تحميل المجلة الاكترونية عدد 1078

بحث

أول مدربة أنوثة أسماء الفخراني: أنوثة المرأة لا ترتبط بجمالها ولا تعني الإغراء والعري

أول مدربة أنوثة أسماء الفخراني: أنوثة المرأة لا ترتبط بجمالها ولا تعني الإغراء والعري

أسماء الفخراني

تعجب كثيرون من ظهور أول مدربة أنوثة في مصر، وهي الناشطة الاجتماعية أسماء الفخراني، خاصة أن هذه المهنة حديثة العهد، ليس في مصر فقط، بل في العالم العربي كله. فما حكاية أول مدربة أنوثة؟ وهل المرأة في حاجة إلى من يدرّبها على أنوثتها التي تُعد أمراً فطرياً، وهل الأنوثة تعني الجمال والإغراء؟ وما حقيقة أن الزوجة المصرية “نكدية”؟ وما النصائح التي تقدّمها للفتيات والزوجات حتى يعشن حياة سعيدة، سواء قبل الزواج أو بعده؟ هذه الأسئلة وسواها طرحناها في هذا الحوار على أول مدربة أنوثة في العالم العربي، فبمَ أجابت؟


- في البداية نود أن تقدّمي لنا نفسك وتكشفي عن السبب الذي دفعك للتفكير في دخول هذا المجال لتكوني أول مدربة أنوثة في مصر؟
أنا اجتماعية بطبعي منذ الصغر، وأتعايش بسهولة مع مشكلات الناس وأستطيع وضع حلول عقلانية وواقعية لها، وتعزّزت هذه القدرة لدي من خلال تخصّصي في علم الاجتماع في جامعة عين شمس، وأُعدّ حالياً رسالة ماجستير فيها، كما درست التنمية البشرية، مما ساعدني على تقديم الاستشارات الأسرية من خلال وسائل التواصل الاجتماعي قبل سنوات، وأصبحت لي جماهيرية كبيرة، ليس في مصر فقط، بل في كل الدول العربية. ولخبرتي الواسعة في هذا المجال، أدركت أن المشكلات الأسرية التي تصل إلى حد الطلاق في السنوات، بل أحياناً في الشهور الأولى من الزواج، سببها جهل المرأة بأنوثتها وكيفية توظيفها مع شريك حياتها، فضلاً عن جهلها بمقومات الزواج الناجح أصلاً، لذا قررت تنظيم دورات إفرادية أو جماعية لمن ترغب في التعرّف على أنوثتها، سواء كانت عازبة أو متزوجة أو حتى مطلقة، وتود أن تبدأ حياتها من جديد بعد فشل زواجها الأول.

- هناك انطباع عام بأن المرأة المصرية “نكدية”، فهل هو صحيح؟
من الخطأ التعميم في كل القضايا، لأن كل مجتمع فيه النساء النكديات والمسالمات، ومصطلح “النكدية” يختلف من بيئة إلى أخرى، ومعروف عن المرأة المصرية أنها تضحّي كثيراً لإسعاد أفراد أسرتها، وقد تنسى نفسها أحياناً، وعندما تلتفت إليها يكون الأوان قد فات وتجد نفسها محاطة بالمشكلات، التي تعجز عن تخطّيها فيُطلق عليها مسمى “نكدية”. وفي المقابل، هناك نساء عربيات يدركن أنوثتهن جيداً فيوظّفنها في إسعاد أنفسهن وأسرهن، متفوقاتٍ بذلك على النساء المصريات اللواتي لا تجيد بعضهن تنظيم حياتهن ولا يعبّرن عن مشاعرهن، وإذا حاولن التعبير عنها يجدن الصد غير المقصود من أزواجهن، ذلك أن الرجل المصري تربّى على الخجل وارتباط مفهوم الرجولة لديه بعدم الإفصاح عن مشاعره، ولهذا تتخلّى المرأة المصرية عن أنوثتها من دون أن تدري.

- تؤكدين أن “التصالح مع النفس” هو بداية الطريق لحل مشكلات النساء اللواتي يأتين إليك، فماذا تقصدين بذلك؟
أقصد، قدرة المرأة على تطوير ذاتها من الداخل قبل الخارج، وهذا التطوير يتطلب معرفة الذات أولاً، لمضاعفة إيجابياتها، ومعالجة سلبياتها، وإذا نجحت في ذلك، تصبح واثقة في قدراتها وكيفية توظيفها، سواء في التعايش مع شريك الحياة أو في التعامل مع الرجال المحيطين بها، وإذا كانت مطلّقة يجب أن تستفيد من تجربتها الفاشلة بعدم تكرارها، لأن “المؤمن لا يُلدغ من جحر مرتين”، والتجربة التي تؤلم الإنسان تزيده صلابة وقدرة على مواجهة صعاب الحياة.

- ما هي المراحل التي تمر بها المرأة في التدريب على الأنوثة؟
تختلف المراحل باختلاف شخصيات النساء اللواتي يعانين مشكلات، ولكن البداية واحدة، وهي جلسات الاستماع العادية، حيث تحضر السيدات بمفردهن أو مع أزواجهن، وكذلك الفتيات والمطلّقات والأرامل اللواتي يردن بدء حياة زوجية جديدة، ويعرضن مشكلاتهن بشفافية تامة أمامي، كأنني طبيبة نفسية، ولكن بدون أدوية، وبعد جلسة الاستماع أحدّد مسار التدريب، سواء على المدى القصير أو المتوسط أو الطويل، ولا تنتهي الجلسات إلا باقتناع الفتاة أو المرأة بأن مشكلتها قد حُلّت، من خلال تطبيقها لنصائحي، وأؤكد أننا نجد حلولاً واقعية لغالبية الحالات من خلال جلسات الفضفضة والاستشارة الأسرية أو التدريب على الأنوثة.

- تؤكدين أن فتيات ونساء كثيرات يحتجن الى التدريب على الأنوثة، فما السبب؟
من خلال خبرتي في هذا المجال، اكتشفت أن البنات يجهلن معنى “الأنوثة”، في الطفولة وفي المراهقة، ولهذا نجد البنت نسخة مكررة من أمها، وحين تتزوج تحذو حذو والدتها في تعاملها مع والدها، فتدبّ المشكلات لأنها بدأت حياتها الزوجية وهي لا تعرف شيئاً عن واجباتها الزوجية، أو تملك معلومات خاطئة، وهذا نتاج طبيعي لما أطلقتُ عليه “الوأد الأنثوي” و”التشوّه الأنثوي”...

- يعتقد البعض أن الأنوثة تعني “الإغراء والدلع”، فما رأيك؟
هذا مفهوم خاطئ، لأن هناك فتيات ونساء كثيرات على جانب من الإغراء والدلع، ولكنهن يفتقرن إلى الأنوثة التي تساعدهن على التفاهم مع شركاء حياتهن والشعور بالسعادة الحقيقية، سواء كن زوجات أو مقبلات على الزواج. لا بد من أن نصحح مفهوم ارتباط الدلع بالأنوثة، لأن “الإغراء” يتعلق بالغرائز والشهوات، أما الأنوثة الحقيقية التي أعمل على دعمها فترتبط بالحياء والخجل وكل ما يُعلي من قيمة المرأة ويحفظ مكانتها، فكلّما كانت “طاقة الأنوثة العلوية” أقوى، كانت فرص المرأة في النجاح أكبر، لهذا تُعقد جلسات استرخاء لتنظيف العقل الباطن من الأفكار السلبية المرتبطة ببعض العادات والتقاليد والمفاهيم الخاطئة.

- تطالبين بمدرّبي “أنوثة ورجولة” لكل الأسر للتصدي للمشكلات الزوجية والتقليل من نِسب الطلاق المرتفعة، فما الذي دفعك للمطالبة بذلك؟
طالبتُ بذلك بعدما لاحظت أن غالبية المشكلات التي تعانيها الزوجات مرتبطة بأسلوب التعامل بين الوالد والوالدة في الأسرة، ولهذا فإن تفادي مشكلات البنات يبدأ بتدريب الأمهات على فهم معنى “الأنوثة الحقيقية”، لأنها المدربة الأولى لبناتها منذ نعومة أظفارهن، وكذلك تدريب الآباء على فهم معنى “الرجولة الحقيقية”، لأن الأهل يدرّبون أولادهم الذين هم رجال المستقبل، والواقع يؤكد أن كل المشكلات للأسف ناتجة من التفكك الأسري بسبب انشغال الأب والأم بالعمل وإهمال أبنائهما. 

- قد يعترض البعض على طبيعة عملك قائلاً: “الأنوثة فطرة، ولا تحتاج إلى تعلّم أو تدريب”، فما ردك؟
هذه مقولة نسبية وليست صحيحة أو خاطئة مئة في المئة، فرغم أن الأنوثة أمر فطري، إلا أنها شوّهت بسبب التقليد الأعمى للغرب، أي جعل الأنوثة والإغراء وجهين لعملة واحدة، وهذا ما أرفضه بشدة، لأن المرأة ليست سلعة، بل لها كرامتها وإنسانيتها، كما أن رأسمالها الوحيد هو جمالها الذي تستخدمه في الإغراء والإغواء، ولهذا أرى أن الأنوثة تاج المرأة، ولكن ينقصها معرفتها، فما من امرأة قبيحة، وكل السيدات جميلات ولهن هالة وطاقة إيجابية، ولكن المشكلة في عدم معرفة المرأة بحقيقة أنوثتها، التي ترتبط أساساً بالروح والكاريزما والحضور وبالصفات الشخصية.

- هل ترتبط الأنوثة بسنّ المرأة؟
لا، ولهذا أقول للمرأة: خُلقت أنثى وعليك الاعتزاز بذلك ما حييتِ. ودوري كمدربة أنوثة لا يعني أن أقول للسيدة، أياً كان عمرها، تعالي لأعلّمك كيف تكونين أنثى، بل أقول لها تعالي حتى أعيدك أنثى كما كنت، من خلال ما سمّيته “مثلث المشاعر” للتعامل بين الزوجين، بالـ”الهمس واللمس والنظرات”، لا دخل لهذا المثلث بالعلاقة الحميمة إطلاقاً، بل إنه مرتبط بالعلاقات الإنسانية الأسرية.

- من عباراتك الشهيرة للزوجات “أهمليه باهتمام يعد إليك بكل اهتمام”، ماذا تقصدين بها؟
أقصد بهذه العبارة، أن على المرأة ألا تفرط في التعبير عن مشاعرها أو إظهار العجز التام أمام زوجها، لأن الرجل لا يحب المرأة الضعيفة المنكسرة دائماً، وإنما يحب من لها رأي ومشاعر معتدلة، كذلك أقول للمرأة “اضبطي مشاعرك ولا تنسي شخصيتك”، علماً أن الرجل يحب المرأة المطيعة والمغناج، ويبتعد عن تلك “المسترجلة”. 

- “لا تقارني زوجك بغيره حتى لا تفقديه”... نصيحة تكررينها دائماً، فما السبب؟
من خلال استماعي إلى الكثير من الزوجات، لاحظت عيباً خطيراً في المرأة المصرية، وهو الشكوى والتذمر من تغير سلوك زوجها بعد فترة من الزواج، ومقارنته بأزواج الأخريات من “كثرة الفضفضة” في المحظورات، حتى في ما يتعلق بالعلاقة الخاصة والتصرفات اليومية، مع أن الإسلام أمرنا بعدم إفشاء أسرار العلاقة الزوجية، ولهذا أقول لكل زوجة “تعاملي في حياتك الزوجية كما كنت في فترة الخطوبة”.

- ما الفرق بين تدريبات الأنوثة للفتيات والمتزوجات؟
بالطبع هناك فروق عدة، وأنا مُلزمة بمعايشة نفسية كل منهن، فأتعامل مع المراهقة كأنني مراهقة ناضجة، وأكون أكثر صراحةً مع المتزوجة لأنني متزوجة مثلها، وهناك أيضاً فروق بين البيئات، فبنت المدينة تختلف عن بنت القرية، كما أن أزواج المدن أكثر استجابةً من أبناء الريف، في حال اضطررت إلى طلب الزوج للاستماع إليه باعتباره أحد الأطراف الرئيسة في المشكلة.

- ما الصفات التي يجب أن تتوافر في مدربة الأنوثة؟
ثمة مواصفات خاصة لمن تريد دخول هذا المجال، علماً أن بعض النساء في العديد من الدول العربية يمكن أن يحملن اللقب نفسه باقتدار، حيث تتوافر فيهن المواصفات اللازمة لمدربة الأنوثة، وهي:

  • أن تلقى قبولاً اجتماعياً ونفسياً لدى الأخريات.
  • أن تكسب ثقة المتعاملات معها فيشعرن أنها صديقة صدوقة لهن، ويكشفن لها عن مشكلاتهن بصدق وشفافية.
  • أن تكون قادرة على كتم أسرار المتعاملات معها، ولا تبوح بها تحت أي ظرف من الظروف، لأن أسرار البيوت أشبه بالأسرار العسكرية التي يوصم من يفشيها بالخيانة العظمى.
  • أن تكون متخصصة في التنمية البشرية وغيرها من العلوم الإنسانية التي تساعدها على الإبداع والنجاح في عملها.
  • أن تكون متمكنة من تطوير نفسها، وفهم واقعها، والتفاعل الإيجابي مع الزوجين إذا تطلب الأمر وجودهما معاً للاستماع إلى كل منهما بموضوعية ومن دون تحيز لأيهما.
  • أن تكون قادرة على ابتكار حلول بديلة لأي مشكلة، لأن من الصعب إيجاد حل واحد لكل المشاكل، ولا بد من وضع الخيارات أمام ذوي المشاكل ليختاروا منها ما يتناسب مع ظروفهم.

المجلة الالكترونية

العدد 1078  |  تشرين الأول 2024

المجلة الالكترونية العدد 1078