكل الخارجي والشخصية يلعبان الدور الأكبر في الزواج أكثر من عامل السن: «من يرانا معاً لا يُدرك أنني أكبره بالعمر، لأنه شكلاً وموضوعاً أشعر بأنه أكبر مني. وللآن شكلي مناسب جداً لم يتأثر بعمر أو ما شابه، وقد أبدو أصغر منه سناً. وبشكل عام هذا الأمر لا نطرحه، إلا عندما نحتاجه في أمور رسمية، أو أوراق معينة، ومعاملات، لنذكر بأني مواليد كذا وهو مواليد كذا، أو من باب الدعابة والمزح بيننا بعض الأحيان. لكنه لم يكن موضوع حديث أي أطراف أخرى من العائلة سواء من عائلتي أو عائلته التي اعتقد أنهم لا يعرفون عمري بالتحديد».
نوف: ثقة المرأة بنفسها ستحقق لها السعادة مع زوجها مهما كان فارق العمر
رغم الثلاث سنوات التي تفرق بينهما في العمر، يعيشان قصة حب وتوافق أسري، وسعادة لا يمكن أن يصفها إنسان... نوف حسن (37 سنة) أكبر من زوجها يوسف حسام (34 سنة)، إلا أن السن لم تكن مشكلة، وركّز الطرفان على أمور أخرى هي القدرة على التوافق، والعيش المشترك، وطريقة التفكير.
تقول نوف: «لم أكن أتخيل في يوم من الأيام أن أرتبط بزوج أصغر مني سناً، بل على العكس كنت من الأشخاص الذين يفضلون وجود ما يقارب 10 إلى 11 سنة بين الرجل والمرأة. لكن المرأة عندما تتخطى الثلاثين، تبدأ التفكير أن السن ليست مهمة بقدر الثقافة والفكر، وهل نستطيع أن نعيش معاً، لأني في ما بعد اكتشفت أن من تزوجوا بفارق سن كبير فيما بينهم، لم يكن هناك توافق بينهم أو قدرة على العيش، وبالتأكيد لا أُعمم إنما في بعض الحالات. واليوم أصبح لدي اقتناع بأن الأمر لا يتعلّق بالسن بتاتاً».
وأكدت حسن أن ثقة المرأة بنفسها تلعب الدور الأكبر في إنجاح العلاقة، فعندما «أرى أنه يصغرني سناً، يهتم بمظهره، ويحرص على الترتيب، أسعد كثيراً خاصة أنني لا أفضل الشكل التقليدي للرجل، فطبيعة زوجي ناسبت شخصيتي التي أعتبرها أصغر من سني، وهذا ما جعلني سعيدة مع زوجي... لا يخطر على بالي أني سأشيخ قبله أو أن المرأة تكبر قبل الرجل، وكل ما ذكرته يدخل ضمن نطاق الثقة التي تلغي أهمية أي تفصيل آخر في العلاقة».
عبير: واجهتنا خلافات في بداية الزواج، لكني أشعر بأني الأصغر سناً
قالت عبير أحمد (37 سنة) إن فارق الأربع سنوات بينها وبين زوجها أسامة علي (33 سنة) كان يُشكل محور خلافات لأنه كان يخال أنها تتجاهله لصغر سنه في أي تصرف أو مواجهة كانت تحدث بينهما. تقول: «فارق العمر لم يكن مشكلة بيننا، وكان إصراره على الارتباط بي أول الحواجز التي استطعنا كسرها معاً. لكن وكأي عروسين لم يمضِ على زواجهما سوى خمسة أشهر، بدأت الخلافات تتزايد بيني وبين زوجي، لغياب التأقلم مع وجود شريك حياة، وكان يُردد على مسامعي كثيراً (لأني أصغر منك في السن)، وسرعان ما تبددت تلك الخلافات واستطعنا التأقلم، خاصة أن زوجي طيب جداً ويحبني كثيراً. وبالفعل أشعر معه دوماً بأني أصغر منه سناً».
عندما تقدم لخطبتها «لم يُصدق أني أكبره في السن، إلا عندما رأى بطاقة الأحوال الخاصة بي. ومع هذا هو مازال متأكداً بأني صغيرة في السن، طالما أني أمتلك حُسن الخلق والسُمعة الطيبة، ويحبني ويحترمني كما يردد دائماً على مسامعي، ولا أشعر بأني متزوجة إلا من هو أكبر مني في السن والتفكير والنضج».
مايا: أشعر بأني أميرته ويُشعرني بأني طفلته الصغيرة...
وتختلف قصة مايا عمر (32 سنة) عن الأخريات لكنها تتشابه في الأحداث المقبلة عليها، وهي التي وافقت على يوسف محمد (30 سنة) عندما تقدم لخطبتها، بعد أن استمرت في التفكير لمدة تزيد عن سنة ونصف. تقول: «أعتقد أني بالغت في التفكير للوصول إلى اقتناع تام بأن أقول نعم ليوسف عندما تقدم لخطبتي، خاصة أن فرق العمر بيننا يُظهر أني الأكبر، مع أن الأمر بسيط. لكن المجتمع والظروف لا ترحم وسرعان ما تبدأ الأحاديث الجانبية والهمسات، بأن العروس تكبر العريس، وما إلى ذلك من الأمور التي جعلتني أتريث في التفكير».
في أي حال، تستعد مايا اليوم لحفلة زفافها، لأنها لم تعد تشعر بأن فرق السن قد يكون عائقاً أمام شخصين ارتضيا بعضهما البعض، واستعدا لدخول حياة زوجية مبنية على التفاهم والانسجام. وتقول: «يوسف يعاملني وكأني طفلته الصغيرة، وهذا ما يُشعرني دوماً بأني أميرة هذا الإنسان الذي لم أخطئ يوماً في قبول عرض الزواج منه، وإن كان الفرق بيننا في السن بسيطاً».
د. المعبي: الرجل الذي يتزوج امرأة أكبر منه سناً يعيش كأنه ملك
من جانبها، ذكرت المستشارة الأسرية والنفسية الدكتورة زهرة المعبي أن المرأة تتمكن من التعامل مع وضعها الأسري بنضج وعقلانية عندما تكون أكبر سناً من زوجها، من حيث التنظيم والترتيب لأمور حياتها ومنزلها، دون التصرف بهستيرية أو تهور، «وتحاول أن تتعامل مع زوجها وكأنه ابنها الأكبر، فتغدق عليه الحب والحنان والعطف وتحتويه، وتُشعره بالأمن والأمان داخل أسرته. وأعتقد أنه سيعيش ملكاً في حياةٍ كالتي أتحدث عنها، وبعيداً عن مشاكل أو اضطرابات قد تحدث بينهما لو كان هو يكبرها سناً. واعتقد أن ايجابيات هذا الزواج تفوق سلبياته. وفي هذه الأيام بتنا نجد أن لا يوجد من يتقدم في السن أو يشيخ، ذلك لأن عمليات التجميل والترميم ساعدت في إخفاء الأعمار، خاصة لدى السيدات اللواتي يُحافظن على أنفسهن وصحتهن وجمالهن».
من لبنان ...ومن العالم
«الكوغرز» كلمة غريبة عن مجتمعاتنا، فهي مصطلح غربي يطلق على النساء اللواتي تجاوزن سن الأربعين وارتبطن بشباب يصغرونهن سناً. وكان معروفاً عن النساء اللواتي يطلق عليهن هذا المفهوم أنهن متواضعات الجمال بينما اليوم تغير هذا المفهوم بعدما أصبح زواج كبيرات السن بصغار السن ينتشر بين مشهورات العالم والمعروفات بجمالهن. وتاريخياً، عندما كان الرجل يتزوج بإمرأة تصغره سناً كان ينظر إليه بعين الإعجاب، على اعتبار انه يجب على المرأة أن تكون أصغر من الرجل. إلا أن السن في أيامنا هذه لم تعد عائقاً أمام المرأة وحتى أمام الرجل لإرتباط أحدهما بالآخر. فهناك العديد من الفنانات اللبنانيات اللواتي تزوجن ممن يصغرهن سناً.
وليد توفيق وجورجينا أقدم ثنائي ناجح
بدأت هذه الزيجات بالظهور منذ وقت بعيد، فتزوجت الأميرة ماري تيودور ملكة إنكلترا عام 1554 من فيليب الثاني ملك إسبانيا الذي كان يصغرها بسنوات عدة. وفي ثمانينات القرن الماضي، أثار خبر زواج الشحرورة صباح من الفنان فادي لبنان الذي كان يصغرها بأكثر من عشرين عاماً، ضجةً كبيرة. فهاجمها الإعلام العربي متهماً إياها بالجنون، واستمر الزواج سبعة عشر عاماً انتهت بطلاقٍ واتهاماتٍ متبادلة. كما ارتبطت صباح بملك جمال لبنان عمر محيو الذي كان يبلغ من العمر حوالي الـ25 عاماً وذلك بعد إنفصالها عن فادي لبنان بفترة قصيرة، لكنها قالت إن علاقة صداقة تربطها بعمر لا علاقة حب وزواج.
وبرزت حالات أخرى تكللت بالنجاح فتزوج النجم العربي وليد توفيق من ملكة جمال لبنان والكون جورجينا رزق التي تكبره بسنة واحدة، ويعتبران أقدم ثنائي ناجح.
وائل كفوري... تونيا مرعب تثير إعجاب كل الناس
أما علاقة الفنان وائل كفوري بعارضة الأزياء السابقة وعضو لجنة التحكيم في «استديو الفن» و«سوبر ستار» تونيا مرعب التي تكبره بسنوات، فتعرّضت لانتقادات لاذعة وُجهت إلى تونيا التي اعترفت في أحاديث صحافية عديدة بأنها هوجمت وقوطعت بسبب علاقتها بوائل، إلا أن الأخير اكتفى بالقول في إحدى المقابلات إن «تونيا إمرأة لا تثير إعجابي فقط بل تثير إعجاب كل الناس... ونقطة على السطر».
نجوى كرم ومي حريري
وكانت لشمس الأغنية اللبنانية نجوى كرم تجربة زواج قصيرة مع يوسف حرب متعهد الحفلات الذي تكبره سناً، واستمر الزواج سنتين تقريباً، ولم يكن فارق العمر بينهما سبب طلاقهما بل الضغوط العائلية الكبيرة التي تعرضت لها نجوى.
وبالنسبة إلى الفنانة مي حريري فكان زوجها الثالث المهندس أسامة شعبان يصغرها سناً، وترددت شائعات حول اكتشاف مي علاقة حب تربطه بإحدى السيدات مما دفعها إلى طلب الطلاق منه، فاستجاب لها وجاء ذلك بعيد إنجابها طفلتها سارة بشهرين.
للمرة الثانية، ألين خلف في إرتباط غير متكافئ «سناً»
عارضة الأزياء ناتالي فضل الله تزوجت الفنان عزيز عبدو وكان يصغرها ببضع سنوات. وما لبثا أن انفصلا لترتبط بملك جمال لبنان جيف زلزلي الذي يصغرها بأكثر من 15 عاماً، ولم يتوان عن طلب يدها مباشرة عبر إحدى القنوات التلفزيونية. ولكن هذه العلاقة لم يكتب لها النجاح وسرعان ما أعلنت ناتالي انفصالها عن زلزلي. وتردد ناتالي دائماً أنها لا تكترث لعمر الشريك بقدر ما يهمها الإرتباط برجل يتمتع بشخصية قوية ويقدر على حمايتها.
وارتبطت الفنانة ليلى غفران ثلاث مرات متتالية برجال يصغرونها، وآخرهم كان مراد أبو العينين علماً أن ارتباطهما لا يزال قائماً.
وارتبطت الفنانة ألين خلف بعارض الأزياء أحمد صباغ العشريني، فيما كانت تكبره بعدة سنوات. وبعد فترة انفصلا وبدأت الإتهامات المتبادلة والدعاوى بينهما، وأخيراً تزوجت ألين من مدير أعمالها ونجل ضاحك الليل إيلي أيوب، كارلو أيوب الذي تكبره بنحو 10 أعوام. وقال والد العريس في إحدى المقابلات «هلق صارت كنّتي غصباً عني وليس برضاي، إذا استمر زواجهما عامين فسأسير... في الشارع».
ديمي مور ... سعادة استمرت 6 سنوات
عالمياً، عبرت الممثلة الأميركيّة ديمي مور (48 عاماً) عن سعادتها بنجاح علاقتها بالممثل آشتون كاتشر (33 عاماً)، رغم فارق السن بينهما. وأضافت أنها لو سمعت قبل لقائها كاتشر، من يقول لها إنها ستتعرف على رجل في الخامسة والعشرين وستخرج برفقته، وسيعتني بأولادها الثلاثة، لقالت له على الفور «أنت تحلم»، وتابعت «أظن أننا فوجئنا بما حدث بيننا خصوصاً أن آشتون كان في مرحلة صعود نجوميته عندما التقاني، وكشاب في مقتبل العمر كانت هذه فرصة كبيرة له». إلا أن الزواج لم يستمر سوى ست سنوات إذ انفصل الثنائي في تشرين الثاني/نوفمبر 2011.
مادونا: زواج بتكاليف باهظة
أما زواج مغنية البوب العالمية مادونا (50 عاماً) والمخرج البريطاني غاي ريتشي (40 عاماً) فاستمر ثماني سنوات، وتم الطلاق بسبب رغبة مادونا في تبني مزيد من الأولاد ورفض ريتشي هذا الأمر. وتوصلت مادونا إلى تسوية مع زوجها بالموافقة على دفع تعويض مالي له يتعدى 47 مليون دولار. من ثم ارتبطت براقص الـ «بريك دانس» الفرنسي من أصل جزائري إبراهيم زيبات الذي يصغرها بـ 30 عاماً.
شارون ستون وجنيفر لوبيز وماريا كاري
الممثلة الأميركية شارون ستون (55 عاماً) على علاقة بعارض الأزياء الأرجنتيني مارتن ميكا، هو الذي يبلغ من العمر 27 عاماً.
بعد 4 أشهر من انفصالها عن مارك أنطوني، بدأت جنيفر لوبيز علاقتها بالراقص كاسبر سمارت، وهي تكبره بـ 18 عاماً.
وقبل 5 سنوات تزوجت النجمة الأميركية ماريا كاري بالمقدم والممثل نك كانون الذي يصغرها بأكثر من عشر سنوات، واحتفل الثنائي في نيسان/أبريل الماضي بالذكرى الخامسة لزواجهما.
الدكتورة نجاة إبراهيم: علاقة بثلاثة أبعاد
للإطلاع على البعد النفسي لهذه الظاهرة الإجتماعية، سألت «لها» المتخصصة في العلاج النفسي الدكتورة نجاة إبراهيم عن أسباب توجه المرأة والرجل إلى هذا النوع من الزيجات. واعتبرت إبراهيم أن هذه الحالة لها ثلاثة أبعاد: البعد العاطفي، البعد الإجتماعي والإقتصادي والبعد النفسي.
- ما هو البعد العاطفي؟
إذا كانت النية صافية عند الشخصين وهناك فارق يتراوح بين 5 و10 سنوات بينهما، قد تنجذب المرأة عاطفياً من دون قصد إلى شخص يصغرها بالعمر ولكن يتمتع بنضجٍ ووعي أكبر من عمره، ويبادلها أيضاً الإنجذاب نفسه عندها تكون العلاقة صافية إلا أن هذه الحالات نادرة ولكنها تحصل.
- هل تدوم هذه العلاقات؟
نعم، فالشاب الذي يتزوج بإمرأة تكبره سناً يعني أنه وجد لديها عاطفياً الأشياء التي يبحث عنها في المرأة. وعندما نتحدث عن سن معينة ووضع إقتصادي وثقافي معين، نضع قواعد. ولكن أحياناً كثيرة لا ينطبق على الفرد كل ما هو سائد، أي لا نستطيع أن نطبّق كل البشر على قواعد معينة. والمرأة بعدما وصلت إلى مستوى علمي متقدم وقدرة على إثبات نفسها والإهتمام بذاتها، لم تعد سنوات العمر تشكل عائقاً أو مشكلة بين الشريكين.
- ماذا عن الإنجاب؟
اختصار دور المرأة بالإنجاب والبعد الجنسي غير مقبول، إذا أرادت المرأة الإنجاب فلديها فترة طويلة لذلك لأنها تستطيع أن تنجب لغاية الخامسة والأربعين. على الصعيد العاطفي والعقلاني قد يجد الرجل في المرأة التي اختارها وتكبره سناً المتطلبات التي يريدها من التناغم العقلي والفكري والعاطفي، ويشعر معها بالإرتياح كشريكة. في هذه الحالة فرق العمر ليس خطأً.
البعدان الإقتصادي والإجتماعي
عندما تكون المرأة عاملة ومصدر إنتاج وإستقرار وإستقلالية، يجري تعارف ما بين المرأة والرجل الذي بدوره يلغي مشكلة فارق العمر، على أساس أن هذه العلاقة ستؤمن له أموراً معينة لا يستطيع أن يؤمنها إذا كان يريد أن يعتمد على نفسه فقط أو على شريكة أصغر منه سناً، وبالتالي ستكون الأخيرة بمستوى إقتصادي أقل منه بكثير.
- هل يصبح في هذه الحالة زواج «مصلحة»؟
ليس بتعبير «المصلحة» بل الفائدة، فمن زاوية نفسية وإجتماعية هناك فائدة للطرفين، وإلا لماذا سأعيش مع شخص ما في ظل عدم وجود إستفادة عاطفية أو نفسية وليس فقط مادية؟! الشخص في هذه الحالة يعرف ماذا يريد ويعيش شراكة مع الآخر.
- متى تضعف هذه العلاقة؟
عندما يصلب عود الرجل إقتصادياً ويتحسن وضعه المادي وخصوصاً في ظل غياب الوعي عند المرأة التي تحاول فرض سيطرتها على زوجها لأنها هي من يملك المال وبالتالي من يملك المال يملك السلطة، عندها يذهب الرجل للبحث عن إمرأة أخرى.
- ماذا عن البعد النفسي؟
يعود اختيار الرجل امرأة تكبره سناً في أغلب الأحيان إلى تاريخه وعلاقته بأمه ومحاولة البحث عن علاقة أمومة، وهذا أمرٌ خطير لأن علاقة الزواج ليست علاقة أمومة. ويقع الشاب هنا فريسة واقعين: إما إرتباطه القوي بأمه ويسعى بالتالي لتكرار صورة الأم في الزوجة، واختياره هنا لا يقتصر على العمر إنما يمتد إلى علاقته الحميمة بزوجته، فتكون محدودة، بسبب الإحتفاظ بصورة الأم في اللاوعي لديه.
أما الواقع الثاني فهو إحتمال فقدانه لأمه بسبب الوفاة أو الطلاق أو لسوء معاملتها له، وفي هذه الحالة يحاول التعويض عن الأم بالزوجة.
- ما هو الحل؟
تربية الأولاد عملية مهمة جداً. على الأهل أولاً أن ينفطموا عن أولادهم ويساعدوهم على الإستقلالية بدلاً من سعادتهم لإلتصاقهم بهم لأن لهذه الحالة نتائج سلبية على المدى البعيد. من هنا، إذا عانى الرجل إحدى الحالتين المذكورتين آنفاً، فهو بالتالي يبحث عن خشبة الخلاص والإحساس بالأمان والإطمئنان والإحساس بالإحتضان، وعليه فالعلاقة لم تعد سوية، لأنها لم تعد تلبي مطالب الشراكة التي يجب أن تكون بين شريكين يتفاعلان تكاملياً.
- في البعد النفسي عند المرأة، لماذا تختار الرجل الذي يصغرها سناً؟
هناك بعدان لإختيار المرأة رجلاً يصغرها سناً. أولاً: يمكن أن يكون لدى المرأة رغبات لا يستطيع الرجل الأكبر منها أن يلبيها، فالرجل يصل إلى سن اليأس كالمرأة مع أنه يستطيع أن ينجب، فاللياقة لديه تتدهور كما تتدهور اللياقة عند المرأة مع فارق أننا نضع للمرأة سناً معينة على أساس أنها لم تعد قادرة على الإنجاب.
ثانياً: يمكن أن يكون قد فاتها قطار الزواج، أو لديها رغبة في الإحتضان والأمومة. لكل حالة خصوصياتها، ولا نستطيع أن نعمّم، فالظاهرة تتكرر ولها أسباب عديدة. فإذا كان هذا النوع من الزيجات هدفه سد نقص ما فهو مفهوم خاطئ لأن الزواج ليس لتعبئة النقص، بل للتكامل والتناغم والعيش معاً.
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024