تحميل المجلة الاكترونية عدد 1080

بحث

مدربتان سعوديتان...

لا يزال ملف الرياضة النسائية حاضراً في أوساط المجتمع السعودي، خاصة بعد المشاركة النسائية في أولمبياد لندن 2012. فقد طالبت فتيات سعوديات الرئاسة العامة لرعاية الشباب بالاعتراف الرسمي بممارسة المرأة للرياضة وضرورة دعمها مادياً ومعنوياً، والاعتراف كذلك بالمدربات السعوديات المُغيّبات عن الساحة والإيمان بموهبتهن، ومنحهن فرصة لإثبات قدراتهن. وقالت المدرّبة السعودية الكابتن مي عبد الوهاب إن الرياضة أمر مشروع للمرأة، وما تريده هو اعتراف رسمي بحقها في ممارسة الألعاب الرياضية، مطالبة بدعم قوي للرياضيات السعوديات ليحققن منجزات في الأولمبياد المقبل.  «لها» زارت  الكابتن مي عبد الوهاب ومدربة الكيك بوكسينغ منال كُتبي في مكان عملهما في نادي «جونير جيم» للأطفال في جدة، وكان هذا اللقاء.


مدرّبة كرة القدم السعودية مي عبد الوهاب

«ممارسة المرأة للرياضة أفضل من تجولها في الأسواق والمقاهي». بهذه العبارة بدأت مدربة كرة القدم السعودية مي عبد الوهاب (24 سنة) حديثها الذي عبّرت فيه عن طموحها إلى الاعتراف رسمياً بالمدربات السعوديات في مجال الرياضة النسائية، مؤكدة أن المرأة السعودية قادرة على تحقيق منجزات كبيرة للرياضة شأنها شأن الرجل.
وعن بداياتها مع كرة القدم، ذكرت أن هوايتها نشأت منذ كانت في الرابعة من عمرها، فكانت تلتقي مع أقربائها وتمارس هذه الرياضة في منزل العائلة. بقي عشقها لكرة القدم في إطار الهواية، وظلت تبحث عن دورات ودروس تدريبية لتطوير مستواها: «لم أحصل على شهادة لأني لم ألتحق بأي دورة تدريبية، ولكني أطمح إلى ذلك مستقبلاً، وبدأت المشاركة ضمن دورات ومباريات خاصة في مدارس عالمية للبنات».

عام 2008 أنشأت عبدالوهاب فريق كرة قدم للفتيات (جدة جاغوارز). وشارك الفريق في دوري لكرة القدم في المدارس الأميركية العالمية، ونال المركز الثالث، لكن عقد الفريق انفرط لاحقاً. في 2009-2010 تأسس فريق «جدة غانرز»، وكانت عبدالوهاب كابتن الفريق تحت إشراف الفرنسية دليلة، وكان الداعم للفريق عائلة سعودية. تقول: «بدأنا اللعب من خلال دوري لكرة القدم مع الفريق، ومن ثم اضطرت الكثيرات من أعضاء الفريق للسفر الى الخارج فانفصلنا جميعا. وكنت حينها أعاني تمزقاً في الأربطة، واضطررت لأخذ قسط كبير من الراحة، وضعت قدمي على إثرها في الجبيرة، ولم أتمكن من اللعب فأصبحت على مقاعد الاحتياط، وهو أمر سبب لي الكثير من الإحباط وسرعان ما انتهى الفريق لظروف معينة».

بدأت عبد الوهاب العمل في نادي «جونير جيم» منذ ما يقارب السنة والنصف من خلال تدريب الأطفال من سن السادسة إلى سن 11 سنة للأولاد، والفتيات إلى سن 14 سنة. تقول: «النادي منحني فرصة الوجود مع هؤلاء الأطفال وتعليمهم والاهتمام بهم بدنياً من خلال ممارسة كرة القدم، كما وفر لي مكاناً للعمل على تدريب الأطفال».

من خلال عملها رأت الأطفال يأتون إلى النادي بشكل يومي وبحماسة كبيرة خاصة في أوقات الإجازات الصيفية. كما أنها تقيم لهم الدوريات وليس التدريب فقط الأمر الذي يعلمهم معاني كبيرة منها المنافسة الشريفة، والتحلي بالروح الرياضية في تقبل الخسارة، والتحلي بالصبر، لأن رياضة كرة القدم أخلاق في المقام الأول. وشددت عبدالوهاب على نزع التعصب عن هذه الرياضة، مؤكدة أنها كانت من المتعصبين جداً في صغرها للهلال السعودي الذي توقفت عن تشجيعه لفقدانه روح التنافس الحقيقي، والروح الرياضية كما كان سابقا.
ورأت أن المجتمع «لا يزال يرى في الرياضة النسائية، وخاصة في كرة القدم، تشبهاً بالرجال. وأنا كامرأة أواجه صعوبة في ممارسة الرياضة. نحن في مجتمع يرفض الرياضة النسائية دون أن ننكر أننا بدأنا بالاعتراف بها من خلال مشاركة المرأة السعودية في أولمبياد لندن 2012، وهي تعد خطوة ممتازة وجريئة».

وأضافت: «احلم بالاعتراف الرسمي بممارسة المرأة السعودية للرياضة ودعمها مادياً ومعنوياً. وقد ناشدت المسؤولين، ووجهت خطاباً للرئيس العام لرعاية الشباب السابق الأمير سلطان بن فهد الذي رحب بممارسة المرأة للرياضة وفق الضوابط الشرعية. وأعتقد أنه لو توافرت البيئة الجيدة، والملاعب المجهزة، فإنها ستُبدع في هذا المجال شأنها شأن الرجل». وأشارت إلى أن علاقة الرياضة والمرأة ليست بالأمر الغريب، «وكأننا نتحدث عن عمل فضائي أو ظاهرة كونية مغايرة، وهذا التفكير يعد إساءة الى المرأة قبل كل شيء. فعندما نبحث لها عما يشغل أوقات فراغها بعيداُ عن المقاهي والأسواق فنحن نساعد الدولة في القضاء على البطالة  خاصة بين النساء».


مدربة «الكيك بوكسينغ» منال كُتبي

منال كُتبي ( 19سنة) سعودية تدرس العلاقات السياسية الدولية في لندن، تزور السعودية في أوقات الإجازات، تابعت العديد من الدورات في رياضة الدفاع عن النفس و«الكيك بوكسينغ» من جدة ولندن. تعمل في ناد رياضي للأطفال (جيم جونير): «اتجهت للرياضة منذ صغري، ولم أفكر يوما في تطوير الهواية إلى تخصص في الجامعة ذلك لأنه لا يوجد أي مجال عمل في السعودية. وأطمح مستقبلاً إلى إنشاء ناد لتدريب كل من يرغب في الوصول إلى رتبة مدرب للعمل في نوادٍ أخرى أو العمل كمدرب خاص في أي جهة أرادها».

أضافت: «في مجتمعنا الرياضة غير مقبولة للنساء، وهناك الكثير من المشاكل التي تحدث مع أي نادٍ رياضي للنساء عند افتتاحه، وهي مشكلة مازلت تؤرق الكثيرات من الفتيات اللواتي يحملن شهادات في مجال الرياضة كمدربات. أما عن عملي فأنا أهتم بفئات الأطفال ما بين 4 و 14 سنة».

وأشارت كتبي إلى أن هناك سعوديات في مجال الرياضة مُغيبات عن المجتمع والإعلام ولم يتمكن من أخذ دورهن في المجتمع كمدربات يمتلكن الموهبة والمهارة في نشاطات رياضية مختلفة. وتمنت أن «يمنح المجتمع السعودي المرأة فرصة لإثبات قدرتها ومهارتها في هذا المجال، لأن ذلك سيعود بالنفع على الدولة. فعلى سبيل المثال قد نخفف من استقدام مدربات من جنسيات أخرى، ونستعيض عنهن ببنات الوطن، أضف إلى ذلك أننا مجتمع يحتاج إلى ممارسة الرياضة  لتخفيف عبء البطالة النسائية من خلال إيجاد أماكن ونوادٍ للمدربات، ومن خلال اهتمام المرأة وتمضية أوقات فراغها في أماكن مفيدة لها».

 

المجلة الالكترونية

العدد 1080  |  كانون الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1080