تحميل المجلة الاكترونية عدد 1079

بحث

الطفلة الفلسطينية المعاقة حركيا نعمة...

ضجت الأراضي الفلسطينية بأخبار الفتاة الصغيرة نعمة ابنة التسع سنوات التي «رماها» والدها في مقر وزارة الشؤون الاجتماعية بعدما قطعت الوزارة المخصص الخاص بها!


حصلت تلك الحادثة في مدينة سلفيت، وعندما وصلنا إلى منزل نعمة، استقبلتنا عائلتها وانتظرنا لكي تأتي الفتاة. وما هي سوى دقائق حتى سمعنا صوت عجلات الكرسي الذي تجلس عليه نعمة التي ابتسمت عندما رأتنا. قالت: «أبلغ من العمر الآن  تسع سنوات ولدي إعاقة تمنعني من السير على قدميّ، لذا لا استطيع الذهاب إلى المدرسة أو اللعب مع الأطفال، وليس لدي القدرة على الاعتناء بنظافتي الشخصية».

وأضافت: «عندما قطعت الشؤون الاجتماعية المخصص الخاص بي، اتصل أبي بأحد السائقين ووضعني بمساعدة أشقائي في السيارة، واستغربت ذلك وبدأت بسؤال أحد إخوتي عن السبب فأجاب: سنأخذك إلى سلفيت حيث مكتب الشؤون الاجتماعية لأنهم قطعوا عنك ما كانوا يقدمونه لك».
صمتت نعمة عن الحديث وكأنها تسترجع ما حدث معها ثم قالت: «وضعني إخوتي في مقر مكتب الشؤون الاجتماعية في مدينة سلفيت، واخبروني أنهم سيعودون لأخذي من هناك، وتركوني وحدي في المكتب عند الموظفين الذين لا اعرف أحدا منهم. شعرت بالوحدة حينها وبدأت البكاء بصوت منخفض في البداية ولكن صوتي ارتفع فجاء إلي الموظفون لكي يستفسروا عن سبب بكائي وعن من يرافقني».


الوالد

التقينا والد الطفلة نعمة الذي يبلغ من العمر 39 عاما ويعمل موظفّا، فقال: «عدد أفراد عائلتي كبير، فلدي تسعة أبناء أكبرهم يبلغ من العمر 14 عامًا. ابنتي نعمة  تعاني من تشوه خلقي في أسفل الظهر مع شلل نصفي ولديها احتياجات يومية مكلفة».
وأضاف بحرقة: «دخلي لا يمكن أن يكفينا والديون تتراكم عليّ. وفي محاولة مني  لتوفير دخل آخر للعائلة أنشأت مشروعاً صغيراً قبل أكثر من عام، وهو عبارة عن دكان صغير جدًا لبيع الخضر الرخيصة الثمن ولكنه فشل وبسببه تراكمت الديون علينا أكثر فاضطررت لإغلاقه».

وتابع كلامه مغالباً دموعه: «منذ ما يقارب العامين كانت ابنتي نعمة تتلقى المساعدة من الشؤون بقيمة 250 دولارا كل ثلاثة شهور، ولكن خلال هذه الفترة تم قطع المساعدة عن ابنتي  ثلاث مرات. وعندما كنت أراجع مكتب الشؤون لمعرفه السبب قيل لي في المرة الأولى إني أملك بقالة، وبعد شرح ظروفي لمدير مكتب الشؤون أعيدت المساعدة. وكانت حجة قطعها في المرة الثانية أنني موظف ولدي راتب، أما الحجة الثالثة لقطعها قبل فترة بسيطة فهي أني موظف وأملك بيتا مكونا من طابقين ورؤوساً من الأغنام. والحقيقة اني لا أملك ماشية، كما أن بيتي مكون من طابق واحد  وينقصه الأثاث وحتى حفرة الامتصاص لا توجد فيه لأني لا أملك المال لبنائها». 
وختم والد نعمة حديثه قائلا: «أناشد وزارة الشؤون الاجتماعية وأصحاب الضمائر الحية الوقوف على وضع أسرتي وتحديدا ابنتي نعمة لأن لها احتياجات خاصة تشكل عبئا علي من ناحية المصاريف وضرورة توفير اللازم لها من اجل العناية بها بشكل جيد».


الشؤون

وفي مكتب الشؤون الاجتماعية في سلفيت التقينا مديره جمال عمر الذي قال: «درسنا حالة نعمة كونها من ذوي الاحتياجات الخاصة، وقدمنا مساعدة أولية لها، ولكن كان هناك شرط على والدها بأن يأخذها لإكمال تعليمها المدرسي، وتم اعتمادها في النظام الجديد  وأصبحت تتلقى مساعدة بقيمة 250 دولارا تقريبا كل ثلاثة شهور، إضافة إلى المواد الغذائية، وذلك لمدة عام ونصف العام. غير أن والدها لم يلتزم هذا الشرط، فأوقفنا المساعدة، وشرحنا الأسباب لوالدها».

أضاف: «جلست شخصيا مع والدها أكثر من مرة وتعهد لي أنه سيأخذها إلى المدرسة لإكمال تعليمها، ولكنه لم يلتزم ذلك، مما جعلنا نهدده بقطع المساعدة... وظيفتنا في مكتب الشؤون الاجتماعية مساعدة الناس وخدمة الفئات المهمشة، ونحن نحقق أغراضنا المهنية بطريقة صحيحة، ونحن نساعد هذه الأسرة تحديدا لمساعدة الابنة نعمة التي تعاني الإعاقة، وإن لم يقم الأب بتلبية حقوق هذه الابنة فلن تستمر هذه المساعدة».
وختم حديثه بالقول: «لن نهمل قضية نعمة والآن نفكر في إيجاد آلية واضحة لإيصال المساعدة لمصلحة الابنة وأن تستفيد منها وتلبي احتياجاتها».

 

المجلة الالكترونية

العدد 1079  |  تشرين الثاني 2024

المجلة الالكترونية العدد 1079