وزارة العدل تمنح 4 محاميات سعوديات رخص مزاولة المهنة...
في خطوة إيجابية، تعترف بأهمية المرأة السعودية ودورها في المجتمع، بدأت أربع محاميات سعوديات مزاولة المهنة بعدما منحتهنّ وزارة العدل السعودية رخصاً لذلك، كما وتم تسجيلهنّ ضمن قائمة المحامين الممارسين، وذلك بعد دراسة طلباتهنّ، والتحقق من مطابقة شروط مهنة المحاماة والتزام قواعدها. مع إصدار أولى الرّخص لممارسة مهنة المحاماة، تدخل المحامية السعودية بثقلها في مجال كان حِكراً على الرجال لمدة طويلة، لكنها اليوم ستقف مرافعة، ومحامية، ومدافعة عن قضايا ليست نسائية فقط، بل عن قضايا متنوّعة كالقضايا التجارية، والأحوال الشخصية، وقضايا الشركات والعمالة، وغيرها، لتجني بذلك ثمرة أعوام من الدراسة والمطالبة بحق العمل كمحامية. «لها» التقت المحاميات الأربع بيان زهران، وأميرة القوقاني، وجيهان قُربان، وسارة العمري، وبدورهن تحدثنّ عن أهمية الحصول على الرخصة، والعمل بشكل قانوني ورسمي تحت مظلة وزارة العدل.
زهران: الترافع أصبح اليوم سهلاً وأنا بصدد إنشاء مكتب خاص لي
قالت المحامية والمستشارة القانونية بيان زهران أن المحاميات السعوديات يخضعن للنظام ذاته الذي يخضع له المحامون السعوديون، كما أن الصعاب التي تواجه المحامين، هي نفسها التي تواجههنّ كصعوبة استخراج سجل تجاري، لكنهنّ قادرات على استخراج عضوية محامية تابعة للغرفة التجارية، ومن خلالها يمكنهنّ الانضمام للجنة المحامين التابعة للغرفة التجارية، بموجب عضوية مهنية من الغرفة التجارية. «وسأعمل على استخراج هذه العضوية في بداية السنة المقبلة».
وأشارت زهران إلى أن شرط منح الرخصة في نظام المحاماة ينص على أن هناك نوعين من هذه الرخص. وتشرح قائلة: «هناك رخصة محامي متدرب، ورخصة محامي ممارس. أما المحامي المتدرب فيبقى تحت مظلة مكتب محامِ. أما المحامي الممارس يستطيع العمل في مكتب مستقل، ونحن الأربعة تجاوزنا مرحلة الثلاث سنوات التدريبية، واجهنا الكثير من الصعاب، لكن في النهاية استطعنا التغلّب عليها. هناك أشخاص توافرت لهم فرص عمل، وآخرون لم تتوافر لهم تلك الفرص، بسبب صعوبة استخراج التصاريح». وأشارت إلى أنه وبموجب النظام، من تملك درجة الماجستير والدكتوراه في القانون، تُعفى من شرط الخبرة، وبالتالي تُمنح رخصة مزاولة المهنة بشكل أسرع.
وعن تلقيها خبر منح الرخصة من وزارة العدل ذكرت زهران أنها هي من كانت منذ فترة طويلة تُطالب بهذا الأمر، تقول: «بعد فترة بسيطة، علمت أن الفرصة أتت وأن طلباتي بدأت تُقبل وتدرس من جانب لجنة القبول والقيد، وهي اللجنة المختصة في الموافقة على أي محامِ، بدءاً بدرس أوراقه ثم الأمور المتعلقة به، ليتم مطابقتها بموجب النظام، وتشرف عليها لجنة مكوّنة من أكثر من جهة تابعة لوزارة العدل. وعندما تم الاطّلاع على أوراقنا، ووجد أنها مطابقة للنظام والأحكام في مجال المحاماة، بلّغنا أننا سنحصل على الرخص».
وحول خطوتها المستقبلية قالت زهران أنها بصدد إنشاء مكتب خاص لها لإفادة المجتمع، ولتتمكّن من خلاله تحقيق ذاتها كمحامية ولتحفظ حقوقها وحقوق الطرف الآخر من الموكلات. وقالت أنها تعمل على الكثير من القضايا اليوم بين سيدات أعمال وقضايا تجارية، وبين قضايا أحوال شخصية، وهناك استشارات قانونية عدّة من السيدات العاملات، خصوصاً في القطاع الخاص حيث وجدت أن بعض السيدات لا يعلمن حقوقهّن بشكل واضح، وهنّ بحاجة إلى وجود محامية، واستشارات قانونية.
سبق أن ترافعت زهران في الكثير من القضايا، إضافة إلى أنها كانت تعمل في مؤسسات للمجتمع المدني لمدة ثلاث سنوات، وبعد تسلمها للرخصة تقول: «أصبح الترافع سهلاً، لا يحتاج كما كان في السابق وبشكل نظامي ورسمي لـموجب خطاب من أي مؤسسة من مؤسسات المجتمع المدني، ومصادقة عليه من رئيس المحكمة، فقد اختلف الأمر بوجود الرخصة، وأصبحنا تحت نظام واحد».
وعن تدريب متخرّجات في مكتبها، أوضحت أن نظام المحاماة ينص على أنه في السنوات الخمس الأول لا يمكن لأي محام أن يسجّل أي محامٍ متدرب. فهي اليوم تستطيع أن توظف مستشارات قانونيات، وسكريترات، لكنها لا تستطيع أن تدرب طالبات قانون في مكتبها».
القوقاني: وجود المرأة في المحكمة ليس غريباً لكنها اليوم أصبحت بشكل قانوني
من جانبها، قالت المحامية والمستشارة القانونية أميرة عبد الله القوقاني إن الصعاب انتهت، عند تسلمها الرخصة، وأصبحت اليوم محامية يُطبق عليها نظام المحاماة، مضيفة: «بوجود الرخصة نستطيع تقويم أكثر من قضية، وتمثيل أكثر من عميل تحت مظلة المسمى الوظيفي والطبيعي لنا». كانت القوقاني منذ ما يقارب الخمس سنوات تتدرب في مكتب المحامي نزيه عبدالله، بعد تخرجها من الجامعة، كما أنها تعمل على القضايا التجارية، والُعمّالية، والاستشارات القانونية الخاصة بالشركات.
وعن ترافعها في المحاكم، والتسهيلات التي مُنحت لها بعد رخصة مزاولة المهنة أشارت القوقاني إلى أنه لم يكن هناك أي مشكلة تُعيق عمل المرأة كمحامية، «فمنذ وقت طويل، كان هناك سيدات يترافعن عن أنفسهن وعن غيرهن، وهنّ من يُطلقن على أنفسهن ناشطات حقوقيات، وأعني منذ زمن أي من قبل أن يُنشأ قسم للقانون في جامعات السعودية. لذلك فإن وجود المرأة في المحكمة ليس غريباً، لكنها اليوم أصبحت مهنة بشكل قانوني. وأؤكد أن عملنا لا يقتصر على القضايا النسائية». ورأت أن وجود مكاتب لمحاميات، بلوحات تحمل أسماءهن، أمر سيتقبله المجتمع السعودي برحابة صدر، ولن يمانع هذا الأمر، طالما أنها تحمل رخصة مزاولة مهنة بشكل رسمي. كما أن عدم إنشاء المكتب لا يعود إلى أسباب اجتماعية، بل شخصية، كما قالت: «فمن تجد في نفسها القدرة على الاستقلال بذاتها، فلها الحق في إنشاء مكتب خاص بها، وعن نفسي لا أسعى حالياً لهذا الأمر، وسأبقى في المكتب الذي أعمل فيه، إلى أن أشعر أن لدي القدرة على الاستقلال الذاتي، وحينها سيصبح لي مكتب مستقل».
قُربان: لا يستطيع أحد منعي من دخول أي دائرة حكومية ويكفيني إبراز الرخصة
قالت المحامية والمستشارة القانونية الشرعيّة جهان قُربان أن الرخصة منحتها السلاسة في العمل والراحة والطبيعة القانونية تحت مظلة النظام السعودي للمحاماة، مشيرة إلى أنهنّ في السابق كن فقط مستشارات قانونيات في الشركات، ومقيّدات بعدد معين من القضايا، أي أن حدودهنّ لم تكن تتعدى ثلاث قضايا. وتقول: «لكن اليوم بعدما صدرت الرخصة، أصبحنا متساويات مع المحامين في الحقوق، وعدم حصر عملنا في قضايا محددة، كما كانوا يتحدثون سابقاً عن هذا الأمر، بل على العكس لدينا الحرية المطلقة في الترافع في أي قضية سواء تجارية أو أحوال شخصية، أو أي نوع من القضايا. نحن اليوم نُمثل القضاء والدفاع السعودي تماما مثل الزميل المحامي». لافتة إلى أنها قادرة اليوم على دخول أي دائرة حكومية بقلب قوي جداً، وبثقة كاملة، ولا يستطيع أي شخص الاعتراض على وجودها، فيكفيها إبراز بطاقتها.
وتؤكد أن شروط منح رخص مزاولة المهنة للمحاميات لم تختلف عن شروط المحامي الرجل، إلا أن الأمر لم يخل من وجود شرط المُعرف من أحد أفراد العائلة، عند تقديم الطلب للحصول على الرخصة، بحسب ما أوضحت، إلا أنها عند تسلمها للرخصة كانت بمفردها، وكانت الأمور طبيعية وقانونية، وقالت: «لعل الدليل الأكبر على المساواة في ما بيننا مع زملائنا الأرقام التسلسلية للمحاميات الأربع».
وتطمح إلى أن يبرز اسمها في مجال القانون السعودي، وستكون في مكتب مستقل، أو شريكة إحدى الزميلات أو الزملاء في إنشاء شركة قانونية. والجدير بالذكر، أن قُربان مارست مهنة المحاماة لمدة ست سنوات، عملت خلالها في مكتب محام، وترافعت في القضايا التجارية، وقضايا الشركات، وقضايا العُمّال ومشاكلهم في الشركات، كما أشرفت على تدريب عدد لا بأس به من متخرّجات قسم القانون من كلية دار الحكمة في جدة.
العمري: الرخصة بمثابة شهادة الثقة من وزارة العدل والمجتمع السعودي
تعمل المحامية والمستشارة القانونية سارة العمري بشركة قانونية منذ تخرجها. فقد توافرت لها فرصة عمل معينة، لم تكن الرخصة فيها عقبة، ولكن هذا لا يمنع أن وجود الرخصة سيمنحها الكثير من التسهيلات المستقبلية خصوصاً في القضايا التي تحتاج إلى مرافعة أمام القاضي، بحسب ما قالت.
وخلال سنوات التدريب الثلاث، لم تترافع العمري في المحكمة، لأن مجال القضايا التي تعمل عليها مختلف بين القضايا التجارية، والعقود، وقضايا خاصة بشركات محلية وأجنبية، وكانت تذهب إلى المحكمة لغرض تسجيل عقود تسوية وما إلى ذلك. وقالت إن عدم حصول المحامية على رخصة مزاولة المهنة كان يحدد عدد قضاياها التي يمكن أن تعمل عليها».
وحول إنشاء مكتب خاص بها، أشارت إلى أنها توجّه تركيزها اليوم إلى القضايا التي تتولاها، سواء في مكتب خاص بها، أو مع الفريق الذي تتعامل معه في الشركة، لأن العمل الجماعي يتميّز بالمشاركة في العمل وتبادل الخبرات، والقدرة على تقديم خدمات بشكل أفضل.
واعتبرت أن منح الرخصة يعني أن الشّخص أثبت كفاءته في دراسة القانون، واجتهد واستحق ممارسة العمل القانوني بكل ثقة ومهارة، وبالتالي استحق نيل هذه الرخصة. وتقول: «إن الرخصة شهادة لنا من وزارة العدل، وشهادة لكسب ثقة الآخرين، وتمنحنا حرية إنشاء مكتب خاص، أو الدخول كشريك في مؤسسة قانونية. حتى أن لها مجالات كثيرة، فهي تساعدنا عند المشاركة في أي منظمة عمل دولية حقوقية يلزمها إثبات الرخصة، وهذا يعني لنا الكثير».
الأكثر قراءة
المجلة الالكترونية
العدد 1078 | تشرين الأول 2024